تفريغ مقطع : انتبه...أفِق من غفوتِك!! لا تَشغَل نفسَكَ بغَيرِكَ

انتبه...أفِق من غفوتِك!! لا تَشغَل نفسَكَ بغَيرِكَ

مِنَ الأُمُورِ العَجِيبَةِ أَنَّ هَذَا الَّذِي نَقْرَؤُهُ، وَكَذَا هَذَا الَّذِي تَسْمَعُهُ كَأَنَّهُ لَيْسَ لِي وَلَا لَكَ -يَعْنِي هُوَ يَنْزَلِقُ عَلَى قُلُوبِنَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْدِثَ أَثَرًا-!!

هَذَا الَّذِي تَسْمَعُهُ لَا بُدَّ أَنْ تَمُرَّ بِهِ؛ سَتُقْبَرُ، سَتُغَيَّبُ، سَيَدَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ وَيَمْضُونَ؛ لِكَيْ يُزَاوِلُوا حَيَاتَهُم، وَيَرْجِعُوا إِلَى شُؤُونِهِم، وَسَوْفَ يَتْرُكُونَكَ لِلْهَوَامِ، سَوْفَ يَتْرُكُونَكَ لِلدُّودِ، سَوْفَ يَتْرُكُونَكَ لِلْأَرْضِ، سَوْفَ يَتْرُكُونَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْكَ رَائِحَةٌ لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُم شَمَّهَا؛ فَلَنْ يُطِيقَهَا، وَكُنْتَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ.

المَسْئُولِيَّةُ فَرْدِيَّةٌ، اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، أَنْتَ مَسْئُولٌ وَحْدَكَ، مَقْبُورٌ وَحْدَكَ، مَسْئُولٌ فِي القَبْرِ وَحْدَكَ، تُبْعَثُ وَحْدَكَ، تُنْشَرُ وَحْدَكَ، تُسْأَلُ وَحْدَكَ، تَدْخُلُ الجَنَّةَ وَحْدَكَ، أَوْ تَدْخُلُ النَّارَ وَحْدَكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، لَا تَشْغَلْ نَفْسَكَ بِغَيْرِكَ، اشْغَلْ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ، حَاوِل أَنْ تُصْلِحَ أَحْوَالَكَ، حَاوِلَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَى ذَاتِكَ وَخُوَيِّصَةِ نَفْسِكَ، اتَّقِ اللَّهَ فِي مُسْتَقْبَلِكَ الأُخْرَوِيِّ، فَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ هِيَ الحَيَوَانُ، هِيَ الحَيَاةُ الحَقِيقِيَّةُ.

فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ النُّصُوصَ مَأْخَذَ الجِدِّ، لَيْسَت مَتَاعًا عَقْلِيًّا، وَلَا تَرَفًا فِكْرِيًّا، وَلَا هِيَ بِحِكَايَاتٍ تُحْكَى، هَذَا سَتَرَاهُ حَتْمًا وَلَا بُدَّ؛ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُعَذَّبًا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي القَبْرِ مُنَعَّمًا، وَإِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي مِنْ أَيِّ الفَرِيقَيْن أَنْتَ؛ فَلِمَاذَا الأَمْنُ إِذَنْ؟!

لِمَاذَا الضَّحِكُ إِذَنْ؟!

لِمَاذَا العَبَثُ إِذَنْ؟!

لِمَاذَا إِنْفَاقُ الحَيَاةِ فِيمَا لَا يُجْدِي عَلَيْكَ نَفْعًا لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا الآخِرَةِ إِذَنْ؟ لِمَاذَا؟!!

سَلْ نَفْسَكَ!! قِفْ عَلَى رَأْسِ طَرِيقِكَ!!

انْتَبِه... أَفِقْ مِنْ غَفْوَتِكَ!!

قُمْ مِنْ رَقْدَتِكَ!! اتَّقِ اللَّهَ فِي آخِرَتِكَ!!

أَحْسِنْ إِلَى نَفْسِكَ فَإِنَّ الأَمْرَ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ، وَلَا أَحَدَ يَنْفَعُ أَحَدًا؛ سَيَفِرُّ مِنْكَ أَبُوكَ، وَسَتَفِرُّ أَنْتَ مِنْ أَبِيكَ وَمِن أُمِّكَ وَأَخِيكَ، وَصَاحِبَتِكَ وَبَنِيكَ، لَكَ شَأْنٌ وَحْدَكَ تَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَمُرَّ، لَنْ تُعْطِيَ أَبَاكَ حَسَنَةً وَاحِدَةً، وَلَنْ يُعْطِيَكَ، وَابْنُكَ لَنْ يُعْطِيَكَ وَلَنْ تُعْطِيَهُ، لَا أَبَ وَلَا أُمَّ، وَلَا أَخَ وَلَا أُخْتَ، وَلَا ابْنَ وَلَا زَوْجَة!!

اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، أَنْتَ وَحْدَكَ!! فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، لَا مَجَالَ لِلْعَبَثِ، الحَيَاةُ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِحْنَةٌ، قَدْ تَؤُولُ إِلَى مِنْحَةٍ، وَلَكِنَّهَا فِي الغَالِبِ فِي أَمْثَالِنَا نَحْنُ مِنَ المُفَرَّطِينَ مِنْحَةٌ صَارَتْ مِحْنَةً؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُعْطِي المَرْءَ الحَيَاةَ وَهِيَ نِعْمَةٌ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَسْتَغِلَّهَا فِيمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَسْتَغِلَّهَا فِيهِ، فَتَكُونُ مِنْحَةً عَلَى هَذَا الاعْتِبَارِ، فَإِذَا مَا بَدَّدْنَاهَا، إِذَا مَا أَنْفَقْنَاهَا فِي العَبَثِ؛ فِي المَعَاصِي، فِي الآثَامِ، فِي الذُّنُوبِ، وَفِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ العِبَادِ، فَكَيْفَ مِنْهَا المَخْلَص؟ وَأَيْنَ مِنْهَا المَهْرَب؟!

كَيْفَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ حَقٍّ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ؟!! وَلَا دِرْهَمَ وَلَا دِينَار؛ وَإِنَّمَا الحِسَابُ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَيَأْتِي الرَّجُلُ بِأَعْمَالٍ صَالِحَاتٍ رُبَّمَا كَأَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بَيْضَاءَ، وَلَكِنْ ضَرَبَ هَذَا، وَشَتَمَ هَذَا، وَاعْتَدَى عَلَى هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، يَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ, وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ فَنِيَت حَسَنَاتُهُ، يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِهِم وَيُطْرَحُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُطْرَحُ فِي النَّارِ، مُفْلِسٌ!!

لِمَاذَا يَصْنَعُ المَرْءُ بِنَفْسِهِ هَذَا؟ أَهُوَ عَدُوُّ نَفْسِهِ؟!!

أَمُسَلَّطٌ أَنْتَ عَلَى نَفْسِكَ؟!! خُلِقْتَ عَدُوًّا لهَا؟!! تُرِيدُ أَنْ تُهْلِكَهَا؟!! تُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَ نَفْسَكَ النَّارَ؟!!

اتَّقِ اللَّهَ!!

اللَّهُ المُسْتَعَان...

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  تزكية فضيلة الشيخ العلامة رسلان لابنه عبد الله
  إعلامُ الأمة بحُرمةِ دماءِ المُستأمَنين
  جملة مختصرة من أحكام عيد الفطر
  نداء عاجل إلى كل سني على منهاج النبوة
  أَشْرَاطُ السَّاعَةِ الصُّغْرَى
  إِنْ لَمْ يَكُنْ الإِخْوَان والقُطْبيُّونَ مُبْتَدِعَةً!! فَمَن المُبْتَدِعَةُ إِذَن؟!!
  هذه هي المسألة وهذه هى القضية ...
  الدين حجة على الجميع
  فائدة عزيزة جدًّا فى تفسير قوله تعالى {اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
  ((أَحسِن إسلامَك يُحسِن اللهُ إليك))
  الِانْتِخَابَاتُ الرِّئَاسِيَّةُ
  أوصلوا هذه الرسالة إلى القرضاويِّ الضال
  المَجَالِسُ بِالأَمَانَة
  سؤال لكل من تعصب لسيد قطب ماهو اسم أمك؟
  لقد أفسَدُوا على المسلمينَ دينَهُم
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان