تفريغ مقطع : إذا أردت أن تختار صاحبا فانظر إلى هذه الخصال

قَالَ ابنُ قُدامَة –رحِمَه الله-: ((اعلَم أنَّه لَا يَصلُح لِلصُّحبَةِ كلُّ أَحد, وَلَابُدَّ أنَ يَتميَّز المَصحوبُ بصِفاتٍ وخِصالٍ يُرغَب بسبَبِها فِي صُحبَتِه؛ وَينبَغِي أنْ يَكونَ فيمَن تُؤثَرُ صُحبَتُه خَمسُ خِصال))

إذَا أردتَ أن تَختارَ صاحِبًا فَانظُر  إلَى هذِه الخِصال؛ فإنْ تَوَفَّرَت فيهِ فَصَاحِبْهُ وَإلَّا فَفِرَّ مِنهُ فِرارَك مِن الأسَد؛ لأنَّهُ يستَهلِكُ عَليكَ عُمُرَك, وَيُضيِّعُ عَليكَ وَقتَك, وَيَشغَلُ بَالَك وَذِهنَك  ((يَنبَغِي أنْ يَكونَ فيمَن تُؤثَرُ صُحبَتُه خَمسُ خِصال: أنْ يَكونَ عَاقِلًا, حَسَنَ الخُلُق, غَيرَ فَاسقٍ, وَلَا مُبتدعٍ, وَلَا حَرِيصٍ علَى الدُّنيَا ؛ أمَّا العَقلُ فَهُو رَأسُ المَالِ وَلَا خَيرَ فِي صُحبَةِ الأَحمَق؛ لِأنَّهُ يُريدُ أنْ يَنفَعَك فَيضُرَّك. 

ونَعَنِي بالعَاقِلِ الذِي يَفهَم الأمُورَ علَى مَا هيَ عَليهِ إمَّا بنفسِه وإمَّا أنْ يكونَ بِحيثُ إذَا أُفْهِمَ فَهِم؛ فَهذِهِ هِيَ الخَصلَة الأولى؛ أنْ نكونَ عاقًلا. وَأمَّا حُسنُ الخُلُق فَلابُدَّ مِنهُ؛ إذْ رُبَّ عاقلٍ يغَلبُه غَضبٌ أو شَهوَةٌ فَيُطيعُ هَواهُ فَلَا خَيرَ فِي صُحبَتِه -وَلذلِكَ كَان مِن الجَارِي علَى أَلسِنَةِ أهلِ العِلمِ؛ أنَّهُ إذَا أَرَدتَ أَنْ تَصطَفِيَ إنسانًا فَأَغْضِبهُ فَإذَا عَدَلَ فِيكَ فِي حَالِ غَضَبِه فَصَاحِبهُ وَإِلَّا فَاجتَنِبْه-)). 

وَأمَّا الفَاسِقُ فَإنَّه لَا يَخافُ الله, وَمَن لَا يَخافُ اللهَ تعَالَى لَا تُؤمَنُ غَائِلَتُه –وَالغَائلَة: الفَسادُ والشَّرُّ وَالدَّاهِيَة, جَمعُهَا: غَوائل- الفَاسِقُ لَا يَخافُ الله, وَمَن لَا يَخافُ اللهَ تعَالَى لَا تُؤمَنُ غَائِلَتُه وَلَا يُوثَقُ بِهِ. وَأمَّا المُبتَدِعُ فَيخَافُ مِن صُحبَتِهِ بِسِرَايَةِ بِدعَتِهِ.

وَإِذَا كانَ حَريصًا علَى الدُّنيَا فإنَّهُ يَبيعُك بثَمَنٍ بَخسٍ وَلَا يُبقِي عَليكَ إذَا عَرُضَ لهُ مَطمَعٌ مِن مَطامِعِ الدُّنيَا.  فَيَنبَغِي أنْ يَكونَ فيمَن تُؤثَرُ صُحبَتُه خَمسُ خِصال: أنْ يَكونَ عَاقِلًا, حَسَنَ الخُلُق, غَيرَ فَاسقٍ, وَلَا مُبتدعٍ, وَلَا حَرِيصٍ علَى الدُّنيَا. قَالَ الفَاروقُ عُمَرُ -رَضِي اللهُ عنهُ- :

((عَليكَ بإخوَانِ الصِّدقِ تَعِش فِي أَكنَافِهِم؛ فَإنَّهُم زِينَةٌ فِي الرَّخَاءِ وَعُدَّةٌ فِي البَلاءِ؛ وَضَع أَمرَ أَخِيكَ علَى أَحسَنِهِ حتَّى يَجِيئَكَ مَا يَقلِيكَ مِنهُ –وَالقِلَى: البُغْض- ؛ وَاعتَزِل عَدُوَّك ؛ وَاحذَر صَدِيقَكَ إلَّا الأَمِين؛ وَلَا أَمِينَ إلَّا مَن يَخشَى الله, وَلَا تَصحَب الفَاجِرَ فَتَتَعَلَّمَ مِن فُجورِهِ, وَلَا تُطلِعهُ علَى سِرِّكَ, وَاستَشِر فِي أَمرِكَ الذِينَ يَخشَونَ اللهَ تَعَالَى)).  قَالَ يَحيَى بنُ مُعَاذ: ((بِئسَ الصَّدِيقُ تَحتاجُ أنْ تَقُولَ لَهُ: اذكُرنِي فِي دُعَائِكَ وَأنْ تَعِيشَ مَعَهُ بِالمُدَرَاةِ أَوْ تَحتَاجَ أنْ تَعتَذِرَ إِليهِ)) بِئسَ الصَّدِيقُ هُوَ . قَالَ أَبُو جَعفَرٍ لِأصحَابِهِ: ((أَيُدِخِلُ أَحدُكُم يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ فَيَأخُذُ مِنهُ مَا يُرِيد؟ -وَكَانُوا يَجعَلُونَ المَالَ فِي الصُّرَّةِ تَكونُ فِي أَكمَامِهِم- فَقَالَ لِأَصحَابِهِ: أَيُدِخِلُ أَحدُكُم يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ فَيَأخُذُ مِنهُ مَا يُرِيد؟  قَالُوا: لَا قَالَ: فَلَستُم بإخْوَانٍ كمَا تَزعُمُون)).

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هل هناك فرقة يُقال لها الرسلانية أو الجامية أو السلفية المدخلية؟
  وَاللَّهِ لَا أَزُورُ أَخِي مَا حَيِيت!!
  هل تخيلت يوما ماذا لو دخلت النار كيف تفعل وماذا تفعل وأين تذهب والنار تحيط بك من كل جانب !!
  فليسألوا أنفسهم هؤلاء الحمقى: لمصلحة مَن يعملوا هذا العمل؟ ومَن الذي يستفيد مِن هذه الحوادث؟!
  قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ وَضَعَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِ وَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ
  هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَنْجَحَ اليَهُودُ فِي هَدْمِ المَسْجِدِ الأَقْصَى؟
  حقيقة العبودية... راجـع نفسك
  هل الإنسان مسيَّر أم مخير؟
  هل تدري معنى أنك ستموت؟!
  الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة التكفير بلا مُوجِب
  لِمَاذَا تَتَطَوَّعُ بِالوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ؟
  فَلْنَرْحَمْ أَنْفُسَنَا مِنْ مَعَاصِينَا!
  المعنى الصحيح للآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
  جانب من حياء الرسول صلى الله عليه وسلم
  الحلقة الثالثة: أسباب انتشار الإلحاد في العصر الحديث
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان