((أَحْكَامُ الْجَنَائِزِ))
مِن: ((أَحْكَامُ الْجَنَائِزِ لِلْعَلَّامَةِ الْأَلْبَانِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- ))
وَ ((شَرْحُ أَحْكَامِ الْجَنَائِزِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيد رَسْلَان -حَفِظَهُ اللهُ-))
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ﷺ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ بَعْضُ أَحْكَامِ الْجَنَائِزِ، وَقَدْ كَانَ هَدْيُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْجَنَائِزِ خَيْرَ الْهَدْيِ.
((الْوَصِيَّةُ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فِي الْجَنَازَةِ))
* لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ الِابْتِدَاعَ فِي دِينِهِمْ؛ وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَنَائِزِ؛ كَانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ يُوصِيَ الْمُسْلِمُ بِأَنْ يُجَهَّزَ وَيُدْفَنَ عَلَى السُّنَّةِ.
وَأَنْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يُخَالِفُ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ.
((تَلْقِينُ الْمُحْتَضَرِ))
الْمُحْتَضَرُ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَعَلَى مَنْ عِنْدَهُ:
* أَنْ يُلَقِّنُوهُ الشَّهَادَةَ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: ((لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)). [مسلم: 917].
وَلَيْسَ التَّلْقِينُ ذِكْرَ الشَّهَادَةِ بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَتَسْمِيعَهَا إِيَّاهُ، بَلْ هُوَ أَمْرُهُ بِأَنْ يَقُولَهَا، خِلَافًا لِمَا يَظُنُّ الْبَعْضُ.
* وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَدْعُوا لَهُ، وَلَا يَقُولُوا فِي حُضُورِهِ إِلَّا خَيْرًا؛ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: ((إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ أَوِ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ)). [مسلم: 919].
* وَأَمَّا قِرَاءَةُ سُورَةِ (يس) عِنْدَهُ، وَتَوْجِيهُهُ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ؛ فَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ.
((مَا عَلَى الْحَاضِرِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ))
إِذَا قَضَى الْمُسْلِمُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ؛ فَإِنَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أُمُورًا:
* أَنْ يُغْمِضُوا عَيْنَيْهِ، وَيَدْعُوا لَهُ، وَأَنْ يُغَطُّوهُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ مَاتَ مُحْرِمًا، فَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ.
* وَأَنْ يَقُومَ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ بِشَدِّ لَحْيَيْهِ -وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ هُمَا مَنْبِتُ الْأَسْنَانِ- بِلُفَافَةٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَقُومُ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ بِتَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ -أَيْضًا-: تُخْلَعُ ثِيَابُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوَفَاةِ بِرِفْقٍ.
* وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعَجِّلُوا بِتَجْهِيزِهِ وَإِخْرَاجِهِ إِذَا بَانَ مَوْتُهُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا: ((أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ)). [البخاري: 1315، ومسلم: 944].
* وَأَنْ يُبَادِرَ بَعْضُهُمْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ كُلِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الدَّوْلَةِ أَنْ تُؤَدِّيَ عَنْهُ إِنْ كَانَ جَهِدَ فِي قَضَائِهِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ جَازَ.
((مَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِينَ وَغَيْرِهِمْ))
* يَجُوزُ لِلْحَاضِرِينَ عِنْدَ الْمَيِّتِ: كَشْفُ وَجْهِ الْمَيِّتِ، وَتَقْبِيلُهُ، وَالْبُكَاءُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ ((فَقَدْ كَشَفَ أَبُوبَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ)). [البخاري: 1241].
((مَا يَجِبُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَى أَقَارِبِ الْمَيِّتِ))
* يَجِبُ عَلَى أَقَارِبِ الْمَيِّتِ حِينَ يَبْلُغُهُمْ خَبَرُ وَفَاتِهِ أَمْرَانِ: الصَّبْرُ وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ،
وَالِاسْتِرْجَاعُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: ((إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)).
* حَرَّمَ النَّبِيُّ ﷺ النِّيَاحَةَ، وَضَرْبَ الْخُدُودِ، وَشَقَّ الْجُيُوبِ، وَحَلْقَ الشَّعْرِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ)). [البخاري: 1294، ومسلم 103].
((غُسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ))
* إِذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ وَجَبَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى غُسْلِهِ.
* وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ يَجِبُ تَكْفِينُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ طَائِلًا سَابِغًا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ، وَالْكَفَنُ أَوْ ثَمَنُهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ.
يَكُونُ الْكَفَنُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مُقَدَّمًا عَلَى الدَّيْنِ، وَمُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَمُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ.
((حَمْلُ الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعُهَا))
* وَيَجِبُ حَمْلُ الْجِنَازَةِ وَاتِّبَاعُهَا، وَذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ،
قَالَ ﷺ: ((حَقُّ الْمُسْلِمِ علَى أَخِيهِ خَمْسٌ: وَقَالَ: وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ)). [البخاري: 1240، ومسلم: 2162].
* وَاتِّبَاعُهَا عَلَى مَرْتَبَتَيْنِ:
الْأُولَى: اتِّبَاعُهَا مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا حَتَّى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.
وَالْأُخْرَى: اتِّبَاعُهَا مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا.
وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
قَالَ ﷺ: ((مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ مِنْ بَيْتِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِنَ الْأَجْرِ)).
قِيلَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟)).
قَالَ: ((مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ)). [البخاري: 1325، ومسلم: 945].
* هَذَا الْفَضْلُ فِي اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ إِنَّمَا هُوَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ لَهُنَّ عَنِ اتِّبَاعِهَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ (ض1) أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَى النِّسَاءَ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَقَالَ: ((لَيْسَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ)). [صححه الألباني في ((الصحيحة)): 3012].
فَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتْبَعُ الْجَنَازَةَ.
* وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتَّبَعَ الْجَنَائِزُ بِمَا يُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ، وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ فِيهَا عَلَى أَمْرَيْنِ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ، وَاتِّبَاعُهَا بِالْبُخُورِ؛ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ﷺ: ((لَا تُتَّبَعُ الْجَنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ)). [أبو داود (٢/ ٦٤)، قال الألباني: قوي بشواهده].
*وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، ((كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ)). [البيهقي: ٤/ ٧٤ بسند رجاله ثقات].
لِأَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ الصَّمْتَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَأَمَّا أَنْ تَذْكُرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي سِرِّكَ فَهَذَا لَا شَيْءَ فِيهِ.
* وَيَجِبُ الْإِسْرَاعُ فِي السَّيْرِ بِالْجَنَازَةِ سَيْرًا دُونَ الرَّمَلِ، قَالَ ﷺ: ((أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ)). [البخاري: 1315، ومسلم: 944].
وَمَشْرُوعِيَّةُ الْإِسْرَاعِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْإِفْرَاطَ فِي الْمَشْيِ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ.
* وَيَجُوزُ الْمَشْيُ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْهَا؛ إِلَّا الرَّاكِبَ فَيَسِيرُ خَلْفَهَا.
وَكُلٌّ مِنَ الْمَشْيِ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِعْلًا؛ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ ﷺ: ((وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ)). [البخاري في ((الأدب المفرد)): ص: ٧٥، وحسنه الألباني].
((الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ))
* وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
* وَتُشْرَعُ الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلُ وَلَوْ كَانَ سَقْطًا إِذَا كَانَ قَدْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ مَاتَ، فَأَمَّا إِذَا سَقَطَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا.
قَالَ ﷺ: ((... وَالطِّفْلُ (وَفِي رِوَايَةٍ: وَالسّقْطُ) يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ)). [أبو داود: 3180، وصححه الألباني].
* وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالتَّرَحُّمُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ؛ لِقَوْلِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84].
* وَتَجِبُ الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ كَمَا تَجِبُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ؛ لِمُدَاوَمَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهَا، وَقَوْلِهِ ﷺ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). [البخاري: 6008، ومسلم: 674].
* وَأَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي انْعِقَادِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ، وَكُلَّمَا كَثُرَ الْجَمْعُ كَانَ أَفْضَلَ لِلْمَيِّتِ وَأَنْفَعَ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: ((مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ)). [مسلم: 948].
* وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُفُّوا وَرَاءَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ فَصَاعِدًا؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَوْجَبَ (وَفِي لَفْظٍ: إِلَّا غُفِرَ لَهُ)). [أبو داود: 3166].
* وَيَجِبُ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ حِينَ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ كَمَا تُسَوَّى فِي صَلَاةِ الْفَرَائِضِ.
* وَالْوَالِي أَوْ نَائِبُهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ مِنَ الْوَلِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَالِي أَوْ نَائِبُهُ فَالْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ.
* إِذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ عَدِيدَةٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ صُلِّيَ عَلَيْهَا صَلَاةً وَاحِدَةً، وَجُعِلَتِ الذُّكُورُ -وَلَوْ كَانُوا صِغَارًا- مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَجَنَائِزُ الْإِنَاثِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ((أَنَّهُ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ جَمِيعًا، فَجَعَلَ الرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءَ يَلِينَ الْقِبْلَةَ)). [النسائي: ١/ ٢٨٠، وصححه الألباني].
* وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي مَكَانٍ مُعَدٍّ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ كَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى هَدْيِهِ فِيهَا.
* وَيَقِفُ الْإِمَامُ وَرَاءَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ.
* وَيُشْرَعُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُ)).
* ثُمَّ يَقْرَأُ عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً.
لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ دُعَاءُ اسْتِفْتَاحٍ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
* وَيَقْرَأُ سِرًّا، ثُمَّ يُكَبِّرُ التَّكْبِيرَةَ الثَّانِيَةَ -وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ-، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِصِيغَةٍ مِنَ الصِّيَغِ الثَّابِتَةِ فِي التَّشَهُّدِ فِي الْمَكْتُوبَةِ.
* ثُمَّ يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّكْبِيرَاتِ، وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ فِيهَا لِلْمَيِّتِ بِمَا ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ مِنَ الْأَدْعِيَةِ، مِثْلُ: ((اللهم اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ)). [مسلم: 963].
*ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ مِثْلَ تَسْلِيمِهِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ؛ إِحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى فَقَطْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً)). [الدارقطني: ١٩١، والحاكم: ١/ ٣٦٠، وحسنه الألباني].
*مَسْبُوقُ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ كَمَسْبُوقِ الصَّلَاةِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: ((فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)). [البخاري: 635، ومسلم: 603].
*وَيَجِبُ دَفْنُ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا.
*وَيَتَوَلَّى إِنْزَالَ الْمَيِّتِ -وَلَوْ كَانَ أُنْثَى- الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، وَأَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ بِإِنْزَالِهِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75].
*وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْيَمِينِ، وَوَجْهُهُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ، وَرَأْسُهُ وَرِجْلَاهُ إِلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا.
*وَيَقُولُ الَّذِي يَضَعُهُ فِي لَحْدِهِ: ((بِسْمِ اللهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ، أَوْ: مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ)) ﷺ. [الترمذي: 1046، وصححه الألباني].
* لَا يُلَقَّنُ الْمَيِّتُ التَّلْقِينَ الْمَعْرُوفَ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ لَا يَصِحُّ، بَلْ يَقِفُ عَلَى الْقَبْرِ يَدْعُو لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ، وَيَأْمُرُ الْحَاضِرِينَ بِذَلِكَ؛ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: ((اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ)). [أبو داود: 3221، وصححه الألباني].
هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ؛ فَإِذَا فُرِغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِ -فِي نَوَاحِينَا هَذِهِ- بَابُ قَبْرِهِ؛ لَا كَلَامَ.
هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْقَلْ لَا فِي حَدِيثٍ ثَابِتٍ صَحِيحٍ، وَلَا حَسَنٍ، وَلَا ضَعِيفٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَلَا عَنِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عِنْدَ الْقَبْرِ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى النَّاسِ يَدْعُو وَهُمْ يُؤَمِّنُونَ عَلَى الدُّعَاءِ، هَذَا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ دَلِيلٌ.
اللهم ارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
مزيد من المطويات الدعوية