تفريغ مقطع : أَشْرَاطُ السَّاعَةِ الصُّغْرَى

أَشْرَاطُ السَّاعَةِ الصُّغْرَى

وَكُلَّمَا كَانَ العَهْدُ قَرِيبًا بِالنُّبُوَّةِ؛ زَادَ الخَيْرُ وَقَلَّ الشَّرُّ, وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- مَا يَكُونُ مِنْ أَشْرَاطٍ هِيَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى, وَهِيَ عَلَامَاتٌ مِنْهَا:

كَثْرَةُ الفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ, وَتَخْوِينُ الأَمِينِ, وَائْتِمَانُ الخَائِنِ, وَانْتِفَاخُ الأَهِلَّةِ, وَكَثْرَةُ المَطَرِ, وَقِلَّةُ النَّبَاتِ, وَكَثْرَةُ القُرَّاءِ, وَقِلَّةُ الفُقَهَاءِ, وَكَثْرَةُ الأُمَرَاءِ, وَقِلَّةُ الأُمَنَاءِ, وَكَوْنُ الزُّهْدِ رِيَاءً, وَالوَرَعِ تَصَنُّعًا, وَالوَلَدِ غَيْظًا, وَالمَطَرِ فَيْضًا, وَإِفَاضَةُ الأَشْرَارِ فَيْضًا, وَتَصْدِيقُ الكَاذِبِ, وَتَكْذِيبُ الصَّادِقِ, وَتَقْرِيبُ الأَبَاعِدِ, وَتَبْعِيدُ الأَقَارِبِ, وَزَخْرَفَةُ المَحَارِيبِ, وَخَرَابُ القُلُوبِ, وَاكْتِفَاءُ الرِّجَالِ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ, وَظُهُورُ المَعَازِفِ, وَشُرْبُ الخُمُورِ, وَتَسْمِيَةُ الخَمْرِ بِغَيْرِ اسْمِهَا, وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ, وَكَثْرَةُ الهُمَزَةِ وَاللُّمَزَةِ الغَمَّازِين, وَتَسْمِيَةُ الرِّبَا بِالبَيْعِ وَالسُّحْتَ بِالهَدِيَّةِ, وَالتَّعْلِيمُ لِغَيْرِ دِينِ اللَّهِ, وَإِمَارَةُ الصِّبْيَانِ, وَجَوْرُ السُّلْطَانِ, وَتَطْفِيفُ المِكْيَالِ وَالمِيزَانِ, وَإِتْيَانِ الشَّيَاطِينِ فِي صُورَةِ الرِّجَال, وَتَحْدِيثُهُمُ النَّاسَ بِالأَحَادِيثِ الكَاذِبَةِ, وَتَرْبِيَةُ الرَّجُلِ جَرْوًا وَتَرْكُهُ وَلَدًا, وَتَرْكُ تَوْقِيرِ الكَبِيرِ وَالرَّحْمَةِ عَلَى الصَّغِيرِ, وَالفَاحِشَةُ فِي الكِبَارِ, وَالمُلْكُ فِي الصِّغَارِ, وَالعِلْمُ عِنْدَ الأَصَاغِرِ, وَقَتْلُ الرَّجُلِ أَبَاهُ وَأَخَاهُ, وَرَفْعُ الوَضِيعِ, وَخَفْضُ الرَّفِيعِ, وَكَثْرَةُ الخُطَبَاءِ, وَرُكُونُ العُلَمَاءِ إِلَى الوُلَاةِ وَالفَتْوَى بِمَا يَشْتَهُون, وَتَعَلُّمُ العِلْمِ لِجَمْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ, وَاتِّخَاذُ القُرْآنِ تِجَارَةٌ, وَقِرَاءَتُهُ بِالأُجْرَةِ, وَالتَّلَاعُنُ عِنْدَ المُلَاقَاةِ.

وَهَذَا وَاقِعٌ فِي الحَمَّالِينَ وَالسِّفْلَةِ, وَالسُّوقَةِ وَالبَّاعَةِ, وَأَصْحَابِ المَوَاكِبِ، فَيَبْدَأُ أَحَدُهُم بِشَتْمِ صَاحِبِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ مَكَانَ السَّلَامِ، وَيَمْضِي كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَا يَعْرِفُ تَحِيَّةَ الإِسْلَامِ.

وَأَخْذُ المَالِ وَالعَرَضِ بِغَيْرِ حَقٍّ, وَسَفْكُ الدِّمَاءِ, وَنَقْصُ الأَعْمَارِ وَالأَبْنَاءِ وَالثِّمَارِ, وَقِصَرُ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي, وَكَثْرَةُ الهَرْجِ, وَبِنَاءِ القُصُورِ العَالِيَةِ, وَظُهُورُ البَغْيِ وَالرِّشَا وَالحَمِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ وَالشُّحِّ وَالعَصَبِيَّةِ, وَاخْتِلَافُ الأَهْوَاءِ, وَتَبَايُنُ الآرَاءِ, وَإِحْدَاثُ البِدَعِ وَالشُّرُورِ, وَتَرْكُ الصَّوَابِ مِنَ الأُمُورِ, وَاتِّبَاعُ الهَوَى, وَالقَضَاءُ بِالظَّنِّ, وَأَكْلُ النَّاسِ بِالأَلْسِنَةِ كَأَكْلِ البَقَرِ بِأَلْسِنَتِهَا, وَتَسَافُدُهُم فِي الطُّرُقِ كَالبَهَائِمِ, وَتَنَافُرُ القُلُوبِ, وَاخْتِلَافُ الأَخَوَيْنِ مِنَ الأَبَوَيْنِ فِي الدِّينِ, وَالاسْتِئجَارُ عَلَى الغَزْوِ, وَحَيْفُ الوُلَاةِ, وَجَوْرُ الأَئِمَّةِ, وَالتَّصْدِيقُ بِالنُّجُومِ, وَالتَّكْذِيبُ بِالقَدَرِ, وَنِكَاحُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَأَمَتَهُ فِي الدُّبُرِ, وَاسْتِشَارَةُ الإِمَاءِ, وَسُلْطَانُ النِّسَاءِ, وَإِمَارَةُ السُّفَهَاءِ, وَالسَّلَامُ عَلَى المَعْرِفَةِ, وَافْتِرَاقُ الكَلِمَةِ, وَتَرْكُ الغَزْوِ, وَاتِّخَاذُ المَسَاجِدِ طُرُقًا, وَالغِشُّ فِي التِّجَارَةِ, وَتَحَوُّلُ شِرَارُ الشَّامِ إِلَى العِرَاقِ, وَخِيَارُهَا إِلَى الشَّامِ, وَاسْتِخْفَاءُ المُؤْمِنِ كَالمُنَافِقِ, وَعَدَمُ الاسْتِحْيَاءِ مِنَ الحَلِيمِ, وَعَدَمُ اتِّبَاعِ مَنْ هُوَ بِالقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلِيمٌ, وَعَدَمُ عِرْفَانِ المَعْرُوفِ مَعَ مَعْرِفَةِ المُنْكَرِ, وَالاسْتِهْزَاءُ بِالصَّالحِينَ, وَتَحْمِيقُ المُتَّقِينَ, وَهَلَاكُ البُيُوتِ بِالرَّوَاجِفِ, وَهَلَاكُ الدَّوَابِ بِالصَّوَاعِقِ, وَالهَلَاكُ بِالجُدَرِي, وَتَحْلِيَةُ المَصَاحِفِ, وَعَدَمُ التَّدَبُّرِ فِي المَصَاحِفِ مَعَ كَثْرَةِ التِّلَاوُةِ, وَتَقَارُبُ الأَسْوَاقِ بِقِلَّةِ الأَرْبَاحِ, وَفُشُوُّ الغِيبَةِ وَالسِّعَايَةِ وَالنَّمِيمَةِ, وَمُكَابَرَةُ العُلَمَاءِ وَرَدُّ بَعْضِهِم بَعْضًا فِي الفَتْوَى, وَالطَّعْنُ عَلَى السَّلَفِ, وَالتَّشْنِيعُ عَلَى الخَلَفِ, وَكَثْرَةُ البَغَايَا وَأَوْلَادِهِم, وَظُهُورُ المُنْكَرِ مَعْرُوفًا وَالمَعْرُوفُ مُنْكَرًا, وَسُوُء الجِوَارِ, وَتَعْطِيلُ السُّيُوفِ عَنِ الجِهَادِ, وَاخْتِيَارُ الدُّنْيَا عَلَى الدِّينِ, وَإِيثَارُ الرَّأْيِ عَلَى النَّصِّ, وَقِلَّةُ البَرَكَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ, وَمَوْتُ الفَجْأَةِ.

وَمِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى:

ظُهُورُ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ الْمُمِيلَاتِ المَائِلَاتِ عَلَى رُؤوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ, وَظُهُورُ قُوْمٍ مَعَهُم سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ, وَيَمْنَعُونَهُم مِنَ الدُّخُولِ عَلَى الوُلَاةِ, وَإِضَاعَةُ الصَّلَوَاتِ, وَالمَيْلُ مَعَ الهَوَى, وَفِعْلُ السَّيِّئاتِ, وَتَعْظِيمُ رَبِّ المَالِ, وَإِهَانَةُ صَاحِبِ العِلْمِ, وَإِكْثَارُ العِلْمِ وَإِضَاعَةُ العَمَلِ, وَائْتِلَافُ الأَلْسُنِ وَاخْتِلَافُ القُلُوبِ, وَاليَقَظَةُ لِلدُّنْيَا وَالذُّهُولُ عَنِ الآخِرَةِ, وَتَبَايُنُ المَذَهِبِ, وَتَخَالُفُ المِلَلِ وَكَثْرَةُ النِّحَلِ, وَابْتِلَاءُ المُسْلِمِينَ بِالشِّرْكِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ؛ كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَلَا- {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106].

وَعُمُومُ البَلْوَى فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ كُلِّهَا مِنَ العَجَمِ وَالعَرَبِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالدِّينِ السَّلِيمِ وَالحَقِّ المُسْتَقِيمِ, وَاتَّبَعَ كَلَامَ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ -عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ والتَّسْلِيمِ-, وَبِدْعَةُ التَّشَبُّهِ بِالأَقْوَامِ المُخَالِفِينَ لِمَا جَاءَ بِهِ الإِسْلَامُ؛ كَالتَّشَبُّهِ بِالمَجُوسِ وَأَهْلِ الكِتَابِ فِي المَظْهَرِ وَفِي الجَوْهَرِ, وَبِدَعُ القَبْرِيَّةِ وَمَا تَحْوِي مِنْ مُعْتَقَدَاتٍ فَاسِدَةٍ وَعِبَادَاتٍ خَارِجَةٍ عَنِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

فَالفِتَنُ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى, وَالأَخْبَارُ فِيهَا غَزِيرَةٌ لَا تَسْتَقْصَى، وَهَذِهِ الجُمْلَةُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى عَلَى كُلٍّ مِنْهَا دَلِيلٌ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَبِيلِ التَّحْذِيرِ وَالتَّنْفِيرِ.

فَعَلَى المَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ زَمَانَهُ, وَأَنْ يَحْذَرَ أَهْلَ زَمَانِهِ, وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الحِفَاظِ عَلَى دِينِهِ, وَأَنْ يَكُونُ ضَنِينًا شَحِيحًا بِآخِرَتِهِ؛ فَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ هِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ, وَأَمَّا هَذِهِ الحَيَاة فَلَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بِالأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ.

فَلْنَتَّقِ اللَّهَ جَمِيعًا, وَلْنُرَاجِع أَنْفُسَنَا, وَلْنُقْبِلْ عَلَى رَبِّنَا, وَلْنَتَّبِعْ نَبِيَّنَا, وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَان.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  بعض تخاريف خوارج العصر
  تجار المخدرات حدهـم القتل .. وكيف نتعامل مع من يتعاطى
  الانحراف في منهج الاستدلال عند الخوارج
  شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ هِشَامٌ البِيَلِيّ يُكَفِّرُ الْأُمَّةَ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْأُمَّةَ ارْتَدَّتْ إِلَى دِينِ أَبِي جَهْلٍ
  ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
  أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ما الذي يمنعكم عن اتباع نبيكم؟
  الطريق إلى القدس لا يمر بالقاهرة
  لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
  لحظة تراجع الرسلان عن خطأ أخطأه
  ثورة السكر!!
  كلمة الإسلام دين مساواة
  زنا وفحش وخمر وسُحت وظلم وطغيان!! هل هذه هي الأخلاق التي تريدون أن تتعلموها؟!
  الشيخ رسلان يقسم على إخوانه جميعا في كل مكان أن لا يقبلوا يديه
  لَا تَغُرَّنَّكَ عِبَادَةُ عَابِدٍ, وَلَا زُهدُ زَاهِدٍ, وَلَا قِرَاءَةُ قَارِئٍ, وَلَا حِفظُ حَافِظ
  حكم خلع المرأة ثيابها في غير بيتها
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان