تفريغ مقطع : سبحانه هو الغني ((2))

ومِن كمالِ غِناه سبحانه أنه يأمرُ عبادَهُ بدعائِهِ، ويَعِدُهم بإجابةِ دَعواتِهم وإسعافِهم بجميعِ مُراداتِهم، ويُؤتيهم مِن فضلِهِ ما سألوه وما لم يسألوه، فأعطاهم ما أعطاهم ومنحَهم ما منحَهم بمُجردِ فضلِهِ العظيم وكرمِهِ العميم.

ومِن كمالِ غناه أنه لو اجتمعَ أوَّلُ الخَلْقِ وآخرُهم في صعيدٍ واحدٍ؛ فسألوه فأعطى كلًّا منهم ما سأله وما بلغت أمانيه، ما نَقَصَ من مُلْكِهِ مثقالُ ذَرَّة.

فعن أبي ذَرٍّ -رضي الله عنه- فيما رواهُ مسلمٌ في ((صحيحه)) عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك تعالى- أنه قال : ((يَا عِبَادِي, لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ, قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي, فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ, مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي, إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ)).

فانظر إلى هذا الكرم الفيَّاض، فعطاؤه الجَم لا يَنْقُصُ بكثرةِ العطايا وإنْ بلغت أبلغ المبالغ، ووصلت إلى حدِّ يَقْصُرُ عنه الوصف، ويضيقُ الذِّهنُ عن تَصوُّرِهِ،  وتَقْصُرُ العقولُ عن إدراكِهِ، فإنَّ ما عنده لا يَنْقُصُ البَتَّة كما قال -جلَّ وعلا-: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 96].

فإنَّ البحرَ إذا غُمِسَ فيه إبرةٌ ثم أُخرجت؛ لم يَنْقُص من البحرِ بذلك شيء؛ ((مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي, إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ))

فإنَّ البحرَ إذا غُمِسَ فيه إبرةٌ ثم أُخرجت؛ لم يَنْقُص من البحرِ بذلك شيء؛ وكذلك لو فُرِضَ أنه شَرَبَ منه عصفورٌ مثلًا؛ فإنه لا يَنْقُص البحر البَتَّة، فنِسْبَةُ ما يسألونه كلُّهم إياه فيعطيهم إلى ما عنده كلا نِسبة، وهذا مِن أحسنِ الأمثالِ وأبلغِها وأعظمِها تقريبًا إلى الأذهانِ

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هل تخيلت يوما ماذا لو دخلت النار كيف تفعل وماذا تفعل وأين تذهب والنار تحيط بك من كل جانب !!
  نحن حـرب لا سلم على كل مَن اعتدى على أحدٍ من أصحاب الرسول حيًّا كان أو ميتًا
  تأمل في تبدل الأحوال
  إذا دعوت للحاكم كفروك! ـــ إذا دعوت للجيش والشرطة كفروك!
  مَا ذَنْبُهُ لِكَيْ يُضْرَبَ وَيُهَانَ؟!! وَلَكِنْ اللهُ الْمَوْعِد..
  إَذَا تَرَكَ المُسلِمونَ الإِسلَام فَمَن يَتَمَسَّكُ بِهِ؟!
  مصر بين أمس واليوم
  عقوبةُ أهل الدَّعْوَى في العلمِ والقرآن
  هَلْ تَستَطِيعُ أَنْ تَعْقِدَ الْخِنْصَرَ عَلَى أَخٍ لَكَ فِي اللَّهِ؟ أَيْنَ هُوَ؟!!
  لا يضرُّهم مَن خالفهم ولا من خذلهم
  حرمة الخضوع بالقول
  جرائم الصليبيين والشيوعيين ضد المسلمين
  التعليق على التفجيرات التى تقع فى السعودية ومن الذى يقوم بها؟ وما الهدف منها؟
  أهم الأخطاء التي يقع فيها المؤذنون
  حلــم الشيعــة هـدم الكعبـة والمسجـد النبـوى وحـرق أبوبكـر وعمـر رضى الله عنهما
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان