تفريغ مقطع : لا يُلقي السلام على الناس إعتقادًا منه أنهم لن يردوا عليه!!

((إِذَا مَرَّ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَر وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ؛ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَام، إِمَّا لِتَكَبُّرِ المَمْرُورِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِإِهْمَالِهِ المَارَّ, أَوْ لِإِهْمَالِهِ السَّلَام يَعْنِي: لَا يَعْتَنِي بِالسَّلَامِ-، وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ وَلَا يَتْرُكَهُ لِهَذَا الظَّن، فَإِنَّ السَّلَامَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَالَّذِي أُمِرَ بِهِ المَارُّ أَنْ يُسَلِّمَ, وَلَمْ يُؤْمَر بِأَنْ يَحْصُلَ الرَدّ, مَعَ أَنَّ المَمْرُورَ عَلَيْهِ قَدْ يُخْطِىءُ الظَّنَّ فِيهِ وَيَرُدُّ السَّلَام)).

يَعْنِي: إِذَا مَرَّ الرَّجُلُ عَلَى إِنْسَانٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّ المَارِّ أَنَّ هَذَا الإِنْسَان إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ المَارُّ فَلَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَام؛ لِأَنَّهُ يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِ, أَوْ هُوَ مُهْمِلٌ لَهُ, أَوْ هُوَ مُهْمِلٌ لِلسَّلَامِ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ, أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ؛ فَيَنْبَغِي عَلَى المَارِّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ -مَعَ هَذَا الظَّن-, وَأَلَّا يَترُكَ السَّلَامَ لِهَذَا الظَّن؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مَأْمُورٌ بِهِ, وَلِأَنَّ هَذَا المَارَّ مَأْمُورٌ بِالسَّلَامِ وَلَيْسَ مَأْمُورًا بِالرَّدِّ.

مَالَكَ أَنْتَ وَلِلرَّد؟!

هُوَ يُحَاسَبُ عَلَى رَدِّهِ وَأَنْتَ تُحَاسَبُ عَلَى سَلَامِكَ، فَيَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تُسَلِّمَ.

أَمَّا أَنْ تَتْرُكَ السَّلَام؛ لِأَنَّكَ قَدْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ أَنَّكَ إِذَا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ لَمْ يَرُدَّ السَّلَامَ عَلَيْكَ فَهَذَا لَا يَجُوز؛ لِأَنَّكَ لَسْتَ مَأْمُورًا بِالرَّدِّ فَلَا تَشْغَل نَفْسَكَ بِهِ.

أَنْتَ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ, وَهَذَا يَصْنَعُهُ المَرْءُ كَثِيرًا, فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ رُبَّمَا أَخَذَ مِنْكَ مَوْقِفًا سَيِّئًا -هَيْأَتُكَ لَا تُعْجِبُهُ، دَعْوَتُكَ لَا تَرُوقُ لَهُ، صَلَاحُكَ يُؤْذِيهِ, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الأُمُور-, فَأَنْتَ إِذَا مَرَرْتَ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ عَلَيْكَ السَّلَام -وَأَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا-؛ لَا تَدَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ كُلَّمَا مَرَرْتَ عَلَيْهِ سَلِّم عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ يَخُصُّهُ هُوَ، لَا يَخُصُّكَ أَنْتَ.

أَنْتَ خُذْ بِمَا يَخُصُّك وَدَعْ مَا يَخُصُّهُ لِهَذَا الرَّجُل-؛ يَأْثَمُ إِذَا تَرَك، وَيَتَحَصَّلُ عَلَى الأَجْرِ إِذَا أَجَابَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْرَحَ صَدْرَهُ.

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُ آدَابَ السَّلَامِ أَصْلًا!!

يَعْنِي: كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ تَقُولُ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه

فَيَقُولُ: أَهْلًا وَسَهْلًا مَرْحَبًا!! وَلَا يَرُدُّ عَلَيْكَ سَلَامَك!! وَيَعْتَادُ ذَلِك!! وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِم، فَيَحْتَاجُونَ تَعْلِيمًا.

لَا يَحْتَاجُونَ هُجْرَانًا وَإِنَّمَا يَحْتَاجُونَ تَعْلِيمًا؛ فَيُعَلَّمُون, وَإِذَا عُلِّمُوا فَظُنَّ خَيْرًا بِهِم، فَإِنَّهُم يَلْتَزِمُونَ بِهَذِهِ الآدَابِ الإِسْلَامِيَّةِ.

((أَمَّا قَوْلُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ‏:‏ إِنَّ سَلَامَ المَارِّ سَبَبٌ لِحُصُولِ الإِثْمِ فِي حَقِّ المَمْرُورِ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ جَهَالَةٌ ظَاهِرَةٌ وَغَبَاوَةٌ بَيِّنَةٌ...)).

لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَقُولُ: يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ لَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَام فَيَأْثَمُ؛ فَإِذَنْ لَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَأْثَم!!

يَقُولُ لَهُ النَّوَوِيُّ:

((هَذِهِ جَهَالَةٌ ظَاهِرَةٌ وَغَبَاوَةٌ بَيِّنَةٌ، فَإِنَّ المَأْمُورَاتَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَسْقُطُ عَنِ المَأْمُورِ بِهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الخَيَالَات، وَلَوْ نَظَرْنَا إِلَى هَذَا الخَيَالِ الفَاسِدِ؛ لَتَرَكْنَا إِنْكَارَ المُنْكَرِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ جَاهِلًا كَوْنَهُ مُنْكَرًا، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بِقَوْلِنَا، فَإِنَّ إِنْكَارَنَا عَلَيْهِ وَتَعْرِيفَنَا لَهُ قُبْحَهُ يَكُونُ سَبَبًا لِإِثْمِهِ إِذَا لَمْ يُقْلِع عَنْهُ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّا لَا نَتْرُكُ الإِنْكَارَ بِمِثْلِ هَذَا، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ)).

فَهَذِهِ وَسْوَسَةٌ فَارِغَةٌ وَوَرَعٌ بَارِدٌ؛ أَنَّ الإِنْسَانَ رُبَّمَا يَقُولُ: لَوْ أَنْكَرْتُ عَلَى فُلَانٍ هَذَا فَلَمْ يَنْتَهِي عَنِ المُنْكَرِ؛ فَسَوْفَ يَأْثَم إِثْمًا عَظِيمًا!! مَالَكَ أَنْتَ وَلِهَذَا؟!

أَنْتَ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَأْمُرَ بِالمَعْرُوفِ، وَكَذَلِكَ فِي أَمْرِ السَّلَام، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِرُدُودِ أَوْ رِدَّةِ فِعْلِ الآخَرِين عَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ أَوْ النَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ؛ فَمَا دُمْتَ أَنْتَ آتِيًا بِذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ المَشْرُوعِ؛ فَلَا تَثْرِيبَ عَلَيْكَ.

يَعْنِي: أَنْ يَكُونَ الآمِرُ بِالمَعْرُوفِ عَالِمًا بِمَا يَأْمُرُ بِهِ, رَفِيقًا فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ -نَسْأَلُ اللَّهَ التَّيْسِيرَ لِبَيَانِهَا بِآدَابِهَا إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير-, مَا دُمْتَ قَدْ أَتَيْتَ بِذَلِكَ فَلَا تَثْرِيبَ عَلَيْكَ {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [البقرة: 272].

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجال
  حكم الاحتفال بأعياد غير المسلمين
  العلامة رسلان: خطورة تكفير المسلمين بلا مُوجِب
  سؤال هـام لكل مسلم... هل تعرف مَن تعبُد؟!
  الحرب على مصر حرب عقائدية فهل تخاض بالطعن في ثوابت الدين
  عيشوا الوحي المعصوم
  حُكْمُ الحَلِفِ بِالأَمَانَةِ, وَالحَلِفِ بِالنَّبِيِّ, وَالحَلِفِ بِرَأْسِ فُلَانٍ, وَالحَلِفِ بِحَيَاةِ فُلَانٍ, وَالحَلِفِ بِالكَعْبَةِ!!
  كيف تعرفُ أنَّ الفتنةَ أصابَتْك
  القدرُ يُؤمنُ به ولا يُحتجُ به
  إذا سُرِقَ من بيتهِ مالًا؛ اتهمَ الشيطانََ
  إذا دعوت للحاكم كفروك! ـــ إذا دعوت للجيش والشرطة كفروك!
  رسالة الرسلان للذين يطعنون فيه....!
  ثورة 25 يناير كانت نتيجة لحرب من الجيل الرابع
  كيفية الجلوس في حِلَقِ العلم
  دفع البهتان حول عبارة (فيواطئ الهوى الهوى)
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان