الْحَيَاءُ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ وَمِنَ النَّفْسِ شِيمَةُ الْكِرَامِ وَفِطْرَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ سَوِيَّةٌ

الْحَيَاءُ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ وَمِنَ النَّفْسِ شِيمَةُ الْكِرَامِ وَفِطْرَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ سَوِيَّةٌ

((الْحَيَاءُ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ وَمِنَ النَّفْسِ شِيمَةُ الْكِرَامِ وَفِطْرَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ سَوِيَّةٌ))

إِنَّ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا الْحَمْدَ وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ ((قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

وَهَذَا يَشْمَلُ الْكَمَالَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، قَالَ -تَعَالَى-: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]؛ أَيْ: أَكْمَلُ وَأَتَمُّ وَأَصْلَحُ؛ مِنَ الْعَقَائِدِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَالْأَعْمَالِ، وَالْعِبَادَاتِ، وَالْمُعَامَلَاتِ، وَالْأَحْكَامِ الشَّخْصِيَّةِ، وَالْأَحْكَامِ الْعُمُومِيَّةِ.

وَقَالَ -تَعَالَى-: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].

وَهَذَا يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا حَكَمَ بِهِ، وَأَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَحْكَامِ وَأَكْمَلُهَا، وَأَصْلَحُهَا لِلْعِبَادِ، وَأَسْلَمُهَا مِنَ الْخَلَلِ وَالتَّنَاقُضِ، وَمِنَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ.

أَمَّا عَقَائِدُ هَذَا الدِّينِ وَأَخْلَاقُهُ وَآدَابُهُ وَمُعَامَلَاتُهُ؛ فَقَدْ بَلَغَتْ مِنَ الْكَمَالِ وَالْحُسْنِ وَالنَّفْعِ وَالصَّلَاحِ -الَّذِي لَا سَبِيلَ إِلَى الصَّلَاحِ بِغَيْرِهِ- مَبْلَغًا لَا يَتَمَكَّنُ عَاقِلٌ مِنَ الرَّيْبِ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ سِوَى ذَلِكَ فَقَدْ قَدَحَ بِعَقْلِهِ, وَبَيَّنَ سَفَهَهُ، وَمُكَابَرَتَهُ لِلضَّرُورَاتِ)).

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ وَدَلَائِلِ كَمَالِهِ: حَثَّهُ عَلَى الْآدَابِ الْعَامَّةِ، وَالْآدَابُ الَّتِي بَيَّنَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَوَضَّحَهَا رَسُولُهُ ﷺ كَثِيرَةٌ، عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَالتَّخَلُّقِ بِهَا، مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَنْدُوبٌ.

قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((أَدَبُ الْمَرْءِ عُنْوَانُ سَعَادَتِهِ وَفَلَاحِهِ، وَقِلَّةُ أَدَبِهِ عُنْوَانُ شَقَاوَتِهِ وَبَوَارِهِ، فَمَا اسْتُجْلِبَ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِمِثْلِ الْأَدَبِ، وَلَا اسْتُجْلِبَ حِرْمَانُهَا بِمِثْلِ قِلَّةِ الْأَدَبِ!!)).

وَحَيَاةُ الْمُسْلِمِ كُلُّهَا خَاضِعَةٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ أَمْرًا وَنَهْيًا، وَدِينُ الْإِسْلَامِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ شَأْنٍ مِنْ شُئُونِ الْحَيَاةِ؛ فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِهَذِهِ الْآدَابِ.

((الْحَيَاءُ خُلُقُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ))

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْآدَابِ الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ الْعَظِيمُ: الْحَيَاءَ؛ فَإِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ هُوَ دِينُ الطَّهَارَةِ، دِينُ طَهَارَةِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ عَلَى السَّوَاءِ، أَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِطَهَارَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ وَالْأَنْفُسِ، وَأَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِطَهَارَةِ الْأَبْدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْكِنَةِ، وَهُوَ دِينُ الْعِفَّةِ وَدِينُ الْعَفَافِ، يَنْفِي الْفَاحِشَةَ وَيُحَارِبُهَا، وَيَسُدُّ الْمَسَالِكَ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَيْهَا.

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33].

وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَخْبَرَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا الْأَمِينِ ﷺ عَنْ عِظَمِ فَضِيلَةِ الْحَيَاءِ، وَأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ هَذَا الْخُلُقَ خُلُقَ الْإِسْلَامِ، وَخَلَّقَ النَّبِيَّ ﷺ مِنْهُ بِالنَّصِيبِ الْأَوْفَى.

وَجَعَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْحَيَاءَ حَاجِزًا عَنِ الْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَ الْحَيَاءَ مِنْ خُلُقِ الْمَلَائِكَةِ الْمُطَهَّرِينَ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ».

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَ شَيْءٍ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ وَلَا مِنَ النَّاسِ مِنْ فِعْلِهِ؛ فَافْعَلْهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا مَدَارُ الْإِسْلَامِ.

((قَوْلُ رَسُولِ اللهِ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى»؛ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ هَذَا مَأْثُورٌ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَنَّ النَّاسَ تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ، وَتَوَارَثُوهُ عَنْهُ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّبُوَّاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ جَاءَتْ بِهَذَا الْكَلَامِ، وَأَنَّهُ اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»: لَيْسَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَنْ يَصْنَعَ مَا شَاءَ، وَلَكِنَّهُ عَلَى مَعْنَى الذَّمِّ وَالنَّهْيِ عَنْهُ، وَأَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لَهُمْ طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، وَالْمَعْنَى: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ حَيَاءٌ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ؛ فَإِنَّ اللهَ يُجَازِيكَ عَلَيْهِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40].

وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَمْرٌ، وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَحِ؛ صَنَعَ مَا شَاءَ؛ فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ فِعْلِ الْقَبَائِحِ هُوَ الْحَيَاءُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَيَاءٌ؛ انْهَمَكَ فِي كُلِّ فَحْشَاءَ، وَأَتَى كُلَّ مُنْكَرٍ، وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْ مِثْلِهِ مَنْ لَهُ حَيَاءٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ فِي قَرَنٍ؛ فَإِذَا نُزِعَ الْحَيَاءُ تَبِعَهُ الْإِيمَانُ».

الْقَوْلُ الثَّانِي فِي مَعْنَى قَوْلِ الرَّسُولِ ﷺ: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»: أَنَّهُ أَمْرٌ بِفِعْلِ مَا يَشَاءُ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ.

فَالْمَعْنَى: إِذَا كَانَ مَا تُرِيدُ فِعْلَهُ مِمَّا لَا يُسْتَحَيَا مِنْ فِعْلِهِ، لَا مِنَ اللهِ وَلَا مِنَ النَّاسِ؛ لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْعَالِ الطَّاعَاتِ، أَوْ مِنْ جَمِيلِ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ الْمُسْتَحْسَنَةِ؛ فَاصْنَعْ مِنْهُ -حِينَئِذٍ- مَا شِئْتَ.

وَمِنْ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمُرُوءَةِ، فَقَالَ: ((أَلَّا تَعْمَلَ فِي السِّرِّ شَيْئًا تَسْتَحِيي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ))؛ فَهَذِهِ هِيَ الْمُرُوءَةُ.

وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، يَقُولُ: ((إِنَّكَ لَتَسْتَحِي))، كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ الْحَيَاءُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «دَعْهُ؛ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ». أَخْرَجَاهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».

((دَعْهُ))؛ أَيِ: اتْرُكْهُ؛ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ.

 ((مَعْنَى الْحَيَاءِ وَنَوْعَاهُ))

«الْحَيَاءُ» فِي اللُّغَةِ: تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ؛ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ تَرْكِ الشَّيْءِ بِسَبَبٍ، وَالتَّرْكُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاءِ.

وَ«الْحَيَاءُ» فِي الشَّرْعِ: خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ؛ لِهَذَا جَاءَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» مَرْفُوعًا: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ».

وَالْحَيَاءُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ خَلْقًا وَجِبِلَّةً غَيْرَ مُكْتَسَبٍ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يَمْنَحُهَا اللهُ الْعَبْدَ، وَيَجْبُلُهُ عَلَيْهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ ﷺ كَمَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ»: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ»، فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنِ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ، وَدَنَاءَةِ الْأَخْلَاقِ، وَيَحُثُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيهَا، وهُوَ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

فَالْحَيَاءُ قَدْ يَكُونُ خِلْقَةً.. يَكُونُ جِبِلَّةً وَفِطْرَةً؛ أَنْتَ تَرَى ذَلِكَ -أَحْيَانًا- فِي الصِّغَارِ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ؛ فَتَجِدُهُ أَوْ تَجِدُهَا مُتَحَرِّزًا أَوْ مُتَحَرِّزَةً مِنْ ظُهُورِ سَوْأَةٍ، أَوِ انْكِشَافِ عَوْرَةٍ، أَوْ فِعْلِ مَا يَقْبُحُ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ بَعْدُ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ.

وَتَجِدُ آخَرَ مُتَبَذِّلًا لَا يُبَالِي؛ فَالْحَيَاءُ قَدْ يَكُونُ جِبِلَّةً وَفِطْرَةً فَطَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْعَبْدَ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يَمْنَحُهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.

وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي: فَهُوَ مَا كَانَ مُكْتَسَبًا؛ مِنْ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمَعْرِفَةِ عَظَمَتِهِ، وَقُرْبِهِ مِنْ عِبَادِهِ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ، وَعِلْمِهِ بِخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، فَهَذَا مِنْ أَعْلَى خِصَالِ الْإِيمَانِ؛ بَلْ هُوَ مِنْ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِحْسَانِ.

قَدْ يَتَوَلَّدُ الْحَيَاءُ مِنَ اللهِ مِنْ مُطَالَعَةِ نِعَمِهِ، وَرُؤْيَةِ تَقْصِيرِ الْعَبْدِ فِي شُكْرِهَا؛ لِأَنَّ الْعَارِفَ يَسِيرُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِجَنَاحَيْنِ؛ فَأَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَهُوَ مُشَاهَدَةُ الْمِنَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ مُطَالَعَةُ عَيْبِ النَّفْسِ، فَإِذَا سُلِبَ الْعَبْدُ الْحَيَاءَ الْمُكْتَسَبَ وَالْغَرِيزِيَّ؛ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ وَالْأَخْلَاقِ الدَّنِيئَةِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَا إِيمَانَ لَهُ.

الْحَيَاءُ الْمَمْدُوحُ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ؛ إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ: الْخُلُقَ الَّذِي يَحُثُّ عَلَى فِعْلِ الْجَمِيلِ، وَتَرْكِ الْقَبِيحِ.

فَأَمَّا الضَّعْفُ وَالْعَجْزُ الَّذِي يُوجِبُ التَّقْصِيرَ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللهِ أَوْ حُقُوقِ عِبَادِهِ؛ فَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْحَيَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ ضَعْفٌ وَخَوَرٌ، وَعَجْزٌ وَمَهَانَةٌ)).

وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ لِلْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الْمَرْءِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْمُتَشَابِهَاتِ.

كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ صِيَانَةِ النَّفْسِ، وَالْكِبْرِ، وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّوَاضُعِ وَالْمَهَانَةِ!!

كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْجُودِ وَالْإِسْرَافِ!!

كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ!!

الْحَيَاءُ قَدْ يَكُونُ مَذْمُومًا؛ فَالَّذِي يُقْعِدُ الْمَرْءَ عَنْ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ، أَوْ طَلَبِ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ، أَوِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيَاءً مَمْدُوحًا.

وَلَكِنَّ الْخُلُقَ الَّذِي يَحُثُّ عَلَى فِعْلِ الْجَمِيلِ، وَتَرْكِ الْقَبِيحِ، وَعَدَمِ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ؛ فَهُوَ الْحَيَاءُ الْمَمْدُوحُ.

فَهَذَا تَعْرِيفُ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ؛ وَهُوَ الْحَيَاءُ.

فَأَمَّا مَا اشْتَبَهَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْهُ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحُثُّ عَلَى فِعْلِ الْجَمِيلِ، وَلَا تَرْكِ الْقَبِيحِ، وَلَا عَلَى عَدَمِ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَيَاءً مَمْدُوحًا.

كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْتَحْيِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الشَّرْعِ عَرَضَ لَهُ؛ قَدْ يَبْقَى عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْحُكْمِ وَهُوَ لَا يَدْرِي، يُقْعِدُهُ حَيَاؤُهُ عَنِ السُّؤَالِ، هَذَا لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، كَمَا أَنَّ الْكِبْرَ -أَيْضًا- يُقْعِدُ الْمَرْءَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْكِبْرَ يُمْسِكُ الْمَرْءَ أَنْ يَكُونَ سَائِلًا؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ فِي ذَلِكَ غَضَاضَةً -أَيْ فِي السُّؤَالِ-.

وَقَدْ تَرَبَّعَ الْجَهْلُ بَيْنَ الْكِبْرِ وَالْحَيَاءِ؛ الْجَهْلُ تَرَبَّعَ وَأَخَذَ رَاحَتَهُ بَيْنَ الْكِبْرِ وَالْحَيَاءِ، فَمَنِ اسْتَحْيَا؛ لَمْ يَتَعَلَّمْ، وَمَنْ تَكَبَّرَ؛ لَنْ يَتَعَلَّمَ.

وَلِذَلِكَ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَسَأَلَتْهُ سُؤَالًا كُنَّ النِّسَاءُ يَسْتَحْيِينَ مِنْ أَنْ يَسْأَلْنَهُ؛ بَلْ حَمَلْنَ عَلَيْهَا بِاللَّوْمِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَتْ، قَالَتْ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ؛ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا احْتَلَمَتْ مِنْ غُسْلٍ؟)).

فَقَالَ: «نَعَمْ؛ إِذَا وَجَدَتِ الْمَاءَ».

فَقُلْنَ لَهَا: ((فَضَحْتِ النِّسَاءَ!!)).

وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا؟!! لَا بُدَّ مِنَ السُّؤَالِ عَنْهُ.

فَكُنَّ النِّسَاءُ يُرِدْنَ أَلَّا يَعْلَمَ الرِّجَالُ بِذَلِكَ؛ فَلَمَّا سَأَلَتْ؛ قُلْنَ لَهَا: ((فَضَحْتِ فِي النِّسَاءِ)).

وَلَكِنْ لَا حَيَاءَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَهِدَ الْمَرْءُ فِي التَّعَلُّمِ، وَأَنْ يَسْأَلَ عَمَّا يَعْرِضُ لَهُ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ لَمَّا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ تَسْأَلُ عَنْ طَرِيقَةِ تَطَهُّرِهَا مِنْ حَيْضِهَا؛ أَخْبَرَهَا الرَّسُولُ ﷺ -وَهُوَ أَحْيَا مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا؛ أَيْ: هُوَ أَشَدُّ حَيَاءً مِنْ ذَلِكَ-، قَالَ لَهَا: «خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً؛ فَتَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ».

فَقَالَتْ: كَيْفَ أَتَتَبَّعُهُ؟

فَقَالَ:«سُبْحَانَ اللهِ! تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ».

فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ -وَانْتَحَتْ بِهَا نَاحِيَةً- كَيْفَ تَتَبَّعُ أَثَرَ الدَّمِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-.

فَإِذَنْ؛ لَا تَخْلِطْ بَيْنَ الْحَيَاءِ الْمَمْدُوحِ وَالْحَيَاءِ الْمَذْمُومِ.

الَّذِي يُعْجِزُ الْمَرْءَ عَنْ أَنْ يَكُونَ سَائِلًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيَاءً مَمْدُوحًا، الَّذِي فِيهِ الضَّعْفُ وَالْخَوَرُ، وَالْعَجْزُ وَالْمَهَانَةُ؛ هَذَا لَيْسَ بِحَيَاءٍ أَصْلًا؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَمْدُوحًا.

«إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى»: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ دَلُّوا أُمَمَهُمْ عَلَى فَضْلِ الْحَيَاءِ، وَهُوَ الْحَيَاءُ الْمَمْدُوحُ.

وَأَمَّا الَّذِي يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ فِعْلِ الْقَبَائِحِ؛ فَهُوَ حَيَاءٌ مَذْمُومٌ، وَالْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.

 ((النَّبِيُّ ﷺ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي الْحَيَاءِ))

لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقُدْوَةَ فِي الْحَيَاءِ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَ«الْعَذْرَاءُ»: الْبِكْرُ، «خِدْرِهَا»: «الْخِدْرُ»: سِتْرٌ يُجْعَلُ لِلْبِنْتِ الْبِكْرِ فِي جَنْبِ الْبَيْتِ تَكُونُ فِيهِ.

«وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ»؛ أَيْ: لَا يَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ؛ لِحَيَائِهِ، بَلْ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَنَفْهَمُ نَحْنُ كَرَاهَتَهُ لِذَلِكَ الَّذِي وَقَعَ وَكَانَ مِمَّا كَرِهَهُ ﷺ، فَلَا يُجَبِّهُ أَحَدًا بِمَا يَكْرَهُهُ فِي وَجْهِهِ، وَإِنَّمَا يَتَلَطَّفُ فِي ذَلِكَ؛ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَكَانَ لَا يَقُومُ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ.

«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا»؛ أَيْ: أَنَّ حَيَاءَ النَّبِيِّ ﷺ أَشَدُّ مِنَ الْبِكْرِ حَالَ اخْتِلَائِهَا بِالزَّوْجِ الَّذِي لَمْ تَعْرِفْهُ قَبْلُ، وَمَا يَكُونُ مِنَ اسْتِحْيَائِهَا مِنْهُ.

«وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا»؛ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الطَّبْعِ، أَوْ جِهَةِ الشَّرْعِ «عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ»؛ أَيْ: مِنْ أَثَرِ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَكُونُ؛ فَأَزَلْنَاهُ.

فَالنَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُكْرَهُ؛ لِحَيَائِهِ، بَلْ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ؛ فَنَفْهَمُ كَرَاهِيَتَهُ.

الْحَيَاءُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ خَيْرٌ كُلُّهُ ((لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ))، وَقَدْ يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْحَيَاءَ صِفَةُ ضَعْفٍ، تَجُرُّ طَمَعَ النَّاسِ إِلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

وَذَكَرَ أَنَّ: «لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ». الْحَدِيثُ أَخْرَجَه مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ».

فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ الْحَيَاءِ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ -الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ- كَانَ نَصِيبُهُ مِنَ الْحَيَاءِ أَعْلَى مَرْتَبَةً، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ: ((أَشَدُّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا)).

عِبَادَ اللهِ! إِذَا فَقَدَ الْإِنْسَانُ الْحَيَاءَ؛ فَإِنَّهُ يَفْقِدُ الْخَيْرَ كُلَّهُ، فَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الْحَيَاءِ.

 ((الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»

إِنَّ الْحَيَاءَ خَصْلَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ- شُعْبَةً، أَفْضَلُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ». وَالْحَدِيثُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».

«الشُّعْبَةُ»: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ، أَوِ الْخَصْلَةُ أَوِ الْجُزْءُ مِنَ الشَّيْءِ.

«وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»؛ فَالْحَيَاءُ: خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ، وَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ.

هَذَا تَعْرِيفُ الْحَيَاءِ.

«أَفْضَلُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»: كَلِمَةُ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» أَفْضَلُ شُعَبِ الْإِيمَانِ، أَكْثَرُهَا ثَوَابًا، وَأَعْلَاهَا قَدْرًا عِنْدَ اللهِ -تَعَالَى-؛ لِأَنَّ التَّوْحِيدَ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ؛ فَيَنْبَغِي الِاهْتِمَامُ بِالتَّوْحِيدِ، وَيَنْبَغِي صَرْفُ مَزِيدِ الْعِنَايَةِ؛ لِتَحْصِيلِ التَّوْحيِد ِوتَحْقِيقِهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ.

«أَدْنَاهَا»؛ أَيْ: أَقَلُّهَا ثَوَابًا، وَأَنْزَلُهَا مَرْتَبَةً «إِمَاطَةُ الْأَذَى»: إِزَالَةُ الشَّوْكِ وَالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ.

«مَنْ أَمَاطَ أَذًى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ؛ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ تُقُبِّلَتْ لَهُ حَسَنَةٌ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ». فَإِذَا كَانَ هَذَا ثَوَابَ أَدْنَى شُعْبَةٍ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ؛ فَمَاذَا يَكُونُ ثوَابُ أَعْلَاهَا؟!!

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: وَلَكِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْغَرَائِزِ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ تَخَلُّقًا؟!!

اسْتِعْمَالَهُ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابِ عِلْمٍ وَنِيَّةٍ، وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ بِهَذَا، وَلِكَوْنِهِ حَاجِزًا عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَبَاعِثًا عَلَى الطَّاعَةِ.

«الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ»: جَعَلَ ﷺ الْحَيَاءَ وَهُوَ غَرِيزَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ اكْتِسَابٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحْيِيَ يَنْقَطِعُ بِحَيَائِهِ عَنِ الْمَعَاصِي؛ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّةٌ، فَصَارَ كَالْإِيمَانِ الَّذِي يَنْقَطِعُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ بَعْضَهُ -فَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ؛ بَعْضٌ مِنَ الْإِيمَانِ-؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَنْقَسِمُ إِلَى الِائْتِمَارِ بِمَا أَمَر اللهُ بِهِ، وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ، فَإِذَا حَصَلَ الِانْتِهَاءُ بِالْحَيَاءِ؛ كَانَ بَعْضَ الْإِيمَانِ.

وَالْمُرَادُ بِهِ: الْحَيَاءُ الْإِيمَانِيُّ، وهُوَ خُلُقٌ يَمْنَعُ الشَّخْصَ عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ؛ كَالْحَيَاءِ عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَكَالْحَيَاءِ عَنِ الْجِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَلَى هَذَا مَدَارُ الْإِسْلَامِ.

«اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ!»

عِبَادَ اللهِ! لَا تَجْعَلُوا اللهَ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْكُمْ، وَاسْتَحْيُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ- حَقَّ الْحَيَاءِ، أَخْبَرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ مُضَّجِعٌ عَلَى فِرَاشِ عَائِشَةَ، لَابِسًا مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ: «اجْمَعِي إِلَيْكِ ثِيَابَكِ».

قَالَ: فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ.

قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ!!

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ وَأَنَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَلَّا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ». وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ».

«إِنِّي خَشِيتُ إِذَا أَذِنْتُ لَهُ...»: خَافَ أَنْ يَرْجِعَ حَيَاءً مِنْهُ ﷺ عِنْدَمَا يَرَاهُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ؛ وَحِينَئِذٍ لَا يَعْرِضُ عَلَيْهِ حَاجَتَهُ؛ لِغَلَبَةِ أَدَبِهِ، وَكَثْرَةِ حَيَائِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وفِي رِوَايَةٍ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟!!».

فَالْحَيَاءُ مِنْ صِفَاتِ الْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي الْحَيَاءِ عَلَى الْغَايَةِ؛ حَتَّى إِنَّهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ؛ اغْتَسَلَ بِصَبِّ الْمَاءِ، وَيَدْلُكُ مِنْ تَحْتِ ثَوْبِهِ، وَلَا يَخْلَعُ عَنْهُ قَمِيصَهُ؛ حَيَاءً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ». الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَه.

«زَانَهُ»؛ يَعْنِي: جَمَّلَهُ، وَجَعَلَهُ كَامِلًا، وَحَسَّنَهُ.

«الْفُحْشُ»: وَهُوَ كُلُّ مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَكُلُّ خَصْلَةٍ قَبِيحَةٍ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ.

«إِلَّا شَانَهُ»؛ أَيْ: عَيَّبَهُ الْفُحْشُ، وجَعَلَهُ نَاقِصًا.

«إِلَّا زَانَهُ»: إِلَّا زَيَّنَهُ؛ وذَلِكَ لِأَنَّ الْحَيَاءَ يَدَعُ صَاحِبُهُ بِهِ مَا يُلَامُ عَلَى فِعْلِهِ، فَلَا يُلَابِسُ الْمَعَايِبَ، فَإِذَا نَظَرَ الْإِنْسَانُ إِلَى حَقِيقَةِ حَيَائِهِ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ تَلَذَّذَ بِزِينَةِ هَذِهِ الصِّلَةِ.

وَإِذَا نَظَرَ إِلَى حَقِيقَةِ الْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِهِ وَإِخْوَانِهِ؛ لَاسْتَمْتَعَ بِزِينَةِ تِلْكَ الْعَلَاقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا؛ فَهُنَالِكَ خَلَلٌ فِي الْحَيَاءِ، فَلْيُبَادِرِ الْمَرْءُ إِلَى إِصْلَاحِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ!».

قُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّا لَنَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ للهِ.

قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ؛ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا»؛ يَعْنِي: مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.

وَالْحَدِيثُ فِي «صَحِيحِ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ».

إِنَّ الْحَيَاءَ زِينَةٌ لِلْأُمُورِ.

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: ((مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً)).

فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: ((أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ؟!!)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَهَذَا حَثٌّ عَلَى التَّخَلُّقِ بِخُلُقِ الْحَيَاءِ، وَأَنَّ فِيهِ الْخَيْرَ كُلَّ الْخَيْرِ لِلْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ.

وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: الْحَيَاءُ مِنَ الدِّينِ؟!!

قَالَ: «بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ».

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ». وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَصَحَّ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي «الشُّعَبِ».

قَوْلُهُ: «قُرِنَا جَمِيعًا»؛ أَيْ: جُعِلَا مَقْرُونَيْنِ.

قَوْلُهُ: «فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ»؛ أَيْ: رُفِعَ مِنْهُ مُعْظَمُهُ أَوْ كَمَالُهُ.

فِي الْحَدِيثِ: بَيَانُ أَهَمِّيَّةِ الْحَيَاءِ، وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ فِي دِينِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ حَيْثُ قُرِنَ مَعَ الْإِيمَانِ فِي قَرَنٍ، فَهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ، فَإِذَا انْعَدَمَ أَحَدُهُمَا انْعَدَمَ الْآخَرُ.

إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي=وَلَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ

فَلَا وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ=وَفِي الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ

يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ=وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ

وَصَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

المصدر:الْحَيَاءُ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ وَمِنَ النَّفْسِ شِيمَةُ الْكِرَامِ وَفِطْرَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ سَوِيَّةٌ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  مفتاح دعوة المرسلين
  أُصُولٌ وَمَعَالِمُ فِي تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ
  الْمَرَافِقُ الْعَامَّةُ بَيْنَ تَعْظِيمِ النَّفْعِ وَمَخَاطِرِ التَّعَدِّي
  فَضْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ،وَالدُّرُوسُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
  حب الوطن الإسلامي، وفضل الدفاع عنه، ومنزلة الشهادة في سبيل الله
  لُغَةُ الْقُرْآنِ وَالْحِفَاظُ عَلَى الْهُوِيَّةِ
  الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَأَثَرُهُ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَرْسِيخِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ
  مِنْ مَوَاقِفِ الشَّرَفِ وَالنُّبْلِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُشَرَّفَةِ
  إرهاب الطابور الخامس
  مَسْئُولِيَّةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَمَعِيَّةُ وَالْإِنْسَانِيَّةُ وَوَاجِبُنَا تِجَاهَ الْأَقْصَى
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان