تفريغ مقطع : رحمك الله يا أمي

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

 

فَرَحِمَكِ اللَّهُ يَا أُمِّي، وَغَفَرَ لَكِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْكِ، وَأَفْضَلَ عَلَيْكِ، فَقَدْ وَاللَّهِ ذَهَبَ بِذَهَابِكِ الْيَوْمَ أَكْثَرِي، وَمَا بَقِيَ مِنْ قَلِيلِي لَا يُغْنِي شَيْئًا فِي وَحْشَةِ الْبَيْدَاءِ وَوُعُورَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي زَمَنٍ نَدَرَ فِيهِ الْحَبِيبُ، وَقَلَّ الصَّدِيقُ، وَعَزَّ الوَلِيُّ النَّصِيرُ، كَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا.

 

أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ اللهَ أَرْحَمَ بِي مِنْكِ، وَأَوْصَلَ لَكِ مِنِّي، وَلَكِنَّهُ لَذْعُ جَمْرِ الْفِرَاقِ يَكْوِي كَبِدِي وَقَلْبِي كَيًّا، وَيَشْوِي بَاطِنِي شَيًّا، وَلَا يَكَادُ يُبْقِي لِي مِنْ تَجَلُّدِي شَيْئًا.

 

يَا انْصِدَاعَ الْقَلْبِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الْحَسْرَةَ!!

 

مَتَى يَجِدُ قَلْبِي مُسْتَقَرَّهُ؟!

 

بَيْدَ أَنَّ فِي اللهِ عِوَضًا مِنْ كُلِّ ذَاهِب.

 

بَيْدَ أَنَّ فِي اللهِ غُنْيَةً مِنْ كُلِّ هَالِك.

 

وَاللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - البَاقِي وَحْدَهُ، وَاللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الأُمُورِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ بِمَا يُرِيدُ.

 

وَمَا أَضْيَعَ الْوَلَدَ، يَفْقِدُ دُعَاءَ السَّنَدِ! وَهُوَ يُوَاجِهُ الْعَالَمَ كُلَّهُ مَكْشُوفَ الصَّدْرِ عَارِيَهُ، وَمَا أَقَّلَ مِنَ الْعَطَاءِ حَظَّهُ! وَمَا أَبْخَسَ مِنَ الْمَعْرُوفِ نَصِيبَهُ!

 

بَيْدَ أَنَّهُ فِي اللهِ عِوَضٌ مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَغُنْيَةٌ مِنْ كُلِّ ذَاهِبٍ، هُوَ اللهُ وَحْدَهُ بِيَدِهِ مَقَالِيدُ الأُمُورِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَقْضِي بِمَا يُرِيدُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَذْعُ جَمْرِ الْفِرَاقِ يَكْوِي قَلْبِيِ وَكَبِدِي كَيًّا، وَيَشْوِي بَاطِنِي شَيًّا، وَيَكَادُ لَا يُبْقِي لِي مِنْ تَجَلُّدِيِ شَيْئًا.

 

وَبَكَيْتُ كَالطِّفْلِ الذَّلِيلِ أَنَا الَّذِي     مَا لَانَ فِي صَعْبِ الْحَوَادِثِ مِقْوَدِي

 

وَاللهُ - جَلَّ وَعَلَا - المسْئُولُ أَنْ يَرْحَمَكِ رَحْمَةً وَاسِعَة.

 

وَأَنْ يُجَافِيَ الأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْكِ.

 

وَأَنْ يُحْسِنَ وِفَادَتَكِ، وَيُعْلِيَ فِي الجَنَّةِ دَرَجَتَكِ.

 

وَأَنْ يَجْعَلَ لَيْلَتَكِ هَذِهِ لَيْلَةَ الْقُدُومِ عَلَى الْجَنَّةِ، لَا لَيْلَةَ الْوُرُودِ عَلَى النَّارِ.

 

وَمَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ خُولِفَتْ فِيهِ السُّنَّةُ، أَوْ خُرِجَ فِيهِ عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَاللَّهُ يَهْدِي الْجَمِيعَ إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ،  وَهُوَ وَحْدَهُ الْمُعْطِي، وَالمَانُّ لَا مَانَّ سِوَاهُ، وَلَا رَازِقَ غَيْرُهُ.

 

وَأَسْأَلُ اللهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ أَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا، وَأَنْ يَشْرَحَ صُدُورَنَا، وَأَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَأَنْ يَعْفُوَ عَنَّا أَجْمَعِينَ.

 

وَلَا يُقَالُ إِلَّا مَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: "إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأخْلِف لِي خَيْرًا مِنْهَا".

 

 وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  العلامة رسلان: خطورة تكفير المسلمين بلا مُوجِب
  هكذا تكون الراحة في الصلاة... وحقيقة الافتقار إلى الله
  تفسير آية الكرسي
  لا نُرَقِّع دينَنا بثقافةِ غيرِنا
  استقبال القبلة _ اتخاذ السترة _ النية
  فيروس كورونا | Coronavirus
  شيخ الحدادية المصرية يصف علماء الممكلة بأنهم لا يحسنون قراءة القرآن !
  فكرة وآلية
  لا يضرُّهم مَن خالفهم ولا من خذلهم
  رسالة عاجلة إلى الكاسيات العاريات ... أما علمتِ أن زينتَكِ الحياء؟!
  أفق يا رجل لا تكونن وليًّا لله في العلن عدوًا لله في السر
  كلُّ حاكمٍ في دولة له أحكام الإمام الأعظم : يُبايع ويُسمع له ويُطاع
  ‫كونوا كما أرادكم الله
  إذا قال لك الملحد أنا لا أؤمن إلا بما أراه أو أسمعه كيف ترد؟
  حلــم الشيعــة هـدم الكعبـة والمسجـد النبـوى وحـرق أبوبكـر وعمـر رضى الله عنهما
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان