تفريغ مقطع : لكل بيت مسلم استمع جيدًا لهذه النصائح

فإنَّ البيتَ جعَلَهُ اللهُ ربُّ العَالمِين سَكنًا, فالعَواصفُ العاصِفات, والمِحَنُ المُدلَهِمَّات التي يَلقَاهَا الرَّجُل في الحياة, ومَا يَجِدُه مِن المُنازعةِ ومِن الجُحودِ والعِنادِ ومَا أشبَه في حَركةِ حيَاتِه, هَذا كلُّه يُخلَعُ على عَتبَةِ بابِ دَارِه ثم يَدخُل بيتَه؛ فيَجِدُ السَّكَنَ مِن بعدِ الاضطِراب, والهُدوءَ مِن بعدِ هذا الذِي وَقعَ مِن القَلقِ وغيرِه مِن هذِه الأمُورِ التي لَابُد مِنها في هذهِ الحياة.

فعَلينَا أنْ نَتَّقِيَ اللهَ ربَّ العَالمِين, أنْ نَتَّقِيَ اللهَ في أنفُسِنا, وأنْ يَتَّقِيَ الرَّجُلُ ربَّهُ -تبارَك وتعَالى- في امرَأتِه, فإنَّ اللهَ -تبارَك وتعَالى- هوَ الذِي أحلَّهَا لهُ, وهوَ الذِي مَكَّنَهُ مِن أمورٍ لا يَستطِيعُ الأَبُ ولَا الأَخُ النَّظرَ إليهَا.

فَجعَل ذلِكَ علَى هذهِ الحُرمَةِ العَظِيمَةِ فيمَا يتَعلَّق بالزَّوجَين, والنَّبِي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسلَّم- يُبَيِّنُ أنَّ مِن أعظَمِ النَّاسِ إثمًا؛ الرَّجُلُ يُفضِي إلَى المَرأَةِ, والمَرأَةُ تُفضِي إلَى الرَّجُلِ -يَعنِي: الزَّوجَ والزَّوجَة- ثم يَنشُرُ كُلٌّ مِنهُمَا سِرَّ صَاحِبه!!

هذهِ أمورٌ مَكتومَةٌ بلْ هيَ مَدفُونَة ليسَ فيهَا كَلامٌ مَهمَا كانَ الإلحَاحُ علَى مِثلِهَا, فَيتَّقِي الإنسانُ ربَّهُ تبارَك وتعَالى- في هَذا, وَيَتَّقِي اللهَ ربَّ العَالمِين في مَطعَمِهِ, وفِي مَشرَبِه, وفِي مَلبَسِهِ, وفيمَا يأتِي بِهِ مِن زِينَةِ الحياةِ الدُّنيَا لنَفسِهِ أوْ لِزوْجِه وَليَكُنْ ذَلكَ مِن الحَلالِ الصِّرف.

وَكانَت الوَاحِدَةُ مِن نَساءِ السَّلفِ إذَا أرَادَ زَوجُهَا أنْ يَخرُجَ طَالِبًا الرِّزق؛ تَعلَّقَت بثِيَابِهِ تَقولُ لهُ:

اتَّقِ اللهَ فِينَا وَلَا تُطعِمنا إلَّا مِن الحَلالِ الصِّرف؛ فإنَّنَا نَحثُو التُّرابَ نَستَفُّه- وَلَا نَأكُلُ ممَّا فِيهِ شُبهَة فَضلًا عنَ أنْ يَكونَ مِن حَرامٍ.

وَمَعلُومٌ أنَّ الإنسانَ إذَا مَا أتَى بالحَرامِ فَأكَلَتهُ المَرأةُ؛ ثمَّ تَخَلَّقَ في بَطنِهَا جَنِينًا, فهَذا الجَنِينُ إنَّمَا يُغذَّى مِن هَذا الغِذاءِ الذِي تَناوَلَتهُ, وهَذا الغِذاءُ حَرامٌ! فهَذا وَلَدُ حَرام, تَوَلَّدَ مِن حَرامٍ, وَنَمَا فِي بَطنِ أُمِّهِ مِن الحرامِ, فَأَنَّى يَصلُحُ مِثلُ هَذا؟!

وَعلَى الإنسانِ إذَا أرَادَ أنْ يَأتِيَ أهلَهُ أنْ يَقولَ مَا أمَرَ بهِ النَّبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّم-: ((بِسمِ الله اللَّهُم جَنِّبنَا الشَّيطانَ وَجَنِّب الشَّيطانَ مَا رَزقتَنَا)), فَإذَا كانَ بَينَهُمَا فِي تِلكَ الليلَةِ وَلَدٌ؛ لمْ يَمَسَّهُ الشَّيطانُ كمَا قَالَ الرَّسُول.

فَلَا يَظلِمُ المَرءُ نَفسَهُ بِسوءِ الاختِيَارِ, وَلَا يَظلِمُ نَفسَهُ بإطعَامِ الحَرام, وَلَا يَظلِمُ نَفسَه وَوَلَدَه بِاسمٍ لَا يَكونُ مَطرُوقًا يَجعَلهُ سُخرِيةً مِن النَّاسِ فِي كُلِّ مَجالٍ وَفِي كُلِّ مَكانٍ.

وَينبَغِي علَى المَرءِ أنْ يعلَم أنَّه كمَا يَجبُ علَى وَلَدِه أنْ يَبَرَّهُ؛ فإنَّهُ يَجبُ عَليهِ هُوَ أيضًا أنْ يَبَرَّ ابنَه, وَقَد اشتَكَى رَجُلٌ إلَى عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنهُ- عُقوقَ وَلَدِهِ؛ فَأتَى بهِ عُمَرُ -رَضِي اللهُ عَنهُ- وَقَالَ لَهُ: لِمَا تَعُقُّ أَبَاكَ؟

فَقالَ: هُوَ عَقَّنِي قَبلَ أَنْ أَعُقَّه

قَالَ: كَيفَ ذَلِكَ؟!

قَالَ: لَم يُحسِن اختِيَارَ أُمِّي, وَإنَّمَا أَتَى بِهَا يَهودِيَّةً لِمَجوسِيّ -كَانَت تَعمَلُ رَاقِصَةً أوْ مَا أَشبَه عِندَ مَجُوسي- وَأمَّا هِيَ فَكانَت علَى دِينِ اليَّهودِ, فَلمْ يُحسِن اختِيَارَ أُمِّي, هَذَا مِن حَقِّ الوَلَد.

وَلَا يَقِفُ مِثلُ هَذا عِندَ حُدُودِ النَّظَر...

بمَعنَى: أنَّ الإنسانَ يَتأمَّلُ فِي المَرأةِ فَتُعجِبُهُ؛ فَيُقبِلُ عَليهَا وَيتَمسَّكُ بِهَا, وَتَكُونُ كَخَضرَاءِ الدِّمَن -وَالحَدِيثُ لَا يَصِح, وَلَكِن أنَا استَعمِلُ المُصطَلَح, استَعمِل هَذِه اللُّغَة- تَكونُ كَخَضرَاءِ الدِّمَن, فَإنَّهَا حِينَئذ لَا تَكونُ صَالِحَة, وَسيَظهَرُ مِنهَا بَعدَ حِين مَا انطَوَت عَليهِ مِن أصْلٍ مَا يَزالُ دَسِيسَةً فِي قَلبِهَا حتَّى يَظهَرَ فِي لَفظِهَا وَلِسَانِهَا, وَفِي حَركَاتِهَا وَسَكنَاتِهَا.

وَلذَلكَ اختَارَ الإمامُ أحمَد رَحمَهُ اللهُ تعَالَى- امرأةً كَانت عَوراءَ, وَكانَ قد أَرسَل خَاطِبةً تَخطُبُ لهُ أُختَها, وَكانَت هَذِه الثَّانية؛ كَانت تَسمَعُ كَانت وَاقِفَة- فَقَالَ: اذهَب فَأخطُب هذِه لِي, وَتَزوَّجَها الإمَامُ -رَحمَه اللهُ- وَرُزِقَ مِنهَا أَئِمَّة رَحمَهمَا اللهُ تَعَالى رَحمَةً وَاسِعةً-.

الإِمامُ أحمَد وَزَوجُه بَعدَ سَبعَةِ أَعوام؛ تَقولُ لَه: يَا ابنَ عَم هل رَابَكَ مِنِّي شَيء؟

هَل وَجَدَّتَ فِي نَفسِكَ مَوجِدَةً عَليَّ فِي شَيءٍ أَتيتُ بِهِ لَمْ أَلتَفَت إِليهِ؟ بَعدَ سَبعِ سَنوات!!

يَقُولُ لَهَا الإمامُ رَحمَهُ اللهُ وَرَحمَهَا-: قَالَ: لَا لَم أَجِد فِي نَفسِي عَليكِي فِي شَيءٍ إِلَّا أنَّ نَعلَكِ هذِهِ تَصِرّ.

هَذَا مَا يَجِدُهُ عَليهَا بَعدَ سَبعَةِ أَعوَام!! فَرَحِمَهُ اللهُ وَرحِمَهَا.

فَعلَينَا أنْ نَنظُر فِي هَذِه المَعانِي, وَأنْ نَعلَمَ أنَّ الزَّواجَ بينَ أهْلِ السُّنَّة مَفخَرَة وَعِزّ, وَينبَغِي أنْ يَتمَسَّك بِهِ المُسلِم؛ لِأنَّ ذَلكَ يَجعَلُ الأُمورُ قَريبَةً فِي تَناوُلِهَا وَفِي تَحقِيقِها وَفِي مَآلَاتِها وَفِي حَلِّ مَشاكِلهِم,

إذَا كَانت الأمُورُ كُلُّها تَنتَهِي عِند الكِتابِ وَالسُّنَّة بفَهمِ الصَّحَابَةِ وَمَن تَبعَهُم بإحسَانٍ, فَحَيَّهَلَّا علَى مِثلِ هَذا

وَأينَ يَجدُ الإنسانُ مَرجِعًا كهَذا يُرجَعُ إِليهِ عندَ النِّزاعِ والخِلافِ؟

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  ((الحلقة الأُولَى)) ((الإلحاد وبداية نشأته))
  إياك أن تنكسر
  حكم قول علي كرّم الله وجهه
  نشيد الأنشاد
  كٓلِمة الْعَلَّامَةِ رَسْلَان لِطُلَّابِ جَامِعَةِ مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ
  أفضل أيام الدنيا أيام العشر فاجتهد في اقتناصها
  التفجير والتدميرُ يستفيدُ منه أعداء الإسلام
  كيفَ نُؤمِنُ بالقَضاءِ والقَدرِ إيمانًا صَحِيحًا؟
  هؤلاء يسكبون النِّفطَ على نارِ الإرهاب والتطَرُّف
  أحمد البدوى كان رافضيًا محضًا وكان عدوًا لدين الله
  هل الإنسان مسيَّر أم مخير؟
  رسالة إلى كل إعلامي على وجه الأرض
  يَتَعَصبونَ للهوى
  حقيقة العلاج بالقرآن
  إذا أردت أن تختار صاحبا فانظر إلى هذه الخصال
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان