تفريغ مقطع : المفاسد التي تلحق الإسلام والمسلمين من التفجيرات في دول الغرب والبراءة منها

 ولا شَكَّ أنَّ هذه الفَعْلَةَ الشنِيعَةَ يترَتَّبُ علَيهَا مِن المَفاسدِ مَا لَا يَخفَى.
وَأمَّا مُخالفَةُ هذهِ الفَعلَةِ الشَّنِيعَةِ للفِطرَة: فإنَّ كلَّ ذي فِطرةٍ سَليمةٍ يَكرَهُ العُدوانَ علَى غَيرِهِ، وَيرَاهُ مِن المُنكَرِ.
فَمَا ذَنبُ المُصابِينَ بهَذا الحَادِثِ مِن المُسلِمِين؟!
وَمَا ذَنبُ الآمِنِينَ أنْ يُصَابوا بهَذا الحَادثِ المُؤلمِ العَظِيم؟!
وَمَا ذَنبُ المُصابِين مِنَ المُعَاهَدِينَ وَالمُستَأمَنِينَ وَغَيرِهِم؟!
مَا ذَنبُ الأَطفَال؟ وَمَا ذَنبُ الشِّيوخ؟ وَمَا ذَنبُ العَجَائز؟!!
حَادِثٌ مُنكرٌ لَا مُبَرِّرَ لَهُ؛ لَا مِن شَرعٍ وَلَا مِن عَقلٍ وَلَا مِن فِطرَةٍ، وَمَفاسِدُهُ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحصَى.
فَمِن مَفاسدِ هَذا العَمَلِ وَأَمثَالِهِ مِنَ التَّفجِيرِ وَالتَّدمِيرِ وَالتَّخرِيبِ:
إِشاعةُ الفَوضَى, وَتَروِيعُ الآمِنِين, وَبَثُّ الذُّعرِ بَينَ النَّاس أَجمَعِين فِي دِيَارِ المُسلِمِينَ وَفِي دِيَارِ الكَافِرين، وَاستِعدَاءُ بَعضِهِم علَى بَعض.
مِن مَفَاسِدِ هَذا العَمَلِ الأَرعَن:
حَرقُ المَصاحِف وَدَوْسُهَا بِالأَقدَامِ وَإِهَانتُهَا، وَسَبُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَالاعتِدَاءُ علَى الحُرُمَاتِ، وَمُلاحَقَةُ أَصحَابِ الهَدْيِ الظَّاهِر فِي تِلكَ البِلادِ التِي وَقَعَت فِيهَا الحَوادِثُ وَفِي غَيرِهَا، وَالتَّضيِيقُ علَى كلِّ دَاعٍ إِلَى اللهِ رَبِّ العَالمِين علَى بَصِيرةٍ، إِلَى غَيرِ ذَلكَ مِن الاعتِدَاءِ علَى المَساجِدِ، وَنَزْعِ تَراخِيصِ عَمَلِهَا فِي غَيرِ دِيَارِ المُسلِمِين، مَع النَّظَرِ إلَى كلِّ مُسلمٍ بِأنَّهُ إِرهابيٌّ؛ يُهَانُ فِي كلِّ مَكانٍ دَخَلَهُ، وَفِي كلِّ مَحِلٍّ حَلَّ فِيهِ؛ يُفتَّشُ علَى غَيرِ مَا يُفتَّشُ غَيرُهُ وَلَوْ كَان وَثَنِيًّا! وَلَوْ كَانَ مُلحِدًا!! وَلَوْ كَانَ فَاجِرًا كَافرًا فَاسِقًا طَاغيًا!!
لَيسَ هُنَالِكَ سِوَى المُسلِمِينَ يُلَاحَقُونَ فِي كلِّ مَكانٍ!!
مَع الدَّعوَى التِي تَسمَعُهَا فِي كلِّ حِينٍ؛ مِن أَنَّ الإِسلَامَ هُو دِينُ إِرهَابٍ وَعُنفٍ، دِينُ إِرَاقَةٍ لِلدِّمَاءِ، ثُمَّ يَمدُّونَ الخطَّ علَى استِقَامَتِهِ خَلْفًا حتَّى يَصِلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فيُهِينُونَهُ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي وَنَفسِي ﷺ-.
وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَهَى أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ, نَهَى النَبِيُّ ﷺ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيهِ.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَهَلْ يَسُبُّ الرَّجلُ أَبَاه؟!
قَالَ: ((يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أَمَّهُ)).
فَيَكُونَ هَذا السَّبُّ ذَرِيعَةً لِجَلبِ السَّبِّ إِلَى أَبِيه وَإِلَى أُمِّهِ!!
بَلْ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا- نَهَى عَن سَبِّ آلِهَةِ المُشرِكِينَ؛ لأنَّهُم فِي المُقَابِلِ يَسُبُّونَ اللهَ عَدْوًا بغَيرِ عِلمٍ، فإِذَا سَبَبتَ إِلَهَهُ وَوَثَنَهُ وَصَنَمَهُ؛ سَبَّ رَبَّكَ، الذِي هُوَ رَبُّ العَالمِين، وَالذِي هُوَ أَكرَمُ الأَكرَمِين، فَالذِي يَفعَلُ ذَلِكَ؛ يَتَحَمَّلُ إِثمَهُ، وَعَليهِ أَنْ يَبُوءَ بنَعلِ كُلَيب، وَلَيسَ لَهُ مِن حَظٍّ لَا فِي الدُّنيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ؛ لأَنَّهُ يَجلُبُ السَّبَّ لِرَسُولِ اللهِ وَلِدِينِ الإِسلَامِ العَظيمِ وَلِلقُرآنِ المَجيدِ، بَل رُبَّمَا اعتَدَى السُّفَهَاءُ علَى رَبِّ العِزَّةِ؛ فَسَبُّوا إِلَهَ المُسلِمِينَ؛ وَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَمَا هِيَ الفَائدَة, وَمَا هِيَ العَائدَة التِي تَعُودُ علَى الإِسلَامِ وَعَلَى المُسلِمِينَ؟!
أَبهِذَا تُنشَرُ الدَّعوَة؟!
أَمْ بهَذا يُمَكَّنُ لِلمُسلِمِينَ فِي الأَرض؟!
إِنَّ الغَدرَ سَببٌ لِظُهورِ أَعدَاءِ الإِسلامِ علَى المُسلِمِين، الغَدرُ سَببٌ لِعُلُّوِ وَظُهُورِ الكَافِرينَ علَى المُسلِمِينَ.
مَا عِندَ اللهِ لَا يُنالُ إِلَّا بطَاعَتِهِ.
مِن مَفَاسِدِ هَذا العَمَل: أَنَّهُ مَعصِيَةٌ للهِ وَلِرَسُولِه ﷺ، وَانتِهَاكٌ لحُرُمَاتِ اللهِ، وَهُوَ تَعَرُّضٌ لِلَعنَةِ اللهِ وَالمَلائكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِين، وَلَا يُقبَلُ مِن فَاعِلِهِ صَرْفٌ وَلَا عَدلٌ.
وَمِن مَفَاسِدِهِ: تَشوِيهُ سُمعَةِ الإِسلَامِ وَالمُسلِمِينَ؛ فَإنَّ أَعدَاءَ الإِسلَامِ سَوفَ يَستَغِلُّونَ مِثلَ هَذَا الحَدَث لِتَشوِيهِ سُمعَةِ الإِسلَامِ وَتَنفِيرِ النَّاسِ عَنهُ، مَع أَنَّ الإِسلَامَ بَرِيءٌ مِن ذَلِك، فَأَخلَاقُ الإِسلَامِ صِدقٌ وَبِرٌّ وَوَفَاءٌ، وَالدِّينُ الإِسلَاميُّ يُحذِّرُ مِن هَذا وَأَمثَالِهِ أَشَدَّ التَّحذِير.
مِن مَفَاسِدِهِ: أَنَّ الأَصابعَ فِي الدَّاخِلِ وَالخَارِج سَوفَ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ هذَا مِن صُنْعِ المُتمَسِّكِينَ بِالإِسلَامِ وَالدِّين، مَع أَنَّنَا نَعلَمُ عِلْمَ اليَقِين أَنَّ المُتمَسِّكِينَ بشَرِيعَةِ اللهِ حَقِيقَةً؛ لَنْ يَقبَلُوا مِثلَ ذَلكَ، وَلَنْ يَرضَوْا بِهِ أَبدًا، بَلْ إِنَّهُم يَتَبَرَّءُون مِنه، وَيُنكِرُونَه أَعظَم إِنكَار؛ لِأنَّ المُتمَسِّكَ بِدِينِ اللهِ حَقِيقَةً هُوَ الذِي يَقُومُ بدِينِ اللهِ علَى مَا يُرِيدُه اللهُ، لَا علَى مَا تَهوَاهُ نَفسُهُ، وَيُمْلِي عَليهِ ذَوْقُهُ المَبنيُّ علَى العَاطِفَةِ الهَوجَاءِ وَالمَنهَجِ المُنحَرِف، وَالتَّمَسُّكُ المُوافِقُ لِلشَّرِيعَةِ كَثِيرٌ مُتفَشٍّ فِي شَبابِ المُسلِمِينَ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِين.
مِن مَفَاسِدِ هَذا الحَدَثِ وَأَمثَالِهِ: أَنَّ كَثِيرًا مِن العَامَّةِ الجَاهِلِينَ بحَقِيقَةِ التَّمَسُّك بِالدِّينِ؛ سَوفَ يَنظُرونَ إِلَى كَثيرٍ مِن المُتمَسِّكِينَ البُرَآء مِن هَذا الصَّنِيعِ نَظرَةَ عَدَاوَةٍ وَتَخَوُّفٍ وَحَذَرٍ وَتَحذِيرٍ، كمَا هُوَ مَعهُودٌ عَن بَعضِ جُهَّالِ العَوامِ مِن تَحذِيرِ أَبنائِهِم مِن التَّمَسُّكِ بِالدِّينِ؛ نَظرًا لِأَمثَالِ تِلكَ الأُمُور.
إِنَّ مِن أَثَارِ ذَلِكَ: حَصدَ الأَروَاح، وَهَلَاكَ الأَنفُس، وَتَدمِيرَ المُمتَلكَات، وَنَشرَ الخَوفِ وَالرُّعب، وَزَرعَ الضَّغِينَةِ وَالبغضَاء.
مِن آثَارِ ذَلِك: تَحجِيرُ الخَيرِ، وَإِضعَافُ الأُمَّة، وَتَبدِيدُ مَكاسِبِهَا، وَتَسلُّطُ أَعدَاءِ اللهِ وَتَمَكُّنُهُم مِن أُمَّةِ الإِسلَام.
فَمَن الذِي يَرضَى لِنَفسِهِ وَلِغَيرهِ بتِلكَ الأُمور؟!
إنَّ اللهَ جلَّ وَعَلَا- رَفعَ عَن أُمَّةِ الإِسلَامِ العَنتَ وَالحَرَجَ، وَإنَّ نُصرَةَ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ-، وَإِعزَازَ شَرِيعَتهِ؛ لَا تَكُونُ بِبَثِّ الخَوفِ وَالرُّعبِ أَوْ بِالإِفسَادِ فِي الأَرضِ، لَا تَكُونُ بِإلقَاءِ النَّفسِ إلَى التَّهلُكَة، لَا تَكُونُ بِالتَّضحِيَةِ بِالنَّفسِ انتِحَارًا علَى غَيرِ بَصِيرةٍ، فَكُلُّ هَذا مُخَالِفٌ لِمَا جَاءَ بِهِ دِينُ الإِسلَامِ الحَنيفِ، وَإِنَّمَا جَاءَ الإِسلَام لِيَحْمِيَ لِلنَّاسِ ضَرُورَاتِهِم، وَيَعمَلَ علَى حِفْظِهَا، وَيَنشُرَ الأَمنَ وَالعَدلَ وَالسَّعَادَةَ وَالسَّلَامَ فِي صُفوفِ مُجتَمَعَاتِهِ وَفِي العَالَمِ كُلِّه.
إِنَّ دِينَ الإِسلامِ العَظِيم يَجهَلُهُ كَثِيرٌ مِن المُنتَسِبِينَ إِلَيه؛ بَلْ وَكَثِيرٌ مِن المُتكَلِّمِينَ بِاسمِهِ، وَكَثِيرٌ مِن المُحَجِّرينَ لِفَهْمِهِ علَى أَنفسِهِم.
فِتنةٌ عَظِيمةٌ هَوْجَاءٌ، وَعَاصِفَةٌ مِنْ بَلاءٍ، وَلَكِنَّ اللهَ الرَّحمَنَ الرَّحِيم قَادِرٌ علَى أَنْ يَرفَعَ عنَّا الكَرْب, وَأَنْ يُسَكِّنَ النُّفوس، ويُطَمئنَ القُلوب وَيُهدِّأَ الأَروَاح، وَأَنْ يَنشُرَ دِينَهُ الحَقّ علَى يَدِ مَن شَاءَ وَبِلِسَانِ وَبَنَانِ مَن شَاءَ فِي الدُّنيَا كلِّهَا؛ دَعوَةً إلَى الخَيرِ وَتَحذِيرًا مِن الشَّرِّ، إِنَّ رَبِّي علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ علَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِين.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  قصة جريج وغض البصر
  تزكية فضيلة الشيخ العلامة رسلان -حفظه الله- لابنه عبد الله
  القول على الله بلا علم سيضيعُ الأمة...اصمتوا رحمكم الله!!
  مَن الذي يفعل ذلك سِوَى المسلمين؟!
  ليس الإحسان إلى الزوجة أن تكف الأذى عنها وإنما الإحسان إلى الزوجة أن تتحمل الأذى منها
  تعظيم الأشهر الحُرُم
  حافظوا على أنفسكم وعلى أعراضكم
  رسالة إلى الفقراء... القاعدة الذهبية للإمام أحمد في مواجهة الفقر
  أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي
  ألا تخشى سوء الخاتمة
  تعاون الخوارج مع الروافض
  حروب الجيل الرابع وثورة 25 يناير
  من هو الخارجي
  ثورة 25 يناير كانت نتيجة لحرب من الجيل الرابع
  الحلقة الثالثة: أسباب انتشار الإلحاد في العصر الحديث
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان