دَلَائِلُ عَدْلِ وَرَحْمَةِ الْإِسْلَامِ بِالْعَالَمِ


 ((دَلَائِلُ عَدْلِ وَرَحْمَةِ الْإِسْلَامِ بِالْعَالَمِ))

إِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ لَمْ يَشْهَدْ فَاتِحًا أَرْحَمَ مِنَ الْعَرَبِ، هَذَا كَلَامُ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ، وَلَا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ.

قَالَ (جُوسْتَاف لُوبُون): ((إِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ لَمْ يَشْهَدْ فَاتِحًا أَرْحَمَ مِنَ الْعَرَبِ))؛ يَعْنِي: أَرْحَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ  الْأَمِينِ ﷺ )).

لَمْ تَكُنِ الْحَرْبُ يَوْمًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ إِبَادَةً وَاسْتِئْصَالًا، وَحَرْقًا لِلْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْحَرْبُ رَحْمَةً؛ يَأْتُونَ بِهِمْ فِي الْأَغْلَالِ وَالسَّلَاسِلِ لِيُدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَنْهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ الشُّيُوخِ، وَعَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَعَنْ قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ، «أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ،  أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ، أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِّيَّةَ».

نَهَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْإِجْهَازِ عَلَى الْجَرْحَى، وَنَهَاهُمْ عَنِ الرُّهْبَانِ وَالْقُسُوسِ فِي الْأَدْيِرَةِ وَالصَّوَامِعِ وَالْبِيَعِ، مَا دَامُوا لَمْ يَحْمِلُوا سَيْفًا، وَلَمْ يُسَدِّدُوا رُمْحًا؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ لَمْ تَكُنْ يَوْمًا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ إِبَادَةً وَإِهْلَاكًا، وَإِنَّمَا هِيَ تَأْمِينٌ لِلدَّعْوَةِ، وَنَشْرٌ لِلْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ التَّخَطِّي لِذَلِكَ الْحَاجِزِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الدُّعَاةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى التَّوْحِيدِ -تَوْحِيدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- وَالشُّعُوبِ.

وَلَمْ يُحَارِبِ الْإِسْلَامُ يَوْمًا الشُّعُوبَ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْحَرْبُ حَرْبًا عَلَى الْأَنْظِمَةِ الَّتِي تَحُولُ دُونَ كَلِمَةِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- وَالشُّعُوبِ.

وَعِنْدَمَا يَحْدُثُ الْفَتْحُ لَا يَتَسَلَّطُ الْفَاتِحُونَ عَلَى مَنْ كَانَ هُنَالِكَ مِنَ الْبَشَرِ؛ وَإِنَّمَا يُؤَمِّنُونَهُمْ، وَيَحْمُونَهُمْ، وَيَحْتَرِمُونَ آدَمِيَّتَهُمْ وَإِنْسَانِيَّتَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا مُشْرِكِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَمَا فُرِضَ مِنَ الْجِزْيَةِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ تَأْمِينِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ حِمَايَتِهِمْ.

لَمْ يَعْرِفِ التَّارِيخُ -قَطُّ- فَاتِحًا أَرْحَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ فِي فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا دَفَعَ رَايَةَ الْأَنْصَارِ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَلَمَّا كَانَ هُنَالِكَ عَلَى مَشَارِفِ مَكَّةَ قَالَ: الْيَوْمُ يَوْمُ الْـمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَبَاحُ الْحُرْمَةُ.

وَنُقِلَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَمَرَ بِأَخْذِ الرَّايَةِ مِنْهُ، وَدَفَعَهَا إِلَى وَلَدِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَأَى بِذَلِكَ أَنَّ الرَّايَةَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ»، الْيَوْمَ أَعْلَى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ شَأْنَ الْمُسْلِمِينَ، الْيَوْمَ سَيُؤَذِّنُ بِلَالٌ: وَهُوَ حَبَشِيٌّ أَسْوَدُ كَانَ عَبْدًا.

لَمَّا فَعَلَ الْقَوْمُ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ إِلَى قَرِيبٍ، كَانَ يُكْتَبُ هُنَالِكَ فِي الْمَشَارِفِ وَالْمَقَاصِفِ وَالْمَلَاهِي وَالْمُؤَسَّسَاتِ: ((يُمْنَعُ دُخُولُ السُّودِ، كَمَا يُمْنَعُ دُخُولُ الْكِلَابِ!)).

وَالنَبِيُّ ﷺ يُبَلِّغُ عَنْ رَبِّهِ أَنَّ الْمِيزَانَ عِنْدَهُ فِي التَّفْضِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقْوَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}، «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى حَبَشِيٍّ، وَلَا فَضْلَ لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ.. إِلَّا بِالتَّقْوَى» .

«مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، «وَمَنْ عَصَانِي دَخَلَ النَّارَ»  وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا.

جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ بِدِينِ اللهِ ﻷ لِيُسَوِّيَ بَيْنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ.

وَكُلُّهُمْ عَبِيدُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكُلُّهُمْ عِبَادُهُ؛ يَأْمُرُهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَيَنْهَاهُمْ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَحْمِلُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَيَسِيرُ بِهَا فِي الْآفَاقِ، يَدْعُو النَّاسَ إِلَى دِينِ اللهِ ﻷ مُجَاهِدًا دُونَهُ، لَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَسْبِيَ النِّسَاءَ، وَلَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَقْتُلَ الذُّرِّيَّةَ، وَلَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَسْتَأْصِلَ كُلَّ خَضْرَاءَ، وَلَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبَ عَشْوَاءَ، وَإِنَّمَا يَمْتَلِكُ الْقُوَّةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي تَحْمِي دِينَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالَّتِي تَحْمِي الْمُبَلِّغِينَ لِدِينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

لَيْسَ فِيهَا جَوْرٌ، وَلَا عَسْفٌ، وَلَا طُغْيَانٌ، وَلَا ظُلْمٌ، وَإِنَّمَا هِيَ الْقُوَّةُ الْعَادِلَةُ الرَّحِيمَةُ، يَحْمِلُهَا الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْقِيَمِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَأَصْحَابُ الصِّرَاطِ الْقَوِيمِ، يَسِيرُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى هَدْيِ نَبِيِّهِمُ الْعَظِيمِ ﷺ.

قَاتَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَقُوتِلَ، وَدَافَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ دِينِ رَبِّهِ لَمَّا هُوجِمَ، وَحَمَلَ الدِّينَ لِيُبَلِّغَهُ لِلْعَالَمِينَ، وَمَعَهُ الثُّلَّةُ الصَّالِحَةُ، وَأُوذِيَ وَمَنْ مَعَهُ؛ فَشُرِّدُوا، وَطُرِدُوا، وَعُذِّبُوا، وَقُتِّلُوا، وَحُوصِرُوا، وَجُوِّعُوا، وَسُلِكَتْ مَعَهُمْ مَسَالِكُ تَأْبَاهَا النَّفْسُ الْكَرِيمَةُ، وَتَعَافُهَا الْفِطْرَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ.

فَلَمَّا مَلَكَ ﷺ الْأَمْرَ أَطْلَقَهُمْ، وَعَفَا عَنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا: يَا لَثَارَاتِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا: يَا لَثَارَاتِ أُحُدٍ، وَلَا بَدْرٍ، وَلَا شَيْءٍ، إِنَّمَا أَطْلَقَهُمْ؛ ((عَسَى أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يُوَحِّدُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)).

خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ دَاعِيًا إِلَى رَبِّهِ، أَجَابَ مَنْ أَجَابَ، وَعَصَى مَنْ عَصَى.

وَكَانَ مِيزَانُ الْعَدْلِ فِي الْأَرْضِ مَقْلُوبًا، فَعَدَلَهُ الدِّينُ الْحَقُّ، وَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ، وَوَادَعَ النَّبِيُّ ﷺ قُرَيْشًا، سَاقَ الْهَدْيَ، وَأَتَى مُحْرِمًا وَأَصْحَابُهُ يُلَبُّونَ لِكَيْ يَعْتَمِرُوا، وَلِكَيْ يَزُورُوا بَيْتَ اللهِ الْحَرَامَ الَّذِي لَا يُصَدُّ عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ تَبِعَ مُحَمَّدًا ﷺ وَهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ، ثُمَّ كَانَ مَا كَانَ.

وَوَادَعَ النَّبِيُّ ﷺ الْقَوْمَ، وَكَانَتِ الشُّرُوطُ جَائِرَةً، وَلَكِنَّهُ لَا يَمْضِي فِي أَمْرٍ إِلَّا بِوَحْيٍ، وَكَانَ فَتْحًا مُؤَزَّرًا، وَكَانَ نَصْرًا مُبِينًا كَمَا وَصَفَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [الفتح: 1] هُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، سَمَّاهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْرِ، وَنَعَتَهُ بِالظَّاهِرِ وَالْمُبِينِ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَحْتَاجُ الْمُوَادَعَةَ وَالْهُدْنَةَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَفِيءَ الْقَوْمُ إِلَى عُقُولِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى بَصَائِرِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ وَفِطَرِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يُقَلِّبُوا الْمَسْأَلَةَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، مَاذَا يُرِيدُ مِنَّا؟ وَمَاذَا يُرِيدُ مِنَّا مَنْ مَعَهُ؟ وَمَا هَذَا الدَّينُ الَّذِي جَاءَ بِهِ؟

وَقَدْ كَانَ؛ فَدَخَلَ فِي دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي سَنَتَيْنِ عَدَدٌ يَزِيدُ عَلَى الَّذِينَ دَخَلُوا الدِّينَ مُنْذُ دَعَا إِلَيْهِ النَّبِيُّ الْأَمِينُ ﷺ.

وَفِي فَتْرَةِ الْمُوَادَعَةِ أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ كُتُبَهُ، وَ طَيَّرَ رَسَائِلَهُ إِلَى الْمُلُوكِ فِي الْأَرْضِ: ادْخُلُوا فِي دِينِ اللهِ!

لَا تَحُولُوا دُونَ النُّورِ وَأَقْوَامِكُمْ وَشُعُوبِكُمْ!

كُفُّوا عَنِ التَّضْلِيلِ!

وَانْزِعُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَالْبُهْتَانِ!

آمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَنَحْنُ وَأَنْتُمْ عَلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ، وَأَلَّا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ.

هَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ السَّوَاءُ، فَسَّرَهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو بِهَا الْمُلُوكَ، وَيُرْسِلُ بِهَا الْكُتُبَ، وَيَخُطُّ بِهَا الرَّسَائِلَ، وَيَدْعُو بِهَا إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِلَى تَوْحِيدِهِ، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ الدَّعْوَةَ إِلَى تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ.

الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِبَادٌ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَعَبِيدٌ.

هُوَ الَّذِي يُشَرِّعُ لَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِمْ؛ لَا يَسْتَغِلُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يَعْتَدِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

وَإِنَّمَا الْحُكْمُ للهِ وَحْدَهُ، وَالنَّبِيُّ ﷺ -وَهُوَ خَيْرُ الْمُرْسَلِينَ، وَصَفْوَةُ النَّبِيِّينَ- لَمْ يُحِلَّ لَهُ رَبُّهُ الظُّلْمَ بِحَالٍ أَبَدًا، حَاشَا وَكَلَّا، لَمْ يُبِحْهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِأَحَدٍ، كَيْفَ وَقَدْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ؟! ((إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا)) .

فَالْإِسْلَامُ يَحْتَرِمُ النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً، وَيَحْتَرِمُ الْجَسِدَ الْإِنْسَانِيَّ وَلَوْ كَانَ مَقْتُولًا عَلَى الْكُفْرِ، فَإِنَّهُ يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ عِنْدَمَا تَشْتَبِكُ الرِّمَاحُ، وَعِنْدَمَا تَتَشَابَكُ الْأَسِنَّةُ، وَعِنْدَمَا تُسَلُّ السُّيُوفُ لَامِعَةً، يَأْتِي النَّهْيُ عَنِ الْمُثْلَةِ؛ لِأَنَّ حَامِلَ السَّيْفِ وَمُسَدِّدَ الرُّمْحِ لَا يَخْبِطُ بِهِ خَبْطَ عَشْوَاءَ.

وَإِنَّمَا هُوَ فَاعِلٌ بِذَلِكَ بِقُدْرَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّنَا الْأَمِينِ ﷺ: ((لَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَخُونُوا، وَلَا تَغُلُّوا)).

فَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ، نَهَى عَنْ أَنْ يُمَثَّلَ بِقَتِيلٍ، أَنْ تُشَوَّهَ صُورَتُهُ، أَوْ تُمَزَّقَ أَعْضَاؤُهُ، أَوْ يُعْبَثَ بَجُثَّتِهِ، فَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ امْتِهَانِ الْجَسَدِ الْإِنْسَانِيِّ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَإِنْ كَانَ فِي سَاحَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَبَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ.

ثُمَّ يَأْمُرُ الْمُسْلِمِينَ بِأَلَّا يَدَعُوا جُثَثَ الْكَافِرِينَ نَهْبًا لِجَوَارِحِ الطَّيْرِ وَسِبَاعِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا تُخَدُّ لَهُمُ الْأَخَادِيدُ، ثُمَّ يُلْقَوْا فِيهَا، ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِمُ التُّرَابُ؛ احْتِرَامًا لِذَلِكَ الْجَسَدِ الْإِنْسَانِيِّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ صَاحِبُهُ كَافِرًا، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَ طَوَاغِيتِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ، وَجِيءَ بِهِمْ فَجُعِلُوا فِي الْقَلِيبِ، وَكَانَ جَافًّا يَابِسًا، ثُمَّ أُهِيلَ عَلَيْهِمُ التُّرَابُ، وَجُعِلَتْ عَلَيْهِمُ الْحِجَارَةُ.

النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُ بِعَدَمِ التَّمْثِيلِ بِالْقَتْلَى، وَيَأْمُرُ ﷺ بِأَنْ يُحْتَرَمَ الْإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ هُوَ إِنْسَانٌ.

الْحَقُّ حَقٌّ، وَتَبْلِيغُهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِحَدِّ السَّيْفِ وَالنَّصْلِ وَالرُّمْحِ.

وَلَكِنْ، لَا بُدَّ فِي النِّهَايَةِ مِنْ إِقَامَةِ ذَلِكَ عَلَى قَانُونِ الْعَدْلِ وَالرُّشْدِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص.

أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ خَالِدًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، وَإِنَّمَا قَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا! فَأَوْقَعَ بِهِمُ الْقَتْلَ، وَأَعْمَلَ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)).

لَمَّا أَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ خَالِدًا جَاءَ قَوْمًا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، لَيْسَ الْأَمْرُ مَبْنِيًّا عَلَى غَدْرٍ، وَلَا تَبْيِيتٍ بِلَيْلٍ؛ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرُ دِينٍ، وَدَعْوَةٌ إِلَى الرُّشْدِ وَالْحَقِّ الْمُبِينِ، فَإِذَا خُولِفَ فَلَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الْأَمْرِ عَلَى حَقِّهِ.

وَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِأَنْ يُعَادَ الْأَمْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، أَوْ إِلَى مَا يُقَارِبُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِدَفْعِ الدِّيَةِ.

وَالْإِنْسَانُ يَحْتَرِمُ الْجَسَدَ الْإِنْسَانِيَّ، وَيُأْمَرُ عِنْدَ الْقَتْلِ خَطَأً بِدَفْعِ الدِّيَةِ، مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الْإِرَادَةِ الْفَاعِلَةِ لِسَفْكِ الدَّمِ وَإِزْهَاقِ الرُّوحِ.

وَلَكِنْ.. إِذَا وَقَعَ الْقَتْلُ، فَمَاذَا يَكُونُ؟ لَا بُدَّ مْنْ دِيَةٍ مَعَ الْقَتْلِ الْخَطَأِ الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ صَاحِبُهُ قَتْلًا، وَلَمْ يَعْمِدْ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَحْتَرِمُ الْجَسَدَ الْإِنْسَانِيَّ وَالرُّوحَ الْإِنْسَانِيَّةَ، لَا يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ عَلَى أَنَّهُمْ ذُبَابٌ، عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتِهَا.

لَا يَنْظُرُ إِلَى جِنْسٍ يَعْلُو عَلَى جِنْسٍ بِنَظْرَةٍ فِيهَا احْتِرَامٌ.

هَذَا لَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ؛ لَا جِنْسَ يَعْلُو عَلَى جِنْسٍ، وَلَا لَوْنَ يَفُوقُ لَوْنًا، وَلَا قَوْمِيَّةَ فِي دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِبَادُ اللهِ وَعَبِيدُهُ، وَهُمْ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَكُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِعِبَادَتِهِ، وَكُلُّهُمْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ.

فَدِينُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ يَحْتَرِمُ الْأَعْدَاءَ هَذَا الِاحْتِرَامَ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ.

أَمَّا قَبْلَ الْحَرْبِ فَلَا بُدَّ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ: إِمَّا الْإِسْلَامُ، وَإِمَّا الْجِزْيَةُ، وَإِمَّا الْحَرْبُ، إِمَّا أَنْ تَدْخُلُوا فِي دِينِ اللهِ، وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشُّعُوبِ الْمُنْهَكَةِ، الشُّعُوبِ الَّتِي ضُلِّلَتْ، الَّتِي حُرِفَتْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

إِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؛ نَدْعُوهُمْ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، وَنَنْشُرُ فِيهِمْ هِدَايَتَهُ، وَنَحْمِيهِمْ وَنُدَافِعُ عَنْهُمْ.

وَمَعْلُومٌ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ، وَفِي كُلِّ جِيلٍ وَأُمَّةٍ، أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ مُخَالِفًا فِي جُيُوشِهَا يَحْمِلُ رَايَتَهَا وَيُقَاتِلُ تَحْتَهَا، فَلَمْ يَقْبَلْهُمُ الْإِسْلَامُ مُدَافِعِينَ وَلَا مُهَاجِمِينَ وَلَا حَامِلِي سِلَاحٍ، وَإِنَّمَا وَضَعَ عَنْهُمُ الْإِصْرَ الَّذِي أَقَضَّ مَضَاجِعَهُمْ، وَرَفَعَ عَنْهُمُ الْمِحْنَةَ الَّتِي سَاقَهَا إِلَيْهِمْ أَبْنَاءُ دِينِهِمْ فَعَذَّبُوهُمْ وَاضْطَهَدُوهُمْ، وَسَامُوهُمُ الْخَسْفَ وَأَذَلُّوهُمْ.

وَجَاءَ الْإِسْلَامُ الْعَظِيمُ بِالرَّحْمَةِ وَفَرَضَ الْجِزْيَةَ، وَتُرْفَعُ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْفَانِي الْمُنْقَطِعِ، وَعَنِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ حَوْلًا وَلَا حِيلَةً، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكْسِبَ رِزْقَهُ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ فِي الْإِمْكَانِ ظَاهِرًا.

وَالدَّلِيلُ قَائِمٌ عَلَى رَحْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَبُعْدِهُ كُلَّ الْبُعْدِ عَنِ الْإِبَادَةِ وَالِاسْتِئْصَالِ.. أَنَّكَ تَجِدُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مَفْتُوحَةٍ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا مَنْ بَقِيَ عَلَى دِينِهِ، لَمْ يُجْبِرْهُمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اعْتِنَاقِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَلَمْ يَضْطَهِدْوهُمْ فِي أَرْضِهِمْ، وَإِنَّمَا قَامُوا بِحِمَايَتِهُمْ وَرَفْعِ الْإِصْرِ عَنْهُمْ، وَبَقُوا عَلَى دِينِهِمْ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا.

أَسْعَدُ الْأَقَلِّيَّاتِ هِيَ الْأَقَلِّيَّاتُ الَّتي تَحْيَا بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، أَسْعَدُ الْأَقَلِّيَّاتِ الَّتِي تَنْعَمُ بِالْعَدْلِ، وَتَنْعَمُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَتَنْعَمُ بِالِاحْتِرَامِ، وَتَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ، وَتَخْرُجُ عَلَى كُلِّ أُطُرِ النِّظَامِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُقَتَّلُ تَقْتِيلًا، وَلَا تُسْتَأْصَلُ اسْتِئْصَالًا..

أَسْعَدُ الْأَقَلِّيَّاتِ هِيَ الْأَقَلِّيَّاتُ الَّتِي تَحْيَا بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَنْعَمُ بِحِمَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.

وَعَلَّمَهُمُ الَمْسْلِمُونَ؛ عَلَّمُوهُمُ النَّظَافَةَ، عَلَّمُوهُمُ احْتِرَامَ الذَّاتِ، وَمَا فِيهِمْ مِنْ خَيْرٍ إِنَّمَا هُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ تَعَالِيمِ الدِّينِ الْعَظِيمِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ ﷺ.

لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ الْأَنْدَلُسَ لَمْ يُبِيدُوا النَّاسَ، وَلَمْ يَقْتُلُوهُمْ؛ وَإِنَّمَا بَقِيَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ، وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ دَخَلَ سَعِيدًا بِهِ، قَرِيرًا بِهِ عَيْنُهُ.

وَتَعَلَّمُوا، وَكَانُوا -قَبْلُ- يَرَوْنَ الطَّهَارَةَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، وَيَرَوْنَ الِاغْتِسَالَ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَاتِ عَمَلًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرْضِيَ الرَّحِيمَ الرَّحْمَنَ.

 عَلَّمُوهُمْ، وَنَظَّفُوهُمْ، وَأَخَذُوا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى صَارُوا عَلَى صِرَاطِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَدَخَلَ فِي الدِّينِ مَنْ دَخَلَ.

النَّبِيُّ ﷺ بُعِثَ بِدِينِ السَّلَامِ، بِدِينِ الرَّحْمَةِ، بِالدِّينِ الْعَظِيمِ الَّذِي يُؤَلِّفُ وَيُجَمِّعُ، وَلَا يُنَفِّرُ وَلَا يُفَرِّقُ؛ هُوَ دِينُ الْحَقِّ، دِينُ اللهِ.

 

المصدر:الْإِسْلَامُ مَصْدَرُ السَّعَادَةِ وَالصَّلَاحِ لِلْعَالَمِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  نَصَائِحُ غَالِيَةٌ لِلطُّلُّابِ وَالدَّارِسِينَ
  التَّحْذِيرُ مِنْ بِدْعَةِ التَّكْبِيرِ الْجَمَاعِيِّ
  تزكية النفس سبيل الفلاح والنجاح
  الْحَثُّ عَلَى الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
  مُرَاقَبَةُ اللهِ وَالضَّمِيرُ الْحَيُّ فِي الْعَمَلِ
  الْمُسْلِمُ الْإِيجَابِيُّ الْجَادُّ، الْفَائِقُ الْمُمْتَازُ
  أَوْلَى الْكِبَارِ بِالْبِرِّ الْوَالِدَانِ
  نَصَائِحُ غَالِيَةٌ فِي نِهَايَةِ عَامٍ هِجْرِيٍّ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ
  فَسَادُ الْمُجْتَمَعَاتِ يَكُونُ بِسَبَبِ فَسَادِ الْأَفْرَادِ وَالْأُسَرِ
  الدرس الرابع : «التَّسَامُحُ»
  وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
  التَّوَكُّلُ وَالْأَخْذُ بِالْأَسْبَابِ فِي الْعَمَلِ
  أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ
  أَقْبِلُوا عَلَى ذِكْرِ اللهِ!
  وَسَائِلُ مُفِيدَةٌ لِسَعَادَةِ الْأُسْرَةِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهَا
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان