الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ مُمْتَدَّانِ طُوَالَ الْعَامِ


((الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ  مُمْتَدَّانِ طُوَالَ الْعَامِ))

يُعَلِّمُنَا هَذَا الشَّهْرُ بِصِيَامِهِ كَيْفَ نَفْزَعُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِحِرْمَانِ النَّفْسِ مِنْ بَعْضِ مَا تُحِبُّ؛ حَتَّى نُحِسَّ بِالمَحْرُومِ حَقًّا وَصِدْقًا: بِمَنْ لَمْ يُؤْتِهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَا آتَانَا، بِالَّذِي يَجِدُ مَسَّ الجُوعِ، وَالَّذِي يُعَانِي مِنْ حَبْسِ الْقَطْرِ عَنِ الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُ قَطْرَةَ المَاءِ، وَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ الجَفَافِ فِي الْعَالِمِ!!

فَإِذَا أَنْتَ وَصَلْتَ إِلَى الرِّيِّ؛ فَاِحْمَدِ اللهَ عَلَى مَا آتَاكَ، وَقَدْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ مَلْكِكَ، وَبِغَيْرِ قُدْرَةٍ مِنْكَ وَلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا طَوْلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ المُتَفَضِّلُ وَحْدَهُ، وَهُوَ المَانُّ وَحْدَهُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَقْضِي بِمَا يُرِيدُ.

*فَضْلُ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ:

وَهَذَا مُمْتَدٌّ فِي سَائِرِ الْعَامِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ: مَا يَكُونُ بِعَقِبِ عِيْدِ الْفِطْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)).

 وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا، وَبَيَّنَ هَذَا الْإِجْمَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: ((شَهْرٌ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَينِ)) أَيْ: بِسِتِّينَ يَوْمًا؛ إِذِ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهَذَا تَمَامُ الْعَامِ؛ فَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَأَنَّمَا صَامَ الْعَامَ كُلَّهُ.

*فَضْلُ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ:

وَدَلَّنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى الْوَصْفَةِ النَّبَوِيَّةِ نَسْتَخْرِجُ بِهَا غِشَّ الصَّدْرِ، نُخْرِجُ بِهِ مَا فِي هَذَا الصَّدْرِ مِنْ غِشِّهِ وَوَسَاوِسِهِ، وَمَا يُحِيطُ بِالْقَلْبِ مِنْ غَبَشِهِ وَنَكَدِهِ؛ لِكَيْ يَكُونَ خَالِصًا للهِ، مَحَلًّا لِنُزُولِ فُيُوضَاتِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ؛ إِذْ هُوَ مَحَلُّهُ وَمَرْبَاهُ، وَلَا مَرْبَى لَهُ سِوَاهُ.

 فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ)).

وَوَحَرُ الصَّدْرِ: غِشُّهُ، وَوَسَاوِسُهُ.

 فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ غِشًّا عَلَى المُسْلِمِينَ -وَيَنْبَغِي عَلَى المَرْءِ أَنْ يُنَقِّبَ فِي قَلْبِهِ؛ إِلَّا إِذَا كَانَ قَدِ اِسْتَحْكَمَ الْغِشُّ فِي قَلْبِهِ، وَدَخَلَ عَلَى فُؤَادِهِ مِنْ أَقْطَارِهِ جَمِيعًا فَصَارَ قَلْبُهُ فِي غُلَافٍ، فَصَارَ أَغْلَفَ، حِينَئِذٍ لَا يَنْفُذُ إِلَيْهِ مِنْ نُورِ الهِدَايَةِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا- فَمَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَهَذَا دَوَاؤُهُ كَمَا وَصَفَهُ لَهُ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ ﷺ: ((صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ)).

إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ يَوْمًا قُعُودًا عَنِ الانْطِلَاقِ فِي تَحْصِيلِ الطَّاعَاتِ فَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ؛ لِأَنَّ اللهَ ذَكَرَ أَقْوَامًا فَقَالَ: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}[التَّوْبَة: 46].

 فَإِذَا وَجَدْتَ تَثْبِيطًا عَنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ فَخَفْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ قَدْ كَرِهَ انْبِعَاثَكَ، فَثَبَّطَكَ، فَيَكُونُ التَّثْبِيطُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَكَ، لَا يُرِيدُكَ بَيْنَ يَدَيْهِ، نَسْأَلُ اللهَ عَائِذِينَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّهُ هُوَ الْجَوَادُ الرَّحِيمِ.

فَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَخَافَ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّ مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الْعَامَ، فَحَدَّدَ لَنَا أَيَّامَ الْبِيضِ ﷺ: «الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالخَامِسَ عَشَرَ».

 وَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي يَكُونُ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا سَوَاءً، فِي أَيِّ شَيْءٍ؟

فِي الْإِنَارَةِ وَالظُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْقَمَرَ لَا يَغِيبُ، فَيَظَلُّ نُورُهُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَالشَّمْسُ تَكُونُ طَالِعَةً بِالنَّهَارِ، فَهِيَ الْأَيَّامُ الْبِيضُ.

وَللْقَمَرِ جَذْبٌ بِجَزْرٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَيُؤَثِّرُ الْقَمَرُ بِجَذْبِهِ عَلَى الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّةِ وَالْعُقُولِ فِيمَا يُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ -فِي عِلْمِ وَظَائِفِ الْأَعْضَاءِ فِي تَجَارِبِهِمْ- يُسَمُّونَهُ بِالجُنُونِ الْقَمَرِيِّ؛ لِأَنَّ الجَرِيمَةَ تَكْثُرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ؛ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِصِيَامِهَا، لَا لِهَذَا، وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِصِيَامِهَا، فَعَلِمَ النَّاسُ حِكْمَةً مِنَ الحِكَمِ فِي الْأَمْرِ بِالصِّيَامِ فِيهَا، وَهُوَ هَذَا، وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ مِنَ الحِكَمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ.

 ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ بِثَلَاثِينَ؛ إِذِ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ الَّذِي تُسَمُّونَهُ المُحَرَّمُ)).

 فَالصِّيَامُ فِي شَهْرِ اللهِ الحَرَامِ المُحَرَّمِ أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ بَعْدَ الصِّيَامِ فِي رَمَضَانَ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ: مَا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

فَبَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ طَرِيقَةَ الصِّيَامِ فِي سَائِرِ الْعَامِ، وَبَيَّنَ أَنَّ «أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا».

 وَحَضَّنَا عَلَى صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهُنَالِكَ أَيْضًا مَا يَكُونُ هُنَالِكَ مِنْ صَوْمِ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَائِلِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، وَفِيهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَهِيَ أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ، وَمَوْسِمٌ جَلِيلٌ مِنْ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ.

 وَيَتَطَوَّعُ المَرْءُ لِلرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا-؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا صَامَ للهِ يَوْمًا، وَكَانَ صِيَامُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ بَعَّدَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَفِي رِوَايَةٍ: ((مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)).

وَجَاءَ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ.

قَالَﷺ: ((عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ)). أَيْ: لَا يُعَادِلُهُ وَلَا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ، لَا مُسَاوِيَ لَهُ.

فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَا يُرَى فِي بَيْتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ دُخَانٌ  ؛ إِذْ كَانُوا صُوَّامًا، فَإِذَا رُئِيَ الدُّخَانُ فِي بَيْتِ أَبِي أُمَامَةَ؛ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ طَرَقَهُمْ ضَيْفٌ، رِضْوَانُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ.

*فَضْلُ قِيَامِ اللَّيْلِ:

وَبَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْقِيَامَ مُمْتَدٌّ فِي الْعَامِ، وَأَنَّ الرَّبَّ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَمَنِ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلْيَكُنْ.

أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ، وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ فِي سُجُودِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ، يُعَفِّرُ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ ذُلًّا للهِ، وَخُضُوعًا للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ، فَإِذَا رُوجِعَ قَالَ: ((أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا)) ﷺ.

النَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرَنَا أَنَّ ((مَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِعَشْرِ آيَاتٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِمِائَةِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِأَلْفِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ)).

 وَالمُقَنْطِرُونَ: الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ قِنْطَارًا مِنَ الْأَجْرِ، لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.

فَمَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ.

وَ((مَنْ قَامَ بِاللَّيْلِ، فَأَيْقَظَ اِمْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا جَمِيعًا رَكْعَتَينِ؛ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ.

وَدَعَا نَبِيُّنَا ﷺ بِالرَّحْمَةِ لِمَنْ يَقُومُ بِاللَّيْلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُوقِظُ اِمْرَأَتَهُ، فَإِنْ قَامَتْ وَإِلَّا نَضَحَ فِي وَجْهِهَا المَاءَ؛ ((رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ بِاللَّيْلِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَيْقَظَ أَهْلَهُ، فَإِنْ قَامَتْ وَإِلَّا نَضَحَ فِي وَجْهِهَا المَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ اِمْرَأَةً قَامَتْ بِاللَّيْلِ فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ قَامَ وَإِلَّا نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ)).

إِنَّ الْأَمْرَ جِدُّ خَطِيرٍ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيَّنَ لَنَا أَنَّ ((فِي الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا)).

قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- -كَمَا فِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ--: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: ((لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَقَامَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)).

عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ، وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَمِنْ أَحْبَارِهِمْ قَبْلُ، ثُمَّ أَسْلَمَ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: ((لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ؛ انْجَفَلَ النَّاسُ لِلِقَائِهِ، قَالَ: وَذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ فِي وَجْهِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ؛ عَلِمْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ﷺ، قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ أَنْ قَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ! أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ)).

 فَهَلُمَّ إِلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، وَمَا كَانَ مِنْ قِيَامٍ فِي رَمَضَانَ فَقِسْ عَلَيْهِ، وَأَقْصَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ((إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فِي رَمَضَانَ وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ، كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا ﷺ ))، وَرُبَّمَا صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قُعُودٍ ﷺ.

 وَأَقَلُّهُ: أَنْ تُصَلِّيَ للهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً.

*مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ الْوِتْرَ أَبَدًا:

وَالنَّبِيُّ ﷺ مَا تَرَكَ الْوِتْرَ أَبَدًا، لَا فِي حَلٍّ وَلَا فِي سَفَرٍ، فَكَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ ﷺ، وَهُوَ قِيامُ اللَّيْلِ، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ؛ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَتُوتِرُ لَهُ مَا كَانَ شَفْعًا قَبْلُ مِنْ صَلَاتِهِ.

 وَصَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، وَلِصَلَاةِ اللَّيلِ صُوَرٌ دُونَ ذَلِكَ، فَكَانَ ﷺ لَا يَدَعُ الْوِتْرَ، لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ-.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَاِجْتِنَابِ المُنْكَرَاتِ، وَأَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا تُرْضِيهِ وَيَرْضَى بِهَا عَنَّا؛ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ

المصدروماذا بعد رمضان؟

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَاذَا يَصْنَعُ الْمُسْلِمُونَ لَوْ هُدِمَ الْأَقْصَى؟!!
  الْعِلَاجَاتُ النَاجِعَةُ لِلتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَمَا نَتَجَ عَنْهُ مِنْ إِرْهَابٍ وَتَدْمِيرٍ وَإِلْحَادٍ
  عِلَاجُ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ وَالِانْحِرَافِ الْأَخْلَاقِيِّ فِي كَلِمَتَيْنِ: عِيشُوا الْوَحْيَ الْمَعْصُومَ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ
  دَلَائِلُ عَالَمِيَّةِ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ
  مِنْ سُبُلِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْتَاجِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: إِعْمَالُ الْعَقْلِ فِي تَوْثِيقِ النَّصِّ، ثُمَّ التَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ
  لَا يُجزِئُ إِخرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ قِيمَةِ الطَّعَامِ
  هَلِ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ أَمِ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ؟
  مَحَبَّةُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ
  الدرس التاسع : «المُرَاقَبَةُ»
  مَسْؤُلِيَّةُ الْمُسْلِمِ تِجَاهَ أَهْلِهِ
  أَكْلُ الْحَرَامِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاطِعِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ
  أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ
  فَضْلُ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان