تفريغ مقطع : فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أَوْ شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ يُعْلِنُ تَفْلِيسَهُ

((فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أَوْ شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ يُعْلِنُ تَفْلِيسَهُ))

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَهَذِهِ كَلِمَةٌ جَعَلْتُ لَهَا عُنْوَانًا هُوَ: ((فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ، أَو: شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ يُعْلِنُ تَفْلِيسَهُ)).

وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا أَنْ نَاشَتْهُ سِهَامُ الْحَقِّ حَتَّى نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، مُعْلِنًا أَنَّهُ لَنْ يَنْشَغِلَ عَمَّا هُوَ فِيهِ - يَعْنِي مِنْ افْتِرَائِهِ وَبُهْتَانِهِ - بِمَا يُتَّهَمُ بِهِ وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ.

وَشَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ وَعِصَابَتُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ مَسْلَكًا وَأَخْلَاقًا بِالْفِرَقِ الْمَسْرَحِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَجُوبُ الْقُرَى وَالنُّجُوعَ قَدِيمًا، وَتَسْتَدْعِي بِالتَّهْرِيجِ وَالِابْتِذَالِ ضَحِكَاتِ الْقَرَوِيِّينَ الَّذِينَ يَطْحَنُهُمُ الْفَقْرُ، وَيُضْنِيهُمُ الْمَرَضُ، وَتَسْلُبُ فِي الْوَقْتِ عَيْنِهِ قُرُوشَهُمُ الْقَلِيلَةَ، وَهِيَ ثَرْوَتُهُمُ الْعَظِيمَةُ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ: أَنَّ شَيْخَ الْحَدَّادِيَّةِ كَذَّابٌ قَعِيدٌ فِي الْكَذِبِ بِالْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ وَالْبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ، وَأَقْرَبُهَا أَنَّهُ مُنْذُ حَوَالَيْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَامًا فِي كَفَالَةِ الْقُطْبِيِّينَ بِصِفَةِ سَائِقٍ أَوْ عَامِلٍ زِرَاعِيٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَذْهَبُ إِلَى الْمَمْلَكَةِ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِيُجَدِّدَ الْكَفَالَةَ وَالْإِقَامَةَ بِالتَّوْقِيعِ عَلَى إِقْرَارٍ بِأَنَّهُ مُقيمٌ فِي الْمَمْلَكَةِ وَهُوَ لَيْسَ مُقِيمًا بِهَا! وَعَلَى أَنَّهُ سَائِقٌ لَدَى كَفِيلِهِ، وَلَيْسَ سَائِقًا لَهُ!

فَوَقَّعَ كَاذِبًا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ إِقْرَارًا بِخَطِّ يَدِهِ، وَكُلُّ إِقْرَارٍ إِقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِكَذِبِهِ وَبُهْتَانِهِ، وَهُوَ مَاضٍ فِي ذَلِكَ لَا يَنْتَهِي عَنْهُ، وَلَا يَخْجَلُ مِنْهُ، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ.

وَلَيْسَ عِنْدَ شَيْخِ الْحَدَّادِيَّةِ لِكُلِّ ذَلِكَ سِوَى الصَّفَاقَةِ وَالْحَيْدَةِ وَالْبُهْتَانِ، فَاللهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَسْلَكُ شَيْخِ الْحَدَّادِيَّةِ فِي الْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ، وَالْجِدَالِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَتَدَنِّيهِ الْأَخْلَاقِيِّ فِي التَّمَسُّكِ الْأَحْمَقِ بِالسَّفَاسِفِ، وَالتَّعَلُّقِ الْمُسْتَمِيتِ بِخُيُوطِ الْوَهَمِ الَّتِي هِيَ أَوْهَنُ مِنْ خَيْط الْعَنْكَبُوتِ، مَعَ تَشَبُّعِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَخُلُّوِهِ مِمَّا يَدَّعِيهِ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا يَرْمِي بِهِ مَنْ يَحْقِدُ عَلَيْهِ بِلَا مُوجِبٍ، وَيُخَاصِمُهُ لِغَيْرِ حَقِّ، قَدْ تَوَرَّطَ هُوَ فِي أَضْعَافِ أَضْعَافِهِ مِنْ تَطَاوُلِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَسُوءِ أَدَبِهِ مَعَهُ، وَالْكَذِبِ عَلَيْهِ ﷺ بِتَقْوِيلِهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي وَنَفْسِي ﷺ.

وَبِطَعْنِهِ فِي عُمَرَ وَطَلْحَةَ وَعَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَمَنْ كَانَ مَعَ كُلِّ مِنْهُمَا فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، وَهُوَ طَعْنٌ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِطَعْنِ الرَّوَافِضِ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

*وَطَعْنِهِ فِي الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ عَلَى طَرِيقَةِ خَوَارِجِ الْعَصْرِ الَّذِينَ صُبِغَ بِصِبْغَتِهِمْ، وَسُقِيَ مِنْ مَشْرْبِهِمْ، وَغُمِسَ فِي مَنْقُوعِ بِدْعَتِهِمْ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ شَدِيدُ خُصُومَتِهِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي مِصْرَ، وَحَطُّهُ عَلَيْهِمْ، وَالزِّرَايَةُ بِهِمْ، وَالِانْحِيَاشُ عَنْهُمْ إِلَى أَفْرَادِ عِصَابَتِهِ، الَّذِينَ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِمْ، وَيَأْتَمِرُ بِأَمْرِهِمْ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ فِي الرَّجُلِ دَرْوَشَةً وَقِلَّةَ عَقْلٍ، وَذَلِكَ لمَّا سَمَّى وَلَدَهُ بِالْأَلْبَانِيِّ، ثُمَّ قَرَّرَ أَنَّهُ يَجِدُ الْهَيْبَةَ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الْأَلْبَانِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-!! وَأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ جَاءَ لِتَقْرِيرِ الْمَنْهَجِ، وَمُحَارَبَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ!! يَجْزِمُ بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَثْنِي! مِمَّا يُذَكِّرُ بِمَا هُوَ شَائِعٌ بَيْنَ الْقَبْرِيِّينَ فِي (مُحَافَظَةِ كَفْرِ الشَّيْخِ) وَهُوَ مِنْهَا، عَنِ الدُّسُوقِيِّ، وَقَدْ وَلِدَ الدُّسُوقِيُّ فِي التّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ، وَالنَّاسُ لَا يَدْرُونَ؛ أَأَلْغَدُ مِنْ رَمَضَانِهِمْ أَمْ هُوَ مُتَمِّمٌ لِشَعْبَانَ؟

فَاجْتَمَعَ شُيُوخُ الْقَوْمِ مِنَ الْقَبْرِيِّينَ، وَأَمَرُوا أَبَا إِبْرَاهِيمَ الدُّسُوقِيِّ أَنْ يَنْظُرَ حَالَ رَضِيعِهِ، فَذَهَبَ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عَنِ الرَّضَاعِ، فَرَجَعَ، فَأَخْبَرَ الشُّيُوخَ، فَكَبَّرُوا وَقَالُوا: هُوَ إِذَنْ صَائِمٌ، وَأَذَّنُوا فِي النَّاسِ أَنَّ الصِّيَامَ مِنَ الْغَدِ!!

وَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ يَسِيرُ شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ، يَجِدُ الْهَيْبَةَ مِنْ رَضِيعِهِ وَهُوَ يُحْدِثُ فِي قِمَاطِهِ! وَهُوَ مُعْتَقِدٌ فِيهِ اعْتِقَادَ الْقَبْرِيِّ فِي ضَرِيحِهِ! وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَا كَانَ مِنْ تَارِيخِ مِرَائِهِ وَجِدَالِهِ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُنْذُ حَوَالَيْ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ طَالَبْتُهُ بِبِيَانِ أُمُورٍ تَوَرَّطَ فِيهَا، وَكَانَ الْأَمْرُ مَحْصُورًا عِلْمُهُ فِي أَشْخَاصٍ قَلِيلِينَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَدَيْهِ لِيَنْتَهِيَ الْأَمْرُ وَيُحَلَّ الْإِشْكَالُ، وَلَكِنَّهُ مُنْذُ ذَلِكَ الْوَقْت رَاكِبٌ رَأْسَهُ فِي خُصُومَةِ وَجِدَالٍ وَمِرَاءٍ.

وَقَدْ قُلْتُ كَلِمَتِي مُنْذَ ذَلِكَ الْحِينِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُنْذُ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ فِي هَذَيَانِهِ وَبُهْتَانِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى، وَجَاوَزَ الْمَاءُ الطُّبَى، فَوَسَمْتُهُ، فَضَجَّ وَأَجْفَلَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى، وَهُوَ عَلَى رَأْيِهِ مُقِيمٌ، وَفِي هَوَى أَفْرَادِ عِصَابَتِهِ وَمُضِلِّيهِ حَاطِبٌ وَرَاتِعٌ، وَهُمْ لَا يَكُفُّونَ عَنْ سَفَاهَتِهِمْ، وَلَا يَرْعَوُونَ عَنْ بَاطِلِهِمْ، وَلَا يُكَفْكِفُونَ مِنْ قِلَّةِ أَدَبِهِمْ؛ لِيَكْتُبُوا بِذَلِكَ فَصْلًا جَدِيدًا فِي كِتَابِ حَمَاقَتِهِمْ وَمِرَائِهِمْ وَبُهْتَانِهِمْ وَبَهْتِهِمْ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ شَيْخَ الْحَدَّادِيَّةِ وَبِطَانَتَهُ مِنْ كِبَارِ الْمُتَمَلِّقِينَ، يَتَزَلَّفُونَ إِلَى الْعُلَمَاءِ الْكِبَارِ، وَيُظْهِرُونَ الْمُوَافَقَةَ لَهُمْ فِي مَبَاحِثِ الْإِيمَانِ، وَهُمْ يَرْمُونَهُمْ بِالِاضْطِرَابِ فِي فَهْمِهِ، وَعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِفِقْهِهِ، بَلْ يَرْمُونَهُمْ بِالْإِرْجَاءِ، وَيَسْتَعْمِلُونَ مَعَ ذَلِكَ التَّقِيَّةَ مَعَهُمْ؛ لِيَصْعَدُوا عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَلَكِنْ إِلَى حَيْثُ يُهْوَى بِهِمْ - إِنْ شَاءَ اللهُ - فِي مَهَاوِي تَبْدِيعِهِمْ وَإِقْصَائِهِمْ.

بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ هَذَا وَأَنَّ الرَّجُلَ وَعِصَابَتَهُ فِي مِصْرَ وَالْمَدِينَةِ وَالرِّيَاضِ وَمَكَّةَ؛ يُنَفِّذُونَ مُؤَامَرَةً مَحْبُوكَةَ الْأَطْرَافِ، وَيُسَانِدُهُمْ فِيهَا بِصَمْتِهِ حِينًا، وَبِكَلَامِهِ بَيْنَ خَاصَّتِهِ أَحْيَانًا بَعْضُ أَهْلِ الْحِقْدِ فِي مِصْرَ وَفِي غَيْرِهَا، وَاللهُ تَعَالَى يُحْبِطُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ مَكْرَهُمْ، وَيُبْطِلُ سَعْيَهُمْ، وَيُخَيِّبُ رَجَاءَهُمْ، وَهُمْ فِي غَيِّهِمْ سَادِرُونَ، وَعَنِ الْهُدَى وَالْحَقِّ وَالرَّشَادِ عَمُونَ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَعْتَرِفُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ، وَلَا بِالشُّرُودِ اللَّحْظِيِّ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ أَوِ الْكَلَامِ، وَلَا بِالذُّهُولِ عَنِ السِّيَاقِ، وَلَا بِانْتِقَالِ النَّظَرِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْقَارِئِ، وَيُرَتِّبُ عَلَى مَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ تَقْرِيرَاتٍ خَطِيرَةً وَنَتَائِجَ مُفْظِعَةً، وَهُوَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يَأْبَى أَنْ يَخْضَعَ لِمَا يُقَرِّرُهُ وَيَدْخُلَ تَحْتَ الْحُكْمِ الَّذِي يُصْدِرُهُ مَعَ وُقُوعِ ذَلِكَ بِكَثْرَةٍ مِنْهُ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ شَيْخَ الْحَدَّادِيَّةِ غَيْرُ ضَابِطٍ لِأُصُولِ الِاعْتِقَادِ؛ فَلَا يَفْهَمُ حَقِيقَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْإِرَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ، مِمَّا دَفَعَهُ إِلَى اسْتِشْكَالِ عِبَارَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَاضِحَةٍ لِلشَّيْخِ الْفَوْزَان فِي الْكَلَامِ عَنِ الْإِرَادَتَيْنِ حَتَّى رَمَى بِهَا بِالْجَبْرِ الخفِيِّ كَمَا زَعَمَ!

وَكَذَلِكَ فِي عَدَمِ تَحْرِيرِهِ لِمَبْحَثِ التَّبَرُّكِ، وَمَا هُوَ مَشْرُوعٌ مِنَ التَّبَرُّكِ وَمَا هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، حَتَّى اعْتَرَضَ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ الْمُجَدِّدِ مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْوَهَّاب -رَحِمَهُ اللهُ- فِي ((الْفَوَائِدِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَّةِ)) وَرَدَّ كَلَامَ الْإِمَامِ الْمُجَدِّدِ بِجَهْلِ وَصَلَفٍ.

مَعَ تَخْلِيطِهِ وَجَهْلِهِ فِي إِثْبَاتِ الْحَدِّ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَحَدِّثْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ! وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ مَا يَتَكَلَّمُ عَنْهُ، وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي وَادٍ وَهُوَ فِي وَادٍ آخَرَ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مُجَازَفَةُ الرَّجُلِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْأُمُورِ، مُجَازَفَةَ مَنْ لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ، كَزَعْمِهِ أَنَّ عُلَمَاءَ الْمَمْلَكَةِ - وَلَمْ يَسْتَثْنِ- لَا يُحْسِنُونَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ أَفْضَلَهُمْ طَرِيقَةً وَأَتْقَنَهُمْ تِلَاوَةً وَهُوَ الشَّيْخُ الْفَوْزَانُ، قِرَاءَتُهُ كِقَرَاءَةِ أَضْعَفِ الطُّلَّابِ قِرَاءَةً عِنْدَ شَيْخِ الْحَدَّادِيَّةِ كَمَا زَعَمَ!

وَفِي أَحْكَامِهِ هَذِهِ وَمُجَازَفَاتِهِ تَمْرِينٌ لِلطُّلَّابِ عَلَى التَّهَجُّمِ وَإِسَاءَةِ الْأَدَبِ، وَتَجْرِئَةٌ لَهُمْ عَلَى طُولِ اللِّسَانِ وَالسَّبِّ وَالْعُدْوَانِ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَبْلَغُ عِلْمِ الرَّجُلِ بِمَا يَتَعَرَّضُ لَهُ مِنْ كُتُبِ سَلَفِنَا وَمُصَنَّفَاتِهِمْ، وَكَيْفَ يَتَنَاوَلُ تُرَاثَ الْأُمَّةِ بِمَا يَجْعَلُهُ أُضْحُوكَةً وَهُزَأَةً عِنْدَ الْمُبْتَدِئِينَ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ، فَضْلًا عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ، فَضْلًا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَمَكِّنِينَ، مِمَّا يَجْعَلُ تُرَاثَ الْأُمَّةِ عُرْضَةً لِلِاسْتِهَانَةِ وَالزِّرَايَةِ وَالْإِهْمَالِ، مَعَ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ لُغَةُ الرَّجُلِ مِنْ سُوقِيَّةٍ مُتَدَنِيَّةٍ، وَانْحِطَاطٍ مُزْرٍ، مِمَّا يَجْعَلُ لُغَتَهُ مِنْ مَنْطِقِ الطَّيْرِ الَّذِي لَا نَعْرِفُهُ! وَهُوَ يُمَثِّلُ خَطَرًا عَلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ الَّذِينَ ابْتُلُوا بِهِ، وَأَصَابَتْهُمُ النِّقْمَةُ بِسَمَاعِهِ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُرْتَزَقَةِ لَا يُجِيدُونَ - كَعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ - سِوَى الْمِرَاءِ وَالْبَهْتِ وَالْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ، وَرَمْيِ الْبُرَآءِ بِمَا هُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ أَخَصِّ صِفَاتِهِمْ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَا فِي الرَّجُلِ مِنْ سُوءِ أَدَبٍ وَقِلَّةِ عَقْلٍ وَهُوَ يَرْمِي الْحُجَّاجَ وَالطَّائِفِينَ مِنَ الْمُعْتَمِرِينَ بِالِانْحِلَالِ الْخُلُقِيِّ وَقَصْدِ السُّوءِ فِي طَوَافِهِمْ بِبَيْتِ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَلَا.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَا عِنْدَ الرَّجُلِ وَأَفْرَادِ عِصَابَتِهِ مِنْ بَتْرٍ لِلنُّصُوصِ، وَسَلْخٍ لَهَا مِنْ سِيَاقَاتِهَا، وَتَحْمِيلِ الْأَلْفَاظِ مَا لَا تَحْتَمِلُ، وَالْإِلْزَامِ بِلَوَازِمَ أَبْعَدَ فِي التَّصَوُّرِ مِنَ النُّجُومِ، مَعَ الْحَيْدَةِ إِذَا قَامَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ بِالْبَرَاهِينِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ النَّاصِحِينَ.  

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ كَأَنَّ الرَّجُلَ وَعِصَابَتَهُ يَعْمَلُونَ لِصَالِحِ جِهَةٍ مَا تُرِيدُ ضَرْبَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي مِصْرَ، وَتُرِيدُ تَمْزِيقَ صَفِّهِمْ، وَتَفَرِيقِ جَمْعِهِمْ، مَعَ مَا يُحَصِّلُهُ الرَّجُلُ وَعِصَابَتُهُ مِنَ الْعَوَائِدِ وَمَا يَجْنُونَهُ مِنَ الْهِبَاتِ وَالْفَوَائِدِ.

وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْهُرَاءَ وَالْمِرَاءَ اللَّذَيْنِ يَشْغَلُ بِهِمَا شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ وَبِطَانَتُهُ مَنْ ابْتُلُوا بِسَمَاعِهِ أَوْ مَعْرِفَتِهِ، يَشْغَلُ بِهِمَا مَنْ ابْتُلِيَ بِذَلِكَ عَنْ بَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي خِدْمَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالِاتِّبَاعِ، وَمَا يُشْغَلُ بِهِ مَنْ ابْتُلُوا بِسَمَاعِهِ مِنْ إِثَارَةِ دَوَاعِي الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، وَتَقْوِيَةِ أَسْبَابِ الشِّقَاقِ وَالْخِلَافِ فِي وَقْتٍ تَحْتَاجُ الْأُمَّةُ فِيهِ كُلَّ طَاقَاتِ أَبْنَائِهَا، وَالتَّكَاتُفَ وَالتَّلَاحُمَ ضِدَّ أَعْدَائِهَا.  

بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ مَا يَفْعَلُهُ هَذَا الرَّجُلُ وَعِصَابَتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ كَأَنَّهُ خَرْقٌ لِلسَّفِينَةِ لِيُغْرِقَ أَهْلَهَا، بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ هَذَا كُلُّهُ وَغَيْرُهُ؛ أُعْلِنُ أَنَّهُ مَا كَانَ مِنِّي لَمْ يَكُنْ رَدًّا عَلَى مَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ بَهْتٍ وَافْتِرَاءٍ وَكَذِبٍ، فَكِذَابُهُمْ أَهْوَنُ مِنَ الَّذِي كَذِبَهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ كَشْفًا وَبَيَانًا لِحَقِيقَةِ هَذِهِ الْخُصُومَةِ الْفَاجِرَةِ، وَمَا عَلَيْهِ الْحَدَّادِيَّةُ وَشَيْخُهُمْ مِنْ حُرُوبِ طَوَاحِينِ الْهَوَاءِ.

وَلِيَعْلَمَ إِخْوَانِي وَأَبْنَائِي مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ أَنَّ تَلْبِيسَ الْحَدَّادِيَّةِ مِنْ تَلْبِيسِ إِبْلِيسِ، وَأَنَّ بُنْيَانَهُمْ لَا يُدَافِعُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يُدْفَعُ، ثُمَّ نَمْضِي فِي طَرِيقِنَا؛ لِأَدَاءِ مَا فِي أَعْنَاقِنَا مِنْ دَيْنٍ لِأَبْنَاءِ دِينِنَا بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَتَعْلِيمِهِ، وَالدَّعْوَةِ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ، وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ، وَإِنْفَاقِ الْأَعْمَارِ مَعَ بَذْلِ المجْهُودِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالِاتِّبَاعِ بِالتَّصْفِيَةِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي إِخْلَاصِ النِّيَّةِ، وَتَحْسِينِ الْعَمَلِ فِي مُجْتَمَعٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعَلْمَانِيُّونَ وَاللِّيبْرَالِيُّونَ وَالْقَبْرِيُّونَ وَالْمَلَاحِدَةُ وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ يَجْتَهِدُونَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى بَاطِلِهِمْ وَزَيْغِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، وَالْحَدَّادِيَّةُ وَشَيْخُهُمْ فِي كَيْدِهِمْ سَادِرُونَ، وَعَنِ الْحَقِّ مُعْرِضُونَ.

فَإِلَى اللهِ تَعَالَى الْمُشْتَكَى، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

وَأَفُوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.

 

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  تحذيرٌ هَامٌّ للنِّسَاءِ اللاتِي تُرْضِعْنَ أَطْفَالًا غَيْرَ أَطْفَالِهِنَّ
  القطبيون في المملكة العربية السعودية
  بأي لونٍ أخط الحرف يا عرب
  السوريون والسوريات ينتظرون الفتوى بجوازِ أكل الأموات من الأناسيِّ
  اللهم إنَّكَ تعلمُ أنِّي أُحِبُّ أنْ أَدُلَّ عَليك
  كيف يحمي المسلم نفسه من السحر والرد على شبهة سحر النبي
  الحرب على مصر حرب عقائدية فهل تخاض بالطعن في ثوابت الدين
  الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا
  دفع البهتان حول عبارة (فيواطئ الهوى الهوى)
  حلــم الشيعــة هـدم الكعبـة والمسجـد النبـوى وحـرق أبوبكـر وعمـر رضى الله عنهما
  لمَاذا أنت غَضُوب لا يقِفُ أمامَ غضَبِكَ أحد؟
  حول الصحابي المسيء في صلاته رضي الله عنه
  لا تتكلم فيما لا يعنيك، وَفِّر طاقةَ عقلِك وطاقةَ قلبِك, واحفظ على نفسِك وقتَك
  الحثُّ على قَوْلِ الخيرِ أو الصَّمت
  لِمَ الكيل بمكيالين في توصيف الدول
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان