تفريغ مقطع : إِيِ وَاللَّهِ، لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ؛ مَا قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيَّ، وَلَكِنَّهُ السَّتْر، فَاللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا سَتْرَكَ وَعَافِيَتَكَ

وَلَمَّا احْتُضِرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؛ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو الأَشْهَب وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَة، فَقَالَ لَهُ حمَّاد: ((يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ أَمِنْتَ مِمَّا كُنْتَ تَخَافُهُ، وَتَقْدَمُ عَلَى مَنْ تَرْجُوهُ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين، فَقَالَ: يَا أَبَا سَلَمَة، أَتَطْمَعُ لِمِثْلِي أَنْ يَنْجُوَ مِنَ النَّار، قَالَ: إِيِ وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَرْجُو لَكَ ذَلِك)).

أَتَطْمَعُ لِمِثْلِي أَنْ أَنْجُوَ مِنَ النَّار!!

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَعِيدٍ الوَاسِطِي، فِيمَا ذَكَرَ بنُ كَثِيرٍ فِي ((البِدَايَةِ)) قَالَ: ((أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بنُ جَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزْوَةٍ إِلَى كَابُولَ، وَفِي الجَيْشِ صِلَةُ بنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ العَتَمَةِ، فَصَلُّوا، ثُمَّ اضْطَجَعَ.

فَقُلْتُ: لَأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ حَتَّى إِذَا قُلْتُ: هَدَأَتِ الْعُيُونُ؛ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً قَرِيبًا مِنَّا، فَدَخَلْتُ عَلَى إِثْرِهِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي, وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ، أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ أَوْ عَدَّهُ جَرْوًا؟! فَلَمَّا سَجَدَ قُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ الأَسَدُ، فَجَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا السَّبُعُ؛ اطْلُبِ الرِّزْقَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا، أَقُولُ: تَصَّدَّعُ الْجِبَالُ مِنْهُ!!

قال: فَمَا زَالَ كَذَلِكَ يُصَلِّي، حَتَّى كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ وَمِثْلِي يَصْغُرُ أَنْ يَجْتَرِئَ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ!!

قال: ثُمَّ رَجَعَ وَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بَاتَ عَلَى الْحَشَايَا، وَأَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ، اللَّهُ بِهِ عَالِمٌ)).

وَمَا بَاتَ قَائِمًا، وَلَا مِنَ السَّبُعِ مُشْفِقًا، وَلَا لَهُ آمِرًا وَنَاهِيًا!!

وَأَمَّا صِلَةُ، فَإِنَّهُ لَمَّا أَصْبَحَ؛ كَأَنَّمَا بَاتَ عَلَى الحَشَايَا، وَهُوَ يُعَامِلُ رَبَّهُ، وَيَفِرُّ بِقَلْبِهِ مِنْ مَوَاطِنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَة، فَيَنْتَظِرُ حَتَّى تَهْدَأَ العُيُونُ، وَتَلْتَذَّ بِالغُمْضِ أَجْفَانُهَا، ثُمَّ يَقُومُ يَتَوَضَّأ خَالِيًا بِرَبِّهِ.

وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ مِنْ حَالٍ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَمَّا أَصْبَحَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ وَمِثْلِي يَصْغُرُ أَنْ يَجْتَرِئَ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ!!)).

وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ اللَّهَ إِنْ أَعَاذَهُ مِنَ النَّارِ، وَأَجَارَهُ مِنَ النَّارِ؛ أَدْخَلَهُ الجَنَّةَ وَنِعْمَ القَرَار، وَلَكِنَّهُ يَعْرِفُ نَفْسَهُ، وَقَدْرَ رَبِّهِ، فَيَتَأَدَّبُ فِي الخِطَابِ، فَهَذَا أَدَبٌ فِي الخِطَابِ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ.

قَالَ يُونُسُ بنُ عُبَيْد: ((إِنِّي لَأَجَدُ مِئَةَ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الخَيْرِ أَيْ: أَعْرِفُهَا- مَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا وَاحِدَة)).

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِع: ((لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ؛ مَا قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيَّ)).

إِيِ وَاللَّهِ، لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ؛ مَا قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيَّ، وَلَكِنَّهُ السَّتْر، فَاللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا سَتْرَكَ وَعَافِيَتَكَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ هِشَامٌ البِيَلِيّ يُكَفِّرُ الْأُمَّةَ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْأُمَّةَ ارْتَدَّتْ إِلَى دِينِ أَبِي جَهْلٍ
  وما على المرء باس لو شتمه جميعُ الناس، وصِينت الديانة.
  اجلس بنا نغتب في الله ساعة... الكلام في أهل البدع
  ما الذي قدموه؟ بنطال محزق مرقع! خلاعة ومجون!!
  إِذَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِي المَقَابِرِ فَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ قَدْ مَاتَ!
  القول السديد في اجتماع الجمعة والعيد
  أنا ملتح ولست إخوانيًا ولا إرهابيًا جبانًا
  تجار المخدرات حدهـم القتل .. وكيف نتعامل مع من يتعاطى
  أفق يا رجل لا تكونن وليًّا لله في العلن عدوًا لله في السر
  بدعة الإحتفال بالمولد النبوي والرد على شبهات المجيزين
  حكم سب الله وسب الرسول-صلى الله عليه وسلم-
  احذر أهل زمانك
  كَلَامُ اللهِ... كَلَامُ اللهِ كَلَامُ اللهِ.
  دِينُ اللَّهِ؛ تَعَلَّمُوهُ, وَاصْرِفُوا فِيهِ الأَعمَارَ, وَأَفنُوا فِيهِ الأَوقَات, فَإِنَّ الأَمْرَ كَبِيرٌ
  هَلْ المُصِرُّ عَلَى الكَبِيرَةِ لَا يَتُوبُ مِنْهَا يَكُونُ كَافِرًا؟!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان