تفريغ مقطع : يتزوج امرأته مرتين مرة عند المأذون ومرة في المسجد... يعقد في المعقود!!

مِنْ دِينِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَلَّا يُعْقَدَ عَقْدُ الزَّوَاجِ مَرَّتَيْن!!

العَقْدُ: إِيجَابٌ وَقَبُولٌ؛ ثُمَّ خُلُوٌّ مِنَ المَوَانِعِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدَيْن، ((الْتَمِس وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)).

وَكَمَا قُلْتُ: نَمِيلُ وَنَذْهَبُ مَعَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ عُلَمَائِنَا الفُحُول إِلَى أَنَّ التَّوْثِيقَ اليَوْم أَصْبَحَ فِي قُوَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنَ المَصَالِحِ المُرْسَلَةِ, وَهِيَ مِنْ مَسَالِكِ التَّشْرِيعِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.

يَعْنِي: وَلِيِّ الأَمْرِ إِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الأَمْرِ؛ وَهُوَ غَيْرُ مُجَافٍ لِلشَّرِيعَةِ تُسَمَّى مَصْلَحَة مُرْسَلَة، لَمْ يَشْهَدَ لَهَا الشَّرعُ بِإِلغَاءٍ وَلَا إِثْبَات؛ وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَت مَصْلَحَة مُرْسَلَة.

فَإِذَا رَأَى وَلِيِّ الأَمْرِ -لِفَسَادِ الزِّمَم-...

لِأَنَّ الزَّوَاجَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَيْفَ كَانَ؟

يَأْتِي الرَّجُل إِلَى وَلِيِّ المَرْأَةِ -إِلَى وَلِيِّ الزَّوْجَةِ-, ثُمَّ يَقُولُ لُهُ: زَوِّجْنِي، يَقُولُ: زَوَّجْتُكَ، فِي وُجُودِ شَاهِدِين، انْتَهَت المَسْأَلَة, وَتَتَرَتَّب عَلَيْهَا آثَارُهَا.

الاشْهِارُ يَكُونُ لِلدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلْعَقْدِ... الاشْهِارُ لِلدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلْعُقُودِ.

يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحِ وَاضْرِبُوا عَلَيهِ بِالدِّفُوفِ)). وَأَمَّا زِيَادَة (وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ) عِنْدَ أَبِي دَاوُد؛ فَهِيَ زِيَادَةٌ ضَعِيفَةٌ, الحَقُ يُقَال: هِيَ زِيَادَةٌ ضَعِيفَةٌ.

وَلَكِن كَانَ الزَّوَاجُ هَكَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، وَفِي صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّة عِندَ سَلَفِهَا الصَّالِح -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِم-.

لَمَّا فَسَدَت الذِّمَم فِي أَوَاخِرِ القَرْنِ الثَّانِي الهِجْرِي, وَعِنْدَنَا بِفَضْلِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, عِنْدِي عُقُود مَخْطُوطَة مُوَثَّقَة وَكَانَت لِقَوْمٍ مِنْ أَشْمُون هَكَذَا-, وَهِيَ لِقَوْمٍ مِنْ أَشْمُون فِي القَرْنِ الثَّانِي الهِجْرِي، وَتَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَة عَلَى صَدَاقِ أَوْ عَلَى مَهْرِ كَذَا، وَفِيهَا شَهَادَةُ الشُّهُود، وَمِثْل هَذِهِ الأَشْيَاء.

إِذَنْ هَذَا التَّوْثِيق أَمْرٌ قَدِيمٌ، عِنْدَمَا يَذْهَبُ الزَّوْج وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فِي وُجُودِ الشُّهُودِ مَعَ بَقِيَّةِ المَسَائِل الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَفَّرَ عِنْدَ المَأْذُون، وَيَقُومُ بِالتَّوْثِيقِ, وَيُجْرِي صِيغَة العَقْد؛ عُقِدَ العَقْد, إِذَا عُقِدَ مَرَّةً أُخْرَى فَهَذِهِ مُخَالَفَة لِلشَّرِيعَةِ!!

لَمْ يَحْدُث إِطْلَاقًا أَنْ عَقَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَقْدًا مَرَّتَيْن، أَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مَرَّتَيْن، وَلَكِن لَا دَاعِي مُطْلَقًا لِإِعَادَةِ هَذَا العَقْدِ مَرَّة أُخْرَى كَمَا مَرَّ ذِكْرُ ذَلِكَ -بِفَضْلِ اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ- فِي العَقْدِ الَّذِي سَلَفَ, نَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّ العَالمِينَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا جَمِيعًا بِاتِّبَاعِ السُّنَّة.

يَحْدُث مِنْ مُخَالَفَاتِ هَذَا الأَمْرِ شَيْءٌ أَكْبَر وَأَفْظَع مِنْ هَذَا، وَهُوَ:

أَنَّ الرَّجُلَ -وَلِيِّ الزَّوْجَة- يَذْهَب مَعَ الزَّوْج عِنْدَ المَأْذُون؛ فَيُجْرِي لَهُ صِيغَة العَقْد, ثُمَّ يُقَدِّر اللَّه -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَلَّا يَشْهَدَ المَأْذُونُ -لِأَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَمْنَعُهُ، وَمِنَ المَوَانِعِ الصَّارِفَةِ عَن شُهُودِ العَقْدِ؛ لِكَثْرَةِ العُقُودِ أَوْ غَيرِ ذَلِكَ- هَذَا العَقْد مَرَّةً أُخْرَى؛ فَيَقُومُ غَيْرُهُ بِالعَقْدِ فِي المَسْجِدِ، أَوْ فِي أَيِّ مَكَانٍ كَان... مَا الَّذِي يَحْدُث؟!

يَأْتِي وَاحِد آخَر سِوَى وَلِيِّ الزَّوْجَة الَّذِي تَمَّ العَقْدُ مَعَهُ عِنْدَ المَأْذُون؛ لِكِيْ يَقُومَ بِالعَقْدِ مَرَّة أُخْرَى مَعَ الزَّوْجِ!! وَرُبَّمَا مَعَ وَلِيِّ الزَّوْج -مِشْ وَلِيِّ الزُّوج بَقَى؛ مَعَ وَكِيلِ الزّوج!!- كَيْفَ يَحْدُثُ هَذَا؟!

هَذَا كُلُّهُ بَاطِل فِي بَاطِل وَضَلَالٌ فِي ضَلَال، وَسَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ كَمَا مَرَّ فِي العَقْدِ الَّذِي سَلَفَ, وَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّ العَالمِينَ أَنْ يُبَارِكَ لَهُمَا عَلَى قَدْرِ اتِّبَاعِهِمَا لِسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير.

وَإِذَن فَالقَضِيَّةُ إِنَّمَا هِيَ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ, وَإِشْهَارٌ لِعَقْدٍ كَانَ.

عُقِدَ وَانْتَهَت المَسْأَلَة... نَعْقِد فِي المَعْقُود!! أَنَعْقِد فِي المَعْقُود؟!

مِثْل الرَّجُل المِسَحَّرَاتِي الَّذِي كَانَ...

تَعْلَم أَنَّ المِسَحَّرَاتِيَّة يُقَسِّمُونَ كُل قَرْيَة أَو كُل بَلَد أَقْسَامًا, فَاعْتَدَى وَاحِد مِنَ المِسَحَّرَاتِيَّة عَلَى المَنْطِقَةِ الجُغرَافِيَّة لِآخَر؛ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تُسَحِّر فِي المِتْسَحَّر ^^ .

وَإِحْنَا هُنَا نَعْقِد فِي المَعْقُود؟!

هُوَ عُقِدَ العَقْد بِالصِّيغَةِ الشَّرعِيَّةِ؛ وَهُوَ مُلْزِمٌ بِآثَارِهِ وَنَتَائِجِهِ وَللَّهِ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ, وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَهُمَا وَفِيهِمَا وَعَلَيْهِمَا.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هل أنت من الذين يخوضون في الأعراض ويكشفون الأسرار ويفضحون المسلمين استمع لعقوبتك
  إذا قال لك الملحد أنا لا أؤمن إلا بما أراه أو أسمعه كيف ترد؟
  قلب يحترق يتمزق ينزف دما على ذل المسلمين
  عدة الشهور عند الله وعبث الجاهليين بالتقويم
  عيشوا الوحي المعصوم
  الواحدُ منكم يحمل المكتبة الشاملة في يده، فماذا تعلمتم؟!! ، وبماذا عمِلتُم مما عَلِمتُم؟!!
  الحلقة الخامسة: تتمة بيان بعض أساليب الملحدين الماكرة
  ابتعد عن الفحش والفواحش
  ((الحلقة الأُولَى)) ((الإلحاد وبداية نشأته))
  لحظة تراجع الرسلان عن خطأ أخطأه
  صِفَاتُ الذَّاتِ وَصِفَاتُ الفِعْلِ
  سيد قطب وتكفير المجتمعات الإسلامية
  قصة جريج وغض البصر
  قولوها واستحضروها واجعلوها دائمًا في قلوبكم
  دِينُ اللَّهِ؛ تَعَلَّمُوهُ, وَاصْرِفُوا فِيهِ الأَعمَارَ, وَأَفنُوا فِيهِ الأَوقَات, فَإِنَّ الأَمْرَ كَبِيرٌ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان