وَاجِبُ الْعَبْدِ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ


 ((وَاجِبُ الْعَبْدِ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ))

عِبَادَ اللهِ! لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ امْتِحَانًا وَاخْتِبَارًا فَقَدْ وَجَبَ الْحَذَرُ وَتَأَكَّدَتِ الْحَيْطَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ عَائِشًا بِهَذِهِ النَّفْسِيَّةِ.. نَفْسِيَّةِ الْمُحِسِّ الْمُدْرِكِ الْمُتَيَقِّنِ بِأَنَّهُ مُبْتَلًى بِكُلِّ حَالَةٍ مِنْ حَالَاتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِذَا أُصِيبَ بِالسَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالسَّرَّاءِ، وَإِذَا أُصِيبَ بِالضَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالضَّرَّاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا مَا وَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَإِذَا وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالطَّاعَاتِ وَالْحَسَنَاتِ.

الْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ دَائِمًا، لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ حَالَةِ الِابْتِلَاءِ إِلَّا إِذَا تَوَفَّاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتٍ ثَلَاثٍ:

فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ وَسِتْرٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الشُّكْرُ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ابْتِلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.

وَمَقَادِيرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّتِي يُجْرِيهَا عَلَى عِبَادِهِ فِي أَرْضِهِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُلَائِمَةً لِلْعَبْدِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُلَائِمَةٍ لِلْعَبْدِ، فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَبْتَلِي بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالنِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَيَبْتَلِي اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ.

وَلَا يَخْلُو الْعَبْدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنَ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا كَانَ فِي نِعْمَةٍ مِنَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَعَطَاءٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ عَلَى مَا آتَاهُ.

وَشُكْرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ:

بِأَنْ يَعْتَرِفَ بِالنِّعْمَةِ بِالْقَلْبِ بَاطِنًا.

وَأَنْ يَلْهَجَ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْمُنْعِمِ بِاللِّسَانِ ظَاهِرًا.

وَأَنْ يُصَرِّفَ النِّعْمَةَ فِي شُكْرِ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهَا وَفِي طَاعَتِهِ.

فَأَمَّا الْقَلْبُ وَاعْتِرَافُ الْقَلْبِ بِالنِّعْمَةِ.. فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِذَا أَنْعَمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِمْ بِنِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ اعْتَرَفُوا بِقُلُوبِهِمْ لِلْمُنْعِمِ بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ؛ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُثْنِي عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ.

وَلَكِنَّ الَّذِي يَتَخَلَّفُ هُوَ تَصْرِيفُ النِّعْمَةِ فِي مَرْضَاةِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى الْعَبْدِ بِهَا، فَالْإِنْسَانُ قَدْ يَشْكُرُ رَبَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى النِّعْمَةِ بِقَلْبِهِ مُعْتَرِفًا بِهَا إِذَا آتَاهُ اللهُ -تَعَالَى- الْمَالَ.

وَكَذَلِكَ يَلْهَجُ لِسَانُهُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ الَّذِي وَسَّعَ عَلَيْهِ وَانْتَشَلَهُ مِنَ الْفَقْرِ، فَيُثْنِي عَلَى رَبِّهِ بِاللَّفْظِ ظَاهِرًا، وَلَكِنْ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى تَصْرِيفِهِ لِمَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِهِ مِنَ الْمَالِ؛ فَقَلَّ أَنْ تَجِدَ مَنْ يُصَرِّفُ مَالَهُ فِي مَرْضَاةِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَبِذَا لَا يَكُونُ شَاكِرًا؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ لَا يَكُونُ شُكْرًا شَرْعِيًّا إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الثَّلَاثَةُ: أَنْ تَعْتَرِفَ بِالنِّعْمَةِ بِالْقَلْبِ بَاطِنًا، وَأَنْ تَلْهَجَ بِلِسَانِكَ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْمُنْعِمِ لَفْظًا ظَاهِرًا، وَأَنْ تُصَرِّفَ النِّعْمَةَ فِي مَرْضَاةِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكَ بِهَا وَأَسْدَاهَا إِلَيْكَ.

لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ، فَإِذَا تَخَلَّفَ رُكْنٌ فَلَيْسَ بِشَاكِرٍ، وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ؛ لِأَنَّ النِّعْمَةَ صَيْدٌ وَالشُّكْرَ قَيْدٌ، فَإِذَا اصْطَادَ الْإِنْسَانُ ظَبْيًا مَثَلًا وَحَصَّلَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لَدَيْهِ فَإِنَّهُ سَرْعَانَ مَا يَذْهَبُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ نِعَمُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

فَالْإِنْسَانُ إِذَا أَنْعَمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ النِّعْمَةَ عِنْدَهُ حَتَّى لَا تَزُولَ عَنْهُ، وَذَلِكَ بِتَحْقِيقِ أَرْكَانِ الشُّكْرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا.

فَهَذِهِ هِيَ الطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنَ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي لَا يَخْلُو الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَوْ فِي إِحْدَاهَا.

وَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ فِي بَلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ، وَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ، وَالصَّبْرُ لَا يَكُونُ صَبْرًا شَرْعِيًّا إِلَّا إِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:

أَنْ يَحْبِسَ الْقَلْبَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقْدُورِ اعْتِرَاضًا بَاطِنًا.

وَأَنْ يُمْسِكَ اللِّسَانَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَقْدُورِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَفْظًا ظَاهِرًا.

وَأَنْ يَحْبِسَ الْجَوَارِحَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمَا يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنْ أَمْثَالِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ؛ مِنْ شَقِّ الْجُيُوبِ، وَلَطْمِ الْخُدُودِ، وَنَتْفِ الشُّعُورِ، وَشَقِّ الثِّيَابِ.. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ.

فَإِذَا جَاءَ قَدَرٌ غَيْرُ مُوَاتٍ وَأَرَادَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُخْرِجَ عِلْمَهُ فِي عَبْدِهِ مِنْ عِلْمِهِ بِهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- السِّابِقِ إِلَى وَاقِعٍ مَشْهُودٍ، بِحَيْثُ إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَعْلَمُ مَا سَيَكُونُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَكُونَ، وَلَكِنْ لَا يُقِيمُ الْحُجَّةَ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى يَأْتِيَ مِنْهُ فِي عَالَمِ الشُّهُودِ مَا يَأْتِي مِنَ الْخَلْقِ فِي عَالَمِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَا يُحَاسِبُنَا عَلَى حَسَبِ عِلْمِهِ فِينَا، وَإِنَّمَا يُحَاسِبُنَا عَلَى مَا قَدَّمَتْ أَيْدِينَا.

فَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَعْلَمُ الْجَاحِدَ مِنَ الشَّاكِرِ، وَيَعْلَمُ الْجَازِعَ الْجَزُوعَ مِنَ الصَّابِرِ، وَيَعْلَمُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الطَّيِّبَ مِنَ الْخَبِيثِ، وَلَكِنْ.. هَذَا الْعِلْمُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي عَالَمِ الشُّهُودِ فَإِنَّ اللهَ لَا يُحَاسِبُ الْعَبْدَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا، وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.

فَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا مَا أَتَاهُ قَدَرٌ غَيْرُ مُوَاتٍ، غَيْرُ مُلَائِمٍ؛ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ فَقْدِ حَبِيبٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ غَمٍّ، أَوْ كَرْبٍ، أَوْ وَجَدَ فِي وَلَدِهِ مَا يَسُوءُهُ، أَوْ فَقَدَ بَعْضًا مِنْ مَالِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنْهَا الْحَيَاةُ؛ لِأَنَّ اللهَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ، وَلَمْ يَخْلُقِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- النَّاسَ فِي هَذَا الْكَوْكَبِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُنَعِّمَهُمْ، وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ.

فَوَاهِمٌ جِدًّا وَمُخْطِئٌ خَطَأً تَامًّا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ سَيَتَنَعَّمُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ!!

مَا مِنْ لَذَّةٍ إِلَّا وَلَهَا مَا يُنَغِّصُهَا مَهْمَا كَانَتْ، ثُمَّ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، بَلْ إِنَّهَا تَلْمَعُ فِي أُفُقِ الْحَيَاةِ كَلَمْعِ الْبَرْقِ فِي أَجْوَازِ الْفَضَاءِ، وَيَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ رَدُّ فِعْلِ الْعَبْدِ عَلَى قَدَرِ اللهِ فِيهِ.

فَإِذَا جَاءَ الْإِنْسَانَ قَدَرٌ غَيْرُ مُوَاتٍ فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُحَقِّقَ أَرْكَانَ الصَّبْرِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا: أَنْ يَحْبِسَ الْقَلْبَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّبِّ بَاطِنًا، وَأَنْ يُمْسِكَ اللِّسَانَ عَنِ الْكَلَامِ بِأَمْرٍ يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِلَفْظٍ ظَاهِرٍ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا أَمَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَكْرُوهِ وَنُزُولِ الْمُصِيبَةِ، فَيَقُولَ: ((إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا)).

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:((فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- يُخْلِفُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا)) ؛ أَيْ مِنَ الْمُصِيبَةِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْهِ.

وَالصَّبْرُ لَا يَكُونُ صَبْرًا إِلَّا عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، فَإِذَا جَاءَ الْإِنْسَانَ مَا يَكْرَهُ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ، ثُمَّ فَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى سِلْوَانٍ كَصَبْرِ الْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْكِرَامَ يَصْبِرُونَ، وَاللِّئَامُ -أَيْضًا- يَصْبِرُونَ.

وَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَصْبِرَ صَبْرَ الْكِرَامِ لَا صَبْرَ اللِّئَامِ، فَأَمَّا صَبْرُ الْكِرَامِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ تَبْكِي، فَمَرَّ بِهَا فَقَالَ:((يَا أَمَةَ اللهِ! اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي)).

وَلَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ النَّبِيَّ ﷺ، وَغَشَّى الْحُزْنُ عَلَى عَيْنَيْهَا فَلَمْ تَرَ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْإِنْسَانُ تَحْقِيقًا لَعَلِمَهُ عِنْدَمَا يَرَاهُ؛ لِمَا جَعَلَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.

فَقَالَتْ: ((إِلَيْكَ عَنِّي؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمِثْلِ مُصِيبَتِي!))؛ تُرِيدُ أَنْ الَّذِي تَكُونُ يَدُهُ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ لَا كَالَّذِي يَكُونُ قَابِضًا عَلَى الْجَمْرِ!!

قَالَتْ: ((إِلَيْكَ عَنِّي؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمِثْلِ مُصِيبَتِي!)).

وَالنَّبِيُّ ﷺ هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا ﷺ، فَلَمْ يُرَاجِعْهَا، وَمَضَى لِطِيَّتِهِ ﷺ، فَقَالَ لَهَا بَعْضُ مَنْ حَضَرَ: ((وَيْحَكِ! إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ!!)).

فَقَامَتْ تَشْتَدُّ فِي أَثَرِهِ ﷺ، فَكَانَ قَدْ دَخَلَ حُجْرَتَهَ.. دَخَلَ بَيْتَهُ؛ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ، قَالَتْ: ((لَمْ أَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ))؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَلِكًا، وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﷺ.

فَأَذِنَ لَهَا بِالدُّخُولِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَتْ: ((يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَمْ أَعْرِفْكَ!))، فَجَاءَتْ تَعْتَذِرُ إِلَيْهِ عَنْ جَوَابِهَا الَّذِي وَاجَهَتْ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ كِفَاحًا: ((إِلَيْكَ عَنِّي؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمِثْلِ مُصِيبَتِي!)).

قَالَتْ: ((يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَمْ أَعْرِفْكَ!)).

فَقَالَ: ((إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى)) ؛ يَعْنِي إِذَا جَاءَ أَمْرٌ يَسُوءُ وَوَقَعَ قَدَرٌ غَيْرُ مُلَائِمٍ وَلَا مُوَاتٍ، فَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ تَلَقِّيهِ أَنْ يُظْهِرَ رِضَاهُ عَنْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَكِينًا خَاضِعًا لِرَبِّهِ وَمَوْلَاهُ؛ {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَابِلَ الْمُصِيبَةَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْكَرِيمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الْكَرِيمُ لَمْ يَجْعَلْهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ حَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، فَإِنَّ يَعْقُوبَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمَّا أُخْبِرَ بِفَقْدِ يُوسُفَ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 8]، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ لَقَالَهَا، فَجَعَلَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَجَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- قَوْلَهَا بِيَقِينٍ وَإِخْلَاصٍ وَإِقْبَالٍ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَإِخْبَاتٍ.. جَعَلَهَا مُحَوِّلَةً بِقَدَرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- النِّقْمَةَ إِلَى نِعْمَةٍ، وَالْمِحْنَةَ إِلَى مِنْحَةٍ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَقَالَ: ((إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا! إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ -تَعَالَى- لَهُ خَيْرًا مِنْهَا)) .

فَإِذَا جَاءَ قَدَرٌ لَا يُلَائِمُ فَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَلَّا يَعْتَرِضَ بِقَلْبِهِ عَلَى قَدَرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ لِسَانُهُ بِمَا يُرْضِي اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ يَحْبِسَ الْجَوَارِحَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِأَمْرٍ يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَلَا يَرْضَاهُ، وَلَا يَرْضَاهُ رَسُولُهُ الْكَرِيمُ ﷺ.

وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَا يَقَعُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَدَّ فِعْلِ الْعَبْدِ عَلَى قَدَرِ الرَّبِّ فِيهِ، فَلَيْسَ مَا يَقَعُ بِالْإِنْسَانِ مِمَّا لَا يُلَائِمُهُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ.

يَعْنِي إِذَا أَغْنَى اللهُ عَبْدًا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لِيَبْتَلِيَهُ بِحَالِ الْغِنَى، وَكَذَلِكَ إِذَا أَفْقَرَ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يُفْقِرُهُ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ يُفْقِرُهُ، وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى رَدَّ فِعْلِهِ عَلَى قَدَرِ اللهِ فِيهِ فِي تِلْكِ الْحَالِ.

وَكَذَلِكَ الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ، وَكَذَلِكَ الْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ، إِلَى آخِرِ مَا يَجْرِي عَلَى الْإِنْسَانِ مِمَّا يَكْرَهُهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَاللهُ -جَلَّ وَعَلَا- يُرِيدُ مِنَّا أَنْ نُقَابِلَ قَدَرَهُ فِينَا وَمَا قَدَّرَهُ اللهُ عَلَيْنَا.. أَنْ يَرَى قَبُولَنَا الْحَسَنَ لِمَا قَدَّرَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِنَا وَلَنَا، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أُمَّهَاتِنَا، وَأَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا الَّتِي بَيْنَ جُنُوبِنَا، وَهُوَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.

فَمَا يَنْزِلُ بِالْعَبْدِ مِنْ شَيْءٍ فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُحَقِّقَ فِيهِ الْأَرْكَانَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي لَا يَكُونُ الصَّبْرُ صَبْرًا إِلَّا بِتَحَقُّقِهَا، وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: ((مَنْ لَمْ يَصْبِرْ صَبْرَ الْكِرَامِ، سَلَا سُلُوَّ الْبَهَائِمِ!!)) .

وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجِدُ النَّاسَ فِي جَهْلٍ جَاهِلٍ عِنْدَمَا يُصِيبُهُمْ مَا قَدَّرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَقْدَارِ الَّتِي لَا تُلَائِمُهُمْ، فَكَأَنَّمَا وَقَفَتِ الدُّنْيَا وَانْتَهَى الْأَمْرُ عِنْدَ حُدُوثِ مَا أُصِيبُوا بِهِ!!

بَلْ يُصَرِّحُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَنْ يَفْرَحَ بَعْدُ حَتَّى يَأْتِيَهُ قَدَرُهُ، ثُمَّ بَعْدَ حِينٍ يَسْلُو الْإِنْسَانُ مَا كَانَ، وَيُقْبِلُ عَلَى الْحَيَاةِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا كَانَ إِلَّا عَلَى فَتَرَاتٍ مُتَبَاعِدَةٍ قَدْ تَبْلُغُ السَّنَوَاتِ!!

فَمَنْ لَمْ يَصْبِرْ صَبْرَ الْكِرَامِ، سَلَا سُلُوَّ الْبَهَائِمِ.

الْمُسْلِمُ الَّذِي يُبْتَلَى بِالضَّرَّاءِ وَالشَّرِّ فِي بَدَنِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ وَفْقَ الْمَنْهَجِ الرَّبَّانِيِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ؛ لِمُوَاجَهَةِ هَذِهِ الْحَالِ.

هُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ مُحَدَّدَةٍ بِالضَّرَّاءِ وَالشَّرِّ، وَهُنَاكَ إِذَا مَا أُصِيبَ الْمَرْءُ بِتِلْكَ الْحَالَةِ دَوَاءٌ يَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَعَاطَاهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ ذَلِكَ الدَّاءِ.

فَإِذَا مَا أَصَابَ هَذَا الدَّوَاءَ، فَأَصَابَ الدَّوَاءُ الدَّاءَ.. بَرِئَ بِإِذْنِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَكَانَتْ مُعَافَاتُهُ مُؤَكَّدَةً، وَكَانَتْ حَالُهُ بَعْدَ هَذَا الِابْتِلَاءِ أَفْضَلَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَهُ، حَتَّى إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَيُعَافِيَ قَلْبَهُ بِعَافِيَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْخَيْرِ، وَفِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْيَقِينِ.

وَأَمَّا الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ طَبَقَةُ الذَّنْبِ، طَبَقَةُ الْمَعْصِيَةِ؛ أَنْ يَعْصِيَ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ، وَأَنْ يُجْرِمَ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ؛ فَحَقُّ هَذَا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.

وَمَقَامُ التَّوْبَةِ لَا يُفَارِقُ الْعَبْدَ كَمَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)) .

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ مُقْسِمًا مُؤَكِّدًا حَقِيقَةً ظَاهِرَةً مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِفَاتِ رَبِّنَا -جَلَّ وَعَلَا- وَبِرَحْمَتِهِ الْغَامِرَةِ وَنِعْمَتِهِ الشَّامِلَةِ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ:((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا فَتَسْتَغْفِرُوا، لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ وَأَتَى بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ اللهُ -تَعَالَى- لَهُمْ)) ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الْغَفُورُ، وَهُوَ الرَّحِيمُ، وَهُوَ الرَّحْمَنُ الْكَرِيمُ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ هُوَ خَيْرُ مَنْ حَقَّقَ الْعُبُودِيَّةَ فِي نَفْسِهِ؛ فَهُوَ الْعَبْدُ حَقًّا، وَإِذَا أُطْلِقَ هَذَا اللَّقَبُ فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَدْ كَانَ عَبْدًا للهِ حَقًّا وَصِدْقًا، وَحَقَّقَ الْعُبُودِيَّةَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

وَدَلَّنَا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مَا نُحَقِّقُ بِهِ الْعُبُودِيَّةَ عَلَى قَدْرِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ.

كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتُوبُ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُهُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، يَقُولُ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) ، مَعَ أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَهُوَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللهِ، وَهُوَ خَلِيلُ اللهِ ﷺ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَأْتِي بِهَذَا الِاسْتِغْفَارِ وَبِطَلَبِ التَّوْبَةِ مِنَ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ.

وَكُلُّ ذَلِكَ لِتَحْقِيقِ مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ فِي نَفْسِهِ وَقَلْبِهِ وَرُوحِهِ عَلَى أَتَمِّ مَا تَكُونُ الْعُبُودِيَّةُ للهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، وَلِيُعَلِّمَنَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَغْفِرُ وَيَتُوبُ، فَمَا حَالُنَا نَحْنُ؟! وَمَا شَأْنُنَا نَحْنُ مَعَ مَا نَأْتِي بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ وَالْخَطَايَا؟!!

وَقَدْ شَكَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ذَرَبَ لِسَانِهِ؛ أَيْ حِدَّةً فِي قَوْلِهِ وَانْدِفَاعًا فِي مَنْطِقِهِ، فَاشْتَكَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَدَلَّهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مَا يَنْزِعُ بِهِ الْأَذَى مِنْ لِسَانِهِ؛ فَقَالَ: ((أَيْنَ أَنْتَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ؟! إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ)) .

فَدَلَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْكَبِيرِ.

وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اسْتَغْفَرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَكْرَمَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.

فَبَيَّنَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اسْتَغْفَرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَجَعَ بِهَذِهِ الْعَطَاءَاتِ كُلِّهَا، فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَإِذَا غَفَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ذَنْبَهُ فَقَدْ رَحِمَهُ، وَإِذَا رَحِمَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَقَدْ فَازَ دُنْيَا وَآخِرَةً.

وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- -لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَنَا وَيَعْلَمُ ضَعْفَنَا، وَيَعْلَمُ مَا نَتَوَرَّطُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ اجْتِرَاحِ السَّيِّئَاتِ وَالْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ- بَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِنَا أَنَّهُ لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، حَتَّى الْكُفْرُ، فَلَوْ أَنَّ الْإِنْسَانَ خَذَلَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَكَفَرَ بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَإِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَإِذَا وَقَعَ الْإِنْسَانُ فِي شِرْكٍ بِاللهِ  -جَلَّ وَعَلَا- فَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ.

وَمَهْمَا أَتَى بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ ذَنْبٍ فَإِنَّ رَحْمَةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- تَغْمُرُهُ، فَعَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا مَا كَانَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ فَوَقَعَ فِي ذَنْبٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَالتَّوْبَةُ لَا تَكُونُ تَوْبَةً إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا شُرُوطٌ:

فَيَنْبَغِي أَنْ يَتُوبَ الْإِنْسَانُ بِإِخْلَاصٍ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا أَنْ يُقْلِعَ عَنْ ذَنْبِهِ وَيَتُوبَ مِنْهُ لِأَجْلِ غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا.

فَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَهُوَ الْإِخْلَاصُ.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي فَهُوَ أَنْ يُقْلِعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَيْسَ مَقْبُولًا وَلَا مَنْطِقِيًّا أَنْ يَدَّعِيَ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ، بَلْ يَنْبَغِي عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُخْلِصَ النِّيَّةَ فِي تَوْبَتِهِ إِلَى اللهِ أَنْ يُقْلِعَ عَنِ الذَّنْبِ.

ثُمَّ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَمْرِ الْبَاطِنِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي تَوْبَتِهِ وَعَلَى إِخْلَاصِهِ فِي نُزُوعِهِ عَنْ ذَنْبِهِ؛ وَهُوَ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَاتَ.

ثُمَّ يُؤَكِّدُ ذَلِكَ بِالْعَزْمِ عَلَى أَلَّا يَعُودَ.

فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِخْلَاصِ، وَالْإِقْلَاعِ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ.

وَلَكِنْ هُنَاكَ مِنَ الذُّنُوبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادِ وِبِحُقُوقِ الْخَلْقِ، فَالتَّوْبَةُ لَا تَكُونُ تَوْبَةً -حِينَئِذٍ- إِلَّا بِرَدِّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَصْحَابِهَا، فَالْإِنْسَانُ إِذَا مَا ارْتَكَبَ ذَنْبًا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْعِبَادِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ إِلَى أَرْبَابِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَالًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ كَانَتْ دُورًا أَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْهُ صَاحِبَهُ.

وَأَمَّا إِذَا مَا كَانَتْ غِيبَةً -مَثَلًا- فَهَذَا أَمْرٌ يَتَعَقَّدُ عَلَى نَحْوٍ مِنَ الْأَنْحَاءِ؛ لِأَنَّ الْغِيبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحَقِّ الْآخَرِ، وَالْآخَرُ لَا بُدَّ أَنْ يُسَامِحَ فِي حَقِّهِ أَوْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، فَإِذَا مَا أَرَدْنَا مِنْهُ أَنْ يُسَامِحَ فِي حَقِّهِ فَعَلَى الْمُغْتَابِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مَنِ اغْتَابَهُ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ.

وَلَا يَخْفَى -خَاصَّةً فِي هَذَا الزَّمَانِ- مَا فِي النَّاسِ مِنْ زَعَارَةِ الْخُلُقِ وَضِيقِ الصَّدْرِ وَالْعَقْلِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَذْهَبَ إِنْسَانٌ إِلَى أَخِيهِ وَيَقُولَ: سَامِحْنِي وَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ؛ لِأَنِّي كُنْتُ قَدْ جَلَسْتُ مَجْلِسًا وَتَكَلَّمْتُ فيِ حَقِّكَ بِبَعْضِ الْكَلَامِ.. ثُمَّ يَجِدُ مِنْ هَذَا الَّذِي قَدِ اغْتَابَهُ صَدْرًا فَسِيحًا، وَبَالًا رَائِقًا، وَسَمَاحَةً وَافِدَةً، فَيَقُولُ لَهُ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ.. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعْلِمَهُ عَمَّا قَالَهُ فِي حَقِّهِ!

فَهَاهُنَا أَمْرَانِ؛ إِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَلَنْ يُسَامِحَهُ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ رُبَّمَا أَدَّى الْأَمْرُ إِلَى إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُسَامِحَهُ وَأَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ، وَالْآخَرُ يَقُولُ: قُلْتَ وَقُلْتَ! وَتَنْشَبُ مَعْرَكَةٌ قَدْ تُؤَدِّي إِلَى الْقَتْلِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ!

فَيَتَوَرَّطُ الْإِنْسَانُ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهُ يُوَرِّطُ نَفْسَهُ بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ مِمَّا تَوَرَّطَ فِيهِ.

فَحَقُّ الْغَيْرِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَوْ بِأَنْ تُعْطِيَهُ مَالًا؛ يَعْنِي مَنِ اغْتَبْتَهُ، فَذَهَبْتَ إِلَيْهِ لِتَسْتَحِلَّهُ فَلَمْ يَقْبَلْ إِلَّا بِأَنْ تُعْطِيَهُ مَالًا فَأَعْطِهِ، قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ؛ وَإِنَّمَا هِيَ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ الْمُخْتَارُ ﷺ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟».

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ.

فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

فَقَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ يَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا تَتَعَاظَمَنَّ ذَنْبًا؛ فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ شِرْكًا، وَهَذَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَأَمَّا مَنْ مَاتَ بِذُنُوبٍ دُونَ الشِّرْكِ مُصِرًّا عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَهَذَا تَحْتَ الْمَشِيئَةِ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ النَّارَ فَإِنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مَنْ مَعَهُ أَصْلُ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)).

وَأَمَّا إِذَا مَاتَ مُشْرِكًا بِاللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ إِذَا كَانَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَمَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا، فَكُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ، مَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، مَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ إِثْمٍ وَعَيْبٍ، وَكُلُّنَا كَذَلِكَ مِنْ مُقِلٍّ وَمُسْتَكْثِرٍ.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ يَأْتِيَ بِشُرُوطِ التَّوْبَةِ؛ بِالْإِخْلَاصِ، وَالْإِقْلَاعِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَالنَّدَمِ عَلَيْهَا، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْمُعَاوَدَةِ، ثُمَّ بِرَدِّ الْحُقُوقِ إِلَى أَرْبَابِهَا.

وَأَنْ تَكُونَ التَّوْبَةُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُقْبَلُ التَّوْبَةُ فِيهِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي تُقْبَلُ التَّوْبَةُ فِيهِ عَامٌّ وَخَاصٌّ؛ فَالْعَامٌّ لِعُمُومِ الْخَلْقِ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَقَدِ انْقَطَعَ أَوَانُ التَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِعُمُومِ الْخَلْقِ فِي الْأَرْضِ، وَخَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، فَإِذَا بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ فَقَدِ انْقَطَعَ أَوَانُ التَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْتَضَرِ.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتُوبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ، أَوْ حَتَّى فِي حَالِ مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ تُغَرْغِرَ الرُّوحُ فِي حَلْقِهِ، وَقَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الْحُلْقُومَ، وَحِينَئِذٍ لَا تَوْبَةَ لَهُ.

فَهَذِهِ شُرُوطُ التَّوْبَةِ، وَلَا يَتَعَاظَمَنَّ إِنْسَانٌ ذَنْبَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا أَجْمَعِينَ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

المصدر:الِابْتِلَاءُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  بِنَاءُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ
  انْتِصَارَاتُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَاضِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ.. عِقَابُهُمْ وَخَطَرُهُمْ
  حُقُوقُ الْأَطْفَالِ فِي الْإِسْلَامِ
  مَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا الْقُدْسُ وَنَسْتَرِدُّ الْأَقْصَى السَّلِيبَ؟!!
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: تَرْبِيَةُ الْأَبْنَاءِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ
  مَعَانٍ عَظِيمَةٌ لِلْوَطَنِ
  دَوْرُ الِابْتِلَاءِ فِي تَرْبِيَةِ النُّفُوسِ
  سَبَبُ النَّصْرِ الْأَعْظَمُ: تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ وَالِاتِّبَاعِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَيْتَامِ وَالْفُقَرَاءِ
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي كَوْنِ الرَّحْمَنِ
  حَرْبُ الشَّائِعَاتِ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ
  نَصَائِحُ غَالِيَةٌ لِلطُّلُّابِ وَالدَّارِسِينَ
  مِنْ أَعْظَمِ الْبِرِّ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ
  مَنْزِلَةُ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ وَحُجِّيَّتُهَا
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان