الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ وَرَحِمُ الْإِسْلَامِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ


الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ وَرَحِمُ الْإِسْلَامِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ

إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ يُرِيدُ الْمُجْتَمَعَ الْمُسْلِمَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أُخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أُخْوَةٌ فِي الِالْتِقَاءِ الْفِكْرِيِّ عَلَى عَقِيدَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْتِقَاءِ الْقُلُوبِ عَلَى عَاطِفَةٍ دِينِيَّةٍ وَأَهْدَافٍ غَائِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْتِقَائِهِمْ عَلَى أَحْكَامِ تَشْرِيعِيَّةٍ وَقِيادَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَنَصَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ صَرَاحَةً، قَالَ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).

جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ لِيُخْرِجَ النَّاسُ مِنْ الِاخْتِلَافِ إِلَى الِائْتِلَافِ، وَلِيُخْرِجَ النَّاسُ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ التَّمَزُّقِ وَالتَّفَرُّقِ إِلَى الْعَوْدَةِ مُتَمَسِّكِينَ بِحَبْلِ اللهِ الْمَتِينِ، مُتَآلِفَةً قُلُوبُهُمْ، عَائِدَةً إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِجَمْعِيَّتِهَا وَبِكُلِيَّتِهَا كَمَا يُحِبُّ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَيَرْضَى.

*سَتْرُ الْمُسْلِمِ وَوَحْدَةُ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ:

أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي ((الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ)) عَنْ مَكْحُولٍ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: ((جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَىٰ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ، جَاءَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَمِيرًا عَلىٰ مِصْرَ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَوَّابِ كَلَامٌ، فَسَمِعَ مَسْلَمَةُ صَوْتَهُ مِنْ بَعِيدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

وَهُمَا: عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَمَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ .

جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ مِنْ مَدِينَةِ النَّبِيِّ إِلىٰ مِصْرَ عَلىٰ ظَهْرِ نَاقَتِهِ أَوْ جَمَلِهِ، أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَىٰ أَمِيرِهَا، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَوَّابِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ، فَسَمِعَ مَسْلَمَةُ صَوْتَهُ فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: ادْخُلْ تَفَضَّلْ.

فَقَالَ: إِنِّي مَا جِئْتُكَ زَائِرًا، وَإِنَّمَا جِئْتُكَ لِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ، أَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ مِنْهُ؛ لِأَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ مَعِي، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟

فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ يَقُولُ: «مَنْ عَلِمَ مِنْ أَخِيهِ سَيِّئَةً فَسَتَرَهَا، سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

فَقَالَ: اللهم بَلَى.

فَقَالَ: سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ ، فَقَفَلَ عُقْبَةُ رَاجِعًا إِلَىٰ مَدِينَةِ النَّبِيِّ ﷺ )).

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي ((الْأَوْسَطِ)) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﷺ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: (( أَنَّهُ جَاءَ إِلَىٰ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ فِي مِصْرَ أَيْضًا، جَاءَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَنَادَى عَلَيْهِ، فَسَمِعَ صَوْتَهُ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ مِنْ عُلْوٍ، فَقَالَ: إِمَّا أَنْ أَنْزِلَ إِلَيْكَ وَإِمَّا أَنْ تَصْعَدَ إِلَيَّ.

فَقَالَ: لَا تَنْزِلْ وَلَا أَصْعَدُ، وَإِنَّمَا جِئْتُكَ لِحَدِيثٍ عِنْدَكَ فِي سِتْرِ الْمُؤْمِنِ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ .

قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُسْلِمٍ، فَكَأَنَّمَا اسْتَحْيَا مَوْءُودَةً».

اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السِّتْرَ، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ يَجْزِي مَنْ يَسْتُرُ عَلَىٰ أَخِيهِ بِهَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالْأَجْرِ الْجَزِيلِ، وَيُعَاقِبُ الَّذِينَ يَتَتَبَّعُونَ عَوَرَاتِ النَّاسِ بِفَضِيحَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَعَلىٰ رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ.

نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَسْتُرَنَا دُنْيَا وَآخِرَةً.

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؛ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّىٰ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ».

النَّبِيُّ ﷺ يَنْفِي كَمَالَ الْإِيمَانِ عَنِ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَتَتَبَّعُونَ عَوْرَاتِهِمْ، عَنِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا ظَنَّ السُّوءِ بِإِخْوَانِهِمْ، يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».

وَمَفْهُومُ هَذَا النَّصِ، أَنَّ مَنْ فَضَحَ مُسْلِمًا، فَضَحَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ دُنْيَا وَآخِرَةً، وَأَنَّ مَنْ هَتَكَ سِتْرَ مُسْلِمٍ، هَتَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ سِتْرَهُ دُنْيَا وَآخِرَةً.

النَّبِيُّ يَأْمُرُنَا بِبِنَاءِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي يَرْتَكِزُ عَلَيْهَا أَسَاسُ بُنْيَانِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ، الرَّسُولُ ﷺ يُعَلِّمُنَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ نُجَابِهَ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ وَأَعْدَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَبُنْيَانُنَا وَحُصُونُنَا مُتَصَدِّعَةً مِنَ الدَّاخِلِ، لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنْ تَكُونَ الْقَاعِدَةُ الدَاخِلِيَّةُ مُتَهَرِّئَةً ثُمَّ تَحْتَمِلُ الْجَبْهَةُ الْخَارِجِيَّةُ مُجَابَهَةً، وَلَا مُجَالَدَةً، وَلَا صِدَامًا، وَلَا كِفَاحًا، وَلَا نِزَالًا، وَلَا مُعَارَكَةً، وَلَا مُهَارَشَةً، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ النَّبِيُّ بِتَوْحِيدِ الصَّفِّ، وَيَأْمُرُ الرَّسُولُ بِتَمَاسُكِ الْبُنْيَانِ.

*خُطُورَةُ الْهَجْرِ وَالْخِصَامِ عَلَى تَمَاسُكِ بُنْيَانِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ:

 النَّبِيُّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْنَا مَا حَرَّمَ مِنْ أُمُورِ الْمُحَرَّمَاتِ وَجَعَلَ الْكَبَائِرَ بَارِزَاتٍ وَاضِحَاتٍ، جَعَلَ مِنْهَا هَذَا التَّدَابُرَ وَالتَّنَاحُرَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَأَخِيهِ، يَقُولُ النَّبِيُّ : «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً، فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ»، يَعْنِي: الَّذِي يُخَاصِمُ أَخَاهُ سَنَةً هُوَ فِي الذَّنْبِ وَالْوِزْرِ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَالَّذِي يَقْتُلُهُ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي مِيزَانِ سَيِّئَاتِهِ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

الرَّسُولُ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَإِنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ، دَخَلَ النَّارَ».

النَّبِيُّ ﷺ يُرِشْدُنَا إِلَى أَنَّ الْهِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ تُدْخِلُ صَاحِبَهَا النَّارَ، «فَمَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ دَخَلَ النَّارَ».

وَيُوَضِّحُ لَنَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ أَنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ النِّزَاعَ وَالْخِلَافَ وَالْخِصَامَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا، يَقُولُ الرَّسُولُ : «مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فِي اللهِ -أَوْ قَالَ: فِي الْإِسْلَامِ- فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، إِلَّا بِذَنْبٍ أَحْدَثَهُ أَحَدُهُمَا».

يَعْنِي: أَنَّ النَّبِيَّ يُخْبِرُنَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَحَبَّ أَخَاهُ فِي اللهِ، وَإِذَا وَدَّ أَخَاهُ فِي اللهِ، وَإِذَا أَحَبَّ أَخَاهُ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَدَثَتِ الْجَفْوَةِ بَعْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ، فَمَا هَذَا إِلَّا لِذَنْبٍ أَحْدَثَهُ أَحَدُهُمَا، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ، فَلَا يَلُومَنَّ امْرُؤٌ إِلَّا نَفْسَهُ.

الرَّسُولُ يُشَدِّدُ هَاهُنَا جِدًّا مِنْ هَذَا الْخِصَامِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

الرَّسُولُ ﷺ لَمْ يُرَخِّصْ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ)). ثُمَّ يُبَيِّنُ النَّبِيُّ ﷺ أَمْرًا نَفْسِيًّا يَعْتَرِي النَّاسَ عِنْدَمَا لَا يَكْسِرُونَ حِدَّةَ الْبَشَرِيَّةِ الْمُوغِلَةِ فِي الطِّينِيَّةِ فِيهِمْ، فَيَتَرَفَّعُ الْأَخُ عَلَى أَخِيهِ، عِنْدَمَا يَلْقَاهُ وَهُوَ لَهُ مُخَاصِمٌ، فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)).

النَّبِيُّ ﷺ يَرْعَى هَذَا الْجَانِبَ النَّفْسِيَّ فِي النَّاسِ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، ثُمَّ أَعْلَمَ نَبِيَّهُ ﷺ بِأَحْوَالِ النَّاسِ، فَجَاءَ كَلَامُ النَّبِيُّ ﷺ مُتَّسِقًا مَعَ الطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا قِيدَ أُنْمَلَةٍ وَلَا أَقَلَّ مِنْهَا؛ لِكَيْ يَسِيرَ النَّاسُ عَلَى أَمْرِ الْفِطْرَةِ كَمَا خَلَقَهُمْ رَبُّهُمْ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-.

النَّبِيُّ ﷺ يُبَيِّنُ أَنَّ أَمْرَ الْخِصَامِ قَدْ يَكُونُ مُسْتَفْشِيًا، وَيَكُونُ مُتَأَصِّلًا فِي بَعْضِ الصُّدُورِ، مُتَغْلْغِلًا فِي بَعْضِ الْقُلُوبِ، فَمَا الْحَلُّ إِذَا عَادَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعُدِ الْآخَرُ؟

يُبَيِّنُ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْأَمْرَ، فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَإِذَا مَرَّتْ ثَلَاثٌ فَلْيَلْقَهُ -أَيْ: فَلْيُقَابِلْهُ- فَلْيُلْقِي عَلَيْهْ السَّلَامَ، فَإِنْ أَجَابَهُ -يَعْنِي: فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ- وَإِلَّا فَقَدْ بَرِئَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْهِجْرَةِ)).

فَإِذَا مَرَّتْ ثَلَاثٌ عَلَى مُتَخَاصِمَيْنِ، ثُمَّ لَقِيَ أَحَدُهُمَا أَخَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَخْرُجَ مِنَ الْهِجْرَةِ الْمَذْمُومَةِ -أَيْ: مِنْ هَجْرِهِ لِأَخِيهِ- إِلَّا أَنَّ الْآخَرَ قَدْ رَكِبَ رَأْسَهُ وَقَادَهُ شَيْطَانُهُ إِلَى مَهَاوِي الضَّلَالِ وَالْعِنَادِ وَالزَّيْغِ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ أَخُوهُ فَيُلْقِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، إِنْ رَدَّا فَقَدْ بَرِئَا مِنْ أَمْرِ الْهِجْرَةِ وَمِنْ أَمْرِ الْخِصَامِ، وَإِنْ رَكِبَ رَأْسَهُ وَأَبَى إِلَّا الْخِصَامَ وَالْمُخَاصَمَةَ وَالْعِنَادَ وَالْمُعَانَدَةَ، فَإِنَّ الَّذِي سَلَّمَ -أَيْ: الْمُسَلِّمُ- كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ بَرِئَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَا يُعَدُّ هَاجِرًا، وَبَاءَ الْآخَرُ بِالذَّنْبِ.

 

المصدر : صِلَةُ الرَّحِمِ وَأَثَرُهَا عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَرْشِيدُ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ سُبُلِ حَلِّ الْأَزْمَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ
  الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ
  نَبْذُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْعُنْصُرِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ
  وُجُوبُ تَحَرِّي الْحَلَالِ الطَّيِّبِ
  أَنْوَاعُ الْوَفَاءِ
  تَقْدِيمُ مَصَالِحِ النَّاسِ الْعَامَّةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْخَاصَّةِ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: هَجْرُ آفَاتِ الْقُلُوبِ وَاللِّسَانِ
  ضَرُورَةُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمِيَاهِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: عِظَمُ قَدْرِ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهَا
  الدرس السابع : «العَدْلُ»
  أَفْضَلُ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى الْأَيْتَامِ وَالْمَسَاكِينِ
  حِمَايَةُ الْوَطَنِ مِنَ الْإِرْهَابِ
  ثَمَرَاتُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ وَصُوَرٌ مِنْ مُحَاسَبَةِ السَّلَفِ أَنْفُسَهُمْ
  ثَمَرَاتُ الْمَاءِ الْعَظِيمَةُ فِي الْحَيَاةِ
  آدَابُ النَّظَافَةِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان