تفريغ مقطع : فَضْلُ العِلْمِ وَطُلَّابِهِ

وَلَمَّا كانَ كُلٌّ مِن الجِهَادِ بِالسَّيْفِ والحُجَّةِ يُسَمَّى سَبِيلَ اللهِ؛ فَسَّرَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- قَوْلَهُ: {أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم} بالأُمَرَاءِ والعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُم المُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ، هؤلاءِ بِأَيْدِيهِم -يعني: الأُمَرَاء-، وهؤلاءِ بِأَلْسِنَتِهِم -يَعْنِي العُلَمَاء-. 
فَطَلَبُ العِلْمِ وتَعْلِيمُهُ مِن أَعْظَمِ سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ أَبو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((مَن رَأى الغُدُوَّ والرَّوَاحَ إلى العِلْمِ لَيْسَ بِجِهَادٍ؛ فَقَدْ نَقَصَ عَقْلَهُ وَرَأيَهُ)). 
وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- إِذَا جَاءَ المَوْتُ طَالِبَ العِلْمِ وَهُوَ على هذه الحَالِ مِن الطَّلَبِ؛ مَاتَ وَهُوَ شَهِيدٌ. 
وَقَالَ سُفيانُ ابن عُييْنَة: ((مَن طَلَبَ العِلْمَ فَقَدْ بَايَعَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-)).
وَذَكَرَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ((الجَامِعِ)) عَن بَعْضِهِم في قَدْرِ العُلَمَاءِ وَقِيمتِهِم: ((وَمِدَادُ مَا تَجْرِي به أَقْلَامُهُم أَزْكَى وَأَفْضْلُ مِن دَمِ الشُّهَدَاءِ   ***   يَا طَالِبِي عِلْم النَّبيِّ مُحَمَّدٍ مَا أَنْتُم وَسُواكُم بِسَوَاءٍ)). 
فَعَلَى الإِنْسَانِ أنْ يَعْتِصَمَ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وأَنْ يَسْلُكَ سَبِيلَ الطَّلَبِ على نَهْجِ الصَّحَابَةِ ومَن تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ، فَفِي هَذَا النَّجَاة، وَلَا نَجَاةَ إِلَّا فيه، فَإِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- جَعَلَ النَّجَاةَ في الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وهُمَا مَعْدِنُ العِلْمِ وأَصْلُهُ، فَمَهْمَا تَرَكَ الإِنْسَانُ الكِتَابَ والسُّنَّةَ وتَنَكَّبْهُمَا وَاسْتَدْبَرْهُمَا وَجَعَلَهُمَا دَبْرَ أُذُنيْهِ وَخَلْفَ ظَهْرِهِ؛ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا. 
فَمَنْ أَرَادَ النَّجَاةَ حَقًّا وَصِدْقًا في هَذِهِ الدُّنْيَا التي تَمُوجُ بِالفِتَنِ مَوْجَ البَحْرِ، وهي تَتَلَاطَمُ بِأَهْلِ الأَهْوَاءِ والبِدَعِ وَقَد عَلَت أَصْوَاتُهُم؛ فَتَسَنَّمُوا كُلَّ ذِرْوَةٍ، وَعَلَوْا كلَّ مِنْبَرٍ، وَصَارَ صَوْتُهُم عَاليًا قَويًّا، وإنَّمَا هُم في النِّهَايَةِ غُثَاءٌ، مَنْ أَرَادَ النَّجَاةَ وَالحَالَ هَذِهِ؛ فَعَلَيْهِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  أين دُفن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم-
  لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
  عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ
  قصة العلامة رسلان مع أحد التكفيريين
  كيف تعرفُ أنَّ الفتنةَ أصابَتْك
  صلاة العيد بالمُصلى والتحذير من التكبير الجماعي ومن الاختلاط والسفور!!
  يَتَعَصبونَ للهوى
  إنَّمَا يَتَعثَّرُ مَن لمْ يُخلِص
  هل كان موسى عليه السلام عميلًا لفرعون؟ هل كان الحسن البصري عميلًا للحجاج؟!
  المعركة بين المسلمين والغرب
  هل الأعمال شرط كمال أم شرط صحة ..؟
  لا نُرَقِّع دينَنا بثقافةِ غيرِنا
  الرد على شبهة وجود قبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مسجده...
  أفق يا رجل لا تكونن وليًّا لله في العلن عدوًا لله في السر
  كَفَّرُوهُم!! جَعَلُوهُم مُرْتَدِّينَ!! إِذَنْ حَلَالٌ دَمُهُم؛ حَرامٌ حَيَاتُهُم, حَلَالٌ أَعْرَاضُهُم؛ حَرَامٌ بَقَاؤُهُم, فَلْيَذْهَبُوا إِلَى الجَحِيمِ!!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان