((بِدَعُ الْجَنَائِزِ))
مِن: ((أَحْكَامُ الْجَنَائِزِ لِلْعَلَّامَةِ: الْأَلْبَانِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- ))
وَ ((فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ: ابْنِ بَاز -رَحِمَهُ اللهُ- ))
وَ ((شَرْحُ أَحْكَامِ الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيد رَسْلَان
-حَفِظَهُ اللهُ-))
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ﷺ.
أَمَّا بَعْدُ:
((التَّعْزِيَةُ))
* فَتُشْرَعُ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ.
*وَيُعَزِّيهِمْ بِمَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكُفُّ مِنْ حُزْنِهِمْ، وَيَحْمِلُهُمْ عَلَى الرِّضَا وَالصَّبْرِ مِمَّا يَثْبُتُ عَنْهُ ﷺ إِنْ كَانَ يَعْلَمُهُ وَيَسْتَحْضِرُهُ؛ وَإِلَّا فَبِمَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنَ الْكَلَامِ الْحَسَنِ الَّذِي يُحَقِّقُ الْغَرَضَ وَلَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ، ((إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَللهِ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ)). [البخاري: 7377، ومسلم: 923].
*وَلَا تُحَدُّ التَّعْزِيَةُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَتَجَاوَزُهَا، بَلْ مَتَى رَأَى الْفَائِدَةَ فِي التَّعْزِيَةِ أَتَى بِهَا.
*وَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ أَمْرَيْنِ وَإِنْ تَتَابَعَ النَّاسُ عَلَيْهِمَا:
أ - الِاجْتِمَاعُ لِلتَّعْزِيَةِ فِي مَكَانٍ خَاصٍّ؛ كَالدَّارِ، أَوِ الْمَقْبَرَةِ، أَوِ الْمَسْجِدِ.
ب - اتِّخَاذُ أَهْلِ الْمَيِّتِ الطَّعَامَ لِضِيَافَةِ الْوَارِدِينَ لِلْعَزَاءِ.
وَذَلِكَ لِحَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ((كُنَّا نَعُدُّ (وَفِي رِوَايَةٍ: نَرَى) الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ)). [أحمد: ٦٩٠٥، وصححه الألباني].
قَالَ النَّوَوِيُّ: ((وَأَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ، قَالُوا: يَعْنِي بِالْجُلُوسِ لَهَا: أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُ الْمَيِّتِ فِي بَيْتٍ فَيَقْصِدَهُمْ مَنْ أَرَادَ التَّعْزِيَةَ، قَالُوا: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ لَهَا)). [الْمَجْمُوع: 5/306].
*وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يَصْنَعَ أَقْرِبَاءُ الْمَيِّتِ وَجِيرَانُهُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يُشْبِعُهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ، أَوْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ)). [الترمذي: 998، وحسنه الألباني].
((مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَيِّتُ))
يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ مِنْ عَمَلِ غَيْرِهِ بِأُمُورٍ:
* دُعَاءُ الْمُسْلِمِ لَهُ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْقَبُولِ.
* قَضَاءُ وَلِيِّ الْمَيِّتِ صَوْمَ النَّذْرِ عَنْهُ -دُونَ صَوْمِ رَمَضَانَ-.
* قَضَاءُ الدَّيْنِ عَنْهُ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ؛ وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
* ((الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَنِ الْمَيِّتِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا الْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ كَثِيرًا.
سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: ((حُجَّ عَنْ أَبِيكَ)). [صحيح سنن النسائي: 2620].
الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُ يَكُونُ قَدْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ، وَهَكَذَا الْعُمْرَةُ يَكُونُ قَدْ أَدَّى عُمْرَةَ الْفَرِيضَةِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَأْجُورٌ، وَالْمَيِّتُ مَأْجُورٌ.
- الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي شَرَعَ اللهُ فِعْلَهَا عَنِ الْمَيِّتِ؛ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ دُعَاءٍ، أَوْ صَدَقَةٍ عَنْهُ -تَنْفَعُ الْمَيِّتَ، وَتَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ فِي الْجَنَّةِ-)). [الحج والعمرة عن الميت: ابن باز -رَحِمَهُ اللهُ-].
* مَا يَفْعَلُهُ الْوَلَدُ الصَّالِحُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّ لِوَالِدَيْهِ مِثْلَ أَجْرِهِ دُونَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ سَعْيِهِمَا وَكَسْبِهِمَا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ)). [سنن الترمذي: 1358].
* مَا خَلَّفَهُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ آثَارٍ صَالِحَةٍ وَصَدَقَاتٍ جَارِيَةٍ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)). [مسلم: 1631].
* وَيَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِالصَّدَقَةِ، قَالَ رَجُلٌ لِلرَّسُولِ ﷺ: ((إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ؛ أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟))، قَالَ ﷺ: ((نَعَمْ)). [البخاري: 2770].
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ؛ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟))، قَالَ ﷺ: ((الْمَاءُ)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((سَقْيُ الْمَاءِ)). [صحيح الترغيب والترهيب: 962].
فَسَقْيُ الْمَاءِ مِنَ الصَّدَقَاتِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الْمَيِّتُ مِنْ وَلَدِهِ.
لَا يَصِلُ إِهْدَاءُ ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إِلَى الْمَوْتَى:
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ}: ((أَيْ: كَمَا لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ وِزْرُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ مِنَ الْأَجْرِ إِلَّا مَا كَسَبَ هُوَ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ اسْتَنْبَطَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- وَمَنِ اتَّبَعَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ -قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ- لَا يَصِلُ إِهْدَاءُ ثَوَابِهَا إِلَى الْمَوْتَى)). [تفسير ابن كثير: 7/ 465].
((زِيَارَةُ الْقُبُورِ))
* تُشْرَعُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلِاتِّعَاظِ بِهَا، وَتَذَكُّرِ الْآخِرَةِ؛ شَرِيطَةَ أَلَّا يَقُولَ عِنْدَهَا مَا يُغْضِبُ الرَّبَّ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ كَدُعَاءِ الْمَقْبُورِ، وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِ مِنْ دُونِ اللهِ -تَعَالَى-، أَوْ تَزْكِيَتِهِ وَالْقَطْعِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، أَلَا فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُرِقُّ الْقَلْبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا)). [صحيح الجامع: 4584].
((وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا)): كَلَامًا قَبِيحًا.
* وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ فِي اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ.
لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ الْإِكْثَارُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالتَّرَدُّدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْضِي بِهِنَّ إِلَى مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ، قَالَ ﷺ: ((لَعَنَ اللهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ)). [حسن: صحيح سنن الترمذي: 1056].
((زَوَّارَاتِ)): يَدُلُّ عَلَى لَعْنِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يُكْثِرْنَ الزِّيَارَةَ.
* الْمَقْصُودُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ شَيْئَانِ:
1* انْتِفَاعُ الزَّائِرِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَالْمَوْتَى، وَأَنَّ مَآلَهُمْ إِمَّا إِلَى جَنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى نَارٍ.
2* نَفْعُ الْمَيِّتِ، وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَهُ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ.
* قَالَ ﷺ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- عِنْدَمَا تَزُورُ الْقُبُورَ: ((قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ)). [مسلم: 975].
* وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ زِيَارَتِهَا فَمِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ فِي السُّنَّةِ.
*وَيَجُوزُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ؛ وَلَكِنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقُبُورَ حِينَ الدُّعَاءِ لَهَا، بَلْ يَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ؛ لِنَهْيِهِ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْقُبُورِ.
((جُمْلَةٌ مِنْ بِدَعِ الْجَنَائِزِ))
نَذْكُرُ بَعْضَ بِدَعِ الْجَنَائِزِ؛ كَيْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ، وَيَسْلَمَ لَهُ عَمَلُهُ عَلَى السُّنَّةِ وَحْدَهَا.
((بِدَعٌ قَبْلَ الْوَفَاةِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: وَضْعُ الْمُصْحَفِ عِنْدَ رَأْسِ الْمُحْتَضَرِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: قِرَاءَةُ سُورَةِ (يس) عَلَى الْمُحْتَضَرِ؛ فَحَدِيثُ: ((اقْرَؤُوا يَس عَلَى مَوْتَاكُمْ)) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: تَوْجِيهُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْقِبْلَةِ، لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ.
((بِدَعٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: إِخْرَاجُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْجُنُبِ مِنْ عِنْدِ الْمَيِّتِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: اعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ رُوحَ الْمَيِّتِ تَحُومُ حَوْلَ الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَيِّتِ حَتَّى يُبَاشَرَ بِغُسْلِهِ.
* تَرْكُ أَكْلِ الْمُلُوخِيَّةِ وَالسَّمَكِ -وَبَعْضِ الْمَأْكُولَاتِ- مُدَّةَ حُزْنِهِمْ عَلَى مَيِّتِهِمْ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: قَوْلُهُمْ: الْفَاتِحَةُ عَلَى رُوحِ فُلَانٍ.
مَا اشْتُهِرَ عِنْدَ الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْمَوْتَى لَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ، وَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ.
((بِدَعٌ عِنْدَ الْخُرُوجِ بِالْجَنَازَةِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: اعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْجَنَازَةَ إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً خَفَّ ثِقَلُهَا عَلَى حَامِلِيهَا وَأَسْرَعَتْ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: الْإِبْطَاءُ فِي السَّيْرِ بِهَا.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: التَّزَاحُمُ عَلَى النَّعْشِ، وَتَرْكُ الْإِنْصَاتِ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ، وَتَحَدُّثُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فِي الْجَنَازَةِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: الْجَهْرُ بِالذِّكْرِ أَوْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: ((انْتِشَارُ عَادَةٍ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ عِنْدَمَا يَرَوْنَ النَّعْشَ الْمَحْمُولَ بِهِ الْمَيِّتُ يَقُومُونَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ بِسَبَّابَتِهِمْ، وَيَنْطَقِونَ بِالشَّهَادَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((الْإِشَارَةُ بِالْأُصْبُعِ مَا أَعْرِفُ لَهُ أَصْلًا، وَالشَّهَادَةُ مَا أَعْرِفُ لَهَا أَصْلًا)). [المشروع عند رؤية الجنازة: للعلامة ابن باز].
((بِدَعٌ عِنْدَ الدَّفْنِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ إِهَالَةِ التُّرَابِ عَلَى الْمَيِّتِ، وَتَلْقِينُ الْمَيِّتِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ: تَلْقِينُ الْمَيِّتِ وَتَغْشِيشُهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ عِنْدَ الِامْتِحَانِ فِي الْقَبْرِ!
* وَمِنَ الْبِدَعِ: وَضْعُ الْجَرِيدِ وَمَا أَشْبَهَ مِنَ الْأَفْرُعِ الْخَضْرَاءِ عِنْدَ قُبُورِ الْأَمْوَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الرَّسُولِ ﷺ.
لَا يُشْرَعُ وَضْعُ الرَّيَاحِينِ وَالْوُرُودِ عَلَى الْقُبُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: الدُّعَاءُ جَهْرًا لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ.
عِنْدَ إِغْلَاقِ بَابِ الْقَبْرِ، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ ذَلِكَ لَا كَلَامَ عِنْدَ الْقَبْرِ، لَا مَوْعِظَةَ.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَوَجَّهُ إِلَى إِخْوَانِهِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: ((اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ)).
السُّنَّةُ كَمَا عَلَّمَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ:
إِذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْمَيِّتِ تَوَجَّهَ إِلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا فُلَانُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ الدُّعَاءَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ.
((اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ))، وَلَمْ يَقُلْ: إِنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا، وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُ ﷺ وَلَا مِنْ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ، وَلَا مِنْ حَدِيثٍ مَكْذُوبٍ مَوْضُوعٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو وَيُؤَمِّنُ إِخْوَانُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَلَا كَذَلِكَ فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَلَا مَنْ أَتَى بَعْدَهُمْ مِنَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ جِيلِ التَّابِعِينَ، وَلَا مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَلَا مِنْ تَبَعِ الْأَتْبَاعِ، وَلَا كَذَلِكَ فَعَلَ الْأَئِمَّةُ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ-، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مُحْدَثَاتِ الْقُرُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ.
((بِدَعٌ عِنْدَ التَّعْزِيَةِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: التَّعْزِيَةُ عِنْدَ الْقُبُورِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: نَصْبُ السُّرَادِقَاتِ يَوْمَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: الِاجْتِمَاعُ فِي مَكَانٍ لِلتَّعْزِيَةِ.
يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ؛ فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: تَحْدِيدُ التَّعْزِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: التَّعْزِيَةُ بِـ (أَعْظَمَ اللهُ لَكَ الْأَجْرَ، وَأَلْهَمَكَ الصَّبْرَ).
* وَمِنَ الْبِدَعِ: اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ مِنَ الطَّعَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَاتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ لِلْمَيِّتِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالسَّابِعِ، وَالْأَرْبَعِينَ، وَتَمَامِ السَّنَةِ، وَاتِّخَاذُ الطَّعَامِ مِنْهُمْ أَوَّلَ خَمِيسٍ، وَإِجَابَةُ دَعْوَةِ أَهْلِ الْمَيِّتِ إِلَى الطَّعَامِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَاتِ: أَنَّهُمْ يُجَدِّدُونَ الْحُزْنَ كُلَّ خَمِيسٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ إِلَى يَوْمِ الْأَرْبَعِينَ، إِلَى أَوَّلِ عِيدٍ لَهُ، يَعْمَلُونَ السُّرَادِقَاتِ، وَيُحْضِرُونَ الْقُرَّاءَ، وَيَنْتَظِرُونَ مَجِيءَ النَّاسِ إِلَيْهِمْ لِلتَّعْزِيَةِ!
* وَمِنَ الْبِدَعِ: إِعْطَاءُ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لِمَنْ يَتْلُو الْقُرْآنَ لِرُوحِهِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: الْقِرَاءَةُ لِلْأَمْوَاتِ وَعَلَيْهِمْ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: تَأْبِينُ الْمَيِّتِ لَيْلَةَ الْأَرْبَعِينَ، أَوْ عِنْدَ مُرُورِ كُلِّ سَنَةٍ، الْمُسَمَّى بِالتَّذْكَارِ.
((بِدَعٌ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ))
* مِنَ الْبِدَعِ: زِيَارَةُ الْقُبُورِ بَعْدَ الْمَوْتِ ثَالِثَ يَوْمٍ، وَعَلَى رَأْسِ أُسْبُوعٍ، ثُمَّ فِي الْأَرْبَعِينَ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: زِيَارَةُ قَبْرِ الْأَبَوَيْنِ كُلَّ جُمُعَةٍ، وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ فِي يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ، وَرَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَرَمَضَانَ، وَمَعَهُمْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يُعْطُونَهَا لِأُولَئِكَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ كِتَابَ اللهِ، وَلَا يَصْنَعُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ!
* وَمِنَ الْبِدَعِ: قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِلْمَوْتَى، وَقِرَاءَةُ (يس) عَلَى الْمَقَابِرِ، وَقِرَاءَةُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: إِهْدَاءُ ثَوَابِ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إِلَى أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: إِعْطَاءُ أُجْرَةٍ لِمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُهْدِيهِ لِلْمَيِّتِ.
* قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ بِدْعَةٌ، الْقُبُورُ لَا يُصَلَّى فِيهَا، وَلَا يُقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنُ؛ فَلَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ وَاحِدٌ لَا صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ أَنَّهُ ﷺ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي حَيَاتِهِ كُلِّهَا عَلَى الْقُبُورِ، مَعَ كَثْرَةِ زِيَارَتِهِ لِلْقُبُورِ، وَتَعْلِيمِهِ لِلنَّاسِ كَيْفِيَّةَ زِيَارَتِهَا.
فَإِذَا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَتَى بِبِدْعَةٍ قَبِيحَةٍ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: قَصْدُ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ، وَاعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْقَبْرَ الصَّالِحَ إِذَا كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَنَّهُمْ بِبَرَكَتِهِ يُرْزَقُونَ وَيُنْصَرُونَ، وَتَقْدِيسُ مَا حَوْلَ قَبْرِ الْوَلِيِّ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ مَنْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يُصَابُ بِأَذًى!
* وَمِنَ الْبِدَعِ: اسْتِلَامُ الْقَبْرِ وَتَقْبِيلُهُ، وَإِلْصَاقُ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ، وَالطَّوَافُ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَالذَّبْحُ وَالتَّضْحِيَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَالِاسْتِغَاثَةُ بِالْمَيِّتِ مِنْهُمْ؛ كَقَوْلِهِمْ: يَا سَيِّدِي فُلَان! أَغِثْنِي، أَوِ انْصُرْنِي عَلَى عَدُوِّي، وَاعْتِقَادُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَتَصَرَّفُ فِي الْأُمُورِ دُونَ اللهِ.
النَّذْرُ لِلْأَمْوَاتِ، وَشَدُّ الرِّحَالِ لِأَصْحَابِ الْقُبُورِ؛ ذَلِكَ كُلُّهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْلِمٍ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: نَقْشُ اسْمِ الْمَيِّتِ وَتَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْقَبْرِ.
* وَمِنَ الْبِدَعِ: بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَاتِّخَاذُ الْمَقَابِرِ مَسَاجِدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا.
كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْبِدَعَ مِنْ أَخْطَرِ شَيْءٍ عَلَى دِينِ اللهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الدِّينَ هُوَ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبَلَّغَهُ لَنَا أَصْحَابُ نَبِيِّنَا ﷺ، وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي أَلْصَقَهَا أَهْلُ الْبِدَعِ بِدِينِ اللهِ.
نَسْأَلُهُ -تَعَالَى- الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا مَحَبَّةَ لِقَائِهِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ إِلَى الدَّارِ الْأَبَدِيَّةِ الْخَالِدَةِ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
مزيد من المطويات الدعوية