تفريغ مقطع : دفع البهتان حول عبارة (يُدَوِّخُ الله رب العالمين المشركين)

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-, أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ, أَمَّا بَعْدُ:

فَالفِعْلُ (دَوَّخَ).. مَا مَعْنَى هَذَا الفِعْلُ فِي لُغَةِ العَرَبِ؟

** قَالَ ابنُ الأَثِيرِ فِي ((النِّهَايَةِ)) بَابُ الدَّالِ مَعَ اليَاءِ: ثُمَّ ذَكَرَ الدَّالَ وَاليَاءَ وَالخَاءَ (دَيَخَ) وَقَالَ:

((فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ «فَفَنَّخَ الكَفَرَةَ ودَيَّخَهَا» أَيْ: أَذَلَّهَا وقَهَرَها.

يُقَالُ دَيَّخَ ودَوَّخَ بِمَعْنًى واحدٍ)).

** وَفِي ((اللِّسَانِ)) لِسَانِ العَرَبِ-

- دَاخَ يَدُوخُ دَوْخًا: ذَلَّ وَخَضَعَ.

- وَدَوَّخَ الرَّجُلَ وَالبَعِيرَ: ذَلَّلَهُ.

- وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ ثَقِيفٍ: ((أَدَاخَ أَيْ: الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- العَرَبَ وَدَانَ لَهُ النَّاسُ -أَيْ: أَذَلَّهم-)).

- وَدَاخَ البِلَادَ لِيَدُوخُهَا: قَهَرَهَا وَاسْتَوْلَى عَلَى أَهْلِهَا.

- وَكَذَلِكَ النَّاسُ دُخْنَاهُم دَوْخًا, وَدَوَّخْنَاهُمْ تَدْوِيخًا: وَطِئْنَاهُمْ.

** وَفِي ((المُعْجَمِ الوَسِيطِ))

- دَاخَ الرَّجُلُ أَوْ البَعِيرُ دَوْخًا: ذَلَّ وَخَضَعَ.

- وَدَاخَ النَّاسَ: أَذَلَّهُم وَأَخْضَعَهُم.

- يُقَالُ دَاخَ البِلَادَ: قَهَرَهَا وَاسْتَوْلَى عَلَى أَهْلِهَا.

- وَدَوَّخَ الرَّجُلَ أَوْ البَعِيرَ: أَدَاخَهُ.

فَهَذَا مَعْنَى الفِعْلِ (دَوَّخَ) فِي لُغَةِ العَرَبِ الشَّرِيفَةِ, الَّتِي نَزَلَ بِهَا الكِتَابُ العَزِيزُ, وَنَطَقَ بِهَا مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ المَعْصُومُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

فَإِذَا قُلْتُ: ((غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ يَبْتَلِي النَّاسَ يَبْتَلِي اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ النَّاسَ-, وَيُؤَخِّرُ النَّصْرَ حِينًا بَعْدَ حِينٍ؛ رُبَّمَا لِاسْتِكْمَالِ أَسْبَابِهِ, وَرُبَّمَا لِاسْتِخْرَاجِ البَقِيَّةِ البَاقِيَةِ مِنَ العَزِيمَةِ المَكْنُونَةِ فِي ضَمِيرِ الأُمَّةِ, وَرُبَّمَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُدَوِّخَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ المُشْرِكِينَ, وَرُبَّمَا مِنْ أَجْلِ أَنْ تَفِيءَ قُلُوبُ المُؤمِنِينَ)).

إِذَا قُلْتُ هَذَا؛ فَأَيُّ مُرَاجَعَةٍ تَلْحَقُ قَوْلِي: ((مِنْ أَجْلِ أَنْ يُدَوِّخَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ المُشْرِكِينَ))؟!

وَ(دَوَّخَ) فِي اللُّغَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا -لَا فِي العَامِيَّةِ النَّجِسَةِ- تَعْنِي: أَذَلَّهُم وَأَخْضَعَهُم وَقَهَرَهُم؛ فَأَيُّ مُرَاجَعَةٍ فِي هَذَا؟!!

وَإِذَا جَاءَ بَهَّاتٌ حَدَّادِيٌّ فَفَهِمَ الكَلَامَ العَرَبِيَّ الشَّرِيفَ بِعَامِيَّتِهِ البَغِيضَةِ وَسُوقِيَّتِهِ المَقِيتَةِ, فَمَا ذَنْبِي أَنَا؟!!

وَإِذَا ذَهَبَ يَسْأَلُ مَنْ لَا يَسْتَحْضِرُ الجَوَابَ الصَّحِيح, فَأَخْبَرَهُ أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ إِسَاءَةَ أَدَبٍ مَعَ اللَّهِ؛ فَهَلْ يَكُونُ مُصِيبًا؟ وَهَلْ يَكُونُ مُنْصِفًا؟!

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: ((يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ؛ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ, وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ, فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِم؛ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ؛ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ)).

أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, وَأَخْرَجَهُ الأَرْبَعَةُ عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

فَاللَّهُمَّ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ, يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ؛ اسْتَنْجِزُكَ مَا قَالَ رَسُولُكُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  تحذير الإمام أحمد من بدعة الحاكم ونهيه عن الخروج عليه
  في الأمة مٙن لا يعرف اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
  هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها كل مسلم
  سِر الهجمة الشرسة على شيخِ الإسلامِ ابن تيمية
  فَلَقَد قَالَت لِي رُوحِي...
  سؤال لكل من تعصب لسيد قطب ماهو اسم أمك؟
  الانحراف في منهج الاستدلال عند الخوارج
  شَهْرُ رَجَبٍ لَا تَظْلِمْ فِيهِ نَفْسَكَ!
  سنُّ الأُضحِيَّةِ
  من حقوق الحاكم: توقيره وعدم سَبِّهِ وإهانتهِ
  أويسرك أن تكون امرأتك في ليل بناؤك مادة الأحلام عند الشباب بليل حتى يستوجبون الغسل ؟!
  مختصر أحكام الأضحيَّة
  كيف يسترد المسلمون فلسطين
  كلُّ حاكمٍ في دولة له أحكام الإمام الأعظم : يُبايع ويُسمع له ويُطاع
  حرب العاشر من رمضان مفخرة المسلمين فى هذا العصر
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان