تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ

وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((الْأَطْفَالُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَقُرَّةُ عَيْنٍ لِلْأَبَوَيْنِ))

فَالْأَوْلَادُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وهُمْ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].

الْمَالُ الْكَثِيرُ الْوَفِيرُ، وَالْبَنُونَ الْكَثِيرُونَ زِينَةُ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ.

وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجْعَلُ لَلْعَبْدِ وَلَدًا صَالِحًا فِي الدُّنْيَا، يَتَأَتَّى مِنْهُ دُعَاءٌ صَالِحٌ فِي الْآخِرَةِ، يَصِلُ إِلَيْهِ فِيهَا أَجْرُهُ -بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ -مِنْهَا-: أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو اللهَ لَهُ)).

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ بِالدُّعَاءِ لِأَبَوَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا هُوَ اسْتِمْرَارٌ لِحَيَاتِهِ هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.

فَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَلْمَرْءِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ, وَزُخْرًا لَهُ بَعْدَ الْمَمَاتِ, ثُمَّ يَكُونُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَفْعًا فِي الدَّرَجَاتِ.

وَهَذَا زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- سَأَلَ اللَّهَ وَلَدًا ذَكَرًا صَالِحًا، يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَكُونُ وَلِيًّا مِنْ بَعْدِهِ، وَيَكُونُ نَبِيًّا مَرْضِيًّا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، وَهَذَا أَفْضَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَوْلَادِ.

وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعَبْدِهِ أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا صَالِحًا، جَامِعًا لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَامِدِ الشِّيَمِ، فَرَحِمَهُ رَبُّهُ وَاسْتَجَابَ دَعْوَتَهُ.

((الْأَوْلَادُ زِينَةٌ وَابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ!!))

*لَقَدْ ذَكَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ زِينَةُ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا بَلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ يَحْمِلُكُمْ عَلَى كَسْبِ الْمُحَرَّمِ، وَمَنْعِ حَقِّ اللهِ تَعَالَى، فَلَا تُطِيعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ.

فَأَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِهِ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الرِّبْحَ وَالْفَلَاحَ، وَالْخَيْرَاتِ الْكَثِيرَةَ.

وَنَهَاهُمْ أَنْ تَشْغَلَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ عَنْ ذِكْرِهِ؛ فَإِنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ وَالْأَوْلَادِ مَجْبُولَةٌ عَلَيْهَا أَكْثَرُ النُّفُوسِ، فَتُقَدِّمُهَا عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَفِي ذَلِكَ الْخَسَارَةُ الْعَظِيمَةُ.

قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} {الكهف: 46}.

الْمَالُ الْكَثِيرُ الْوَفِيرُ، وَالْبَنُونَ الْكَثِيرُونَ زِينَةُ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ، وَالْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَاتُ الْمَرْضِيَّاتُ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ذَاتُ الْآثَارِ الْبَاقِيَاتِ الْمُسْعِدَاتِ لِفَاعِلِهَا هِيَ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا مِنْ كُلِّ مَا فِي الدُّنْيَا مِمَّا هُوَ زِينَةٌ لَهُ، وَهِيَ خَيْرٌ أَمَلًا.

وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14].

يَا أَيُّهَا الذَّيِنَ صَدَّقُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَاتَّبَعُوا شَرْعَهُ! إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ، يَصُدُّونَكُمْ عَنْ طَاعَةِ اللهِ.

وَقَدْ يَحْمِلُونَكُمْ عَلَى السَّعْيِ فِي اكْتِسَابِ الْحَرَامِ، وَارْتِكَابِ الْآثَامِ، وَالْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي، فَاحْذَرُوا أَنْ تُطِيعُوهُمْ، وَلَا تَأْمَنُوا غَوَائِلَهُمْ وَشَرَّهُمْ، وَلَا يَعْظُمُ فِي نُفُوسِكُمْ وَيَصْعُبُ عَلَيْكُمْ مُكَافَآتُهُمْ عَلَى إِحْسَانِكُمْ بِالْإِسَاءَةِ وَالْجُحُودِ وَنُكْرَانِ الْجَمِيلِ.

إِنَّ الْوَلَدَ يَحْمِلُ أَبَاهُ عَلَى الْبُخْلِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْجُبْنِ؛ فَإِنَّهُ يَتَقَاعَدُ مِنَ الْغَزَوَاتِ وَالسَّرَايَا؛ بِسَبَبِ حُبِّ الْأَوْلَادِ، وَيُمْسِكُ مَالَهُ لَهُمْ!!

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ -وَالْحَدِيثُ فِي «صَحِيحِ سُنَنِ ابْنِ مَاجَه»-: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ».

«مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ»؛ أَيْ: مَا يَحْمِلُ عَلَى الْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، مَظِنَّةٌ لِلْبُخْلِ، مَظِنَّةٌ لِلْجُبْنِ.

((ثَمَرَاتُ كَثْرَةِ الْأُمَّةِ وَحُكْمُ تَنْظِيمِ النَّسْلِ وَتَحْدِيدِهِ))

إِنَّ كَثْرَةَ الْأُمَّةِ عِزٌّ لَهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 فَإِيَّاكَ وَقَوْلَ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ كَثْرَةَ الْأُمَّةِ يُوجِبُ الْفَقْرَ، وَالْبَطَالَةَ.

فَكَثْرَةُ الْأُمَّةِ عِزٌّ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ أَرْضُهُمْ قَابِلَةً لِلْحِرَاثَةِ، وَالزِّرَاعَةِ، وَالصِّنَاعَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهَا مَوَادُّ خَامٍ لِلصِّنَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَلَيْسَ -وَاللهِ- كَثْرَةُ الْأُمَّةِ سَبَبًا لِلْفَقْرِ، وَالْبَطَالَةِ أَبَدًا!!

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أُحِبُّ أَنْ تَبْقَى زَوْجَتِي شَابَةً فَلَا أُحِبُّ أَنْ تَلِدَ!!

فَنَقُولُ: هَذَا غَرَضٌ لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنَّ الْوِلَادَةَ، أَوْ كَثْرَةَ الْأَوْلَادِ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أُنَظِّمَ النَّسْلَ، بِمَعْنَى أَنْ أَجْعَلَ امْرَأَتِي تَلِدُ كُلَّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً، فَهَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟

هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يَعْزِلُونَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهَذَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَالْعَزْلُ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْحَمْلِ غَالِبًا.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُرْزَقْ وَلَدًا، فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي دُعَاءِ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الْوَلَدَ الصَّالِحَ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ، فَقَدْ أَصْلَحَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى  الْمَرْأَةَ الْعَقِيمَ الَّتِي لَا تَلِدُ، وَرَزَقَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الَّذِي يُظَنُّ أَلَّا يُنْجِبَ.

وَإِذَا أَخَذَ الْإِنْسَانُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَابْتَهَلَ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِدُعَاءِ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 10-12].

فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَعَسَى أَنْ يَمُنَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْوَلَدِ الصَّالِحِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ.

((حُقُوقُ الْأَطْفَالِ فِي الْإِسْلَامِ))

لَقَدْ أَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْإِحْسَانِ فِي عَلَاقَةِ الْمُسْلِمِ بِأُسْرَتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36].

{وَبِذِي الْقُرْبَى}: أَيْ وَبِذِي الْقُرْبَى إِحْسَانًا، أَحْسِنُوا إِلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِلَى ذِي الْقُرْبَى، {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36].

فَأَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْإِحْسَانِ؛ إِحْسَانِ الْمَرْءِ فِي أُسْرَتِهِ، وَإِحْسَانِ الْمَرْءِ فِي مُجْتَمَعِهِ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ:

اخْتِيَارُ أُمٍّ صَالِحَةٍ لَهُ))

لِلْأَوْلَادِ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ حُقُوقٌ عَظِيمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ مِنْهَا: اخْتِيَارُ الْأُمِّ الصَّالِحَةِ لَهُ؛ فَيَنْبَغِي عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّه كَمَا يَجِبُ عَلَى وَلَدِه أَنْ يَبَرَّهُ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ -هُوَ أَيْضًا- أَنْ يَبَرَّ ابْنَهُ؛ بِأَنْ يُحْسِنْ اخْتِيَارَ أُمِّهِ.

هَذَا مِنْ حَقِّ الوَلَدِ.

قَالَ النبيُّ ﷺ فِي بَيَانِ صِفَاتِ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ», «الَّتِي إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ, وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ».

هَذِهِ الصِّفَاتُ هِيَ صِفَاتُ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ: حَقُّهُ فِي الْحَيَاةِ))

إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَمَرَكُمْ فِي كِتَابِهِ أَلَّا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَضِيقِكُمْ مِنْ رِزْقِهِمْ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الظَّالِمَةِ.

نَحْنُ تَكَفَّلْنَا بِرِزْقِ الْجَمِيعِ، فَلَسْتُمُ الَّذِينَ تَرْزُقُونَ أَوْلَادَكُمْ، بَلْ وَلَا أَنْفُسَكُمْ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ ضِيقٌ.

قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151]: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ؛ تَخَلُّصًا مِنْ أَزْمَةِ الْفَقْرِ الْوَاقِعِ، فَإِنِّي رَازِقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ:

الِالْتِزَامُ بِسُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ وِلَادَتِهِ))

لَقَدْ سَنَّ النَّبِيُّ ﷺ سُنَنًا بَعْدَ وِلَادَةِ الطِّفْلِ يَنْبَغِي أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهَا؛ وَمِنْهَا:

 *تَحْنِيكُ الْمَوْلُودِ، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ: فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ، فَيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ، وَيحَنِّكُهُمْ)) . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).

وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ذِكْرٌ لِهَذِهِ السُّنَّةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْتِي بِهَا.

وَ((التَّحْنِيكُ)): أَنْ تَمْضُغَ التَّمْرَ حَتَّى يَلِينَ، ثُمَّ تَدْلُكُهُ بِحَنَكِ الصَّبِيِّ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ بِتَحْنِيكِ الصَّبِيِّ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَالْعِلْمِ، وَيَدْعُوَ لَهُ بِالْبَرَكَةِ -أَيْ: يَقُولُ: بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ-.

وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ؛ مِنْهَا:  عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَسَمَّاهُ: إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*وَمِنَ السُّنَنِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ نَحْرِصَ عَلَيْهَا لِلْمَوْلُودِ: سُنَّةُ النَّسِيكَةِ عَنِ الْمَوْلُودِ، وَاسْتِنَانُ تَسْمِيَتِهِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَحَلْقُ شَعْرِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِوَزْنِهِ فِضَّةً؛ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ((أَنَّهُ أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ، وَالْعَقِّ)) . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: ((حَدِيثٌ حَسَنٌ))، وَحَسَّنَهُ لِشَوَاهِدِهِ الْأَلْبَانِيُّ.

هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ -أَيْ مِنَ الْوِلَادَةِ-.

وَكَذَلِكَ أَمَرَ ﷺ بِوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ -رَحِمَهُ اللهُ: ((هُوَ حَلْقُ شَعْرِ الْمَوْلُودِ)) .

وَقِيلَ: ((أَرَادَ بِهِ تَطْهِيرَهُ مِنَ الْأَوْسَاخِ وَالْأَوْضَارِ الَّتِي تَلَطَّخَ بِهَا فِي حَالِ الْوِلَادَةِ)).

*وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ الشَّعْرِ فِضَّةً، يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((يَا فَاطِمَةُ! احْلِقِي رَأْسَهُ، وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً)).

قَالَتْ: ((فَوَزَنَّاهُ؛ فَكَانَ وَزْنُهُ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضُ دِرْهَمٍ)).

وَتَصَدَّقَتْ فَاطِمَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- بِوَزْنِ الشَّعْرِ فِضَّةً كَمَا أَمَرَ الرَّسُولُ ﷺ.

وَأَمَّا ((الْعَقُّ عَنْهُ)): فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْعَقِيقَةُ، وَهِيَ الذَّبِيحَةُ الَّتِي تُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ.

وَالْعَقِيقَةُ مَشْرُوعَةٌ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ؛ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

يُنْسَكُ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثٌ؛ مِنْهَا:

((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ؛ فَلْيَنْسِكْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ)). وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي ((الْمُجْتَبَى))، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي ((الْإِرْوَاءِ)) وَغَيْرِهِ.

وَيُقَالُ لَهَا: ((نَسِيَكَةٌ))، وَلَا يُقَالَ لَهَا: ((عَقِيقَةٌ))؛ يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ -وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ- قَالَ: ((لَا يُحِبُّ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الْعُقُوقَ)) .

فَعَلْيَنَا أَنْ نَأْخُذَ بِالتَّسْمِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ -وَهِيَ النَّسِيكَةُ-، عَلَيْنَا أَنْ نَلْزَمَهَا، وَلَا حَرَجَ أَنْ نَأْخُذَ بِالتَّسْمِيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي أَتَتْ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ أَحْيَانًا، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ الصَّحِيحَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَهِيَ النَّسِيكَةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِنَانِ التَّسْمِيَةِ، وَأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُسَمَّى يَوْمَ سَابِعِهِ، فَإِذَا سُمِّيَ يَوْمَ الْوِلَادَةِ جَازَ؛ لِمَا فِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ))، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ؛ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ)).

فَيُحْمَلُ مَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.

لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَأْخِيرِ التَّسْمِيَةِ إِلَى الْيَوْمِ السَّابِعِ هُوَ التَّأَنِّي فِي اخْتِيَارِ الِاسْمِ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ تَحْسِينَ الِاسْمِ مُسْتَحَبٌّ.

*وَمِنَ السُّنَّةِ: اخْتِيَارُ اسْمٍ حَسَنٍ لِلْمَوْلُودِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ))، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ: عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ)).

وَعَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى: عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا: حَارِثٌ وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا: حَرْبٌ وَمُرَّةٌ)).

خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَحَسَّنَهُ لِغَيْرِهِ -دُونَ جُمْلَةِ: ((تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ))- الْأَلْبَانِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى ((الْكَلِمِ الطَّيِّبِ))، وَفِي ((الْإِرْوَاءِ))، وَفِي ((السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ)).

*وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِالْمَوْلُودِ؛ فَلَمْ يَرِدْ فِيهَا حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَيْسَ هُنَاكَ سِوَى آثَارٍ تُرْوَى عَنِ التَّابِعِينَ؛ مِنْهَا:

عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ التَّهْنِئَةِ؛ كَيْفَ أَقُولُ؟

قَالَ: ((قُلْ: جَعَلَهُ اللهُ مُبَارَكًا عَلَيْكَ، وَعَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ )). أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ ((الدُّعَاءِ)).

وَكَذَلِكَ الْأَثَرُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: ((كَانَ أَيُّوبُ إِذَا هَنَّأَ رَجُلًا بِمَوْلُودٍ قَالَ: ((جَعَلَهُ اللهُ مُبَارَكًا عَلَيْكَ، وَعَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ )).

فَمِثْلُ هَذَا الْآثَارِ خَيْرٌ بِكَثِيرٍ مِمَّا نَسْمَعُهُ الْيَوْمَ؛ مِنَ اسْتِعْمَالِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الْمُخْتَرَعَةِ الَّتِي لَمْ يُجْزِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَعَ هَذَا فَلَا نَلْتَزِمُ بِهَذِهِ التَّهْنِئَةِ، كَمَا لَوْ أَنَّ حَدِيثًا جَاءَ فِيهَا، وَلَا نَجْعَلُهَا كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ الثَّابِتَاتِ فِي السُّنَّةِ، فَمَنْ قَالَ بِهَا أَحْيَانًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا تَثْرِيبَ عَلَيْهِ.

وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَنَّهُ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذَا إِمَّا مَوْضُوعَةٌ، وَإِمَّا شَدِيدَةُ الضَّعْفِ، وَإِمَّا ضَعِيفَةٌ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يُقَوِّيهَا، فَتَبْقَى عَلَى ضَعْفِهَا.

فَلَيْسَ فِي هَذَا مِنْ سُنَّةٍ، فَيَكُونُ الْفِعْلُ بِدْعَةً، وَاللهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الرَّضَاعَةُ))

لَقَدْ أَرْشَدَ اللهُ تَعَالَى الْوَالِدَاتِ: أَنْ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ كَمَالَ الرَّضَاعَةِ، وَهِيَ سَنَتَانِ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}.

وَهَذَا خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ؛ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُتَقَرِّرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَمْرٍ بِأَنْ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْكَامِلِ وَعَلَى مُعْظَمِ الْحَوْلِ، قَالَ: كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ.

فَإِذَا تَمَّ لِلرَّضِيعِ حَوْلَانِ؛ فَقَدْ تَمَّ رَضَاعُهُ، وَصَارَ اللَّبَنُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَغْذِيَةِ، فَلِهَذَا كَانَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، لَا يُحَرِّمُ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ:

رِعَايَتُهُ وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ حَلَالٍ))

قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ.. } الْآيَةَ. [البقرة: 215].

يَسْأَلُكَ أَصْحَابُكَ يَا رَسُولَ اللهِ! مَاذَا يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟

قُلْ لَهُمْ: مَا تَفْعَلُوا مِنْ إِنْفَاقِ شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ فَأَنْفِقُوهُ فِي هَذِهِ؛ وَذَكَرَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مِنْهَا:

* الْوَالِدَانِ؛ لِمَا لَهُمَا مِنْ فَضْلِ الْوِلَادَةِ وَالْعَطْفِ وَالتَّرْبِيَةِ.

*وَالْأَقْرَبُونَ مِنْ أَهْلِكُمْ وَذَوِي أَرْحَامِكُمْ.

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا, إِنَّ لِبَدَنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا, إِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا, إِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا, إِنَّ لِزَوْرِكَ-أَيْ: لِضِيفَانِكَ وَزَائِرِيكَ- عَلَيْكَ حَقًّا, فَآتِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حقَّهُ)).

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: رِعَايَتُهُ صِحِّيًّا))

*أَوَّلًا: رِعَايَةُ صِحَّتِهِ الْجَسَدِيَّةِ:

*يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَهْتَمَّ بِصِحَّةِ الْأَطْفَالِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَى الْعَبْدِ نِعْمَةُ الصِّحَّةِ، فَفِي نُصُوصِ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الصِّحَّةِ وَفَضْلِ الْعَافِيَةِ، وَجَلَالِ ذَلِكَ؛ لِجَمِيلِ أَثَرِهِ، وَلِعَظِيمِ قَدْرِهِ فِي دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عِنْدَ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمُسْلِمِ.

*وَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُعَلِّمَ الطِّفْلَ السُّنَنَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ؛ مِنْ أَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى صِحَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَمْرَاضِنَا هِيَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّلُوكِيَّاتِ الصَّحِيحَةِ، أَمْرَاضُنَا فِي جُمْلَتِهَا سُلُوكِيَّاتٌ خَاطِئَةٌ مُخْطِئَةٌ!!

*ثَانِيًا: رِعَايَةُ صِحَّةِ الطِّفْلِ النَّفْسِيَّةِ:

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ أَمْرَاضَنَا النَّفْسِيَّةَ فِي جُمْلَتِهَا سُلُوكِيَّاتٌ خَاطِئَةٌ.

يَقُولُ النَّفْسِيُّونَ الْمُحْدَثُون: ((إِنَّهُ لَا عُصَابَ فِي الْكِبَرِ إِلَّا بِعُصَابٍ فِي الصِّغَرِ)).

يَعْنِي: الْإِنسَانُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصَابَ بِالْمَرَضِ النَّفْسِيِّ فِي كِبَرِهِ إِلَّا إِذَا كَانَتَ أُصُولُ هَذَا الْمَرَضِ النَّفْسِيِّ قَدْ تَحَصَّلَ عَلَيْهَا فِي صِغَرِهِ.

وَحَدَّدَهَا زَعِيمُ هَؤُلَاءِ (سِيجْمُونْدُ فُرُويِد) بِسِتِّ سَنَوَاتٍ؛ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ السِّتَّ سَنَوَاتِ الْأُولَى خَطِيرَةٌ جِدًّا فِي حِيَاةِ أَيِّ طِفْلٍ.

*خُطُورَةُ الْقَسْوَةِ فِي الصِّغَرِ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ لِلْأَطْفَالِ:

عِنْدَمَا تَأْتِي القَسْوَةُ, وَيَأْتِي الضَّرْبُ فِي هَذِهِ السِّنِّ الْبَاكِرَةِ, وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ﷺ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ».

لَمْ يَأْتِ الضَّرْبُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ -وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ فِي دِينِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْكَبِيرِ وَهُوَ الصَّلَاة-.

وَتَرْكُ الصَّلَاةِ هُوَ أَكْبَرُ كَبِيرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ هِيَ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ يُقِرُّ بِهِ الْقَلْبُ، وَيَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ.

وَأَمَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْجَسَدِ، لَيْسَ هُنَاكَ خَطَأٌ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ الطِّفْلُ - وَهُوَ دُونَ العَاشِرَةِ- أَكْبَرَ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَمَعَ ذَلِكَ الرَّسُولُ ﷺ لَمْ يَأْمُرْ بِالضَّرْبِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ إِلَّا عِنْدَ بُلُوغِ الْعَشْرِ.

يَقُولُ ﷺ: ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ)): مُجَرَّدُ أَمْرٍ، مَعَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مِنَ التَّرْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ.

وَلَكِنَّ الضَّرْبَ هَاهُنَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ مَمْنُوعٌ، بِنَصِّ حَدِيثِ الرَّسُولِ ﷺ: ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ))، ثُمْ: ((وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ)).

يَأْتِي هَذَا الرَّجُلُ -وَهُوَ ضَالٌّ مُنْحَرِفٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (سِيجْمُونْدُ فُرُويِد)- يَقُولُ: ((إِنَّهُ لَا عُصَابَ فِي الْكَبَرِ إِلَّا بِعُصَابٍ فِي الصِّغَرِ))، وَيُحَدِّدُ السِّتَّ سَنَواتٍ الأُولَى.     

نَقُولُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ قَدِ اهْتَدَيْتَ لِهَذَا, وَكَانَ صَحِيحًا بِالْفِطْرَةِ أَوْ بِوَسَائِلِ الْعِلْمِ الحَدِيثِ, فَاعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ قَدْ قَالَ ذَلِكَ مُنْذُ مَا يَزِيدُ عَلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِئَةِ سَنَةٍ ﷺ.       

إِذَنْ؛ النَّبِيُّ ﷺ عِنْدمَا يُحَدِّدُ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ إِنَّمَا يَحْمِي الْإِنْسَانَ مِنْ أَنْ يَتَحَصَّلَ عَلَى الْبَوَادِرِ الَّتِي تُؤَدِّي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْمَرَضِ النَّفْسِيِّ.

وَإِذَنْ؛ فَهَذِهِ الْقَسْوَةُ الْمُفْرَطُ فِيهَا، وَهَذِهِ السُّلُوكِيَّاتُ الْخَاطِئَةُ تُؤَثِّرُ عَلَى النَّفْسِيَّاتِ الْغَضَّةِ الطَّرِيَّةِ, ثُمَّ يَتَأَتَّى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرَضُ النَّفْسِيُّ.

*رَبُّوا الْأَطْفَالَ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَإِدْمَانِ ذِكْرِ اللهِ؛ لِتَصِحَّ نُفُوسُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ، قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].

يَهْدِي إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ تَسْكُنُ قُلُوبُهُمْ وَتَخْشَعُ، فَلَا يَبْقَى فِيهَا قَلَقٌ وَلَا اضْطِرَابٌ، وَيُقَوِّي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقِينَهُمْ بِمَا يُوَفِّقُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ، وَهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وَيَتَدَبَّرُونَ فِي صِفَاتِ رَحْمَةِ اللهِ وَعَفْوِهِ وَغُفْرَانِهِ، وَمَا أَعَدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَجْرٍ عَظِيمٍ.

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ: الرِّفْقُ وَالرَّحْمَةُ بِهِ))

لَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ رَحِيمًا شَفِيقًا بِالْأَطْفَالِ؛ وَمِنْ تَوَاضُعِهِ ﷺ وَشَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ بِالْأَطْفَالِ؛ أَنَّهُ كَانَ يُضَاحِكُهُمْ؛ فَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَدُعِينَا إِلَى طَعَامٍ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي الطَّرِيقِ.

فَأَسْرَعَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَامَ الْقَوْمِ، ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَمُرُّ مَرَّةً هَاهُنَا وَمَرَّةً هَاهُنَا، يُضَاحِكُهُ حَتَّى أَخَذَهُ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ فِي ذَقَنِهِ وَالْأُخْرَى فِي رَأْسِهِ.

ثُمَّ اعْتَنَقَهُ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، سِبْطَانِ مِنَ الْأَسْبَاطِ». هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَسَلَكَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ».

«سِبْطَانِ»: «السِّبْطُ»: وَلَدُ الْبِنْتِ، مَأْخَذُهُ مِنَ «السَّبَطِ» بِالْفَتْحِ وَهِيَ شَجَرَةٌ لَهَا أَغْصَانٌ كَثِيرَةٌ وَأَصْلُهَا وَاحِدٌ، كَأَنَّ الْوَالِدَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ، وَكَأَنَّ الْأَوْلَادَ بِمَنْزِلَةِ الْأَغْصَانِ.

*وَمِنَ الرَّحْمَةِ بِالْأَوْلَادِ: تَقْبِيلُهُمْ، وَمُدَاعَبَتُهُمْ؛ فَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ.

فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟». وَالْحَدِيثُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».

((مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الْعَدْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ))

إِنَّ الْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ؛ دِينُ الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْعَدْلَ فِي جَمِيعِ حَيَاتِهِمْ، وَأَنْ يُحْسِنُوا إِلَى النَّاسِ.

*لَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ مُؤَسَّسَةً عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْعَدْلُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي النَّفَقَةِ وَالْهِبَاتِ؛ فَيَجِبُ مُعَامَلَةُ الْأَبِ أَوْلَادَهُ بِالْعَدْلِ فِي الْهِبَةِ لَهُمْ.

فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بْنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ نِحْلَةً، فَقَالَتْ أُمُّ النُّعْمَانِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ ﷺ.

فَذَهَبَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَخْبَرَهُ؛ لِيُشْهِدَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: ((أَلَكَ بَنُونَ؟)).

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: ((أَنَحْلْتَهُمْ مِثْلَ هَذَا؟)).

قَالَ: لَا.

قَالَ ﷺ: «لَا أَشْهَدُ، أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟».

قَالَ: نَعَمْ.

 فَرَجَعَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ فِي هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ النُّعْمَانَ.

((مِنْ أَعْظَمِ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ:

تَرْبِيَتُهُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ))

((إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ فِي كَفَالَةِ الصَّالِحِينَ الْأَخْيَارِ؛ فَإِنَّ الْمُرَبِّيَ وَالْكَافِلَ لَهُ الْأَثَرُ الْأَعْظَمُ فِي حَيَاةِ الْمَكْفُولِ وَأَخْلَاقِهِ وَآدَابِهِ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ اللهُ الْمُرَبِّينَ بِالتَّرْبِيَةِ الطَّيِّبَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَالتَّرْهِيبِ مِنْ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ)).

*أُسُسُ تَرْبِيَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- لِلنَّاشِئَةِ:

مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنَاطَ التَّكْلِيفِ فِي الْإِسْلَامِ: الْبُلُوغُ مَعَ الرُّشْدِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَلَكِنْ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ أَنْ يُرَاعُوا أَبْنَاءَهُمْ فِي صِغَرِهِمْ، وَيُرَبُّوهُمْ عَلَى تَحَمُّلِ تَكَالِيفِ الْإِسْلَامِ؛ حَتَّى تَسْهُلَ عَلَى نُفُوسِهِمْ، وَيَنْشَئُوا عَلَى حُبِّهَا، وَيُدَاوِمُوا عَلَيْهَا.

وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ».

وَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ ﷺ وَالصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يَقُومُونَ بِتَرْبِيَةِ النَّاشِئَةِ عَلَى الْأَدَبِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، فَقَدْ رَأَى الرَّسُولُ ﷺ رَبِيبَهُ فِي حَجْرِهِ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- رَآهُ تَطِيشُ يَدُهُ فِي الصَّحْفَةِ أَثْنَاءَ الطَّعَامِ -وَكَانَ يَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ-، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ ﷺ -مُعَلِّمًا، وَمُهَذِّبًا، وَمُؤَدِّبًا-: ((يَا غُلَامُ! سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)).

وَيَبْقَى أَثَرُ هَذَا التَّأْدِيبِ فِي نَفْسِ الْغُلَامِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ حَيَاتَهُ كُلَّهَا، اسْتَمِعْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ بَعْدُ: ((فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.

أَيْ: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ هَيْئَةَ أَكْلَتِي بَعْدُ، عَلَى حَسَبِ مَا عَلَّمَهُ إِيَّاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ.

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ))، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ((كُنَّا نُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ -أَيْ: مِنَ الصُّوفِ- فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ؛ أَعْطَيْنَاهُ ذَلِكَ -تَعْنِي: اللُّعْبَةَ- حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ)).

فَهَكَذَا تَرْبِيَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَذَلِكَ رَبَّى الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَبْنَاءَهُمْ، فَخَرَجَتْ أَجْيَالٌ مُسْلِمَةٌ تَنْشُرُ الْخَيْرَ فِي رُبُوعِ الْأَرْضِ، وَعَاشَتْ بِالْإِسْلَامِ وَلِلْإِسْلَامِ.

لَقَدْ حَثَّ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَلَى ضَرُورَةِ الِاهْتِمَامِ بِتَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ وَالشَّبَابِ؛ قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا- فِي أَصْحَابِ الْكَهْفِ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13].

نَحْنُ بِعَظَمَةِ رُبُوبِيَّتِنَا وَشُمُولِ عِلْمِنَا نَقْرَأُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ خَبْرَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ ذَا الشَّأْنِ، مُتَّصِفًا بِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ، إِنَّهُمْ شُبَّانٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ، وَزِدْنَاهُمْ بِمَعُونَتِنَا وَتَوْفِيقِنَا إِيمَانًا وَبَصِيرَةٍ.

وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِتْيَانَ الشَّبَابَ أَسْرَعُ اسْتِجَابَةً لِنِدَاءِ الْحَقِّ، وَأَشَدُّ عَزْمًا وَتضْحِيَةً فِي سَبِيلِهِ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الْآيَةِ:

ضَرُورَةُ الِاهْتِمَامِ بِتَرْبِيَةِ الشَّبَابِ؛ لِأَنَّهُمْ أَزْكَى قُلُوبًا، وَأَنْقَى أَفْئِدَةً، وَأَكْثَرُ حَمَاسًا، وَعَلَيْهِمْ تَقُومُ نَهْضَةُ الْأُمَمِ.

وَقَدْ جَمَعَ الشَّبَابُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالْتِزَامِ ذَلِكَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ مَعْرِفَتِهِمْ بِرَبِّهِمْ، وَزِيَادَةِ الْهُدَى مِنَ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ.

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى التَّوْحِيدِ))

يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَجْتَهِدَ فِي تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا عَلَى التَّوْحِيدِ، وَفِي الدُّعَاءِ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا مُوَحِّدِينَ؛ فقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْتَسْلِمَيْنِ لِأَمْرِكَ، خَاضِعَيْنِ لِطَاعَتِكَ, لَا نُشْرِكُ مَعَكَ فِي الطَّاعَةِ أَحَدًا سِوَاكَ, وَلَا فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَكَ.

وَدَعَوَا اللهَ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا أَهْلَ طَاعَتِهِ وَوِلَايَتِهِ وَالْمُسْتَجِيبِينَ لِأَمْرِهِ.

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ))

لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يُعَلِّمُونَ الْأَطْفَالَ فِقْهَ الْعِبَادَاتِ، وَيُعَوِّدُونَهُمْ عَلَى أَدَائِهَا؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَأَى الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.

فَكَانَ صِيَامُهُ فَرْضًا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- -وَانْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ-، قَالَ ﷺ: «أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ؛ فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ».

وَفِي رِوَايَةِ الرُّبَيِّعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- : «فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ -أَيْ: مِنَ الصُّوفِ الْمَنْفُوشِ-، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا سَأَلُونَا -تَعْنِي الصِّبْيَانَ- الطَّعَامَ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ، حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُم».

وَهَذَا كُلُّهُ لِتَعْظِيمِ صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ الْمُعَظَّمِ.

وَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ صَارَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مُسْتَحَبًّا، غَيْرَ وَاجِبٍ.

فَتَأَمَّلْ قَوْلَ الرُّبَيِّعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ)).

*وَمِنَ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ نُعَلِّمَهَا أَوْلَادَنَا، وَنَأْمُرَهُمْ بِهَا: الصَّلَاةُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40].

*اتَّقُوا اللهَ فِي أَبْنَائِكُمْ وَعَلِّمُوهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ، وَمُرُوهُمْ بِهَا؛ فَقَدْ قَالَ ﷺ: ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ, وَاضْرِبُوهُم عَلَيْهَا لِعَشْرٍ, وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ)) .

مُرُوا أَهْلِيكُمْ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرُوا عَلَيْهَا -اصْطَبِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ، لَا عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَهَذَا أَمْرُ اللهِ-.

فَعَلَى مَنْ كَانَ قَائِمًا عَلَى أَهْلِهِ بِالرِّعَايَةِ بِمَا يُرْضِي رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَأَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي صِيَامِهِمْ، وَأَنْ يُرَاعِيَهُمْ فِي أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَهَا فُرْقَانًا بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)).

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُبِّ تَعَلُّمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّة))

إِنَّ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَبْنَاءِ:

*تَعْلِيمَهُمُ الْفُرُوضَ الْعَيْنِيَّةَ.

*تَأْدِيبَهُمْ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَعْرِيفِهِمْ فَضْلَ الْعِلْمِ وَطَلَبَتِهِ؛ وَالِاجْتِهَادِ فِي تَعْلِيمِهُمُ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ.

قَالَ فِي شَرَفِ الْعِلْمِ لِنَبِيِّهِ ﷺ: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].

فَلَوْ كَانَ شَيْءٌ أَشْرَفَ مِنَ الْعِلْمِ لَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ﷺ أَنْ يَسْأَلَهُ الْمَزِيدَ مِنْهُ كَمَا أَمَرَ أَنْ يَسْتَزِيدَهُ مِنَ الْعِلْمِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)) .

وَقَالَ ﷺ: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)) .

*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ حُبَّ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ؛ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ: ((وَقَوْلُهُ ﷺ: ((إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ)).

((التَّرْبِيَةُ الرُّوحِيَّةُ الْقَلْبِيَّةُ لِلْأَطْفَالِ))

*إِنَّ تَرْبِيَةَ الْأَبْنَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَقَّفَ عِنْدَ حُدُودِ الِاهْتِمَامِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمَلْبَسِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الِاهْتِمَامُ بِالتَّرْبِيَةِ الرُّوحِيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ؛ وَأَعْظَمُ سُبُلِ التَّرْبِيَةِ الرُّوحِيَّةِ لِلطِّفْلِ: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، وَذِكْرُ اللهِ. فَالْبُيُوتُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مُنِيرَةً بِآيَاتِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ بِقُرْآنِ الرَّحْمَنِ لَا بِقُرْآنِ الشَّيْطَانِ!!

لَقَدْ كَانَتْ أَبْيَاتُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ بِاللَّيْلِ -لِمَنْ سَارَ فِي طُرُقَاتِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ- كَانَتْ تِلْكَ الْأَبْيَاتُ -أَبْيَاتُ الْأَصْحَابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-- لَهَا بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

فَلْنُوَجِّهْ أَهْلِينَا وَلْنُوَجِّهْ أَنْفُسَنَا إِلَى كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ إِلَّا بِتَرْكِ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ لِلنَّفْسِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِسُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ ﷺ.

إِنَّنَا نُقِيتُ أَهْلِينَا بِمَا تَقُومُ بِهِ أَجْسَادُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُقِيتَ أَرْوَاحَهُمْ، وَقُلُوبَهُمْ، وَأَنْفُسَهُمْ، وَعُقُولَهُمْ بِمَا فِيهِ الْحَيَاةُ الْبَاقِيَةُ، يَسْتَمِدُّونَ الْحَيَاةَ الْحَقِيقِيَّةَ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

أَلَا فَلْنُوَجِّهْهُمْ بَعْدَ أَنْ نُوَجِّهَ أَنْفُسَنَا إِلَى ذِكْرِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ قَسْوَةً لَا يُذِيبُهَا إِلَّا ذِكْرُ اللهِ.

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ))

إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الْغَايَاتِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ نَسْعَى إِلَيْهَا فِي تَرْبِيَةِ أَبْنَائِنَا: تَرْبِيَتُهُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ؛ فَقَدْ حَصَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْغَايَةَ مِنَ الْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فِي تَمَامِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ، فَقَالَ ﷺ: ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)) .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ))، وَالْحَاكِمُ، وَأَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر وَالشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ إِمَامَ الْأَنْبِيَاءِ ﷺ كَانَ فِي ((حُسْنِ الْخُلُقِ)) عَلَى الْقِمَّةِ الشَّامِخَةِ، وَفَوْقَ الْغَايَةِ وَالْمُنْتَهَى، فَكَانَ كَمَا قَالَ عَنْهُ رَبُّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

 عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ.

أَخْبَرَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، فَقَالَ: ((قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟

قُلْتُ: بَلَى.

قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنُ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمَعْنَى أَنَّ خُلُقَهُ الْقُرْآنُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ، وَيَقِفُ عِنْدَ حُدُودِهِ، وَيَتَأَدَّبُ بِآدَابِهِ، وَيَعْتَبِرُ بِأَمْثَالِهِ وَقَصَصِهِ، وَيَتَدَّبَرُهُ، وَيُحْسِنُ تِلَاوَتَهُ.

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ تَرْبِيَةً مُجْتَمَعِيَّةً صَحِيحَةً))

فَمِنْ حُسْنِ التَّرْبِيَةِ لِلطِّفْلِ؛ تَرْبِيَتُهُ عَلَى بِرِّ أَبَوَيْهِ، وَصِلَةِ أَرْحَامِهِ، وَمُرَاعَاةِ جِيرَانِهِ، وَحُبِّ إِخْوَانِهِ، وَتَعْلِيمِهِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ.

عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ حَقَّ الْأَبَوَيْنِ يَلِي حَقَّ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَحَقَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْفَرْضِيَّةِ وَالْوُجُوبِ.

قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].

*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنْسَابَكُمْ؛ حَتَّى يَصِلُوا أَرْحَامَهُمْ: 72-(1فَقَدْ أَخْبَرَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، ثُمَّ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ؛ وَاللَّهِ إِنَّهُ لِيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ، وَلَوْ يَعْلَمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دَاخِلَةِ الرَّحِمِ، لَأَوْزَعَهُ ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِه». وَالْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَصَحَّ مَرْفُوعًا». أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ بِطُرُقِهِ الْأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيحَةِ»، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.

*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ عِظَمَ حَقِّ الْجَارِ؛ فَإِنَّ الْجَارَ لَهُ حَقٌّ بِإِطْلَاقٍ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَانَ كَافِرًا، سَوَاءٌ كَانَ طَائِعًا أَمْ كَانَ عَاصِيًا، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ كَانَ جَاهِلًا، سَوَاءٌ كَانَ مُصَالِحًا أَمْ كَانَ مُخَاصِمًا.

الْجَارُ مُطْلَقُ الْجَارِ لَهُ حَقٌّ؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَهَذَا نَبِّيُكُمْ ﷺ يَقُولُ قَوْلًا مُرْسَلًا عَامًّا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ: ((مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)).

*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا جَسَدٌ وَاحِدٌ:

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ! لَقَدْ مَثَّلَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ بِالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَهَذَا هُوَ الْمِثَالُ الصَّحِيحُ لِكُلِّ شَعْبٍ مُؤْمِنٍ.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» .

فَعَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ الْحُبَّ -حُبَّ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ-؛ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: ((وَاللهِ! لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَينَكُمْ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).

*عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَرَبُّوهُمْ عَلَى أَدَائِهَا:

ثَبَتَ فِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ)) -وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ))- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ)) .

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حَمْلِ أَمَانَةِ دِينِهِ وَأُمَّتِهِ))

فَكَمَا سَلَفَ؛ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ أَنْ يُرَاعُوا أَبْنَاءَهُمْ فِي صِغَرِهِمْ، وَيُرَبُّوهُمْ عَلَى تَحَمُّلِ تَكَالِيفِ الْإِسْلَامِ؛ حَتَّى تَسْهُلَ عَلَى نُفُوسِهِمْ، وَيَنْشَئُوا عَلَى حُبِّهَا، وَيُدَاوِمُوا عَلَيْهَا.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا نَغْرِسُهُ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِنَا: حُبُّ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الشَّرِيفَةِ؛ فَإِنَّ الْعَرَبِيَّةَ الْمُجَاهِدَةَ هِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَهِيَ لُغَةُ النُّبُوَّةِ الْخَاتِمَةِ، وَهِيَ سَيِّدَةُ اللُّغَاتِ.

*وَعَلَيْنَا أَنْ نُرَبِّيَ أَبْنَاءَنَا عَلَى حُبِّ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ، وَأَنَّهُ مَا دَامَتْ بِلَادُنَا إِسْلَامِيَّةً فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى لِاسْتِقْرَارِهَا, وَاكْتِمَالِ أَمْنِهَا, وَيَجِبُ حِيَاطَتُهَا بالرِّعَايَةِ، وَالْحِفَاظِ وَالْبَذْلِ.

*رَبُّوا أَبْنَاءَكُمْ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَسْئُولِيَّةِ، وَخَاصَّةً مَا يَتَعَلَّقُ بِقَضَايَا أُمَّتِهِمْ؛ كَقَضِيَّةِ الْقُدْسِ، فَقَضِيَّةُ الْقُدْسِ قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ؛ فَإِنَّ الْقَضِيَّةُ الَّتِي هِيَ وَجَعٌ فِي قَلْبِ الْأُمَّةِ، وَشُغُلٌ فِي عَقْلِهَا، وَهَاجِسٌ فِي ضَمِيرِهَا؛ فَهُوَ مَا تُرِيدُهُ تِلْكَ الْعِصَابَاتُ مِنَ الْيَهُودِ فِي مَدِينَةِ الْقُدْسِ.

وَالْمَعْرَكَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَقِيدَةِ؛ لَا عَلَى الْجِنْسِ، وَلَا عَلَى الْقَوْمِيَّةِ، وَلَا مِنْ أَجْلِ الْأَرْضِ، إِنَّ أَعْدَاءَنَا يَسْعَوْنَ سَعْيًا حَثِيثًا لِإِبَادَتِنَا بِوَحْيٍ مَزْعُومٍ عِنْدَهُمْ، وَهِيَ عَقِيدَةٌ رَاسِخَةٌ عَلَيْهِمْ.

*خُطُورَةُ التَّغْرِيبِ وَجُمْلَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِهِ الْمُرَّةِ!!

إِنَّ مِنَ الْآفَـاتِ الْعَظيمَةِ الَّتِي تَلْحَقُ بِالْمُسْلِمِينَ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ- عَـدْمَ الِاهْتِمَامِ بِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ تَرْبِيَةً إِسْلَامِيَّةً سَلِيمَةً مِنَ الشَّوَائِبِ، وَالْمَبَادِئِ الدَّخِيلَةِ عَلَيْنَا مِنْ أَعْدَاءِ الْأُمَّةِ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أَنَّ الْأُمَّ الْمُسْلِمَةَ قَدْ تَتَسَاهَلُ فِي شِرَاءِ مَلَابِسِ أَطْفَالِهَا، تَشْتَرِي لِلْبَنَاتِ الْمَلَابِسَ الْقَصِيرَةَ أَوِ الَّتِي تَحْمِلُ كَلِمَاتٍ أَجْنَبِيَّةً قَدْ تَكُونُ ضِدَّ الْإِسْلَامِ، وَضِدَّ تَعَالِيمِهِ.

وَتَجِدُ هَذَا شَائِعًا، وَيَشْتَرِيهِ الْجُهَّـالُ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ قِرَاءَةَ الْعَرَبِيَّةِ، يَذْهَبُونَ إِلَى الْأَسْوَاقِ وَيَشْتَرُونَ الْمَلَابِسَ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْهَا الْعِبَارَاتُ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَرُبَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاُت كُفْرًا -وَقَدْ تَكُونُ-.

وَقَدْ تَكُونُ زِرَايَةً بِلَابِسِهَا؛ يَعْنِي مُمْكِنٌ إِذَا مَا تَرْجَمَهَا مُتَرْجِمٌ أَنْ يَجِدَهَا مَثَلًا عَلَى هَذَا النَّحْوِ: خُذُوا الْحِمَارَ.. خُذُوا الْحِمَارَ!! وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَغْلٍ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا!! لَا يَدْرِى شَيْئًا!!

وَأَحْيَانًا يَأْتُونَ بِالْمَلَابِسِ الَّتِي عَلَيْهَا شِعَارُ النَّصَارَى كَالصَّلِيبِ!!

وَكَذَلِكَ تُقِيمُ الْأُمُّ احْتِفَالًا عِنْدَ إِكْمَالِ وَلَدِهَا الْعَامَ مِنْ تَارِيخِ وِلَادَتِهِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِـ ((عِيدِ مِيلَادِ الطِّفْلِ))!!، أَوْ أَنْ تَطْلُبَ الْأُمُّ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يُلْحِقَ وَلَدَهُمَا بِمَدَارِس تَعْلِيمِ الْمُوسِيقَى أَوْ مَا أَشْبَهَ، أَوِ الرَّقْصِ أَوِ الْبَالِيه.

وَمِنْ صُوَرِ عَدَمِ مُبَالَاةِ الْأُمِّ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهَا: حِلَاقَةُ شَعْرِ وَلَدِهَا بِأَشْكَالٍ غَريبةٍ مُؤسِفَةٍ تُشْبِهُ الْكُفَّارَ!!

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَحْرِصَ كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى تَنْشِئَةِ أَوْلَادِهَا كَمَا نَشَأَ أَوْلَادُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، حَيْثُ تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِاللهِ.

وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَحُثَّ أَوْلَادَهَا عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَأَنْ تَرْبِطَ هَمَّهُم بِنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَأَنْ تَصْرفَهُمْ عَنْ تَوَافِهِ الْأُمُورِ؛ لِتُسْهِمَ فِي إِنْشَاءِ الْجِيلِ الَّذِي يُعيِدُ لِلْأُمَّةِ مَجْدَهَا الْمَفْقودَ، وَعِزَّتَهَا الْمَسْلُوبَةَ.

((تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُسْنِ اخْتِيَارِ الصَّدِيقِ))

عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَوْجِيهُ أَبْنَائِهِمْ وَنُصْحُهُمْ بِصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ الْمُتَّقِينَ؛ فَقَدْ أَمَرَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ -وَغَيْرُهُ أُسْوَتُهُ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي- أَنْ يَصْبِرَ نَفْسَهُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الْعُبَّادِ الْمُنِيبِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ؛ أَيْ: أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ.

فَوَصَفَهُمْ بِالْعِبَادَةِ وَالْإِخْلَاصِ فِيهَا.

فَأَمَرَ اللهُ بِصُحْبَةِ الْأَخْيَارِ، وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ عَلَى صُحْبَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ؛ فَإِنَّ فِي صُحْبَتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَا يُحْصَى.

((فَضَائِلُ رِعَايَةِ الْبَنَاتِ))

لَقَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَعِيشُ حَيَاةً عَصِيبَةً جِدًّا؛ خُصُوصًا فِي الْمُجْتَمَعِ الْعَرَبِيِّ.

 فَكَانَ الرِّجَالُ يَكْرَهُونَ وِلَادَةَ الْبَنَاتِ -كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَكَمَا وَصَفَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَدْفِنُهَا وَهِيَ حَيَّةٌ، وَيَجْعَلُونَ هَذَا الْأَمْرَ -يَعْنِي: لَوْ أَنَّ الْبِنْتَ ظَلَّتْ حِيَّةً- يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مُؤَدِيًّا إِلَى حَيَاةِ الْمَذَلَّةِ وَالْمَهَانَةِ.

قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58-59].

فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ؛ رَفَعَ هَذِهِ الْمَظَالِمَ، وَأَعْطَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْمَرْأَةَ حَقَّهَا، وَأَعَادَهَا إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ؛ إِنْسَانَةٌ لَهَا قَلْبٌ تُحِسُّ وَتَشْعَرُ، وَتُحِبُّ وَتَكْرَهُ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ حَثَّ عَلَى حُسْنِ تَرْبِيَةِ الْبَنَاتِ، وَعَلَى الِاهْتِمَامِ بِهِنَّ، وَتَعْلِيمِهِنَّ؛ فَالنَّبِيُّ النَّبِيُّ ﷺ بَشَّرَ بِالْجَنَّةِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِرِعَايَةِ الْبَنَاتِ أَوْ بِرِعَايَةِ الْأَخَوَاتِ رِعَايَةً تَامَّةً بِحِيَاطَةٍ كَامِلَةٍ.

فَالْبَنَاتُ قَدْ تُفْتَحُ بِهِنَّ أَبْوَابُ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَاتِ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ إِذَا وُلِدَ لِابْنِهِ صَالِحٍ ابْنَةٌ، يَقُولُ: «الْأَنْبِيَاءُ كَانُوا آبَاءَ بَنَاتٍ»، وَيَقُولُ: «قَدْ جَاءَ فِي الْبَنَاتِ مَا قَدْ عَلِمْتَ».

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- فِيهِنَّ بِتَعْلِيمِهِنَّ أُمُورَ دِينِهِنَّ، وَبِالْحِفَاظِ عَلَيْهِنَّ، وَالْإِمْسَاكِ عَلَيْهِنَّ فِي قُعُورِ بُيُوتِهِنَّ مِنْ أَجْل السَّتْرِ، يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُسْبِلَهُ وَأَنْ يُسْدِلَهُ عَلَيْهِنَّ.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، وَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ». وَالْحَدِيثُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَه، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ كَمَا فِي «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ».

«كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ»: يَكُونُ جَزَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ وِقَايَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَارِ جَهَنَّمَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.

((قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا!))

لَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ نَقِيَ أَنْفُسَنا النَّارَ، وَوَصَفَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِبَعْضِ صِفَاتِهَا كَمَا وَصَفَ الْقَائِمِينَ عَلَيْهَا بِبَعْضِ صِفَاتِهِمْ، وَحَذَّرَنَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَقِيَ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا ذَلِكَ الْأَمْرَ الْكَبِيرَ، وَهُوَ وُرُودُ النَّارِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ نَقِيَ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا النَّارَ، وَذَلِكَ دَلَالَةٌ لَنَا وَبُرْهَانٌ وَعَلَامَةٌ عَلَى أَنَّ الْبُيُوتَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً، وَأَنْ تَكُونَ مِنَ الْمَعَاصِي نَظِيفَةً، وَأَنْ يَجْتَهِدَ الْإِنْسَانُ فِي رِعَايَةِ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ، لَا بِمَا يُقَدِّمُ إِلَيْهِمْ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ، وَمَا يَتَنَقَّلُونَ بِهِ وَيَتَفَكَّهُونَ، فَذَلِكَ أَمْرٌ يَسِيرٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَرِيبٍ، فَطَعَامٌ دُونَ طَعَامٍ، وَلِبَاسٌ دُونَ لِبَاسٍ، وَإِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ هَانَ كُلُّ شَيْءٍ.

وَلَكِنْ بِتَنْظِيفِ الْبُيُوتِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَإِقَامَةِ مَنْ فِيهَا عَلَى أَمْرِ اللهِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ.

{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}!

نَظِّفُوا الْبُيُوتَ مِنْ مَعَاصِيهَا!

طَهِّرُوهَا مِنْ آثَامِهَا وَالذُّنُوبِ الَّتِي هِيَ فِيهَا!

مُرُوا أَوْلَادَكُمْ: أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي أَنْ يَحْفَظُوا حُدُودَ اللهِ، وَأَنْ يَسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِ اللهِ، لَا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا مَعْكُوسًا، فَهُوَ يُوَفِّرُ لَهُمْ وَسَائِلَ اللَّهْوِ، وَهُوَ يَجْتَهِدُ فِي إِطْعَامِهِمْ وَفِي سُقْيَاهُمْ بِمَا تَلَذُّ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَذَلِكَ حَسَنٌ مَا لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى حَدِّ الْإِسْرَافِ.

وَلَكِنْ أَيْنَ غِذَاءُ الْقُلُوبِ؟!!

وَأَيْنَ قُوتُ الْأَرْوَاحِ؟!!

وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ.

عَلَى الْأَسْمَاعِ أَنْ تَتَنَزَّهَ عَنْ سَمَاعِ الْخَنَا وَالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، وَعَلَى الْأَبْصَارِ أَنْ تَتَنَزَّهَ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْفَوَاحِشِ، وَمُطَالَعَةِ الْعَوْرَاتِ، وَالتَّطَلُّعِ إِلَى تِلْكَ الْأُمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

((وِقَايَةُ الْأَوْلَادِ مِنَ النَّارِ بِتَعْلِيمِهِمُ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ))

{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}!

لَنْ تَقُوا أَنْفُسَكُمُ النَّارَ، وَلَنْ تَقُوا أَهْلِيكُمُ النَّارَ وَأَنْتُمْ بِمَبْعَدَةٍ عَنْ عِلْمِ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ، وَعَنْ مَعْرِفَةِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ.

وَكَيْفَ يَقِي الْعَبْدُ نَفْسَهُ النَّارَ، وَكَيْفَ يَقِي الْعَبْدُ أَهْلَهُ النَّارَ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالِاعْتِقَادِ الَّذِي يُنجِّيه من النار؟!!

إِنَّهُ إِذَا أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ، فَجَاءَهُ الْمَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ فَسَأَلَاهُ تِلْكَ الْأَسْئِلَةَ:

مَنْ رَبُّكَ؟

وَمَا دِينُكَ؟

وَمَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ-؟

يَكُونُ زَائِغًا فِي الِاعْتِقَادِ، مُبْتَدِعًا فِيهِ، فَكَيْفَ يُجِيبُ؟!!

لَا يُجِيبُ إِلَّا الْمُوَحِّدُونَ الثَّابِتُونَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}.

عِنْدَمَا يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ، وَعِنْدَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِاسْتِخْرَاجِ مَكْنُونَاتِ قُلُوبِهِمْ، فَمَا فِي الْقَلْبِ يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ.

وَإِنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ النِّفَاقِ كَانُوا يَفْزَعُون؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ عَظِيمَ خَطَرِهِ، فَكَمْ مِنْ بَاعِثٍ لِفِعْلٍ وَهُوَ بَاعِثُ شَهْوَةٍ وَهُوَ حَظُّ نَفْسٍ وَهُوَ ذَوْقُهَا وَهُوَ عَمَلٌ لِلدُّنْيَا لَا لِلْآخِرَةِ، كَمْ مِنْ بَاعِثٍ لَا يُحَرَّرُ!!

وَأَمَّا سَلَفُنَا الصَّالِحُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَلَمْ يُعَالِجُوا شَيْئًا هُوَ أَشَقُّ وَأَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ نِيَّاتِهِمْ؛ مِنْ أَجْلِ تَحْرِيرِهَا لِرَبِّهِمْ، لِكَيْ يَكُونَ الْكَلَامُ للهِ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّمْتُ للهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ للهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْكَفُّ عَنْهُ للهِ، حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ للهِ وَبِاللهِ وَمَعَ اللهِ.

فَمَا عَالَجُوا شَيْئًا هُوَ أَشَقُّ وَأَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ نِيَّاتِهِمْ، عَلَيْنَا أَنْ نُحَرِّرَهَا؛ لِأَنَّنَا إِذَا لَمْ نَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلَكْنَا أَنْفُسَنَا، وَأَهْلَكْنَا مَنْ خَلْفِنَا.

{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}!

عَلِّمُوهُمْ أُصُولَ الِاعْتِقَادِ!

دُلُّوهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالرَّشَادِ، كَمَا تَجْتَهِدُونَ فِي تَعْلِيمِهِمُ اللُّغَاتِ الْأَجْنَبِيَّةَ -لُغَاتِ الْأَقْوَامِ الَّذِينَ حَارَبُوا الدِّينَ، وَنَاصَبُوا الْعَدَاءَ لِلْمِلَّةِ-، كَمَا تَجْتَهِدُونَ فِي رِعَايَتِهِمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ لِيُحَصِّلُوا الدُّنْيَا.

عَلِّمُوهُمْ دِينَ رَبِّهِمْ؛ عَقِيدَتَهُ، وَعِبَادَتَهُ، وَمُعَامَلَتَهُ، وَأَخْلَاقَهُ وَسُلُوكَهُ؛ لِيَفُوزُوا بِالرِّضْوَانِ فِي الْآخِرَةِ مَعَ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا، وَإِلَّا فَقَدْ خُنْتُمُ الْأَمَانَةَ، وَإِلَّا فَمَا أَدَّيتُمْ حَقَّ ذَويِكُمْ عَلَيْكُمْ.

تَعَلَّمُوا أُصُولَ الِاعْتِقَادِ وَعَلِّمُوهَا!

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي يُوَرِّطُ الْخَلْقَ فِي النَّارِ تَوَرُّطًا، وَاللهُ لَا يَغْفِرُهُ: {إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به}.

عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَنْذِرُوا للهِ!

عَلِّمُوهُمْ أَلَّا يَذْبَحُوا إِلَّا للهِ، أَلَّا يَتَوَكَّلُوا إِلَّا عَلَى اللهِ، أَلَّا يُحِبُّوا إِلَّا فِي اللهِ، وَأَلَّا يُبْغِضُوا إِلَّا فِي اللهِ!

عَلِّمُوهُمْ أَسْمَاءَ اللهِ وَصِفَاتِ اللهِ!

دُلُّوهُمْ عَلَى الصَّوَابِ وَالْحَقِيقَةِ فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، أَلَّا يَكُونُوا مُرْجِئَةً، وَأَلَّا يَكُونُوا خَوَارِجَ؛ فَيَخْسَرُوا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ!

عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَإِلَّا صَارُوا مُتَوَاكِلِينَ، لَا يَنْهَضُونَ لِهِمَّةٍ، وَلَا يَأْتُونَ بِعَزْمٍ فِي مُلِمَّةٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَلًّا، وَهُوَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ يُحْسِنُ بَابَ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ!

عَلِّمُوهُمُ الْوَاجِبَ تِجَاهَ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ، أَلَّا يَكُونُوا رَافِضَةً، وَأَلَّا يَكُونُوا نَاصِبَةً، حَتَّى يَكُونُوا عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ!

عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ حَتَّى يُجَانِبُوا الشِّيعَةَ الرَّوَافِضَ الْمَلَاعِينَ فِي سَبِّهِمْ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ، وَفِي تَكْفِيرِهِمْ لَهُمْ، وَفِي رَمْيِهِمْ بِالْخِيَانَةِ لِلدِّينِ، وَارْتِدَادِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ؛ حَتَّى لَا يَنْجُمَ فِي بَيْتِكَ مَنْ يَقُولُ: هَؤُلَاءِ إِخْوَانُنَا وَهُؤَلَاءِ نَتَقَارَبُ مَعَهُمْ!!

عَلِّمُوهُمْ.. عَلِّمُوهُمُ الْحَقَّ الْحَقِيقَ فِي كِتَابِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ حَتَّى لَا يَخْدَعَهُمْ خَادِعٌ وَلَا مُخَادِعٌ، فَيَزْعُمَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْءٌ -شَيْءٌ قَلِيلٌ-؛ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ!!

وَمَنْ قَالَ: بِأَنَّهُ قَدْ نَقُصَ مِنْهُ شَيْءٌ -شيءٌ قَلِيلٌ-؛ فَهُوَ أَخُونَا!! وَمِنْ أَهْلِ قِبْلَتِنَا!! نَأْكُلُ ذَبِيحَتَهُ!! وَنُوَافِقُهُ وَنُوَالِيهِ!!

عَلِّمُوهُمْ أَلَّا يَنْظُرُوا إِلَى كِتَابِ رَبِّهِمْ -جَلَّ وَعَلَا- نَظْرَةَ السُّوءِ؛ فَيَرَوْهُ مُفَكَّكًا لَا يَتَمَاسَكُ كَمَا يَزْعُمُ الْعَلْمَانِيُّونَ وَالْمُسْتَشْرِقُونَ، وَكَمَا يَزْعُمُ الْمُكَفِّرُونَ الْمُنَصِّرُونَ؛ فَإِنَّهُمْ يَزْعَمُونَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا وَكَثِيرًا!

عَلِّمُوهُمْ حَقَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَرِّفُوهُمْ بِهِ!

وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ امْتِثْالِ أَمْرِ اللهِ فِي قَوْلِهِ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6].

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا؛ فَسَتَكُونُونَ وَقُودَهَا، يُحَذِّرُكُمُ اللهُ!! {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

طَهِّرُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَدْرَانِهَا، نَظِّفُوهَا مِنْ أَوْسَاخِهَا؛ مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ، مِنَ النِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ، مِنْ كُلِّ مَا يَشِينُ، مِنَ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَةِ فِي الدِّينِ، مِنَ الْإِقْبَالِ عَلَى الْمُلَهِيَّاتِ، وَإِضَاعَةِ الْأَوْقَاتِ فِي غَيْرِ مَا يُرْضِي رَبَّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

اتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِي أَهْلِيكُمْ؛ فَإِنَّمَا هِيَ أَمَانَةٌ!

وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يُصْلِحُنِي وَيُصْلِحُكُمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

((وِقَايَةُ الْأَبْنَاءِ مِنْ مَكْرِ أَصْحَابِ الْأَحْزَابِ وَالْجَمَاعَاتِ))

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6].

وَلَنْ تَقِيَ الْأَهْلَ نَارًا وَأَنْتَ لَا تَدْرِي وَلدُكَ مَنْ يُصَاحِبُ، وَمِنْ أَيِّ مَعِينٍ يَنْهَلُ؛ فَلَعَلَّهُ قَدْ قُيِّضَ لَهُ مُبْتَدِعٌ يُضِلُّهُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَنْتَ فِي غَفْلَةٍ غَفْلَاءَ، وَفِي لَيْلٍ بَهِيمٍ، لَا تَدْرِي مَا يَكُونُ بَعْدُ!!

وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ سَلَفِنَا الصَّالِحِينَ؛ فَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَقُولُ: «لَأَنْ يَصْحَبَ ابْنِي شَاطِرًا فَاسِقًا سُنِّيًّا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَصْحَبَ زَاهِدًا مُتَبَتِّلًا بِدْعِيًّا»؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ خُطُورَةَ الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ.

لَا تَدَعْ وَلَدَكَ تَتَلَقَّفُهُ الْجَمَاعَاتُ الضَّالَّةُ، وَالْفِرَقُ الْمُنْحَرِفَةُ؛ فَمَا وَقَيْتَهُ النَّارَ، أَسَأْتَ، وَتَعَدَّيْتَ، وَظَلَمْتَ! وَلَمْ تَرْعَ فِيهِ أَمَانَةَ اللهِ!

عَلِّمْهُ دِينَ اللهِ، وَدِينُ اللهِ لَا فُرْقَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ قِيَامٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ!

كَيْفَ يَكُونُ مُؤَدِّيًا الْأَمَانَةَ الَّتِي حُمِّلَهَا مَنْ يَرَى وَلَدَهُ يَضِلُّ الضَّلَالَ كُلَّهُ؟!!

هُجَيِّرَاهُ مَعَ الْمُبْتَدِعَةِ؛ يَخْدَعُونَهُ بِمَا يَدَّعُونَهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ! وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُمْ يَحْرِفُونَهُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ!!

تَأَمَّلُوا فِي أَحْوَالِ أَبْنائِكُمْ، وَفِي أَحْوَالِ بَنَاتِكُمْ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْحِزْبِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْبَغِيضَةِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَالْفُرْقَةِ وَالتَّفْرُّقِ لَيَتَسَلَّلُونَ إِلَى الْبُيُوتِ عَنْ طَرِيقِ الْبَنَاتِ!!

يَحْرِفُوهُنَّ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، فِي الْمُدُنِ الْجَامِعِيَّةِ، وَفِي الْكُلِّيَّاتِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْتَدَيَاتِ، حَتَّى تَصِيرَ حِزْبِيَّةً بِدْعِيَّةً؛ لَا تَعْرِفُ الْكِتَابَ وَلَا السُّنَّةَ، وَلَا تَعْرِفُ حَقًّا، وَلَا تُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهَا وَأُشْرِبَتْهُ!!

وَكُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْغَفْلَةِ الضَّائِعَةِ، وَالتَّكَالُبِ عَلَى الْحُطَامِ!!

أَلَا إِنَّ خَيْرًا لِبَيْتٍ أَنْ يَحْيَا فِي كَفَافٍ وَعَلَى الْكَفَافِ -يَجِدُ كِسْرَةً تَسُدُّ الْجَوعْةَ وَتَرُدُّهَا، وَخِرْقَةً تَوَارِي الْعَوْرَةَ وَتَسْترُهَا بِلَا زِيَادَةٍ- لَخَيْرٌ لِبَيْتٍ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مُسْتَقِيمًا عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ سُنِّيًّا لَا يَنْحَرِفُ، لَا بِدْعَةَ فِيهِ، وَلَا انْتِمَاءَ لِأَهْلِ الضَّلَالِ يَحْتَوِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ اتَّبَاعٌ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيمَا بَيَّنَ فِي وَحْيِهِ الْمَعْصُومِ كِتَابًا وَسُنَّةً بِفَهْمِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، خَيْرٌ لِبَيْتِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مُتَقَلِّلًا مُتَزَهِّدًا.

وَلَيْسَ بَيْتُكَ بِخَيْرٍ مِنْ أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ!!

فِيمَا تَتَنَافَسُونَ؟!!

وَعَلَامَ تُقْبِلُونَ؟!!

وَمَاذَا تَصْنَعُونَ؟!!

وَيْحَكُمْ!! أَيْنَ تَذْهَبُونَ؟!!

((لَقَدْ كَانَ يَمُرُّ الْهِلَالُ فِي إِثْرِ الْهِلَالِ فِي إِثْرِ الْهِلَالِ، ثَلَاثَةُ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ لَا يُوقَدُ فِي أَبْيَاتِ النَّبِيِّ ﷺ نَارٌ)).

يَقُولُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-: ((فَمَا كان يُقيتُكُم يا خالة؟!)).

قَالَتْ: ((الْأَسْوَدَانِ؛ الْمَاءُ وَالتَّمْرُ)).

تَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَهِيَ طَوْقُ النَّجَاةِ، وَهِيَ سَفِينَةُ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ.

((اتَّقِ اللهَ فِيمَنْ تَعُولُ؛ فَإِنَّهُمْ أَمَانَةٌ!))

إِنَّ قُلُوبَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَمْتَلِئُ سُرُورًا إِذَا كَانَتْ ذُرِّيَّاتُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَيَكُونُوا قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.

إِنَّ الْوَلَدَ الصَّالِحُ يَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَلْمَرْءِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ, وَزُخْرًا لَهُ بَعْدَ الْمَمَاتِ, ثُمَّ يَكُونُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَفْعًا فِي الدَّرَجَاتِ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّقِ اللهَ فِي أَوْلَادِهِ.

اتَّقِ اللهَ رَبَّكَ!

وَاتَّقِ اللهَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي نَفْسِكَ!

وَاتَّقِ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِيمَنْ تَحْتَ يَدِكَ؛ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ.

فَإِذَا سَأَلَكَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ فَجَهِّزْ لِلسُّؤَالِ جَوابًا.

إِذَا قَالَ لَكَ: لِمَ لَمْ تَفْعَلْ؟ فَأَحْضِرْ لِهَذَا السُّؤَالِ جَوَابًا صَوَابًا.

اتَّقِ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِيمَنْ تَعُولُ, وَاتَّقِ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي أَهْلِكَ, خُذْهُمْ بِالشِّدَّةِ عَلَى أَمْرِ اللهِ؛ حَتَّى يَسْتَقِيمَ حَالُهُمْ, وَحَتَّى تَنْضَبِطَ خُطُوَاتُهُمْ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

إِنَّ الْبُيُوتَ الْمُلْتَزِمَةَ فِي الْأَرْضِ بِتَوْحِيدِ اللهِ وَاتِّبَاعِ رَسُولِهِ كَأَنَّهَا مِنْ رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ.

وَأَمَّا الْبُيُوتُ الَّتِي تَتَخَطَّى حُدُودَ الشَّرْعِ وَلَا تَلْتَزِمُ بِأَحْكَامِهِ، وَلَا تَتْبَعُ سُنَنَ رَسُولِهِ ﷺ، فَهَذِهِ مَبَاءَاتُ الشَّيْطَانِ تَكْثُرُ فِيهَا النِّزَاعَاتُ، وَتَدِبُّ فِيهَا الْخِلَافَاتُ.

وَالَّذِي يَعْصِمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ هُوَ طَاعَةُ رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ ﷺ.

تَعَلَّمُوا الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ!

وَتَحَقَّقُوا بِالِاتِّبَاعِ الْمَتِينِ خَلْفَ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ ﷺ!

 يَا أُمَّتِي!

يَا أُمَّتِي الْمَرْحُومَة!

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ!

 يَا لَمَكَانِكِ بَيْنَ نُجُومِ السَّمَاءِ عَالِيًا فَوْقَ الذُّرَى!

 لَوْ عَرَفْتِ مَكَانَكِ، لَوْ حَقَّقَتِ وُجُودَكِ, لَوْ تَمَسَّكْتِ بِمِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ..

تَعَلَّمُوا الْعَقِيدَةَ وَعَلِّمُوهَا؛ يُحْمَى الْمُجْتَمَعُ مِنْ الْأَفْكَارِ الشَّاذَّةِ, وَالنِّحَلِ الْبَاطِلَةِ, وَالدِّيَانَاتِ الْوَافِدَةِ, فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَكَ, وَيُرِيدُونَ أَبْنَاءَكَ, وَيُرِيدُونَ حَفَدَتَكَ, وَيُرِيدُونَ إِخْوَانَكَ, وَيُرِيدُونَ جِيرَانَكَ.

يُرِيدُونَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَخَاكَ وَأُخْتَكَ، وَعَمَّتَكَ وَعَمَّكَ، وَخَالَتَكَ وَخَالَكَ, يُرِيدُونَ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لَا مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا وَإِنَّمَا تَائِهًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِكُلِّ ضَالٍّ فِي الْأُمَّةِ نَصِيبٌ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرُدَّنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ إِلَى الْحَقِّ رَدًّا جَمِيلًا.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

 

المصدر:تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان