تفريغ مقطع : العلماء منارات الهداية للناس

العُلَمَاءُ جَعَلَهُمُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَنَارَاتِ الهِدَايَةِ لِلنَّاسِ فِي الحَيَاةِ؛ لِذَلِكَ عَرَفَ السَّلَفُ لهُم قَدْرَهُم، لِأَنَّهُم هُمُ الَّذِينَ يُعَلِّمُونَنَا كَيْفَ نُخْلِصُ القَصْدَ للَّهِ؟ وَكَيْفَ نَتَوَقَّى النِّفَاقَ وَالرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ؟ وَكَيْفَ نُخَلِّصُ القُلُوبَ مِنَ الآفَاتِ؟ وَكَيْفَ نُحَصِّلُ الخَيْرَات؟ وَكَيْفَ نَعْبُدُ رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات؟
 بَلْ هُمْ الَّذِينَ يَدُلُّونَنَا عَلَى اللَّهِ, وَلَوْلَا العُلُمَاءِ فِي هَذِهِ الأُمَّة؛ لَضَرَسَ العِلْم, فَهُمْ نَقَلَتُهُ، وَهُمْ الَّذِينَ يُذِيعُونَهُ وَيَبُثُّونَهُ فِي الأُمَّةِ، وَلَا أَحَدَ فَوْقَهُم سِوَى الأَنْبِيَاءِ كَمَا قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ-؛ لِذَلِكَ عَرَفَ السَّلَفُ لَهُم قَدْرَهُم.
 وَهَذَا ابنُ عَبَّاسٍ -وَهُوَ حَبْرُ الأُمَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ-، وَهُوَ ابنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَذْهَبُ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ لِيَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَجِدُ زَيْدًا قَائِلًا –أَيْ: نَائِمًا وَقْتَ القَيْلُولَة-, فَيَقُولُونَ لَهُ: نُوقِظَهُ لَك؟
فَيَقُولُ: لَا, دَعُوهُ.
 ثُمَّ يَتَوَسَّدُ ثَوْبَهُ عِنْدَ بَابِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَابنُ عَبَّاسٍ هُوَ ابنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-؛ يَتَوَسَّدُ ثَوْبَهُ عَلَى بَابِ زَيْدٍ تُسْفِي عَلَيْهِ الرِّيحُ مِنَ التُّرُابِ وَالرِّمَالِ, حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ زَيْد، فَيَقُولُ: يَابنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ؛ أَلَا أَعْلَمْتَنَا حَتَّى نَخْرُجَ إِلَيْك؟
فَيَقُولُ: مَا كُنَّا لِنُزْعِجَكَ!
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّتَهُ؛ أَخَذَ بِرِكَابِهِ، فَيَقُولُ: يَابنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّه؛ خَلِّ عَنْهُ
فَيَقُولُ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا.
 كَانَ ابنُ القَطَّانِ إِذَا صَلَّى العَصْرَ اسْتَنَدَ إِلَى أَصْلِ مَنَارَةِ المَسْجِدِ, فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِمًا الشَّاذَكونِيّ وَيَحْيَى بنُ مَعِينٍ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَل وَعْمُرو بنُ عَلِيّ, وَغَيْرُهُم مِنَ الأَسَاطِينِ؛ يَسْأَلُونَهُ عَن حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَا يَجْلِسُ وَاحِدٌ مِنْهُم وَلَا يَقُولُ لِوَاحِدٍ مِنْهُم أُقعُد حَتَّى يُؤَذَّنَ لِصَلَاةِ المَغْرِب.
 وَكَانَ سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذَا هَيْبَةٍ عَظِيمَةٍ، يَمْكُثُ الرَّجُلُ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ مَا يَجْرُؤ أَنْ يَسْأَلَهُ عَن مَسْأَلَةٍ مِنْ هَيْبَتِهِ لَهُ!!
 قَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ((كُنْتُ أَصْفَحُ الوَرَقَةَ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ صَفْحًا رَقِيقًا؛ حَتَّى لَا يَسمَعَهَا هَيْبَةً لَهُ!!)).
قَالَ الرَّبِيعُ: ((وَاللَّهِ مَا اجْتَرَأْتُ أَنْ أَشْرَبَ المَاءَ وَالشَّافِعِيُّ يَنْظُرُ إِلَيَّ أَبَدًا!!)).
 وَكَانَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- جَبَلَ الفَهْمِ وَالحِفْظِ وَالعِلْمِ, فَكَانَ الإِمَامُ أَحْمَد -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَدْعُو لَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ، يَقُولُ: ((مَا بِتُّ لَيْلَةً إِلَّا وَدَعَوْتُ فِيهَا لِلشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى))-.
حَتَّى قَالَ وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أَبَتِ مَا لِي أَرَاكَ تُكْثِرُ الدُّعَاءَ لِلشَّافِعِيِّ؟ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ؟!
 فَقَالَ: ((يَا وَلَدِي كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالشَّمْسِ لِلدُّنْيَا وَالعَافِيَةُ لِلنَّاسِ، فَهَلْ مِنْ هَذَينِ مِنْ عِوَضٍ؟! وَهَلْ لِلنَّاسِ عَنْ هَذَيْنِ مِنْ غِنى؟!)).
فَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ.
 وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ قَدْ ظَلَّ ثَلَاثِينَ عَامًا يَدْعُو لِحَمَّادٍ مَعَ أَبَوَيْهِ؛ قَالَ: ((مَا مَرَّتْ لَيْلَةٌ مُنْذُ ثَلَاثِينَ عَامًا إِلَّا دَعَوْتُ لِحَمَّادٍ –أَيْ: لِشَيْخِهِ- مَعَ أَبَوَيَّ, وَمَا مَدَدْتُ رِجْلِيَّ قَطُّ تِجَاهَ بَيْتِ حَمَّادٍ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ سَبْعُ سِكَكٍ!!)).
 وَلَكِنَّهُ فِي بَيْتِهِ هُوَ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّه, مِنْ تَوْقِيرِهِ لِشَيْخِهِ؛ لَا يَمُدُّ رِجْلَيْهِ تِجَاهَ بَيْتِهِ، وَبَيْنَ بَيْتِهِ وَبَيْتِهِ سَبْعُ سِكَكٍ!!
 وَأَمَّا أَبُو يُوسُف، فَيَقُولُ: ((وَأَمَّا أَنَا فَمَا مَرَّت بِي لَيْلَةٌ إِلَّا دَعَوْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ أَبَوَيَّ)).


التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  ضع خدي على الأرض عسى أن يرى ذلي فيرحمني..
  مختصر أحكام الأضحيَّة
  علاج الانشغال بما لا يعني
  حول مراقبة الرب جل وعلا
  ((أَحسِن إسلامَك يُحسِن اللهُ إليك))
  انتبه... ربما يُختَم لك بالكُفر فتموت على غير ملة الإسلام!!
  حقيقة عيد الأم هو عيد أولاد الزنا في فرنسا!!
  تَذَكَّر مَن صَامَ مَعَنَا العَامَ المَاضِي وَصَلَّى العِيد
  حافظوا على شباب الأمة فهم صمام الأمان
  لَيْسَ لمَن عَمِلَ بالمعصيةِ أنْ يُنْكرَ وقوعَ العقوبة
  رِسَالَةٌ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ اغْتَرُّوا وَأُعْجِبُوا بِجَمَالِهِمْ
  الشيخ رسلان يقسم على إخوانه جميعا في كل مكان أن لا يقبلوا يديه
  مِن صورِ عدمِ مُبالاةِ الأُمِّ في تربيةِ أَوْلَادِهَا
  فيروس كورونا | Coronavirus
  مَا ذَنْبُهُ لِكَيْ يُضْرَبَ وَيُهَانَ؟!! وَلَكِنْ اللهُ الْمَوْعِد..
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان