فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ

فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ

((فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ))

مِنْ كِتَاب: ((فَصْلُ الشِّتَاءِ أَحْكَامٌ وَآدَابٌ وَمَحَاذِيرُ ))

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((حِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى فِي تَعَاقُبِ الْأَزْمَانِ وَالْفُصُولِ))

فَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ تَعَاقُبَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى مُحِيطِ الْأَرْضِ فِي الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ، وَالظُّلْمَةِ وَالنُّورِ بِنِظَامٍ مُحْكَمٍ وَدَقِيقٍ مِنَ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ الدَّالَّةِ بِوُضُوحٍ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى وَإِلَهِيَّتِهِ، وَاللهُ -جَلَّ وَعَلَا- جَعَلَ هَذَا التَعَاقُبَ لِحِكَمٍ جَلِيلَةٍ عَظِيمَةٍ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النور: 44].

يُغَيِّرُ اللهُ أَحْوَالَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَالِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ؛ بِسَبَبِ حَرَكَةِ الْأَرْضِ حَوْلَ نَفْسِهَا وَحَوْلَ الشَّمْسِ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَدَلَالَةً لِأَهْلِ الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ.

وَمِنْ أَعْظَمِ حِكَمِ تَعَاقُبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ اللَّيْلَ لِرَاحَةِ الْبَشَرِ، وَالنَّهَارَ  لِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَتَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْمَعَاشِ؛ قَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)} [النبأ: 10-11].

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ سِتْرًا وَغِطَاءً، وَقَطْعًا لِلْحَرَكَةِ، وَتَحْصِيلًا لِلرَّاحَةِ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ وَقْتًا لِطَلَبِ الْعَيْشِ وَالرِّزْقِ، وَتَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْمَعَاشِ وَالْحَيَاةِ.

وَقَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [النحل: 12]

وَذَلَّلَ اللهُ لَكُمُ اللَّيْلَ لِرَاحَتِكُمْ، وَالنَّهَارَ لِمَعَاشِكُمْ.

 ((فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الرِّيَاحِ وَالْغَيْمِ، وَالرَّعْدِ وَالْبَرْقِ))

*تَعْلِيمُ النَّبِيِّ ﷺ أُمَّتَهُ كُلَّ مَا بِهِ سَعَادَتُهَا دُنْيَا وَآخِرَةً:

إِنَّ اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ, وَقَطَعَ عَنْهُمُ الْعُذْرَ؛ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ.

وَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَى كُلِّ قَوْمٍ رَسُولًا {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24]؛ لِكَيْ لَا يَقُومَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمَ القِيَامَةِ حُجَّةٌ, فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ!

وَخَتَمَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الأُمَمَ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ, وَخَتَمَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرسَلِينَ بِسَيِّدِهِمْ، وَمُقَدَّمِهِمْ وَخَاتَمِهِمْ مُحَمَّدٍ ﷺ.

 وَكَانَ كُلُّ رَسُولٍ يُرْسَلُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً, وَأُرْسِلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فِي عُمُومِ الزَّمَانِ وَعُمُومِ الْمَكَانِ, فَأَقَامَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ الْحُجَّةَ, وَقَطَعَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ الْمَعْذِرَةَ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ أَرْسَلَهُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بُكَلِّ مَا يَنْفَعُنَا؛ يَأْمُرُنَا بِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأُمُورِ الدِّينِ, وَأَرْسَلَهُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مُحَذِّرًا وَمُنْذِرًا مِنَ اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ, وَمِنَ اتِّخَاذِ سُبُلِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مَنْهَجًا وَطَرِيقًا وَسَبِيلًا.

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ كُلَّ شَيءٍ مِمَّا فِيهِ سَعَادَةُ الْعَبْدِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَمِنْ أُمُورِ الآخِرَةِ.

فَقَدْ قِيلَ لِسَلْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- -قَالَ لَهُ حَبْرٌ يَهُودِيٌّ-: ((عَلَمَّكُم نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ))؛ يَعْنِي: حَتَّى كَيْفَ يَقْضِي الْإِنْسَانُ حَاجَتَهُ!!

قَالَ: ((نَعَمْ, أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَلَّا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا نَسْتَدْبِرَهَا -يَعْنِي: عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ-, وَأَلَّا نَسْتَجْمِرَ بِعَظْمٍ وَلَا بِرَجِيعٍ)) .

فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ كُلَّ شَيءٍ مِمَّا يَنْفَعُنَا فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ, وَكُلَّمَا اسْتَكْثَرَ الْمَرْءُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ زَادَ فَلَاحُهُ، وَقَلَّ طَلَاحُهُ, وَازْدَادَ خَيْرُهُ، وَانْتَفَى شَرُّهُ.

*خَوْفُ النَّبِيِّ ﷺ وَوَجَلُهُ يَوْمَ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ:

لَقَدْ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ سُنَنٌ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ، وَإِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ:

 فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي ((صَحِيحَيْهِمَا)) بِسَنَدَيْهِمَا : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ, قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ ﷺ: ((إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي)). وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: ((رَحْمَةٌ)).

كَانَ يُقَالُ: «مَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَفَ» .

فَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ خَافَ وَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا، وَعُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَصَارَ يُقْبِلُ وَيُدْبِرُ كَالْخَائِفِ الْوَجِلِ، فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((لِمَ صَنَعْتَ ذَلِكَ؟)).

فَأَخْبَرَهَا بِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَذَابًا، وَعَلَّلَ هَذَا أَيْضًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، قَالَ: ((قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ))، يَعْنِي بِذَلِكَ عَادًا.

وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إِذَا رَأَى الْغَيْمَ -وَلَاسِيَّمَا الْغَيْمُ الَّذِي يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ؛ إِمَّا بِجُهْمَتِهِ وَسَوَادِهِ وَثِقَلِهِ، وَإِمَّا بِقَصْفِ رَعْدِهِ- وَكَذَلِكَ الرِّيَاحَ، يَنْبَغِي أَنْ يَخَافَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَضَبًا، وَلَكِنْ مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ إِذَا رَأَى كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُ: {سَحَابٌ مَرْكُومٌ}، هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ.

وَيُذْكَرُ أَنَّ الْحَجَّاجَ حِينَ كَانَ مُحَاصِرًا مَكَّةَ -زَادَهَا اللهُ شَرَفًا- أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ سُحُبًا وَصَوَاعِقَ رَعْدِيَّةً عَظِيمَةً، فَخَافَ الْجُنْدُ وَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: ((لَا يَغُرَّنَّكُمْ قَصْفُ الْحِجَازِ)) ، وَهَذَا تَمَامًا كَقَوْلِ: {وَإِنْ يَرَوْا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44].

إِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ فَهَذَا رَحْمَةٌ؛ لِأَنَّ نُزُولَ الْمَطَرِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَيُسَرَّى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَيُسَرُّ وَيَزُولُ عَنْهُ الْخَوْفُ.

*دُعَاءُ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ:

فِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ)).

قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ ﷺ: ((لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا})).

فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ: الرِّيحُ الْخَارِجَةُ عَنِ الْعَادَةِ، وَلِهَذَا قَالَتْ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا))، وَهَذَا خَيْرُهَا الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى ذَاتِهَا؛ لِأَنَّ الرِّيحَ قَدْ تَنْشَطُ وَتُزِيلُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الضَّارَّةِ، فَيَسْأَلُ اللهَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَحْمِلُ أَوْبِئَةً تَنْتَشِرُ فِي الْأَرْضِ؛ بِسَبَبِ الرِّيحِ، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُرْسَلُ بِالْعَذَابِ.

فَهَذِهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ خَيْرُهَا -يَعْنِي خَيْرَ هَذِهِ الرِّيحِ- بِحَيْثُ لَا تَكُونُ عَاصِفَةً تَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَتَهْدِمُ الدِّيَارَ، وَخَيْرَ مَا فِيهَا مِمَّا تَحْمِلُهُ، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ مِمَّا أُرْسِلَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُرْسَلُ بِخَيْرٍ، وَقَدْ تُرْسَلُ بِشَرٍّ.

وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ﷺ: ((وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ)).

وَإِذَا لَمْ يَحْفَظِ الْإِنْسَانُ الدُّعَاءَ فِي هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ وَكَانَ لَهُ حَافِظًا؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ أَيُّ شَيْءٍ، يَعْنِي إِذَا لَمْ تَعْرِفْ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ بِلَفْظِهِ فَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُ فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ.

ثُمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهَا-: ((وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ -يَعْنِي صَارَ فِيهَا الْخَيَالُ؛ سَحَابَةٌ فِيهَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَاطِرَةٌ- تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ -يَعْنِي فَعَرَفَ أَنَّهُ خَيَالُ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ وَلَيْسَ عَذَابًا-، فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.

فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: ((يَا عَائِشَةُ! لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24].

قَوْمُ عَادٍ لَمَّا رَأَوُا الرِّيحَ مُقْبِلَةً سَوْدَاءَ عَظِيمَةً، قَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا، جَعَلُوهُ سَحَابًا يُمْطِرُ، قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}؛ لِأَنَّهُمْ يَتَحَدُّونَ الرُّسُلَ، يَقُولُونَ: ائتُونَا بِمَا تَعِدُونَنَا، {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24].

وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}: فَهِيَ عَقِيمٌ لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا بَرَكَةَ، بَلْ فِيهَا شَرٌّ، فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ مُؤْلِمٌ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى إِيلَامِهَا مِنْ أَنَّهَا تَأْخُذُ الرَّجُلَ إِلَى فَوْقَ إِلَى الْعَنَانِ، ثُمَّ تَرُدُّهُ إِلَى الْأَرْضِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ-، فَيَقَعُونَ صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ.

هَذِهِ الرِّيحُ قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25].

{كُلُّ شَيْءٍ}: يَعْنِي مِمَّا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا يَمْلِكُونَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}، لَكِنْ كُلُّ مَا كَانُوا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ يَفْخَرُونَ بِهِ، وَيَقُولُونَ: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟! دَمَّرَتْهَا الرِّيحُ بِإِذْنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

وَتَأَمَّلْ هَذَا اللُّطْفَ؛ كَانُوا يَفْتَخِرونَ بِقُوَّتِهِمْ، وَيَقُولُونَ: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟ فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ بِالرِّيحِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَلْطَفِ الْأَشْيَاءِ، كَمَا أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا كَانَ يَفْتَخِرُ فَيَقُولُ: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51]، أَهْلَكَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالْمَاءِ.

يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 25]، وَهَذَا قِيَاسٌ، أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْجَزَاءِ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ، يَعْنِي لَيْسَ خَاصًّا بِهِمْ، بَلْ كُلُّ مَنْ كَانَ مُجْرِمًا فَإِنَّهُ يَنَالُهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إِذَا شَاءَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: 10].

  فِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) : عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ : ((مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ -الْمُسْتَجْمِعُ: الْمُجِدُّ فِي الشَّيْءِ الْقَاصِدُ لَهُ- إِنَّمَا كَانَ يَبْتَسِمُ، قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا؛ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ)).

 قَالَتْ: فَقَالَ: ((يَا عَائِشَةُ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا )).

فَقَوْلُهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ)).

يَعْنِي: أَنَّهُ ﷺ إِذَا وَجَدَ مَا يُوجِبُ الضَّحِكَ لَا يَسْتَجْمِعُ، وَلَا يَتَحَمَّسُ لِلضَّحِكِ، وَلَا يَفْتَحُ فَاهُ كُلَّهُ، وَيَكُونُ لَهُ الصَّوْتُ الَّذِي يَكُونُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ.. بَعْضُ النَّاسِ إِذَا قَهْقَهَ يَكَادُ يَقُضُّ السَّقْفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ شِدَّةِ مَا يَأْتِي بِهِ! مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ هَذِهِ عَادَتُهُ، رُبَّمَا يَتَقَصَّدُ ذَلِكَ.

وَلَيْسَ هَذَا مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِذَا رَأَى مَا يَسُرُّهُ وَيُوجِبُ الضَّحِكَ تَبَسَّمَ حَتَّى تُرَى نَوَاجِذُهُ أَوْ أَنْيَابُهُ، أَمَّا أَنْ يَفْتَحَ فَمَهُ حَتَّى تُرَى اللَّهَوَاتُ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْحِدِيثِ قَوْلُهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ)).

وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ خَائِفًا مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ عِقَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَؤُلَاءِ قَوْمُ هُودٍ فَرِحُوا لَمَّا رَأَوُا الْعَارِضَ الْمُسْتَقْبِلَ بِأَوْدِيَتِهِمْ، وَقَالُوا: هَذَا غَيْمٌ سَيُمْطِرُ، وَتَسِيلُ الْأَوْدِيَةُ، وَيَحْصُلُ الرَّخَاءُ وَالْخَصْبُ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ كَانَ بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّعُونَ .

 ((فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الْأَمْطَارِ، وَجُمْلَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِهَا))

عِبَادَ اللهِ! إِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ فَهَذَا رَحْمَةٌ؛ لِأَنَّ نُزُولَ الْمَطَرِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَيُسَرَّى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَيُسَرُّ وَيَزُولُ عَنْهُ الْخَوْفُ.

قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ, قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ ﷺ: ((إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي)). وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: ((رَحْمَةٌ)) .

فَنِعْمَةُ الْمَاءِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِهَا عَلَيْنَا نِعْمَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ.

*وَلِلْمَطَرِ ثَمَرَاتٌ عَظِيمَةٌ، وَفَوَائِدُ نَافِعَةٌ جَلِيلَةٌ:

*مِنْ أَعْظَمِ ثَمَرَاتِ الْمَاءِ: أَنَّ اللهَ جَعَلَهُ شَرَابًا لِلْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ: قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} [النحل: 10].

اللهُ الَّذِي خَلَقَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَاءً حُلْوًا طَهُورًا نَافِعًا، لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ شَرَابٌ تَشْرَبُونَهُ.

*وَمِنْ ثَمَرَاتِ نِعْمَةِ الْمَطَرِ: أَنَّهُ سَبَبٌ فِي خُرُوجِ النَّبَاتِ وَالثِّمَارِ لِلْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ} [إبراهيم: 32].

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَأَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَاءً، فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ الْمَاءِ الْمُخْتَلِطِ بِتُرَابِ الْأَرْضِ، أَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ، وَذَلَّلَ لَكُمُ السُّفُنَ الْجَارِيَةَ عَلَى الْمَاءِ وَفْقَ نِظَامِ الطَّفْوِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللهُ فِي كَوْنِهِ؛ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي جَلْبِ الرِّزْقِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ.

وَذَلَّلَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ تَشْرَبُونَ مِنْهَا، وَتَسْقُونَ زَرْعَكُمْ، وَأَشْجَارَكُمْ، وَأَنْعَامَكُمْ، وَدَوَابَّكُمْ، وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ أُخْرَى.

*وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْمَطَرِ: أَنَّ اللهَ أَحْيَا بِهِ كُلَّ شَيْءٍ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]: وَأَنْزَلْنَا الْمَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَأَخْرَجْنَا النَّبَاتَ مِنَ الْأَرْضِ، وَأَحْيَيْنَا بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ وَالنَّابِعِ مِنَ الْأَرْضِ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ.

*وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْمَطَرِ فِي الْحَيَاةِ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ بِهِ حَيَاةَ الْأَرْضِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [النحل: 65].

وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَطَرًا، فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ وَالزُّرُوعِ بَعْدَ يَبَسِهَا وَجَدْبِهَا؛ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَدَلَالَةً وَاضِحَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ.

وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5].

وَتَرَى أَيُّهَا النَّاظِرُ الْمُتَأَمِّلُ بِدَوَامٍ وَتَجَدُّدٍ الْأَرْضَ يَابِسَةً مَيِّتَةً لَا نَبَاتَ فِيهَا، فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَطَرَ تَحَرَّكَ تُرَابُهَا؛ لِأَجْلِ خُرُوجِ النَّبَاتِ، وَانْتَفَخَتْ بِسَبَبِ نُمُوِّ النَّبَاتِ وَتَدَاخُلِ الْمَاءِ، وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ حَسَنٍ جَمِيِلِ الْمَنْظَرِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63].

أَلَمْ تَرَ أَيُّهَا الْعَاقِلُ الْبَصِيرُ الرَّشِيدُ نَاظِرًا إِلَى آثَارِ صُنْعِ رَبِّكَ؛ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَاءً عَلَى أَرْضٍ صَالِحَةٍ لِلْإِنْبَاتِ، فِيهَا بُذُورُ نَبَاتَاتٍ مُنْبَثَّاتٍ فِي تُرْبَتِهَا، فَامْتَصَّتِ الْبُذُورُ الْمُنْبَثَّةُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمَاءِ وَمِنْ عَنَاصِرِ تُرَابِ الْأَرْضِ، فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ إِثْرَ نُزُولِ الْمَطَرِ مُخْضَرَّةً بِالنَّبَاتِ الْمُخْتَلِفِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَجْنَاسِ.

إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ بِاسْتِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ؛ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَالْحَيَوَانِ، يَنْفُذُ بِصِفَاتِهِ إِلَى أَعْمَاقِ كُلِّ مَوْجُودٍ؛ خَلْقًا وَإِمْدَادًا، وَعِلْمًا وَتَصَارِيفَ، خَبِيرٌ عَلَى سَبِيلِ الشُّهُودِ بِمَا فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ إِذَا تَأَخَّرَ الْمَطَرُ عَنْهُمْ.

*بِالْمَطَرِ يَحْيَا الْإِنْسَانُ وَالْحَيَوَانُ، وَالْأَرْضُ وَالنَّبَاتُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى:

إِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْزَلَ مِنَ السَّحَابِ مَاءً حُلْوًا طَهُورًا نَافِعًا، لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ شَرَابٌ تَشْرَبُونَهُ، وَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ، وَذَلَّلَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ تَشْرَبُونَ مِنْهَا، وَتَسْقُونَ زَرْعَكُمْ، وَأَشْجَارَكُمْ، وَأَنْعَامَكُمْ، وَدَوَابَّكُمْ.

وَلَكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ شَجَرٌ يَكُونُ الْمَاءُ سَبَبًا فِي نَبَاتِهِ وَنَمَائِهِ، فَأَنْتُمْ فِيهِ تُطْلِقُونَ أَنْعَامَكُمُ السَّائِمَةَ، تَرْعَى مِنْ أَشْجَارِ الْأَرْضِ وَنَبَاتِهَا.

وَيُنْبِتُ اللهُ لَكُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ الْحَبَّ الَّذِي يُقْتَاتُ بِهِ، وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ، وَمِنْ سَائِرِ الثَّمَرَاتِ، وَأَحْيَا اللهُ بِهَذَا الْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ وَالنَّابِعِ مِنَ الْأَرْضِ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ.

وَاللهُ أَحْيَا بِالْمَاءِ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ وَالزُّرُوعِ بَعْدَ يَبَسِهَا وَجَدْبِهَا، فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ إِثْرَ نُزُولِ الْمَطَرِ مُخْضَرَّةً بِالنَّبَاتِ.

*جُمْلَةٌ مِنَ الْآدَابِ وَالسُّنَنِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ:

يُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ قَوْلَ الدُّعَاءِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ: ((اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا))، كَمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» ، أَيْ: يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يَنْفَعَ بِهَذَا الْمَطَرِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، فَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ  وَالظِّرَابِ ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ)) .

كَمَا يُشْرَعُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ بِقَوْلِهِ: ((مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ)) ، فَالْأَوَّلُ دُعَاءٌ، وَالثَّانِي شُكْرٌ.

وَيُسَتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ: أَنْ يَدْعُوَ اللهَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ نُزُولِ الْمَطَرِ مِنْ أَوْقَاتِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، قَالَ ﷺ: ((دَعْوَتَانِ لَا تُرَدَّانِ: عِنْدَ الْتِحَامِ الْجَيْشِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ)) . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْكَبِيرِ»، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

بَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ الْمَطَرُ حَسَرَ عَنْ رِدَائِهِ؛ حَتَّى يُصِيبَ الْمَطَرُ بَدَنَهُ، وَيَقُولُ: ((إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ)) .

 فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَحْرِصُ عَلَى أَنْ يُصِيبَ الْمَطَرُ جَسَدَهُ، أَيْ: مَا عَلَا مِنْهُ مُجَرَّدًا، فَيَحْسِرُ عَنْ رِدَائِهِ حَتَّى يُصِيبَ الْمَطَرُ جَسَدَهُ، وَيَقُولُ ﷺ: ((إِنَّهُ -يَعْنِي الْمَطَرَ- حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ)).

 ((حَبْسُ الْمَطَرِ وَالْجَدْبُ عُقُوبَةٌ عَلَى الذُّنُوبِ))

إِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- جَعَلَ حَبْسَ الْمَطَرِ وَالْجَدْبَ وَالْقَحْطَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً شَدِيدَةً لِلْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130].

وَنُقْسِمُ مُؤَكِّدِينَ أَنَّنَا قَبَضْنَا عَلَى آلِ فِرْعَوْنَ قَبْضَةً مُوجِعَةً بِالْقَحْطِ وَالْجَدْبِ وَالْجُوعِ -سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ- وَإِتْلَافِ الْغَلَّاتِ وَبِالْآفَاتِ؛ رَغْبَةً مِنَّا أَنْ يَتَذَكَّرُوا، فَيَتَضَرَّعُوا وَيَسْتَغْفِرُوا، وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ -جَلَّ وَعَلَا-.

فَمِنْ أَسْبَابِ حَبْسِ الْأَمْطَارِ، وَغَلَاءِ الْأَسْعَارِ: الظُّلْمُ وَالْفَسَادُ .

*وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّ مِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ مَنْعَ الْمَطَرِ أَوْ نُدْرَتَهُ، وَمَا يَتَرَتِّبُ عَلَيْهِ مِنْ جَدْبٍ وَقَحْطٍ: أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ- وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ -وَذَكَرَ ﷺ مِنْهَا-: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.

وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.

 وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا)) .

 ((أَرْجِعُوا الْأُمُورَ كُلَّهَا إِلَى اللهِ!))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ خَالِقُ الْخَلْقِ، وَرَازِقُهُمْ، وَمُدَبِّرُ أُمُورِهِمْ، وَهُوَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُرْجِعَ الْأُمُورَ إِلَى فَاعِلِهَا، وَالْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَقَعُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مُقْتَضَى تَقْدِيرِهِ، عَلَى مُقْتَضَى عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، فَعَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا رَأَى أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَنْ يُرْجِعَهُ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى اللهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِهِ مِنْ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ، مِنْ ظَاهِرٍ وَخَفِيٍّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْزَعَ إِلَى اللهِ؛ لِيَكْشِفَ عَنْهُ الْكَرْبَ، وَيُزِيلَ عَنْهُ الْهَمَّ.

 يَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى رَبِّهِ فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ، وَأَنْ يَذْكُرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الرَّخَاءِ حَتَّى يُذْكَرَ بِالرَّحْمَةِ فِي الشِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّابًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَأَصَابَهُ كَرْبٌ تَدَارَكَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِرَحْمَتِهِ.

عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُحَقِّقَ التَّوْحِيدَ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَهْمَا أَتَى بِهِ مِنْ عَمَلٍ مَا لَمْ يَكُنْ خَالِصًا للهِ -جَلَّ وَعَلَا- عَلَى وَفْقِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ اللهِ.

تَضَرَّعُوا لِرَبِّكُم، وَاذْكُرُوهُ، وَاشْكُرُوا لَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا بَذَلْتُمُوهُ مِنْ خَيْرٍ هُوَ الَّذِي يَبْقَى لَكُمْ, إِنَّ الَّذِي تُنْفِقُهُ هُوَ الَّذِي يَبْقَى لَكَ، وَإِنَّ الَّذِي تَخْزُنُهُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَضِيعُ عَلَيْكَ.

فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ!

 تَعَلَّمْ دِينَ رَبِّكَ!

 حَقِّقِ التَّوْحِيدَ فِي قَلْبِكَ، فِي رُوحِكَ وَضَمِيرِكَ، فِي أَقْوَالِكَ وَأَفْعَالِكَ، فِي حَرَكَةِ حَيَاتِكَ.

 وَتَمَسَّكْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكَ ﷺ.

 وَكُنْ خَاشِعًا, كُنْ خَاشِعًا لِرَبِّكَ مُنِيبًا، وَاحْذَرِ الْكِبْرَ وَالْعُجْبَ.

وَيَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تَفِيءَ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- بِمَجْمُوعِ نَفْسِكَ وَبِجِمَاعِ قَلْبِكَ؛ فَإِنَّ رَجُلًا كَانَتْ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَمَشَى يَتَبَخْتَرُ فَخَسَفَ اللهُ بِهِ الْأَرْضَ؛ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

 إِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- لَا يُنَازَعُ فِي كِبْرِيَائِهِ، لَا يُنَازَعُ فِي عِزِّهِ، مَنْ نَازَعَ اللهَ فِي الْكِبْرِيَاءِ فِي الْعِزِّ قَصَمَهُ.

 وَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهُوَ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ذُو الْكِبْرِيَاءِ وَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَزِيزُ،  الْعِزَّةُ كُلُّهَا لَهُ وَالْكِبْرِيَاءُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ.

كُنْ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِكُلِّكَ كَمَا خَلَقَكَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِكُلِّكَ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ فِي ذَلِكَ تَشْرِيكًا وَلَا تَبْعِيضًا، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ

 

المصدر: فِقْهُ التَّعَامُلِ مَعَ الرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  الخَوْفُ مِن اللهِ وَثَمَرَاتُهُ وآثَارُهُ عَلَى الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ
  حَيَاةُ النَّبِيِّ ﷺ أُنْمُوذَجٌ تَطْبِيقِيٌّ لِصَحِيحِ الْإِسْلَامِ
  مَعَانِي الْخِيَانَةِ وَخَطَرُهَا عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ
  فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  صِفَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  سمات وسلوك الشخصية الوطنية في ضوء الشرع الحنيف
  أيها المصريون لا عذر لكم
  أَكْلُ السُّحْتِ وَسُوءُ عَاقِبَتِهِ فِي ​الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
  أَهَمِّيَّةُ الْعَمَلِ وَالتَّخْطِيطِ فِي الْإِسْلَامِ وَسُبُلُ التَّغْيِيرِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان