تفريغ مقطع : إِذَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِي المَقَابِرِ فَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ قَدْ مَاتَ!

فَعَلَى الإنْسَانِ أنْ يَجْتَهِدَ في مَعْرِفَةِ دِينِهِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، اتَّقُوا اللهَ فِي أَعْمَارِكُم، فَإِنَّ المَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَدَى أَجَلِهِ، قَدْ يَبِيتُ الإِنْسَانُ صَحِيحًا فَيُقْبَضُ، فَيُصْبِحُ مَيِّتًا يُسْعَى بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، وَكَمْ مِنْ مَرِيضٍ صَحَّ، وَكَمْ مِنْ عَلِيلٍ جَانَبَهُ السَّقَمُ وَالأَلَمُ!! وَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ!! كَمْ مِنْ مُعَالَجٍ صَحَّ وَذَهَبَ مَرَضُهُ وَأَلَمُهُ!! وَكَمْ مِنْ مُعَالِجٍ دَهَاهُ المَوْتُ بِسَكَرَاتِهِ، فَالأَمْرُ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ.

والإِنْسَانُ إِذَا مَاتَ يَنْتَقِلُ مِنْ زَاوِيَةِ الدَّارِ إِلَى هَاوِيَةِ النَّارِ إِذَا لَمْ يَخْرُج عَلَى الجَادَّةِ، أَوْ يَنْتَقِلُ مِنْ زَاوِيَةِ الدَّارِ إِلَى الجَنَّةِ وَنِعْمَ القَرَارِ.

وَالمَوْتُ أَدْنَى إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شَرَاكِ نَعْلِهِ -هُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ مِن الجِلْدِ فِي أَعْلَى النَّعْلِ-، المَوْتُ أَدْنَى -أَي أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِنْهُ-، والجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِنْهُ، وَالنَّارُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِنْهُ، الأَمْرُ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ.

إِذَا ذَهَبْتَ إِلَى المَقَابِرِ فَلَمْ يَخْشَعْ لَكَ قَلْبٌ، وَلَم تَدْمَعْ لَكَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْكُن جَوَارِحُكَ فَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَ الأَبْعَدِ قَد مَاتَ، وَهَذِهِ العَلَامَةُ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَى مِنْهُ الضَّحِكُ وَهُوَ فِي المَقَابِرِ فَهَذَا مِنَ العَلَامَاتِ عَلَى أَنَّ قَلْبَهُ قَدْ مَاتَ.

يَضْحَكُ فِي المَقَابِرِ؟!!

يَضْحَكُ وَشَوَاهِدُ المَوْتِ بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِمَةٌ ولِعَيْنَيْ رَأْسِهِ لَائِحَةٌ؟!!

لَا يَتَّقِ اللهَ تَعَالَى فِي المَصِيرِ!! يَذْهَبُ حَامِلًا جُثَّة ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ يَذْهَبُ بَعْدَ ذَلِكَ حَامِلًا جُثَّة، ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَلَا يَعُودُ، مَحْمُولَا عَلَى الأَعْنَاقِ -جُثَّةً يَصِيرُ-.

فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي عُمُرِهِ، وَأَنْ يَتَّقِيَ اللهَ فِي آخِرَتِهِ، عَلَى الإنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ لآخِرَتِهِ فَهِيَ البَاقِيَةُ، وَأَمَّا هَذِهِ الدُّنْيَا فَكَمَا تَرَوْنَ ذَاهِبَةٌ فَانِيَةٌ، وَكُلُّ مَا مَضَى مِنْ عُمُرِكَ فَإِنَّمَا مَضَى كَطَرْفَةِ العَيْنِ أَوْ لَمْعَةِ البَرْقِ، وَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ، وَلَو امْتَدَّ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ فَسَيَمُرُّ كَمَا مَرَّ مَا كَانَ لَهُ سَابِقًا كَلَمْحَةِ البَرْقِ وَلَمْعَتِهِ أَوْ كَطَرْفَةِ العَيْنِ، وَكُلُّ مَا كَانَ إِنَّمَا صَارَ ذِكْرًا.

اتَّقُوا اللهَ فِي آخِرَتِكُم، اتَّقُوا اللهَ فِي أَعْمَارِكِمْ البَاقِيَةِ، لَا تُبَدِّدُوهَا وَلَا تُضَيِّعُوهَا، فَإِنَّ الدُّنْيَا لَو كَانَت مِنْ ذَهَبٌ يَفْنَى وَالآخِرَةُ مِنْ خَزَفٍ يَبْقَى لَفُضِّلَت الآخِرَةُ عَلَى الدُّنْيَا، فَكَيْفَ وَالآخِرَةُ مِنْ ذَهَبٍ يَبْقَى وَالدُّنْيَا مِنْ خَزَفٍ يَفْنَى؟!!

كُنْ عَاقِلًا، لَا تَشْتَرِي هَذِهِ الفَانِيَةَ بِالبَاقِيَةِ، اتَّقِ اللهَ فِي عُمُرِكَ، قَدِّمْ لِنَفْسِكَ فَسَيَذْهَبُ مَعَكَ مَنْ يُحِبُّكَ، ثُمَّ يُغَيِّبُكَ فِي قَبْرِكَ، وَيَدُسُّكَ فِي رَمْسِكَ، ويُسْلِمُكَ للدُّودِ، ويُسْلِمُكَ للهَوَّامِّ، و ويُسْلِمُكَ لِلْوَحْشَةِ، ويُسْلِمُكَ لِلْغُرْبَةِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْكَ، وَأَحَبُّ الخَلْقِ لَكَ لَنْ يَدْخُلَ مَعَكَ قَبْرَكَ، سَيَذْهَبُ مَعَكَ إِلَى بَابِ قَبْرِكَ ثُمَّ يَعُودُ، لَابُدَّ أَنْ يَعُودَ لِيُمَارِسَ حَيَاتَهُ، لِيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَنْكَحَ، لِيَضْحَكَ وَيَمْرَحَ، فَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَنْ يَتَذَكَرَّكَ!

اتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ، أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَرْحَمَنَا وَيَرْحَمَ مَوْتَانَا وَجَمِيعَ مَوْتَى المُسْلِمِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هذه الأسئلة لا بد أن يجيب عليها كل مسلم
  تكبيرة الاحرام وصفتها __ كيفية وضع اليدين على الصدر __ النظر إلى موضع السجود
  سقوط القاهرة... سقوط غرناطة الحديثة
  الدِّفَاعُ بالبُرْهَانِ عَن الشَّيْخِ عَبْدِ الله رَسْلَان
  بين المنحرف عمرو خالد والإمام الألباني –رحمه الله-
  رسائل الشيخ رسلان إلى الحاضرين والمستمعين
  تبديل المواطن العقدية!! .. هذه هي القضية
  تَعَرَّفْ كَيْفَ تُحَوِّلْ حَيَاتَكَ كُلَّهَا إِلَى عِبَادَةٍ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  إنما يطول الليل علي المستهين المستهتر
  بين يدي الأسماء والصفات
  يَسُب ويَلعَن ويَشتم ويتعارك مع الناس وإذا سألته لمَ؟ يقول إني صائم!!
  دِينُ اللَّهِ؛ تَعَلَّمُوهُ, وَاصْرِفُوا فِيهِ الأَعمَارَ, وَأَفنُوا فِيهِ الأَوقَات, فَإِنَّ الأَمْرَ كَبِيرٌ
  كيفية الجلوس في حِلَقِ العلم
  حُكْمُ مُصَادَقَةِ أَهْلِ البِدَعِ وَالأَهْوَاءِ عَلَى النِّتِ
  فَسَلُوا أَبَا الْأَلْبَانِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْجِرِيسِيِّ!!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان