تفريغ محاضرة الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ 1

الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ 1

((الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ 1))

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فإنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ , وشرَّ الأمورِ محدثاتُهَا, وكُلَّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ, وكُلَّ بِدْعةٍ ضلالَةٌ, وكُلَّ ضَلالَةٍ في النَّارِ.

 أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ اللهَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- جَعَلَ لَنَا فِي نَبِيِّنَا ﷺ أُسْوَةً، وَقُدْوَةً، وَنُمُوذَجًا، وَمِثَالَا.

وَلَيْسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ابْنُ أُنْثَى حُفِظَتْ أَحْوَالُهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، جَلِّيَّةً وَخُفْيًّةً فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ سِوَى مُحَمَّدٍ ﷺ.

وَهَذَا لَوْنٌ مِنْ أَلْوَانِ الْإِعْجَازِ فِيهِ، وَلُوْنٌ مِنْ أَلْوَانِ الدَّلَالَاتِ الْقَاطِعَاتِ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، وَصِدْقِهِ فِيْمَا بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-؛ إِذْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ بِقَلِيلٍ مِنَ الْتَّأَمُّلِ أَنْ يُحْصَيَ أَحْوَالَ نَبِيِّهِ ﷺ.

وَفِي الْنِّهَايَةِ يَقُولُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَطِيعُ مَهْمَا كَانَ مُتَعَنِّتًا إِذَا مَا سَارَ عَلَى مَنْهَجِ عَقْلِيٍّ صَحِيْحٍ أَنْ يَجِدَ هَنَةً وَاحِدَةً، فَضْلَا عَنِ خَطَأٍ؛ بَلْهَ خَطِيْئَةٍ فِي سِيرَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، حَاشَا وَكَلَّا.

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَنَا فِي نَبِيِّنَا ﷺ صُوْرَةً تَفْصِيْلِيَّةً؛ لِمَا يَنْبَغِي أَنْ نَأْخُذَ بِهِ أَنْفُسَنَا مِنَ الْعِبَادَةِ فِي الْمَوَاسِمِ الْشَّرِيفَةِ، وَالْأَيَّامِ الَّتِي أَكْرَمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهَا خَلْقَهُ، فَضَاعَفَ فِيهَا الْأَجْرَ، وَأَجْزَلَ فِيْهَا الْمَثُوَبَةَ.

وَفِي الْعَشْرِ الْأُوَاخِرِ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ -كَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تَقُولُ -وَهُوَ فِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ))-: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ)).

 فَعَلَى هَذِهِ الْخَلْفِيَّةِ تَأْتِي عِبَادَةُ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ ﷺ.

فَهَذِهِ لَمْحَةٌ شَامِلَةٌ، مُفَصَّلَةٌ، مُسْتَوْعِبَةٌ لِعِبَادَتِهِ ﷺ، مُقَرِّرَةٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ شَأْنُهُ ﷺ فِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهِ الْقُرْآنَ، وَالَّذِي قَدَّرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهِ أَنْ يُفَتِّحَ أَبْوَابَ الْجِنَانِ، وَيُغَلِّقُ أَبْوَابَ النِّيرَانِ، وَيُجْزِلُ فِيْهِ الْمَثُوَبَةَ وَالْغُفْرَانَ، لِمَنْ أَقْبَلَ عَلَى رَحْمَةِ الرَّحِيمِ الدَّيَّانِ.

فَالنَّبِيُّ ﷺ فِي لَمْحَةٍ عَابِرَةٍ، وَلَكِنَّهَا مُفَصَلَّةٌ، تَقُولُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ -يَعْنِي مِنْ أَيَّامِ الْعَامِ-)).

فَكَيْفَ كَانَ اجْتِهَادُهُ ﷺ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ الْشَّرِيفِ؟

 تَقُولُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- -كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَشَدَّ مِئْزَرَهُ)).

كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْقَظَ أَهْلَهُ؛ بِإِشَاعَةِ جَوٍّ مِنْ أَجْوَاءِ الْإِيمَانِ اللَّطِيْفِ فِي أَبْيَاتِ أَزْوَاجِهِ -رُضْوَانُ اللهِ عَنْهُنَّ-.

وَبِذَلِكَ يَكُونُ الشَّأْنُ فِي بَيْتِ كُلِّ مُسْلِمٍ يُحِبُّ النَّبِيَّ ﷺ.

وَفِي رِوَايَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يُطِيقُ الْقِيَامَ إِلَّا أَقَامَهُ؛ لِيُصَلِّيَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ)).
وَأَمَّا رِوَايَةٍ مُسَلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فَإِنَّهَا قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ)) ﷺ.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ يُحْيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ.

وَلَا يُعَارِضُ هَذَا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، وَفِيهَا: ((أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَا قَامَ لِلَّهِ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى يُصْبِحَ))؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي حَالِ صَلَاةٍ، وَإِنَّمَا تِلَاوَةٌ، وَمُدَارَسَةٌ لِلْقُرْآنِ، وَذِكْرٌ لِلرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، وَتَبَتُّلٌ وَتَفَكُّرٌ.

حَتَّى إِنَّ الْنَّبِيَّ ﷺ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- -وَهِيَ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ- قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ لَوْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ، مَاذَا أَقُولُ؟

فَاخْتَارَ النَّبِيُّ ﷺ -لِلْحَبِيبَةِ بِنْتِ الْحَبِيبِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-- اخْتَارَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ دُعَاءً جَامِعًا، قَالَ: ((قَولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)).

الرَّسُولُ ﷺ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِطُولِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَا شَاءَ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- أَنْ يُصَلِّيَ.

((يُوقِظُ أَهْلَهُ))، وَيُشِيعُ جَوًّا مِنْ أَجْوَاءِ الْإِيمَانِ اللَّطِيفِ، حَتَّى لَيَكَادَ الْمَرْءُ يُبْصِرُ كَفَّهُ فِي ظُلُمَاتِ مِنْ فَوْقِهَا ظُلُمَاتٍ؛ لِأَنَّ الْأَبْيَاتَ حِينَئِذٍ تَكُونُ مُنِيرَةً بِأَنْوَارِ الْإِيمَانِ تَتَنَزَّلُ مِنْ رَحَمَاتِ رَبِّنَا الْعَلِيِّ الْوَهَّابِ.

((يُوقِظُ أَهْلَهُ ﷺ ))، وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنَ الْحَدَبِ، وَالْإِشْفَاقِ، وَالْوُدِّ، وَالْمَحَبَّةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّ، يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ أَهْلَهُ -يَعْنِي لِتُصَلِّيَ- فَإِنْ قَامَتْ وَإِلَّا نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ قَامَ -يَعْنِي لِيُصَلِّيَ- وَإِلَّا نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ)).

 وَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ ﷺ: ((نَضَحَ.. وَنَضَحَتْ)).

 وَالنَّضْحُ أَنْ يَغْمِسَ الْمَرْءُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَعْلَقْ بِيَدِهِ إِلَّا بَلَلٌ يَسِيرٌ، ثُمَّ حِينَئِذٍ يَجْعَلُ مَا يَكُونُ هُنَاكَ نَثْرًا مِمَّا تَبَقَّى مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْيَسِيرِ فِي وَجْهٍ نَائِمٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ الرُّعْبُ حِينَ إِيقَاظِهِ بِهَذِهِ الْوَسِيلَةِ، وَوَاللهِ إِنَّهَا لَحُبٌّ فِي حُبٍّ، وَوُدٌّ فِي وُدٍّ، وَاللهِ إِنَّهَا لَعَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ، لَا يَأْتِي بِهِ إِلَّا مُحَمَّدٌ ﷺ.

((قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ثُمَّ أَيْقَظَ أَهْلَهُ)): وَإِيقَاظُ الْأَهْلِ هَا هُنَا مَرْحَلَةٌ مِنْ بَعْدِ مَرْحَلَةٍ، فَهُوَ نِدَاءٌ لَطِيفٌ شَفِيفٌ يَعْلُو طَبَقَةً مِنْ بَعْدِ طَبَقَةٍ، فَإِنْ قَامَتْ وَإِلَّا فَهُوَ هَزٌّ رَفِيقٌ لَا يَعْلُو لَاطَبَقَةً وَلَا مِنْ بَعْدِ طَبَقَةٍ.

فَإِنْ قَامَتْ، وَإِلَّا لَجَأَ إِلَى الْوَسِيلَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي وَصَفَهَا خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﷺ يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَعْلَقْ بِهَا إِلَّا بَلَلٌ يَسِيرٌ، ثُمَّ جَاءَ فِي وَجْهِ حِبٍّ يُحِبُّ لَهُ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ، يُرِيدُ أَنْ يُوقِظَهُ، فَنَضَحَ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَبِالتَّالِي تَفْعَلُ هِيَ مَا يَفْعَلُ هُوَ عِنْدَمَا يُوَفِّقُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِلَى سُبُلِ الرَّشَادِ.
يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِذَا قَامَ الرَّجُلُ فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا -وَفِي رِوَايَةٍ- فَصَلَّى جَمِيعًا رَكْعَتَيْنِ، كُتِبًا مِنَ الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ)).

 يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي، فَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، فَصَلَّيَا مَعًا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ)).

اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- جَعَلَ لَنَا هَذِهِ الْعِبَادَةَ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ؛ قُرْبَةً إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَتَقَرُّبًا، ثُمَّ خَلْوَةٌ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لِمُرَاجَعَةِ مَا كَانَ هُنَالِكَ مِنْ أَخْطَاءٍ بَلْ مِنْ خَطِيَّاتٍ، مَا كَانَ هُنَالِكَ عَلَى مَدَى الْعَامِ مِنْ تَقْصِيرٍ وَقُصُورٍ، مِنْ كَسَلٍ وَفُتُورٍ؛ بِإِقْبَالٍ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَنَثْرٍ لِلرُّوحِ بِجَنَبَاتِهَا عَلَى عَتَبَاتِ رَحَمَاتِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ أَنْ أَصْلِحْنِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إِصْلَاحِي إِلَّا أَنْتَ، وَغَيِّرْ مِنْ حَالِي إِلَى ضَرْبِ الصَّلَاحِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِيَدِي إِلَيْهِ إِلَّا أَنْتَ.

يُقْبِلُ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ طَالِبًا الْعَفْوَ، وَلَا يَطْلَبُ الْعَفْوَ إِلَّا مُقَصِّرٌ مُذْنِبٌ، فَهُوَ اعْتِرَافٌ مُسَبَّقٌ ((اللهم إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)).

كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ اجْتَهَدَ فِيهِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ لَيَالِي الْعَامِ؛ بَلْ وَلَا فِي أَيَّامِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْعَشْرِ لَيْلَةٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قَالَ فِيهَا رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- إِنَّهُ أَنْزَلَ فِيهَا كِتَابَهُ الْمَجِيدَ، وَإِنَّهُ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ.

وَعَجَّبَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَعَظَّمَ وَفَخَّمَ مِنْ شَأْنِهَا، فَتَسَاءَلَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: ٢].

وَالسُّؤَالُ هَا هُنَا سُؤَالٌ مِنْ أَجْلِ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ، فَعَظَّمَ رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- مِنْ قَدْرِهَا، وَأَعَلَى مِنْ شَرَفِهَا، وَدَلَّ عَلَى عَظِيمِ قَدْرِهَا لَدَيْهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ؛ إِذْ تَتَنَزَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ مَعَ رُوحِ الْقُدُسِ، ثُمَّ هِيَ سَلَامٌ -بِفَضْلِ اللهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.

لَا يَكُونُ لِعَبْدٍ فِيهَا مِنْ إِقْبَالٍ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَّا أَحَاطَ بِهِ مِنَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ غُفْرَانٌ، وَتَنَزَّلَ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نُورٌ وَبُرْهَانٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ حُرِمَ خَيْرُهَا فَقَدْ حُرِمَ)).

 ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).

 ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْعَشْرِ يَشُدُّ الْمِئْزَرَ))، وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ كَانَ يَعْتَزِلُ النِّسَاءَ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ لَا يَدَعُ الِاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ.

وَالِاعْتِكَافُ: هُوَ قَطْعُ تِلْكَ الْعَلَائِقِ مَعَ الْخَلَائِقِ؛ لِلتَّفَرُّغِ لِخِدْمَةِ الْخَالِقِ، إِنَّمَا هُوَ خَلْوَةٌ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَوْدَةٌ بِأَوْبَةٍ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَأَمُّلٌ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُ وَلِمَاذَا، وَإِلَى أَيْنَ الْمَصِيرِ؟

  فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَخْلُو بِرَبِّهِ فِي مُعْتَكَفِهِ، كَانَ يُضْرَبُ لَهُ خِبَاءٌ هُنَالِكَ، فَلَا كَلَامَ، لَيْسَ الِاعْتِكَافُ سَمَرًا، وَلَيْسَ الِاعْتِكَافُ مُعْتَلَفًا، إِنَّمَا هُوَ مُعْتَكَفٌ لَا مُعْتَلَفٌ!!

وَإِنَّمَا يَتَقَلَّلُ الْعَبْدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنَ الطَّعَامِ واَلشَّرَابِ جِدًّا إِنِ اسْتَطَاعَ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ ﷺ دَلَّنَا عَلَى الْوِصَالِ فِيهِ، فَقَالَ: ((مَنْ كَانَ مُوَاصِلًا فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ))؛ يَعْنِي فَلْيَدَعِ الْفُطُورَ جَانِبًا، ثُمَّ فَلْيَكُنْ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ عِنْدَ السَّحَرِ الْأَعْلَى سُحُورَا، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولُ ﷺ.

وَيَقُولُ -لِأَنَّهُ هُوَ كَانَ يَطْوِي الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِي صَائِمًا، لَا يَطْعَمُ شَيْئًا وَلَا يَشْرَبْهُ- وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: ((لَسْتُمْ كَهَيْئَتِي، أَنَا أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي)) ﷺ.

لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُطْعَمُ طَعَامًا، أَوْ يُسْقَى مَاءً وَسُقْيَا، وَإِنَّمَا كَانَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ أَنْوَارُ رَبِّهِ بِرَحَمَاتِهِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ طَعَامًا وَشَرَابًا لَمْ يَكُنْ فِي نَهْيِهِ ﷺ عَنِ التَّأَسِّي بِهِ هَا هُنَا مَزِيدُ فَائِدَةٍ، وَلَكِنْ يَقُولُ ﷺ: ((إِنَّكُمْ لَسْتُمْ كَهَيْئَتِي، أَنَا أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي)).

إِذَنْ؛ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَجَدِّدْ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ تَوْبَةً؛ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ لَا تَلْقَى الْعَشْرَ مِنْ بَعْدِهَا أَبَدًا، حَتَّى يُقِيمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ السَّاعَةَ، وَلَا تَدْرِي لَعَلَّهَا آخِرُ عَشْرٍ تَلْقَاهَا فِي رَمَضَانَ فِي عُمُرِ الدُّنْيَا حَتَّى تَلْقَى وَجْهَ رَبِّكَ الْكَرِيمِ.

 إِذَنْ؛ فَأَقْبِلْ عَلَى هَذَا الْمَوْسِمِ تَائِبًا للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُنِيبًا، جَدِّدْ للهِ عَزْمًا، أَقْبِلْ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِقْبَالًا.

خَلِّ الذُّنُوبَ جَانِبًا، وَضَعِ الدُّنْيَا تَحْتَ الْأَقْدَامِ مَوْطِئًا، ثُمَّ أَقْبِلْ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِجَمْعِيَّةِ الْقَلْبِ، فَفَرِّغْ وِجْهَةَ الْقَلْبِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاطْرَحْ نَفْسَكَ عَلَى عَتَبَاتِ رَحَمَاتِ سَيِّدِكَ.

قُلْ: يَا سَيِّدِي أَصْلَحْنِي، يَا سَيِّدِي غَيِّرْنِي، يَا سَيِّدِي عَافِنِي وَاعْفُ عَنِّي، وَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَمَا وَصَفَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَأَخْبَرَ عَنْهُ: ((حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ عَبْدُهُ فَيَرَدُّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ)).

لَا بُدَّ أَنْ يَضَعَ فِي يَدَيْكَ شَيْئًا، وَعَطَاءُ الْكَرِيمِ عَلَى قَدْرِ كَرَمِهِ، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ، وَأَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ، عَطَاؤُهُ كَلَامٌ، وَعَذَابُهُ كَلَامٌ، وَنَعِيمُهُ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ فَيَكُونُ، فَسُبْحَانَ رَبِّي، سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ!!

أَقْبِلْ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْعَشْرِ، جَدِّدْ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَزْمًا عَلَى مَتَابٍ صَحِيحٍ بِعَزْمٍ أَكِيدٍ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لِمَا كَانَ هُنَالِكَ.

وَرَدُّ الْمَظَالِمِ قَبْلَ بَدْءِ الْعَشْرِ حَتَّى يَقْبَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْكَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَلَيْكَ أَنْ تَتَقَلَّلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ جِدًّا؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ هَمُّهُ مَا يَدْخُلُ بَطْنُهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا!!

وَإِنَّهُ لَا يَحْجِزُ الْعَبْدَ عَنِ الْإِحْسَاسِ بِقِيمَةِ مَا يَسْمَعُ مِنْ كَلَامِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَمِنْ مَوَاعِظِ نَبِيِّهِ ﷺ وَهِدَايَتِهِ إِلَّا مَا يَتَرَاكَمُ هُنَالِكَ مِنَ الْأَخْلَاطِ عَلَى تَلَافِيفِ مُخِّهِ، وَمَا يَحْجُبُ وَجْهَ قَلْبِهِ، وَيُغَيِّبُ عَنَّا صَفْحَةَ عَقْلِهِ مَعَ فُؤَادِهِ، وَأَمَّا إِذَا مَا تَقَلَّلَ كَمَا كَانَ الرَّسُولُ ﷺ يَفْعَلُ؛ فَإِنَّهُ يُعِدُّ الْإِنَاءَ حِينَئِذٍ طَاهِرًا؛ لِتَتَنَزَّلُ فِيهِ رَحَمَاتُ رَبِّنَا -عَزَّ وَجَلَّ-.

وَكَانَ مَنْ هُنَالِكَ مِنَ السَّابِقِينَ الصَّالِحِينَ، يَغْتَسِلُونَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لَا سِيَّمَا فِي لَيَالِي الْوِتْرِ، وَلَا تَظُنَّ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَا نَصَبَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي عِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا تَخْلِيَةِ الْقَلْبِ مِنْ جَمِيعِ مَا فِيهِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَأْتِيَهُ تَحْلِيَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْوَارِ رَحَمَاتِ رَبِّهِ، لَا تَظُنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَا فَعَلَ ذَلِكَ يَتَحَصَّلُ عَلَى شَيْءٍ.

فَمَنْ دَخَلَ الْعَشْرُ بِغِلٍّ وَحِقْدٍ وَحَسَدٍ، وَعِنْدَهُ مِنَ الضِّغْنِ وَالضَّغِينَةِ عَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا يُلَوِّثُ نَهْرًا؛ فَيَجْعَلُهُ مَرًّا زُعًاقًا، فَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّهُ يَتَحَصَّلُ فِي الْمُنْتَهَى عَلَى شَيْءٍ.

يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((كَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا النَّصَبُ وَالسَّهَرُ، وَكَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ)).

إِنَّمَا الصَّوْمُ مَعْنًى بِأَمَانَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُؤَدَّى؛ هُوَ حِفْظٌ الْقَلْبِ عَنْ سُوءِ خَطَرَاتِهِ، وَعَنْ وَارِدِ مُعْوَجِّ إرَادَاتِهِ وَوَارِدَاتِهِ، هُوَ إِقَامَةٌ لِلْقَلْبِ عَلَى السَّوِيَّةِ بِالْمَنْهَجِ؛ حَتَّى يَكُونَ مُشَاهِدًا لِرَبِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشَاهِدًا فَلْيَكُنْ مُرَاقِبًا، كَمَا فِي مَقَامَيِ الْإِحْسَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّبِيُّ الْعَدْنَانُ ﷺ، قَالَ ﷺ: ((الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)).

ثُمَّ ضَبْطٌ لِتِلْكَ الْجَوَارِحِ عَلَى مَنْهَجِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ بِسَمْعٍ لَا يَسْمَعُ إِلَّا خَيْرًا، وَبِبَصَرٍ لَا يُبْصِرُ إِلَّا خَيْرًا، وَبِيَدٍ لَا تَمْتَدُّ إِلَّا إِلَى مَعْرُوفٍ، وَبِرِجْلٍ لَا تَسْعَى إِلَّا إِلَى بِرٍّ وَخَيْرٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُلْقِي الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ عَلَى عَتَبَاتِ رَحَمَاتِ رَبِّهِ.

وَمَنْ أَدَامَ الطَّرْقَ فَحَرِيٌّ أَنْ تُفَتَّحَ لَهُ الْأَبْوَابُ، وَرَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- حَيِيٌّ كَرِيمٌ سِتِّيرٌ، يَسْتَحْيِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ عَبْدُهُ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبِتَيْنِ.

فَاللهم بَلِّغْنَا الْعَشْرَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ عَلَى خَيْرِ حَالٍ تُحِبُّهَا وَتَرْضَاهَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.

اللهم بَلِّغْنَا الْعَشْرَ، وَاجْعَلَهُ مُنْسَلِخًا عَنَّا مَغْفُورًا لَنَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، مُبَارَكًا لَنَا فِي سَعْيِنَا، مَغْفُورًا لَنَا ذَنْبَنَا؛ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ .

 

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان