تفريغ مقطع : هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ

((هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ))

والْحَقُّ أَنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ يَنْبَنِي عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- غَيْبٌ لَا تَرَاهُ الْأَعْيُنُ إِلَّا فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ رَأَى رَبَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بَعَيْنَيْ رَأْسِهِ فِي الدُّنْيَا قَطُّ، وَلَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا كَانَ فِي رُؤْيَا مَنَامٍ.

وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَقَالَ: ((نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ)).

وَعَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهَا- لَمَّا ذُكِرَ لَهَا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ.

قَالَتْ: ((مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ)).

وَقَالَتْ: ((لَقَدْ قُفَّ شَعْرِي مِمَّا قُلْت)).

فَنَفَتِ الرُّؤْيَةَ بِعَيْنَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

وَابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمَا- كَانَ يُثْبِتُ الرُّؤْيَةَ بِالْقَلْبِ، لَا بِعَيْنَيْ الْإِنْسَانِ.

فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا-.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ فِي الدُّنْيَا قَطُّ.

وَلَمَّا سَأَلَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَبَّهُ أَنْ يَرَاهُ، أَخْبَرَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّ الْجَسَدَ الْبَشَرِيَّ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَا يَتَحَمَّلُ هَذَا، بَلْ ذَكَرَ لَهُ رَبُّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهُ يَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ، فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ يَرَاهُ مُوسَى، فَلَمَّا تَجَلَّى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْجَبَلِ؛ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا.

فَمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي حَالَتِهِ الْبَشَرِيَّةِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَمْ يَتَحَمَّلْ رُؤْيَةَ الْمُتَجَلَّى عَلَيْهِ، فَكَيْفَ بَالْمُتَجَلِّي؟!!

فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَحَدًا رَأَى رَبَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ فِي الدُّنْيَا قَطُّ، وَإِنَّمَا يَرَى النَّاسُ رَبَّهُمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِأَعْيُنِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي: أَنْ يَرَاهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَوْقِفِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَوْ أَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَتَجَلَّى لِلْمُؤْمِنِينَ وَمَعَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْجُبُهُمُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْ رُؤْيَتِهِ، فَلَا يَتَجَلَّى وَلَا يُرَى إِلَّا فِي الْجَنَّةِ مِنْ قِبَلِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْوَالٌ.

وَرُؤْيَةُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْجَنَّةِ هِيَ أَعْلَى النَّعِيمِ، فَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ نَعِيمٌ فَوْقَ رُؤْيَةِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

وَيَتَجَلَّى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى حَسَبِ دَرَجَاتِهِمْ.

فَنَسْأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُمَتِّعَنَا بِلَذَّةِ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ فِي الْجَنَّةِ، إِنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  بدعة الإحتفال بالمولد النبوي والرد على شبهات المجيزين
  أمر هام لكل من أراد أن يضحي
  حول ما يجوزُ مِنْ تزكيةِ النَّفْسِ
  صلاة العيد بالمُصلى والتحذير من التكبير الجماعي ومن الاختلاط والسفور!!
  أنت مسلم فاعرف قدر نفسك
  السر الأكبر لقراءة الرسلان من الورق..؟
  لا تتكلم فيما لا يعنيك، وَفِّر طاقةَ عقلِك وطاقةَ قلبِك, واحفظ على نفسِك وقتَك
  فَضْلُ العِلْمِ وَطُلَّابِهِ
  ‫أين الإخلاص فينا‬؟‬
  أهم الأخطاء التي يقع فيها المؤذنون
  أراد أن يمثل القرآن بحركات فكيف كان الجواب؟!
  فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أَوْ شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ يُعْلِنُ تَفْلِيسَهُ
  هل الأعمال شرط كمال أم شرط صحة ..؟
  حكم زيارة النساء للقبور وضوابطها وآدابها
  رسائل الشيخ رسلان إلى الحاضرين والمستمعين
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان