مَظَاهِرُ الِابْتِلَاءِ


 ((مَظَاهِرُ الِابْتِلَاءِ))

((اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَبْتَلِي الْإِنْسَانَ بِالسَّرَّاءِ وَيَبْتَلِيهِ بِالضَّرَّاءِ، فَيَبْتَلِيهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالسَّيِّئَاتِ وَيَبْتَلِيهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالطَّاعَاتِ.

1- الِابْتِلَاءُ بِالضَّرَّاءِ أَوِ الشَّرِّ:

يَبْتَلِي اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْإِنْسَانَ بِالضَّرَّاءِ وَيَبْتَلِيهِ بِالشَّرِّ، وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ أَوِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ يَعْنِي عِنْدَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ مُبْتَلًى؛ فَهُوَ مُبْتَلًى بِالضَّرَّاءِ أَوْ مُبْتَلًى بِالشَّرِّ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ.

وَقَدْ تَخْفَى حِكْمَةُ هَذَا النَّوْعِ عَلَى الْكَثِيرِينَ؛ إِذْ قَدْ يُرَادُ بِهِ اخْتِبَارُ الصِّدْقِ فِي الْإِيمَانِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبارَكُمْ}؛ لِنَسْتَخْرِجَ الْمَكْنُونَ مِنْ ذَاتِ صُدُورِكُمْ.

وَقَالَ -جَلَّ شَأْنُهُ-: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ}.

وَقَدْ يُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِالضَّرَّاءِ وَالشَّرِّ التَّمْهِيدُ وَالتَّدْرِيبُ عَلَى التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ؛ لِمَا يَعْقُبُ هَذَا الِابْتِلَاءَ مِنَ الصَّبْرِ فِي الشَّدَائِدِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ، وَالْيَقِينِ بِأَنَّ للهِ -تَعَالَى- حِكْمَةً فِي كُلِّ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ؛ {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

{لَمَّا صَبَرُوا} عَلَى الِابْتِلَاءِ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا الِابْتِلَاءُ وَصَبَرُوا عَلَيْهِ مَكَّنَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَهُمْ فِي الْأَرْضِ.

وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ إِنَّ جَزَاءَ الصَّابِرِينَ عَلَى الِابْتِلَاءِ بِالضَّرَّاءِ هُوَ الْجَنَّةُ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَقُولُ الْمَوْلَى -عَزَّ وَجَلَّ-: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ -يَعْنِي بِعَيْنَيْهِ- فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ عَنْهُمَا الْجَنَّةَ»؛ يَعْنِي يُرِيدُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُعَوِّضَهُ عَلَى صَبْرِهِ بِفَقْدِ بَصَرِهِ.. بِفَقْدِ عَيْنَيْهِ؛ فَلَا يُعَوِّضُهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَّا بِالْجَنَّةِ.

هَذَا الْمَظْهَرُ مِنْ مَظَاهِرِ الِابْتِلَاءِ أَشَارَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

فَهَذَا كُلُّهُ ابْتِلَاءٌ بَيَّنَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالضَّرَّاءِ يَقَعُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَبِمَا يَسُوءُهُ وَمَا يَكْرَهُهُ)) .

* وَلَا يُضَافُ الشَّرُّ إِلَى اللهِ قَصْدًا؛ قَالَ ﷺ: ((وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ)) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

((الشَّرُّ لَا يُضَافُ إِلَيْكَ إِفْرَادًا وَقَصْدًا، فَلَا يُقَالُ: يَا خَالِقَ الشَّرِّ، أَوْ يَا مُقَدِّرَ الشَّرِّ.

وَلِهَذَا لَمَّا أَرَادَ الْخَضِرُ ذِكْرَ الْعَيْبِ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ، مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ، قَالَ: {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79]، الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ عَيْبٌ هُوَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِهِ هُوَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمَّا ذَكَرَ الْعَيْبَ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا}، وَلَمْ يَقُلْ: فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَعِيبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي مِنَ اللهِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا فِي مَرْأَى النَّظَرِ وَعَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ ظَاهِرًا فَهَذَا عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْلَعُ لَوْحًا مِنَ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، وَهَؤُلَاءِ مَسَاكِينُ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ حَمَلُوا الْخَضِرَ وَمُوسَى بِغَيْرِ نَوْلٍ -أَيْ بِغَيْرِ مُقَابِلٍ وَأَجْرٍ- وَكَانُوا -أَعْنِي أَهْلَ السَّفِينَةِ- مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَمِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَأَرَادَ الْخَضِرُ أَنْ يَعِيبَ السَّفِينَةَ ظَاهِرًا، وَلَكِنْ.. هَذَا يُفْضِي إِلَى مَاذَا؟!!

يُفْضِي إِلَى خَيْرٍ سَيَأْتِي بَعْدُ؛ وَهُوَ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا رَأَى أَنَّ السَّفِينَةَ مَعِيبَةٌ لَمْ يَأْخُذْهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا، فَأَخَذَ الْخَضِرُ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَخَلَعَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، حَتَّى إِذَا رَأَى الْمَلِكُ وَجُنُودُهُ السَّفِينَةَ مَعِيبَةً تَرَكُوهَا، قَالُوا: هَذِهِ لَا نُرِيدُهَا.

إِذَنْ؛ هَذَا خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ؟!!

هَذَا خَيْرٌ.

هَذَا الْعَيْبُ الظَّاهِرُ الَّذِي أُحْدِثَ فِي السَّفِينَةِ إِنَّمَا أَنْتَجَ وَأَثْمَرَ خَيْرًا عَظِيمًا؛ وَهُوَ أَنَّ السَّفِينَةَ لَمْ تُغْتَصَبْ مِنَ الْمَسَاكِينِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْخَضِرَ لَمَّا ذَكَرَ الْعَيْبَ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

وَلَمَّا أَرَادَ ذِكْرَ الْخَيْرِ نَسَبَهُ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ فَقَالَ: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} [الكهف: 82].

لَمَّا ذَكَرَ الْخَيْرَ نَسَبَهُ إِلَى اللهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْعَيْبَ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ.

وَكَذَلِكَ فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَمِنْ نِعَمِهِ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَرَضَ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى اللهِ؛ فَقَالَ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]، وَلَمْ يَقُلْ: وَإِذَا أَمْرَضَنِي فَهُوَ يَشْفِينِ.

وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَ يَنْسُبُ الْفِعْلَ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَلَمَّا جَاءَ الْمَرَضُ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- )) .

((نَفْسُ قَضَاءِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَيْسَ فِيهِ شَرٌّ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ رَحْمَةٍ وَحِكْمَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّرُّ فِي الْمَقْضِيَّاتِ، فَأَمَّا الْقَضَاءُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَهُوَ خَيْرٌ مَحْضٌ لَا شَرَّ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَقْضِيَّاتُ فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ شَرًّا أَوْ تَكُونُ خَيْرًا.

وَمَعَ ذَلِكَ.. فَالشَّرُّ فِي الْمَقْضِيَّاتِ لَيْسَ شَرًّا مَحْضًا؛ يَعْنِي مَا قَدَّرَهُ اللهُ -تَعَالَى- عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْمَرَضِ مَثَلًا، هَذَا مِنْ حَيْثُ هُوَ قَضَاءُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِاللهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِيمَا قَضَاهُ هَذَا خَيْرٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ مَا قَضَى اللهُ وَقَدَّرَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ شَرٌّ أَبَدًا مِنْ حَيْثُ هُوَ قَضَاؤُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-.

وَأَمَّا الْمَقْضِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ.. أَمَّا الْمَرَضُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ؛ فَهَذَا يَكُونُ شَرًّا وَيَكُونُ خَيْرًا، وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ شَرًّا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَرًّا مَحْضًا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَكُونُ خَيْرًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَرِضَ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ)) . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ)) وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي ((السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ)).

وَكَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَصَابَ مِنْهُ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ)) . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((يُصَبْ مِنْهُ)) .

لِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُوعَكُ -يَمْرَضُ مَرَضًا شَدِيدًا- وَيَقُولُ: ((أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلَانِ مِنْكُمْ)) . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

الشَّرُّ لَا يُضَافُ إِلَى اللهِ إِفْرَادًا وَقَصْدًا؛ فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ نُرَاعِيَ أَمْثَالَ هَذِهِ الْعَقَائِدِ)) .

2- وَأَمَّا الِابْتِلَاءُ بِالْمَعَاصِي أَوِ السَّيِّئَاتِ:

((فَهَذَا الْمَظْهَرُ لَا يَقِلُّ عَنِ الْمَظْهَرِ الْأَوَّلِ؛ وَهُوَ الِابْتِلَاءُ بِالضَّرَّاءِ أَوِ الشَّرِّ مِنْ حَيْثُ الْخَطَرُ وَالتَّأْثِيرُ فِي حَيَاةِ الْأُمَمِ وَالْأَفْرَادِ.

آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الِابْتِلَاءِ عِنْدَمَا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْهَا.

فَهَذَا ابْتِلَاءٌ بِالْمَعَاصِي.. ابْتِلَاءٌ بِالسَّيِّئَاتِ، نَهَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنِ الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا، وَسَجَّلَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلى حِينٍ}.

وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ إِلَى ثَمَرَةِ هَذَا الِابْتِلَاءِ عِنْدَمَا قَالَ: ((لَوْ لَمْ تَكُنِ التَّوْبَةُ أَحَبَّ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْمَخْلُوقَاتِ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ، فَالتَّوْبَةُ هِيَ غَايَةُ كُلِّ كَمَالٍ آدَمِيٍّ، وَقَدْ كَانَ كَمَالُ أَبِينَا آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِهَا)).

لَمَّا تَابَ عَلَيْهِ رَبُّهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- اجْتَبَاهُ وَاصْطَفَاهُ، وَتَابَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ.

3- الِابْتِلَاءُ بِالسَّرَّاءِ أَوِ الْخَيْرِ:

يَبْتَلِي اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى شُكْرَهُ عَلَى مَا آتَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنَ النِّعَمِ؛ فَيُبْتَلَى الْإِنْسَانُ عَلَى الْمُسْتَوَى الشَّخْصِيِّ بِالنَّعْمَاءِ أَوِ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَتَمْحِيصًا.

يُعْطِيهِ اللهُ الْمَالَ.. الْجَاهَ.. الْعَافِيَةَ.. الْمَنْصِبَ.. الْأَوْلَادَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَا يَعْقُبُ هَذَا الْعَطَاءَ مِنْ شُكْرٍ لِلنِّعْمَةِ أَوْ كُفْرٍ بِهَا.

حَكَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَنْ سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

وَشُكْرُ النِّعْمَةِ يَعْقُبُهُ زِيَادَتُهَا، وَأَمَّا الْجُحُودُ وَالْكُفْرُ بِهَا، وَالْعِصْيَانُ، وَالْكِبْرُ، وَالْعُجْبُ، وَالْخُيَلَاءُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ.. فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَهَا مَاحِقَةً لِلنَّعْمَاءِ مُذْهِبَةً لَهَا؛ يَقُولُ رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

هَذِهِ الْأَمْوَالُ وَهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ فِتْنَةٌ وَاخْتِبَارٌ وَمِحْنَةٌ وَابْتِلَاءٌ مِنَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

وَقَالَ رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

{مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ}: مِنْ جِنْسِ مَا يُقَالُ لَهُ زَوْجٌ، وَمِنْ جِنْسِ مَا يُقَالُ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ هِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّبْعِيضِ؛ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَالْآخَرُونَ يَكُونُونَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ.

فَهَذَا الِابْتِلَاءُ بِالنَّعْمَاءِ وَبِالسَّرَّاءِ، ابْتِلَاءٌ لِأَجْلِ أَنْ يَرَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَدَّ فِعْلِ الْعَبْدِ عَلَى قَدَرِ اللهِ فِيهِ بِالنِّعْمَةِ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِ؛ أَيَشْكُرُ تِلْكَ النِّعْمَةَ فَيَشْكُرُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِي أَوْصَلَهَا إِلَيْهِ؟! أَمْ يَكْفُرُ وَيَجْحَدُ؟!

وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُشِيرُ إِلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ؛ الِابْتِلَاءِ بِالشَّرِّ، وَالِابْتِلَاءِ بِالْخَيْرِ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35].

4- الْمَظْهَرُ الرَّابِعُ مِنْ مَظَاهِرِ الِابْتِلَاءِ: الِابْتِلَاءُ بِالطَّاعَاتِ؛ كَمَا يَبْتَلِي اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْإِنْسَانَ بِالْمَعْصِيَةِ لِتُتَاحَ لَهُ فُرْصَةُ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، يَبْتَلِيهِ -أَيْضًا- بِالطَّاعَاتِ لِيَشْكُرَ رَبَّهُ عَلَى مَا هَدَاهُ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الطَّاعَاتِ.

يَقُولُ رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}.

الطَّاعَةُ الَّتِي وَفَّقَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِبْرَاهِيمَ إِلَيْهَا جَلِيلَةٌ جِدًّا، لَمَّا هَمَّ بِذَبْحِ وَلَدِهِ امْتِثَالًا لِأَمْرِ رَبِّهِ، ثُمَّ صَدَّقَ الرُّؤْيَا: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا}؛ يَعْنِي: هَذَا الَّذِي كَانَ مِنْ تَوْفِيقِكَ وَإِحْسَانِكَ فِي الْعَمَلِ {لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}.

فَابْتَلَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالطَّاعَةِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى شُكْرَهُ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِيَّاهُ إِلَى طَاعَتِهِ.

وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنَ الِابْتِلَاءِ -الِابْتِلَاءُ بِالْمَعْصِيَةِ أَوِ السَّيِّئَةِ، وَالِابْتِلَاءُ بِالطَّاعَةِ أَوِ الْحَسَنِةِ- أَشَارَتْ إِلَيْهِمَا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

يَخْتَبِرُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالْحَسَنَةِ كَمَا يَخْتَبِرُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالسَّيِّئَةِ؛ { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} مِنْ مُحَادَّةِ أَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَمُجَانَبَةِ أَمْرِهِ.

وَضَرَبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَثَلًا، وَسَاقَ قِصَّةً فِيهَا أَرْوَعُ مَثَلَيْنِ لِلِابْتِلَاءِ بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مَعًا؛ وَهِيَ قِصَّةُ وَلَدَيْ آدَمَ، فَابْتَلَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هَذَا بِالطَّاعَةِ، وَابْتَلَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ذَلِكَ بِالْمَعْصِيَةِ، وَثَبَتَ هَذَا، وَزَلَّ هَذَا، وَذَكَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْقِصَّةَ فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ* فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

هَذِهِ الْمَظَاهِرُ الْأَرْبَعَةُ لِلِابْتِلَاءِ؛ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُرْجِعَهَا جَمِيعَهَا إِلَى مَظْهَرَيْنِ اثْنَيْنِ، الْأَوَّلُ: ابْتِلَاءُ التَّكْلِيفِ؛ وَيَشْمَلُ الِابْتِلَاءَ بِالْحَسَنَاتِ أَوِ السَّيِّئَاتِ، بِالطَّاعَاتِ أَوِ الْمَعَاصِي، يَقُولُ اللهُ -تَعَالَى- فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا النَّوْعِ الْأَوَّلِ: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}.

وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي: ابْتِلَاءُ الْفِتْنَةِ؛ وَيَشْمَلُ الِابْتِلَاءَ بِالسَّرَّاءِ أَوِ الضَّرَّاءِ: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ})).

 

المصدر:الِابْتِلَاءُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  بِنَاءُ الْوَطَنِ الْقَوِيِّ عَلَى الْإِيمَانِ وَالْأَمَلِ
  تَحْرِيمُ اللهِ عَلَى الْإِنْسَانِ كُلَّ الْخَبَائِثِ
  فَضْلُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ
  مَعْرَكَةُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ ضِدَّ الْإِرْهَابِ
  الصِّدْقُ مِنْ صِفَاتِ اللهِ، وَمِنْ صِفَاتِ الْمُرْسَلِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ
  الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ سَبَبَا قُوًّةِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَنَصْرِهَا
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: تَعْلِيمُ الشَّبَابِ سُبُلَ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ
  حُكْمُ الْعَوْدَةِ فِي الْهِبَةِ أَوِ التَّعْيِيرِ بِهَا
  حَنَانُ الْأُمِّ وَشَفَقَتُهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  عَوَامِلُ قُوَّةِ بِنَاءِ الدُّوَلِ فِي نَصَائِحَ جَامِعَةٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ​
  الْحُبُّ الْفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  وُجُوبُ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
  جُمْلَةٌ مِنْ حُقُوقِ الْمُسِنِّينَ فِي الْإِسْلَامِ
  الْمُسْلِمُ الْحَقُّ نَظِيفٌ طَاهِرٌ وَمَظَاهِرُ حَثِّ النَّبِّي ﷺ عَلَى النَّظَافَةِ
  مُحَارَبَةُ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان