((سُبُلُ مُوَاجَهَةِ الإِدْمَانِ وَالْمُخَدِّرَاتِ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! إِنَّنَا فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى أَنْ يَقُومَ كُلٌّ مِنَّا بِمَسْئُولِيَّتِهِ تِجَاهَ أَبْنَائِنَا وَشَبَابِنَا، كُلٌّ فِي مَوْقِعِهِ وَمَجَالِهِ؛ بَدْءًا مِنَ الْأُسْرَةِ وَدَوْرِهَا التَّرْبَوِيِّ، وَمُرُورًا بِالْمَدْرَسَةِ وَالْجَامِعَةِ وَدَوْرِهِمَا التَّعْلِيمِيِّ وَالتَّوْجِيهِيِّ، وَمُشَارَكَةً مَعَ الْمُؤَسَّسَاتِ الدِّينِيَّةِ؛ حَتَّى لَا نَتْرُكَ أَبْنَاءَنَا فَرِيسَةً لِلْإِدْمَانِ وَالْمُخَدِّرَاتِ؛ فَإِنَّ الْخَطَرَ دَاهِمٌ، وَالثَّمَنُ عُقُولُ أَبْنَائِنَا، وَصِحَّتُهُمُ النَّفْسِيَّةُ وَالْبَدَنِيَّةُ، وَأَمْوَالُهُمْ وَمَا يَمْلِكُونَ.
فَلْنَتَكَاتَفْ جَمِيعًا لِنُرَبِّيَ جِيلًا سَوِيًّا يَتَمَتَّعُ بِالْأَخْلَاقِ الطَّيِّبَةِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّطَوُّرِ وَالتَّقَدُّمِ، وَالْإِدْرَاكِ الْكَامِلِ وَالْوَعْيِ الْحَقِيقِيِّ بِالْمَخَاطِرِ الَّتِي تُحِيطُ بِالْوَطَنِ.
((مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ الْإِدْمَانِ:
تَعْلِيمُ الشَّبَابِ التَّوْحِيدَ وَالسُّنَّةَ))
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ الْإِدْمَانِ: تَعْلِيمَ الشَّبَابِ التَّوْحِيدَ وَالسُّنَّةَ، وَتَوْجِيهَهُمْ إِلَى الْقُرْآنِ؛ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6].
تَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَهِيَ طَوْقُ النَّجَاةِ، وَهِيَ سَفِينَةُ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ.
فَلْنُوَجِّهْ أَهْلِينَا، وَلْنُوَجِّهْ أَنْفُسَنَا إِلَى كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ إِلَّا بِتَرْكِ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ لِلنَّفْسِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ ﷺ.
قَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ -يَا رَسُولَ اللهِ- الْكِتَابَ مُتَّصِفًا بِأَرْبَعِ صِفَاتٍ:
الصِّفَةُ الْأُولَى: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ قَضَايَا الدِّينِ الْكُبْرَى.
وَالصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: هُدًى عَظِيمًا يَدُلُّهُمْ عَلَى طَرِيقِ سَعَادَتِهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ.
وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: رَحْمَةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ.
وَالصِّفَةُ الرَّابِعَةُ: بُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ الْمُنْقَادِينِ لِأَوَامِرِ اللهِ وَنَوَاهِيهِ، يُبَشِّرُهُمْ بِرِضْوَانِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَبِالسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ الْخَالِدَةِ فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْقُلُوبَ لَا تَطْمَئِنُّ إِلَّا بِالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].
اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَخْبَرَ أَنَّ الْقُلُوبَ لَا تَطْمَئِنُّ إِلَّا بِذِكْرِهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَأَوَّلُ مَا يَنْطَبِقُ ذِكْرُ اللهِ عَلَيْهِ كَلَامُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, فَإِذَا مَا قِيلَ ذِكْرُ اللهِ مُفْرَدًا انْصَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ مُطْلَقًا.
فَأَعْظَمُ مَا آتَيْتُمْ أَبْنَاءَكُمْ -عِبَادَ اللهِ مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ ﷺ- كِتَابُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82].
وَنُنَزِّلُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ مَا هُوَ سَبَبُ بُرْءٍ وَشِفَاءٍ مِنَ الِاعْتِقَادَاتِ الْبَاطِلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ، وَمِنَ الْأَمْرَاضِ الْجُسْمَانِيَّةِ.
وَهَذَا الْقُرْآنُ بِمَا فِيهِ مِنْ عِلْمٍ وَحَقٍّ وَهِدَايَةٍ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى- فِيهِ، وَيَدْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ إِلَى تَطْبِيقِ شَرِيعَةِ اللهِ لِعِبَادِهِ.
المصدر: خُطُورَةُ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ